حضورٌ بارز ووضوحٌ تام سطرا خطاب الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة. حديثٌ حاسم، بغضب هادئ، تناول العديد من الملفات والمحاور، كان فيه جلالة الملك يشير بسبابته إلى الكيان المحتل، واضعًا العالم أمام مسؤولياته القانونية والإنسانية لوقف الحرب والمجازر التي تُرتكب في فلسطين المحتلة، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
كان خطاب جلالة الملك ذا أهمية خاصة، حيث كشف زيف دولة الاحتلال أمام المجتمع الدولي، الذي يروج لها عبر العديد من المنصات بأنها دولة تدافع عن نفسها وليست مجرمة. تلك الادعاءات تتعرى بوضوح عندما يتحدث الملك عبد الله الثاني، وهو الذي يحظى باحترام واسع ومكانة رفيعة في المجتمع الدولي.
وكعادة جلالته، نقل معاناة الشعب الفلسطيني إلى العالم، مؤكدًا أن هذا الشعب مستهدف في غزة والضفة وكل فلسطين. كما شدد جلالته بوضوح أن الأردن لن يكون وطنًا بديلاً، مؤكدًا على الثوابت الأردنية الراسخة التي لن تتغير. وقد أسمع جلالته العالم أجمع عن التمييز الموجود في قوانين الأمم المتحدة بين شعوب العالم، وكشف حقيقة الكيان الصهيوني الإجرامية. كان هذا الخطاب، الذي ألقاه جلالة الملك باسم الأمة العربية والإسلامية، دعوةً إلى المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.
في خطابه أمام العالم ، شدد جلالة الملك على أهمية أن يكون الحديث ذا تأثير وحلول ملموسة، وليس مجرد كلمات عابرة. هنا، أشار جلالته إلى انهيار الثقة بالقيم الإنسانية العالمية، وإلى غياب العدالة في ظل التقصير الدولي الواضح. كما تطرق إلى محور الإغاثة الإنسانية، منتقدًا سلوك الاحتلال الذي يعرقل الجهود الإنسانية ويتعامل بسلبية مع هذه المساعي.
أهمية الخطاب تكمن أيضًا في تركيز جلالته على الضفة الغربية، وليس فقط غزة، محذرًا من طرح أي أفكار تتعلق بالتهجير أو الوطن البديل. وكأن اللاءات الثلاث التي أعلنها الملك سابقًا في محافظة الزرقاء عادت لتؤكد موقف الأردن أمام المجتمع الدولي.
أن تأكيد جلالة الملك على التاريخ المشرّف للهاشميين من أجل السلام ما هو إلا تجسيد للالتزام بالنهج الهاشمي المُشرّف لكل العرب من أجل إنصافهم واستعادة حقوقهم. فقد قال الملك في خطابه التاريخي: "كان والدي رجلاً قاتل من أجل السلام إلى آخر رمق، ومثل والدي تمامًا، فإنني أرفض أن أترك لأبنائي أو لأبنائكم مستقبلاً يحكمه الاستسلام." هذا التأكيد على الاستمرار في السير على نهج السلام الهاشمي يُعدّ مصدر فخر لكل الأردنيين والعرب.
لغة الجسد الحازمة التي ظهرت في تفاصيل الخطاب، نقلت للجميع رسائل الغضب الملكي، ولكن بدبلوماسية الملك المعهودة، بصوت الحكمة والعقل.
وفي ختام الخطاب، كان لاستذكار الراحل الملك الحسين بن طلال نصيب، حيث أشار الملك عبد الله إلى التاريخ الهاشمي العريق في السعي لتحقيق السلام في المنطقة، مؤكدًا أن لا مكان للاستسلام، وهو ما لاقى تصفيقًا حارًا من الحضور.