كثيرة هي التحليلات والتفسيرات التي لم تخلُ بعضها من التخيلات والشطحات حول العملية الانتخابية وما افرزته من نتائج لم تكن متوقعة عند كثير من المحللين، كما لم ترصدها مراكز الأبحاث والاستطلاعات.
ومع ذلك فان النتائج مهما كانت واين ما صبت، هي إفرازات صناديق الاقتراع التي تعاملت معها الجهات المعنية بكل نزاهة وحيادية، على الجميع ان يتقبلها ويتعامل معها، اذا ما أردنا للتجربة ان تنجح وللديمقراطية ان تتعمق.
وبنفس الوقت على جبهة العمل الإسلامي ان تتعامل مع الامور بإيجابية، وان تاخذ الأمور بحسن نية، و تستفيد من الفرصة التي تعتبر سلاحا ذو حدين، فإما ان تكون نعمة، و فتح صفحة جديدة وطي او إغلاق لأخرى ماضية، وتعزيزا لمكانتها وتأكيدا لعودتها، أو ان تأخذها العزة بالنفس وغرور المنتصر، وكأننا في مكاسرة للسير في اتجاه اخر، قد يعود عليها بنتائج سلبية مستقبلا.
فالدولة قدمت ما عليها مؤكدة أنها ماضية بنهج الإصلاح والتحديث السياسي دون حسابات او اي اعتبارات خارجية.
كما تعلم الحركة الإسلامية التي لا نشكك بوطنيتها، ان الإسلام السياسي لم يعد مقبولا في المحيط والمنطقة، الذي واجه تحديات كثيرة، حالت دون استمراره في تعميق برنامجه، او تأكيد قناعة الناس، الامر الذي يتطلب الاستفادة من الفرصة كما أشرنا سابقا، وكذلك من التجارب السابقة للحركات الإسلامية التي قادتها تصرفاتها وسلوكات بعضها الاستفزازية إلى الاقصاء والحظر ايضا في بعض الدول.
وان يكون احتفالنا بنشوة الفوز، لا النصر، لأننا لسنا في معركة او حلبة مكاسرة مع الدولة، التي يجب ان نلتقي ونتفق عليها جميعا دون تغييب للشعارات الوطنية، او الاشادة بالإجراءات وسير العملية الانتخابية، التي كانت نزيهة بكل المعايير والمقاييس.
خاصة وان النتائج مهما كانت لم تعكس رغبة الشارع الذي غاب ما يقارب من 68% منه، عن صناديق الاقتراع والادلاء باصواتهم، نتيجة اسباب وظروف استفادت منها الحركة الإسلامية، التي من أبرزها الحرب على غزة التي دفعت بالبعض إلى العزوف، والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة اضافة الى عدم قدرة الاحزاب على التحشيد، او اقناع الشارع لممارسة حقه الانتخابي.
مما يؤكد ان حصتها في الشارع ليست جارفة او طاغية ومن السهولة ان تنقلب النتائج في اي عملية انتخابية قادمة سواء كانت برلمانية او محلية، خاصة وان نسبة الأصوات التي حصلت عليها جبهة العمل الإسلامي لم تصل الى 10 % من نسبة من يحق لهم الاقتراع الذي يزيد عددهم عن 5 ملايين مواطن، وهذا الامر
يتوقف عليها وقدرتها على الانسجام والالتقاء.
فمن المهم ان نبتعد عن المناكفة او التغريد خارج السرب في ظل اوضاع اقليمية ملتهبة وتحديات جسيمة، تواجه الدولة التي تحتاج إلى رص الصفوف، ونبذ الخلافات والابتعاد عن أي نزعة انتقامية او تصفية حسابات سابقة، وان تكون المصلحة الوطنية هي الهدف الأهم والابرز، عند أي خطوة او فعالية مستقبلية.