أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الحرب على جبهة حزب الله: لماذا 'أسْهُم الشمال' الصهيونية؟


حسين دعسة

الحرب على جبهة حزب الله: لماذا 'أسْهُم الشمال' الصهيونية؟

مدار الساعة (الدستور المصرية ) ـ
ما زال السؤال الأساس، عن طبيعة التوترات بين دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية وحزب الله.. وأيضًا مع الدولة اللبنانية (..) وقد يكون هذا السؤال بالنسبة للإعلام الأمريكى أو الغربى، مبررًا:
لماذا تصعد دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، هل الهدف حماية الكيان، أو حماية السفاح نتنياهو وحكومة التطرف التوراتية الإسرائيلية النازية؟
.. وأيضًا:
لماذا الحرب بدأت الآن بشكل جبهة عسكرية متكاملة الأركان والخطط العدوانية، فى وقت انتشار التوتر والخوف، وضياع وتشرد آلاف المدنيين فى لبنان، تحديدًا من مناطق جنوب لبنان والبقاع الغربى وصيدا، ومئات القرى حول نهر الليطانى.
.. فى بيروت، رسميًا شلت أدوات المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، واللجنة الرئاسية الخماسية وباتت الدبلوماسية متأخرة، وقد لا يكون لها إلا «المقعد الخلفى»، بحسب وصف صحيفة نيويورك تايمز، التى خلص تقريرها أن دولة الاحتلال تشن غارات جوية مكثفة على حزب الله وتقتل المئات على الأقل فى لبنان..
كان هذا يوم الإثنين، وهو الأكثر دموية فى الهجمات الإسرائيلية العدوانية على لبنان منذ عام 2006 على الأقل.
فى المقابل، أطلق حزب الله صواريخ على شمال الحدود الفلسطينية- اللبنانية والتى تحتلها دولة الاحتلال.
فى ذات التوقيت، كان جيش الكابنيت يقود معارك ومجازر لإتمام مشوار اقترب من العام، ويقول الكابنيت إنه يهدف لتصفية حركة حماس، وهذا قرار صهيونى ينفذ حرب إبادة فى سكان قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس.
*.. حزب الله دخل النفق.. وعليه هزيمة دولة السفاح.. كيف؟!.
كان السفاح نتنياهو، وجنرالاته الصهاينة، شنوا بالطائرات الحربية، أمريكية المنشأ، إسرائيلية الجيش المتطرف الأعمى، غارات على مئات المواقع فى مختلف أنحاء لبنان، وكان أمس الإثنين، مشبعًا بالأحداث العسكرية والأمنية، وكانت الغارات الجوية تستهدف قوات ومقرات حزب الله، بما فى ذلك قرى ومزارع وبيوت المدنيين فى جنوب لبنان، والبقاع وصور وصيدا، وأربكت لبنان الدولة، لكنها لم تربك قوات حزب الله، التى تعرف كيف تقود الرد مباشرة على دولة الاحتلال.
.. فى وقت الحرب، من الطبيعى فى حالة لبنان أن ينهار البلد اقتصاديًا وإنسانيًا، لغياب توافق سياسى من قرى وأحزاب وطوائف دينية واسعة الطيف السياسى والأمنى، لهذا اعتبرت الضربة الإسرائيلية العدوانية: حرب إسرائيلية، مفتوحة من الجنوب إلى البقاع.. وأن لبنان بات فى النفق الأسود، أو لنقل إنه يخوض حرب إسناد مع حرب وجود لأكبر قوة عسكرية وأمنية وسياسية فى كل لبنان منذ الثمانينات، هذا يفسر حجم النفق الذى فتح الأبواب على المجهول، رغم أن حزب الله يعتبر الضربات التى وجهها جيش الاحتلال، انتقامًا يدعو له السفاح نتنياهو.
*هل توقيت الحرب مجرد صدفة؟!.
