تابعت بإهتمام كبير خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله في الأمم المتحدة في النيويورك عبر الإعلام بتاريخ 24 / سمبتمبر / 2024 الممكن وصفه برفيع المستوى ، و الحكيم ، و الجريء ، و شديد اللهجة ، وبلغة إنجليزية عالية الشأن عبر فيه عن مشاعر كل أردني و عربي معني بشأن الصراع العرب – الإسرائيلي على مدى 76 عاما منذ احتلال إسرائيل للأراضي العربية . وفي الوقت الذي بالغت فيه إسرائيل بردة فعلها على السابع من أكتوبر 2023 قارن جلالته بين الفعل و ردة الفعل الإسرائيلية التي تسببت في كارثه بشرية ارتقت لمستوى جريمة الحرب و الأبادة و تجاوزت حدود غزة لتضرب في عمق الضفة الغربية لتحقيق هدف التهجير القسري أيضا ، و هو الذي يرفضه الأردن ومع كل ما يسمى بالوطن البديل المشين .
ووجه جلالة الملك سهام خطابه السامي وعلامات استفهامه لمؤسسة الأمم المتحدة التي بدأت صورتها تهتز بعد استهداف إسرائيل لمنشأت حيوية تحمل شعار الأمم المتحدة ، و تساءل جلالته عن سلطة محكمة العدل الدولية التي لم تعد تحقق العدالة و المساوة بين دول و شعوب العالم ، و أثار جلالته مندهشا وجود شعوب تعيش فوق القانون ، وكيف أصبحت حقوق الإنسان انتقائية . و تحدث جلالته بحرقة عن مقتل أطفال فلسطين و خسران غيرهم لأطرافهم ، و بقاء أكثر من عشرة الاف فلسطيني في السجون الإسرائيلية ، وحول انتهاكات ضربت القدس و المقدسات الإسلامية و المسيحية. وطالب جلالته بحياة امنه للفلسطينيين و الإسرائيليين ، و حمايتهم من التطرف ، و دعا لضرورة انهاء الحرب ، مذكرا بمشروع مبادرة السلام العربية في بيروت عام 2002 الداعية للتطبيع مقابل الإنسحاب من الأراضي المحتلة كافة.
و أضح جلالته بأن إسرائيل فضلت التصعيد على السلام ، وهو ما نلاحظه في أيامنا هذه حيث تقصف إسرائيل غزة و الضفة و لبنان و اليمن ،و ترسل برسائل للفلسطينيين أصحاب الأرض و القضية العادلة للرحيل لدول الجوار بهدف تهجيرهم عن وطنهم الأصيل قسرا . و شخصيا أستغرب من شخص نتنياهو، مجرم الحرب و حزبه الليكود اليمين المتطرف عندما يتحدثون عن وطنهم ( إسرائيل ) فوق الأراضي الفلسطينية غير مفرقين بين حدود عام 1948 و حدود عام 1967، حتى بينما بح صوت المجتمع الدولي وهو يطالب بترجمة القانون الدولي ، وما يتعلق بعدالة القضية الفلسطينية و ملف الأراضي العربية المحتلة ، وكيف تعمل إسرائيل على قتل الفلسطينيين و اللبنانيين المسالمين عمدا بحجة ملاحقة حماس و حزب الله و اعتبارهما ارهابيين لا مقاومة ،و تستثني نفسها من الإرهاب التاريخي الذي يرافق سلوكها على الأرض. و لفت جلالة الملك الأنتباه للأحتجاجات في العالم على جرائم الكيان الغاصب،و كيف سمح المجتمع الدولي لها بتجاوز الخط الأحمر عبر استهداف المواطنين العرب وضح النهار ومن دون رحمة .
