في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني صرخة إنسانية مؤثرة، تلخص واحدة من أقوى الرسائل في كلمته عندما قال:
“هل من الغريب أن يتساءل كثيرون: كيف يمكن لهذه الحرب ألا تعد استهدافا متعمدا للفلسطينيين؟ لا يمكن تبرير هذا المستوى من المعاناة الإنسانية الكبيرة للمدنيين، كضرر جانبي لا يمكن تجنبه. لقد نشأت جنديا في منطقة أصبحت فيها الصراعات أمرا مألوفا، ولكن ما من شيء مألوف في هذه الحرب وهذا العنف، الذي بدأ منذ 7 تشرين الأول.”
هذا التصريح لا يعد فقط وصفًا للواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت القصف الإسرائيلي، بل هو تحدٍّ أخلاقي واضح يوجهه الملك للمجتمع الدولي بأسره. إنه يثير السؤال الجوهري: كيف يمكن للعالم أن يبرر هذه الكارثة الإنسانية التي تتجسد في معاناة المدنيين، ويصفها كـ”ضرر جانبي” لا مفر منه؟ هذا التساؤل لا يقتصر فقط على الفظائع الحالية، بل يمس جوهر النزاع الدولي تجاه القضية الفلسطينية، ويضع الحكومات والدول أمام مسؤولياتها في مواجهة هذا الواقع الوحشي.
أهمية هذا النص تتجاوز مجرد كونه تعليقًا على أزمة معاصرة؛ فهو يلخص مأساة الفلسطينيين الممتدة لعقود ويعري ازدواجية المعايير التي يتبناها المجتمع الدولي. من خلال توجيه هذا السؤال المباشر والصريح، يدعو الملك عبدالله الثاني المجتمع الدولي إلى وقفة جدية أمام التناقضات الواضحة في تعامله مع القضية الفلسطينية. كما أن النص يُسائل غياب المساءلة الدولية، ويُحذر من العواقب الوخيمة لتجاهل معاناة المدنيين وتبرير العنف غير المبرر.
إن جلالته لا يوجه هذا الخطاب لمجرد إلقاء الضوء على وضع مأساوي، بل يسعى لتحفيز العالم على إعادة النظر في سياساته تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. فهو يُظهر أن القبول المستمر لهذا الوضع يعني ترسيخ العنف كممارسة عادية وتجاهل كامل لقيم الإنسانية والعدالة.