.. حزب الله مساند قوى، وأساس فى محور المقاومة، دخل الحرب، بعيدًا عن النفق الأسود، الحزب قيادات المقاومة الإسلامية اللبنانية، كتائب القسام وقوة الرضوان، تعمل منذ اليوم التالى لبدء معركة طوفان الأقصى، فى السابع من أكتوبر الماضى، ولنقل إن الأسبوع الحالى أفرز المواجهة الأقوى والأشرس عسكريًا وأمنيًا، فقد أقر حزب الله بأن الأيام التى شهدت تفجر البايجر واللاسلكية، لم تكن أكثر قسوة من ضرب وبالتالى اغتيال قيادات حزب الله والفصائل بكل محور المقاومة، ومع ذلك كانت المعركة التى سجلها حزب الله كرد ضرورى على عنجهية السفاح نتنياهو، واستمرار الحرب على غزة، وشل مفاوضات الهدنة، فى وقت أرادت الولايات المتحدة الأمريكية، مبادرة الرئيس بايدن، تثبيت السلام وإيقاف الحرب على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، وهو ما أفشلته حكومة الاحتلال الفاشية.
.. يمكن اعتبار قيام العدو الإسرائيلى الصهيونى بشن عمليات حربية متوالية: عدوانًا واسعًا، هو الأعنف على لبنان منذ أكتوبر الماضى.. وهو عكس رغبة التطرف فى فتح جبهة حرب، غالبًا لم تقدم مؤشراتها المخطط القادم، سواء من حزب الله، أو دولة الاحتلال، ما حدث فتح النفق الأسود، الذى قد لا يكون غير اجتهاد لوصف مأساة حرب حقيقية، مع عدو صهيونى يريد تصعيد الحرب لتنال من المنطقة والإقليم، وتشل العالم والمجتمع الدولى، فما الذى يقاس من أحداث الإثنين الحربية:
*1.:
الغارات الجوية طالت الجنوب والبقاع؛ «الغربى الأوسط» والضاحية الجنوبية، ما أدى إلى استشهاد 492 وجرح 1654 فى حصيلة رسمية من وزارة الصحة اللبنانية- حتى منتصف ليل اليوم الثلاثاء- وهى إحصائيات غير نهائية.
*أكبر موجة نزوح من قرى ومدن الجنوب اللبنانى، ما أدى إلى حركة نزوح تاريخية، غير مسبوقة من قرى الجنوب والبقاع إلى محافظات صيدا وبيروت وجبل لبنان والشمال التى فتحت أبواب مدارسها لإيواء النازحين.
*3.:
الضربات والغارات من سلاح الجو الإسرائيلى الصهيونى، جعلت قوات حزب الله ترد بالمقابل وفق خطة عسكرية وأمنية، فيها تكتيك معين، بصليات كبيرة من الصواريخ هى الأعنف طالت مستوطنات الجليل «الغربى الأعلى» والجولان السورى المحتل، ومدن صفد وطبريا وعكا وحيفا.. ووصلت صواريخ الحزب إلى حدود «شرق تل أبيب»، ما أدى إلى سقوط العشرات، من المواقع الإسرائيلية والمصانع، وغيرها من المنشآت العدوة.
*4:
أقر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى، فى بداية جلسة عقدها مجلس الوزراء، مع استمرار الضربات الإسرائيلية، إجراءات احتواء نتائج الحرب وحماية المدنيين، عدا عن إقرار موازنة العام 2025 (..).
*5.:
حدث وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة مخاوفه من تحويل جنوب لبنان إلى غزة ثانية، وأنها حرب يجب أن تنتهى، هذا الموقف اعتبر، فى اليوم الأول من جبهة الحرب على لبنان، حافزًا للمجتمع الدولى، لا سيما لدول القرار للضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلى لوقف عدوانها وتطبيق القرار الدولى الرقم 2735 الصادر عن مجلس الأمن وحل القضية الفلسطينية على قاعدة اعتماد حل الدولتين والسلام العادل والشامل.
