تمكين الإدارة المحلية واللامركزية، من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتجويد الخدمات وتوزيع المكتسبات بمختلف مناطق المملكة، بحسب الرؤى الملكية السامية.
تأتي هذه الرؤية الملكية لتؤكد أهمية النهوض بالتنمية المحلية وتفعيل اللامركزية كأحد أهم محاور تعزيز العدالة الاجتماعية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكننا تجسيد الرؤى الملكية على أرض الواقع، والاستفادة من تجارب دول شبيهة؟ في ظل ما قد تواجه الإدارة المحلية من عقبات تعرقل مسيرة التنمية، وتترك بعض المناطق في ظل محدودية الخدمات والتنمية، بينما تزدهر أخرى.
إن أحد أبرز التحديات هو التفاوت الكبير بين المناطق الحضرية والريفية، في حين تتمتع المدن الكبرى ببنية تحتية متطورة وخدمات واسعة، تعاني المناطق الريفية من نقص في الخدمات الأساسية مثل الطرق والكهرباء، هذا التفاوت يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، حيث تفتقر المناطق الريفية إلى المشاريع الاستثمارية التي توفر فرص العمل.
وفي هذا السياق، لطالما أكد جلالة الملك على أهمية تمكين البلديات والمجالس المحلية ومنحها الأدوات اللازمة لتكون قادرة على تقديم الخدمات وتطوير المشاريع التنموية بما يحقق التوزيع العادل للتنمية، إلا أن ضعف القدرات الإدارية والمالية في هذه المجالس يعوق قدرتها على تنفيذ تلك الرؤية, ما بتطلب العمل على معالجة التحديات الإدارية، وتنفيذ مشاريع استثمارية تدر دخلا.
البيروقراطية والروتين من أكبر العوائق التي تقف في وجه التنمية المحلية، جلالة الملك كان دائمًا واضحًا في توجيهاته بضرورة تسريع وتبسيط الإجراءات الحكومية، والقضاء على العقبات البيروقراطية لجذب الاستثمارات وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وللتغلب على هذه التحديات، يمكن للأردن أن يستلهم الحلول من تجارب دول مثل تونس والمغرب، تونس نجحت في تطبيق نظام لامركزي فعّال من خلال منح السلطات المحلية صلاحيات أوسع لتحسين تقديم الخدمات، وفي المغرب، أدت الشراكات بين القطاعين العام والخاص إلى إطلاق مشاريع صغيرة في المناطق الريفية، ما ساعد على خلق فرص عمل وتقليص الفجوة التنموية.
إذا تم تطبيق توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بشكل فعّال، وتفعيل اللامركزية وتحسين الكفاءات المحلية، فإن تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة في كافة أنحاء المملكة ممكنًا، وسينعكس ايجابًا على الجميع.