مدار الساعة - ـسعادة كبيرة تغمر الشاب الفلسطيني رزق طافش (25 عاما) بعد تركيبه طرفا صناعيا إثر بتر ساقه نتيجة قصف إسرائيلي على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، خلال الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي المستشفى الميداني الأردني بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، يجلس طافش مبتسما حيث ترتسم على وجهه ملامح الفرح والأمل، وهو يتهيأ لاستعادة قدرته على المشي مجددا بعد رحلة من المعاناة.
الحركة
وبعد أن تمكن من تركيب طرفه الصناعي، أصبح بإمكان الشاب الفلسطيني التحرر من العكازين اللتين اعتمد عليهما لفترة طويلة، حيث استعاد شعوره بالاستقلالية والقدرة على الحركة بمفرده.
وأصيب طافش في يونيو/ حزيران الماضي، حيث نزح من مدينة غزة إلى رفح، وهناك شنت طائرات حربية إسرائيلية غارات على أهداف (لم يحددها)، وكان متواجدا حيث أصيب وبترت ساقه.
وفي ذلك الوقت، انتابه شعور باليأس وانعدام قدرته على الحياة بعد بتر ساقه، لكنه استعاد الامل بعد تركيب طرف جديد، بحسب قوله.
وقال طافش للأناضول: "عندما أصبت، شعرت أني فقدت الأمل في الحياة، ولم أعد قادرا على ممارسة أي شيء، لكن تركيب الطرف الصناعي أعاد لي الأمل".
وأضاف: "الطرف الجديد يعطيني أملا بنسبة 99 بالمئة أني أعود لحياتي الطبيعية وأستأنف عملي في مهنة الحدادة".
وتابع: "في الفترة الماضية كنت أعاني وفقدت الأمل تماما، لم يكن لدي صبر، لكن عندما وصلتني رسالة بأنه سيتم تركيب الطرف الصناعي، شعرت بفرحة كبيرة ولم أصدق ما يحدث".
ويأمل الشاب الفلسطيني أن يعود إلى مهنته من جديد وانتهاء الحرب على قطاع غزة، وتوفير مصدر دخل له بعد أن فقده عقب إصابته.
استعادة الأمل
وأمام عدد من مبتوري الأطراف، يحضر الطبيب الأردني عبد الله الحمايدة الطرف الصناعي بعناية، ثم يثبته برفق على ساق المصاب.
وأوضح الطبيب للأناضول، أنه يسعى إلى أن يكون الطرف مناسبا تماما لحالة المصاب ليضمن شعوره بالراحة بعد التركيب.
وقال الحمايدة: "بدأنا تنفيذ مبادرة استعادة الأمل للمصابين من خلال تركيب أطراف صناعية للمبتورين" جراء القصف الإسرائيلي.
وأضاف: "الأطراف التي نقوم بتثبيتها تتميز بسرعة تركيبها، حيث يحتاج المريض بين ساعة وساعتين فقط ليكون الطرف جاهزا للاستخدام".
وداخل المستشفى، يصطف عدد من المبتورين جراء الهجمات الإسرائيلية على القطاع، وينتظرون بفارغ الصبر أن يحالفهم الحظ في تركيب أطراف صناعية تعيد لهم القدرة على الحركة وممارسة أنشطتهم اليومية.
14 ألف مصاب
وفي أغسطس/ آب الماضي، أطلق الجيش الأردني مبادرة لتركيب أطراف صناعية لنحو 14 ألف مصاب في قطاع غزة، تسببت الحرب الإسرائيلية في بتر أطراف من أجسادهم.
وقال في بيان حينها: "بتوجيهات ملكية سامية، أطلق في مركز الخدمات الطبية الملكية (تابع للجيش) .. المبادرة الأردنية لدعم مبتوري الأطراف في غزة (استعادة الأمل)، والتي تأتي في ظل ارتفاع أعداد الإصابات الناتجة عن الحرب (الإسرائيلية) في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة".
ونقل البيان عن مدير الإعلام العسكري العميد مصطفى الحياري، قوله: "نحن اليوم أمام مشروع جديد لدعم أهلنا في قطاع غزة، وهو دعم متجدد من الأردنيين جميعهم للتخفيف عن مصاب قطاع غزة".
وبيّن أن "المبادرة تعنى بتركيب الآلاف من الأطراف الاصطناعية، إذ من المتوقع وفقاً للتقديرات الطبية أن تشمل أكثر من 14 ألف مصاب ممن فقدوا أطرافهم".
وتتميز المبادرة، وفق الحياري، "بالسرعة لكون تركيب الأطراف يستغرق ساعة واحدة، بعكس الأطراف الاصطناعية سابقاً والتي كانت تحتاج إلى أشهر لتأهيل وتدريب المصاب عليها بعد أخذ القياسات وتصميم الطرف الصناعي".
بدوره، قال المختص بتأهيل إصابات البتر والأطراف الاصطناعية محمد البخيت، إن "المبادرة تعتمد على تقنية جديدة تسمح بتركيب طرف اصطناعي للمصاب" وفق البيان الأردني.
ولفت إلى "تدريب فريق طبي متخصص من المركز الوطني لتأهيل إصابات البتر في مدينة الحسين الطبية، حول كيفية تركيب هذه الأطراف الاصطناعية الجديدة على مبتوري الأطراف".
وأشار إلى أن "العاملين في الخدمات الطبية الملكية تمكنوا من تركيب أطراف صناعية لطفل من غزة يعاني من بتر ثلاثي حتى استطاع المشي في يوم واحد، وهذه أول مرة تحصل في العالم"، دون أن يحدد مكان إجراء عملية التركيب.
وتابع: "تم تجهيز عيادتين متنقلتين مزودتين بجميع المعدات اللازمة لتركيب الأطراف الاصطناعية الجديدة، وسيتم إلحاق العيادتين لدعم مبتوري الأطراف مع طاقمهما، لإرسالهما إلى المستشفيات الميدانية العسكرية في قطاع غزة، لإجراء تركيب الأطراف الاصطناعية لمحتاجيها من جميع الأعمار بزمن قياسي، ليعودوا لممارسة حياتهم الطبيعية".
وفي 11 يوليو/ تموز الماضي، كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن "شظايا الأسلحة الإسرائيلية ساهمت في ارتفاع معدلات عمليات بتر الأعضاء لدى الفلسطينيين بشكل مثير للقلق منذ بدء الحرب بقطاع غزة".
ونقلت الصحيفة عن 6 أطباء أجانب عملوا في مستشفيي "الأوروبي" و"الأقصى" بغزة، قولهم إن "العديد من الوفيات وعمليات بتر الأطراف جاءت نتيجة إطلاق صواريخ وقذائف إسرائيلية مصممة لانتشار الشظايا، في مناطق مكتظة بالمدنيين".
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.