*6.:
الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، حذرا بعد تصريحات الأمين العام «جوتيريش» عن أن العدوان الإسرائيلى المتمادى على لبنان حرب إبادة بكل ما للكلمة من معنى ومخطط تدميرى يهدف إلى تدمير القرى والبلدات اللبنانية والقضاء على كل المساحات الخضراء (..)، من التصعيد.
*7.:
الحكومة اللبنانية، أفاضت فى كل الاتصالات التنبيهات الدبلوماسية، التى قامت بها، ودعت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الفاعلة إلى الوقوف مع الحق، وردع العدوان، قائلة: «ونجدد التزامنا بالقرار 1701 بشكل كامل ونعمل كحكومة على وقف الحرب الإسرائيلية المستجدة ونتجنب قدر المستطاع الوقوع فى المجهول».
*من لم يكن ينتظر الحرب بشكلها الحالى؟!
.. الجواب: لا أحد، الحرب دون مبررات، مع إصرار حزب الله على المقاومة والإسناد، ردًا على الحرب العدوانية الإسرائيلية المستعرة على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، إصرار وموقف واضح ملتزم بكل تبعات محور المقاومة المشروعة وأمميًا ودوليًا ضد الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى.
فى هذا السياق،.. السؤال مرحليًا، يناور وقد يحاور: من لم يكن ينتظر الحرب بشكلها الحالى؟! عن كل ذلك نشرت صحيفة «النهار» البيروتية، لكنها أوجدت حكاية النفق الأسود، بمعنى أن لبنان، الدولة والشعب والجيش والمقاومة، دخلت النفق الأسود، وكتبت، ما يمكن تحليله هنا:
*النفق 1.:
بعد 18 عامًا من حرب يوليو 2006، وجد لبنان نفسه «البارحة- أمس» فى بداية نفق أسود معتم لا أفق واضحًا إطلاقًا لنهايته، إذ يكفى التوقف أمام أرتال السيارات ومواكبها المتراصفة على طرق الجنوب المؤدية إلى بيروت والداخل لا سيما منها أوتوستراد صيدا- بيروت، مستعيدة مشهد النزوح الكبير لعشرات ألوف الجنوبيين، لتظهير المصير الموجع المشئوم للبنانيين فى تجرّع كأس الكلفة الباهظة دومًا وتكرارًا لمغامرات التورط فى حروب الآخرين.
*النفق2.:
رزح الجنوب والبقاع تحت أعتى آلة حربية حديثة تعمّدت من خلالها إسرائيل تعميم نموذج غزة فى سفك دماء المدنيين وتدمير قراهم ومدنهم وتهجيرهم وترهيب جميع اللبنانيين فى كل المناطق من خلال حرب الاتصالات والتخويف وإرسال الرسائل الترهيبية. كان ذلك يجرى وسط انفجار حالة التساؤلات التى بحجم الحرب الذى زجّ بها لبنان وبحجم الإجرام الإسرائيلى المتفلت تحت أنظار العالم عشية «أسبوع الزعماء» فى نيويورك، حيث سيتجمع «كبار» هذا العالم فى افتتاح الدورة العادية السنوية للأمم المتحدة، ولكن وسط عجز أسطورى عن لجم دورة الحرب الساحقة التى يتخبط فيها لبنان، كما تُطحن غزة، ويتهدد الشرق الأوسط بمصير متفجر.
*النفق 3.:
ارتكبت إسرائيل مجزرة موصوفة فى صفوف المدنيين الجنوبيين والبقاعيين، إذ بدا من الصعوبة بمكان حصر أعداد الشهداء والجرحى بفعل مئات الغارات التى شنها الطيران الحربى الإسرائيلى منذ ساعات الصباح الأولى إلى ساعات الليل المتقدمة، ولم توفر خصوصًا أى قرية وبلدة فى الجنوب والبقاع الشمالى والبقاع الغربى وتمدّدت حتى جرود جبيل ولاسا وكسروان قبل أن تجنح مجددًا مساءً نحو الضاحية الجنوبية فى استكمال لسلسلة عمليات اغتيال قادة «حزب الله»، حيث استهدفت غارة على مبنى فى بئر العبد المسئول عن جبهة الجنوب فى «حزب الله» على كركى. ولكن وكالة «رويترز» نقلت عن مصدر أمنى أن مصير كركى غير معروف.