ودعا جلالة الملك لعودة أسرى إسرائيل إلى بيوتهم لكي لا يبقى أمرهم حجة بيد إسرائيل ، و ليتحقق السلام العادل المرتكز على القانون الدولي ، وهي خطوة حكيمة ذو دلالات هامة . و شدد جلالته على رفض قبول الإستسلام مذكرا بجهد جلالة الملك الراحل الحسين العظيم الرافض للإستسلام و الرجل المقاتل من أجل السلام الى أخر رمق .و خطاب جلالة الملك هذا الأصل أن تقبل بمفرداته إسرائيل أولا و أن لا تذهب الى التصعيد المرعب المهين ، و أصبح المطلوب من أمريكا ومن دول المجتمع الدولي لجم هيجان إسرائيل الرافضة للسلام مع العرب في زمن معاهدات السلام ،و الرافضة للدولة الفلسطينية ، و الممارسة لاغتيال من من يرفض وجود دولة إسرائيل من الفلسطينيين خاصة ومن العرب اللبنانيين و العراقيين و اليمنيين وغيرهم . وهاهي إسرائيل تحارب المقاومة العربية في فلسطين و لبنان و العراق و اليمن و لا تحترم السلام الذي وقعته مع العرب مع خمس دول عربية ذات الوقت. وتعمل أيضا على استفزاز دول الجوار المطلة عليها مثل مصر و الأردن و لامانع لديها من توسيع بيكار الحرب لمساحات أكبر .و أصبح المطلوب من العرب الالتفاف حول وحدتهم العربية و توحيد جهودهم الاقتصادية و العسكرية . و شعار القومية العربية ( ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ) محتاج للوحدة العربية فعلا و لقوة عربية غير تقليدية بمستوى ما تملكة إسرائيل و الممنوع ان يمتلكه العرب و ايران و تركيا .
أحيي هنا جلالة الملك عبد الله الثاني على همته العالية الحاملة للهم العربي صوب تحقيق العدالة الدولية و ما يخص قضايا العرب الأحتلالية و في مقدمتها قضية فلسطين العادلة ، و الفت الانتباه لحتمية التحول التاريخي في ظل ما يجري من أحداث و اضطرابات و حروب و أزمات من أحادية القطب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الى تعددية الأقطاب الذي تقوده روسيا الأتحادية المنافسة و المعارضة بقوة للتوجه الأمريكي الغربي السائد . وهاهو وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف يؤكد استحالة انتصارإسرائيل على المقاومة العربية في فلسطين و في لبنان لأنهما أصحاب الأرض و القضية العادلة ، و لمناداتهما بتحرير أراضيهما من الأحتلال . وحديث للافروف أيضا عن بيع بريطانيا لفلسطين في وعد بلفور للصهيونية عام 1917 بهدف الحصول على المال للمشاركة في الحرب العالمية الثانية . و أضيف هنا شخصيا بأن هدف انهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 هو التأسيس لبناء الأمم المتحدة ،وما يجري على الأرض هو تغول غربي على قانونها الدولي و هو الملاحظ .
و ما يحدث في منطقتنا العربية و الذي سببه التغول الإسرائيلي الأحتلالي الأستيطاني يجب أن لا يستمر . و الوحدة العربية الحقيقية ليست بعيدة المنال عبر تفعيل دور جامعتنا العربية ، و القوة الأقتصادية و العسكرية العربية الأصل أن تتوحد أيضا و تنتقل من التقليدي الى غير التقليدي ،و ليس مهما لنا نحن العرب أن نمتلك ناطحات السحاب فقط ، ومعاهدات السلام العربية مع إسرائيل ان أوان اختزالها بالخط الساخن و بالمستوى القنصلي أيضا . وما يصيب غزة من حرب إبادة تصيب كل العرب مسلمين و مسيحيين ،و ما يصيبها و الضفة الغربية و لبنان و اليمن يصيب كل العرب و كامل عمقهم الأيدولوجي ، و هكذا ، يجب أن يكون . و المشهد العربي المشتت يجب لملمة أطرافه ، و لدينا نحن العرب ما يجمعنا أكثر ما يفرقنا ، قرأننا الكريم للمسلمين و الأنجيل للمسيحيين الأشقاء ، و لغتنا العربية – لغة القرأن الكريم الارامية الأصل ،و منطقتنا العربية جامعة للأديان السماوية ، ولا نفرق بين دين و أخر ( اسلامي ، مسيحي ، يهودي ) وجد الأنبياء ابراهيم الخليل عليه السلام .و النبي محمد عليه السلام رسولنا العظيم ، و السيد المسيح ولد في فلسطين و تعمد في الأردن ، و الهوية الأردنية شقيقة الهوية الفلسطينية و لا مكان بينهما لمشروع الوطن البديل الإسرائيلي المقيت .