*متاهة النفق وظلال الحرب.
.. قد يشهد اليوم، وفى كل مرحلة إلى ما بعد نهاية العام، ما استكملته دولة الاحتلال الإسرائيلى، من عدوانها الواسع على لبنان وعلى مراكز حزب الله، والتى بدأته الثلاثاء الماضى. وسجل يوم أمس يومًا موصوفًا بالحرب من الجنوب إلى البقاع، وكانت المحطة الفاشلة فى محلة بئر العبد فى الضاحية الجنوبية، حيث شنت غارة بستة صواريخ لاستهداف قائد عسكرى فى حزب الله، فى خضم المواجهة الجوية والصاروخية التى قالت إسرائيل إنها استهدفت 1200 هدف لحزب الله، فى حين أن قصف حزب الله تخطى يافا إلى عكا وصفد وتل أبيب الكبرى، فى أضخم عملية مواجهة منذ اندلاع جبهة المساندة اللبنانية لغزة والشعب الفلسطينى.
فى زماكانية «متاهة النفق» اتضحت أمام المجتمع الدولى، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وجامعة الدول العربية، واتحاد التعاون الخليجى، ومنظمة التعاون الإسلامى، وغيرها، تلك الظلال، إنها لعنة الحرب، وما حصل خلال الساعات القليلة الماضية من استشهاد وإصابة مئات المدنيين، تتابع مصادر الإعلام اللبنانى واسع الطيف والولاءات، وتدمير مئات المنازل، وتهجير الآلاف، يشير إلى أن كيان الاحتلال بدأ مواجهة دموية مفتوحة؛ بدأ مغامرة محفوفة بالمخاطر، مبنية مرة جديدة على حسابات خاطئة ومتهورة، وستثبت الساعات والأيام المقبلة أن نتائجها ستكون كارثية على المستويين التكتيكى والاستراتيجى، بعد أن أصبح حزب الله مضطرًا إلى دخول المواجهة دون سقوف أو خطوط حمراء، بعدما اختارت حكومة اليمين الإسرائيلى المتطرفة إعلان الحرب على حزب الله والدولة اللبنانية والشعب اللبنانى، وبات الحساب المفتوح، النفق كبيرًا جدًا، وستكون الردود من خارج الصندوق والتوقعات، ما دفع حكومة الاحتلال إلى إعلان الطوارئ والحرب فى كامل الكيان بعدما وصلت صواريخ المقاومة فى ردها الأول إلى شرق ووسط تل أبيب، وكذلك وسط حيفا، ومستوطنات الضفة الغربية فى مفاجأة لم تكن متوقعة.. أما ميدانيًا، فكان الحدث الأبرز فشل سلاح الجو الإسرائيلى فى اغتيال أحد كبار القادة العسكريين فى حزب الله على كركى فى غارة على الضاحية الجنوبية.
*النفق الإسرائيلى.. وحل المرحلة.
فى ذروة الحدث، يلتقط المحلل، بعض البيانات من أطراف أى حرب، هناك تضليل وكذب إعلامى وأمنى وراءها مقصود، فقال المتحدث العسكرى الإسرائيلى دانيال هاجارى، إن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية قصفت منذ صباح الإثنين أكثر من 1300 هدف، أشار إلى أنها تابعة لحزب الله، وخاصة فى جنوب لبنان ووادى البقاع. وقال شهود عيان إن الطرق الرئيسية المؤدية إلى بيروت العاصمة كانت مزدحمة بالناس الفارين إلى ما يأملون أن يكون مكانًا آمنًا فى العاصمة.
.. وأضاف، بكل تضليل وكذب: بينما كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تحلق فى سماء لبنان، أطلق حزب الله صواريخه على إسرائيل، وسمعنا صفارات الإنذار من الغارات الجوية بشكل متكرر مع عبور نحو 165 صاروخًا وذخيرة أخرى إلى الأراضى الإسرائيلية، وفقًا للجيش الإسرائيلى. واعترضت منظومة الدفاع الصاروخى الإسرائيلية معظم الهجمات، ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو إصابات خطيرة.
.. هاجارى، وغيره فى الإعلام الإسرائيلى الأمريكى والغربى، عادة ما يضعوا المعلومات المضللة اللازمة التى تؤثر على الحرب النفسية:
منذ أكتوبر الماضى، يطلق حزب الله الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل دعمًا لحليفته حماس، الأمر الذى دفع إسرائيل إلى شن هجمات مضادة. ولكن إسرائيل صعدت من هجماتها على حزب الله بشكل كبير خلال الأسبوع الماضى، الأمر الذى أثار مخاوف من أن القتال الحالى قد يتصاعد إلى حرب شاملة تشمل قوات برية.
.. والغريب، أن السفاح رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف نتنياهو، خاطب الشارع الشعبى الإسرائيلى، بأن عليه أن يتوقع «أيامًا معقدة».
.. على شاكلة وهوس وتطرف السفاح نتنياهو، كان عديد المسئولين الإسرائيليين يأملون أن يؤدى تصعيد هجمات جيش الاحتلال، على مدى الأسبوع الماضى، إلى زعزعة استقرار قوات قيادات حزب الله، والضغط بشتى الطرق الدبلوماسية والسياسية والأمنية، لمحاولة إقناع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقيادات فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، بالانسحاب وترك مساندة معركة طوفان الأقصى، بحجة الابتعاد، عن الحدود «الفلسطينية»، التى تحتلها دولة الاحتلال الإسرائيلى مع حدود لبنان. ما حدث أن كل الواسطات والمحاولات ومكوكيات الإدارة الأمريكية والبنتاجون والدول العربية الأوروبية، فشلت فى ثنى حزب الله وفصائل المقاومة اللبنانية- حتى ما قبل تصعيد الضربات والحرب، وهو ما أفشل التفاوض لا فى العلن ولا فى السر، وما حدث عكس ما كانت الواسطات تريد، أى إبعاد حزب الله عن مساندة حماس: فقد أعلن حزب الله أنهم يستمرون فى الدعم والمساندة وديمومة المقاومة، إلى أن يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار فى غزة بين دولة الاحتلال وحماس، فى الحرب التى يعلم المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى أنها حرب إبادة جماعية يقودها السفاح نتنياهو وحكومة التطرف التوراتية الإسرائيلية، ودعم أساسى لا نظير معاصر له فى العالم.
هذا يفسر ما قالت هيئة البث الإسرائيلية: إن تل أبيب أبلغت واشنطن بالهجوم الواسع على لبنان وتلقت منها الضوء الأخضر.
.. وعكس بيان الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب مصادر البيت الأبيض،: قلقون من التصعيد الذى نشهده حاليًا فى الشرق الأوسط، ولا نزال نعتقد أن الحل الدبلوماسى قابل للتحقيق ومُلِح.
كما كشفت الإدارة الأمريكية التزامها المطلق بضمانات «إسرائيل» الأمنية، التزام: صارم وثابت ضد جميع التهديدات المدعومة من إيران بما فى ذلك حزب الله.
.. وفى ذات التوقيت، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى السابق يعقوب عميدرور: لسنا قريبين حتى من بداية تدمير قدرات حزب الله.
*شكل اليوم التالى على جبهة لبنان.
الحرب على جبهة لبنان، أعادت فهم المجتمع الدولى، والمنطقة تحديدًا، عن ماهية الأزمة، الحرب العدوانية الإسرائيلية النازية على غزة ورفح، ولاحقًا على الضفة الغربية والقدس، ما جعل مبادرات التفاوض تدخل مراحل شلل سياسى دبلوماسى، فالسفاح نتنياهو بات خبيرًا كاذبًا فى تعطيل الإرادة الأمريكية أو أى إرادة أممية دولية، برغم أهمية مبادرة بايدن والرؤساء الوسطاء، التى تجمدت، ولن تتحرك إلا بعد خروج بايدن من البيت الأبيض، ولن يكون لدى الرئيس الأمريكى الجديد، أى رغبة لبدء رئاسته بالصراعات مع السفاح نتنياهو، أو مع يحيى السونار، عن حركة حماس فى غزة.
*أسْهُم الشمال.. مواجهة حزب الله أم حركة حماس.
الجبهة، وبكل نتائجها، ما زالت مبكرة، التخوف من هجوم إسرائيلى برى، وارد، التخوف من قصف عشوائى على العاصمة بيروت، أيضًا وارد، ومحاولات شيطنة المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية، أو موقف حزب الله من معركة طوفان الأقصى، لن يجعل معركة السفاح نتنياهو «أسْهُم الشمال»، تقرر مآلات التصعيد العسكرى فى المنطقة، وبالتالى، العالم، برغم عرجه ما زال يتابع تطرف الحكومة الإسرائيلية، وقطاع غزة يقف صامدًا، وقد يواجه خطط المتطرفين التى تريد تهجير كل سكان غزة، وبالتالى، تصعيد سياسى أمنى يقلب الطاولة.
فى ذلك قال رئيس قسم العلوم السياسية فى جامعة اليرموك، شمال الأردن، المحلل والكاتب السياسى «د. وليد عبدالحى»، إن: الفترة القصيرة الماضية، شهدت سلسلة- نجاحات إسرائيلية- براقة كان ميدانها الساحة اللبنانية، فمن مقتل القائد الفلسطينى «صالح العارورى» إلى القائد العسكرى فى المقاومة الإسلامية اللبنانية «فؤاد شكر» إلى إعصار البيجر «Pager» وصولًا إلى أحد أهم القيادات العسكرية «إبراهيم عقيل».. وتموضعت كل هذه الهجمات تقريبًا فى الضاحية الجنوبية من بيروت.
.. وفى نفق الحرب، دعا عبدالحى: من الضرورى، فهم بيئة الحدث، فالمقاومة اللبنانية تصارع أجهزة مخابرات إسرائيلية، وأمريكية، وبعض الدول الأوروبية، وبعض أجهزة المخابرات العربية. وهى تقيم فى وسط موزاييك اجتماعى سياسى، يضم أكثر من 42 تنظيمًا سياسيًا أو جمعية سياسية منها: شرائح مسيحية مسيسة وحزبية، تناصب المقاومة العداء، ولها أجهزة رصد وأمن خاص بها، وهناك جهاز أمن رسمى لبنانى، بعضه لا يقل عداء للمقاومة عن العداء الإسرائيلى.
.. وطرح د. عبدالحى، سؤالًا منهجيًا: هل بقاء إسرائيل فى حالة حرب دائمة منذ إنشائها قبل 76 سنة، بل إن أوزار الحروب ضدها تميل فى اتجاهها العام لإيقاع الأذى بها أكثر فأكثر، هل هذا دليل نجاح فى استراتيجيتها أم دليل فشل؟ فإذا كان- يحدد الإجابة- دليل نجاح فلماذا استمرار «عسكرتها» لتكون هى الدولة الأعلى عالميًا فى نسبة مستوى الإنفاق الدفاعى إلى إجمالى الناتج المحلى؟ ولماذا تحتل إسرائيل المرتبة «169» عالميًا من حيث مستوى الاستقرار السياسى والذى بقى معدله بالسالب، منذ 1996 إلى الآن «- 1،5 من مقياس 2.5» وهو يتزايد منذ عام 2019، وبوتيرة تصل إلى 62% خلال 5 سنوات؟
من جانب آخر، هل بقاء نسبة تفوق الـ85% من المجتمع العربى «نخبه وعامته، ذكوره وإناثه، فلاحيه وبدوه وحضرييه» معارضين لأى تطبيع مع إسرائيل، وقبول التعايش معها، هل هو نجاح أم فشل استراتيجى إسرائيلى؟
ويقول: الرهان على التكتيك هو رهان خاسر كما علمنا كل علماء الاستراتيجية.. وثقافة الشعوب أطول عمرًا، كما أن الرهان الاستراتيجى هو الأساس، والنجاح التكتيكى إذا لم يتراكم فى اتجاه خطى نحو إنجاز استراتيجى فهو فرح عابر لا أكثر، وعلى المقاومة أن تعمق رهانها الاستراتيجى مهما قسا العابر من الظروف، فالتاريخ هو رحم الرهانات الاستراتيجية، وإسرائيل رهان استراتيجى عاقر، مهما زهت فى عيون مستوطنيها... وهذه استنتاجات يكررها علماء إسرائيليون مرموقون تطول قائمة أسمائهم، ومنهم: البروفيسور إيلان بابيه، والبروفيسور أرون سيتشانفور «الحائز على جائزة نوبل فى الكيمياء» وتامير باردو، مدير الموساد السابق، وديفيد هاريل، رئيس أكاديمية العلوم «أحد علماء الكمبيوتر»، وتاليا ساسون، المسئولة السابقة فى النيابة العامة الإسرائيلية، والروائى الإسرائيلى ديفيد غروسمان، ورؤساء وزراء سابقون منهم الوزراء: إيهود باراك، وايهود أولمرت، ودانيال ليفى المستشار فى رئاسة الوزراء الإسرائيلية، وجدعون ليفى الذى كان ناطقًا باسم شيمون بيريز «رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق» والحاخام ديفيد وايز الناطق باسم ناطورى كارتا، والبروفيسور ديفيد باسيغ «أشهر علماء الدراسات المستقبلية فى إسرائيل) وغيرهم الكثير...
لكن ما سبق لا يمنع من التساؤل الذاتى: لماذا وقع ما وقع فى لبنان فى الأيام الأخيرة؟
يجيب د. عبدالحى: لقد حقق الطرف الإسرائيلى نجاحات تكتيكية متلاحقة لا يجوز التعالى على بريقها لدى الطرف الاسرائيلى من ناحية، وارتكاساتها النفسية على جمهور المقاومة من ناحية ثانية، وهو ما يستدعى إعادة النظر فى الترتيبات الأمنية للمقاومة، فى مدى السرية والتخفى، ومتاهات الأمكنة والخداع، وتوسيع دائرة المواجهة ضمن القدرات، ناهيك عن الوصول للمعلومات.. إلخ.
أظن أن إعادة التوازن لصورة المقاومة لدى جمهورها وخصومها هو فى عدم الانفعال فى اتخاذ القرار، تحت وطأة ضغط الظروف، والتسرع فى استعادة المهابة أمام الجموع، لكن ذلك يستدعى إنجازًا يعمق ما تحقق من تهجير للمستوطنين، وإنهاك اقتصادى متواصل، واستنزاف بشرى، وامتصاص لتأثير الضربات الأمنية، واستمرار المساندة لغزة.
.. التقديرات وما يمكن أن يظهر من مساندة من محور المقاومة، فهو أمر رهين الحراك الدولى، الأممى والعربى الأمريكى، والغربى الإسرائيلى، إذ إن اجتماعات الهيئة العمومية لمنظمة الأمم المتحدة، أتاحت فعلًا بعض الحراك السياسى والدبلوماسية المكثف، غالبًا، تترقب الإدارة الأمريكية، سحب البساط، بطريقة أو أخرى وإذابة الصراخ، بينما، قد استفحل الحرب بين جنوب لبنان وشمال دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، وربما يظهر الحراك المنتظر فى الضفة الغربية والقدس، انتفاضة مساندة تخلط أوراق التنسيق الأمنى الإسرائيلى.
.. كل ذلك يزيد معاناة سكان قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، معاناة، أقساها الموت جوعًا أو بالأمراض التى استفحلت فى غزة ورفح.
huss2d@yahoo.com
مدار الساعة (الدستور المصرية ) ـ