أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الفنانة رانية اسماعيل تكتب عن الثقافة الفنية والمناهج المدرسية: جريئة ومهمة أكثر من أي شيء مضى

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - كتبت: الفنانة الدكتورة رانية اسماعيل - تشير الدراسات إلى ان ممارسة الفنون تبدأ مع الطفل بالدندنة والغناء والرقص، وهكذا يحصل تطور في اللغة والتواصل والتعبير عن النفس.
ان ممارسة الفنون لغة فطرية خلقت فينا كبشر ، بدأت عندما كان الانسان الاول يلون الاشياء بفاكهة التوت، وهذه اللغة قد ينميها البعض وقد يهملها البعض الاخر وفقا لظروف بيئته فالفن حاجة داخلية كما هي الحاجة للطعام والامن وتحقيق الذات.
كما ان ممارسة الفنون تزيد من تحصيل الطلاب الاكاديمي فيما بعد. وتزيد من مستوى ذكائهم المعرفي والانفعالي واحساسهم بانفسهم وبالآخرين وبمجتمعهم. وتحسن من صحتهم النفسية والعقلية، وهو لغة للحفاظ على هويتنا وتاريخنا. فالفنون نراها في كل مكان منها ما هو سيىء احيانا ومنها ما يجعلنا ننبهر به ونسرح بعيدا، لأن تأثير الفنون عميق وقوي اكثر مما يعتقد البعض.
أين تكمن المشكلة اذا احتوت مناهج التربية والتعليم الأردنية على التعريف برسام او فنان تشكيلي أردني ومن ثم دعوته لمدرسة ما لممارسة فنون الرسم مع الطلاب وجها لوجه، أو التعريف بممثل ملتزم، أو عازف ومؤلف موسيقي مرموق، أو نحات مبدع، او مهندس معماري مميز، أو مطرب وطني له شعبية، أو أو ....كما هو الحال بفنون الشعر .
إن الثقافة الفنية توفر للطلاب أدوات قوية للتعبير عن انفسهم وعن اعمق مشاعرهم وافكارهم وتعزز التواصل الصحي بينهم رغم أي اختلاف، لأن كل شكل فني له لغة فريدة يتواصل من خلالها ، وقد يكتشف بعض الطلاب شغفهم ومسارهم المهني للمستقبل بعد ذلك، وللأسف مشكلة كثير من الطلاب المبدعين تكمن في صراعهم ما بين التعبير والجهر بموهبتهم خوفا من ردة الفعل، وما بين الانكفاء على المواد النظرية الجامدة الأخرى. وهذا يقودني لقصة أحد الطلاب، فقد كنت في جولة لتقديم المسرحيات التوعوية التربوية في المدارس. حيث خصني طالب موهوب بعزف الجيتار بقصته، فقد كان أحد المعلمين يرفض أن يمارس هذا الطالب هوايته داخل حرم المدرسة بين زملائه بحجة أنها هواية حرام، بل ويقنعه بالعدول عنها وايجاد هواية بديلة ملتزمة. حتى وصل الامر بهذا الطالب أن يبيع الجيتار لكثرة لومه على هوايته!
ويأتي البعض ويسأل لماذا لا يتميز الأردن بأشخاص موهوبين وفنانين حقيقيين ينقلون أرثنا وثقافتنا وقصصنا للعالم؟
أعتقد ان الاجابة تكمن في جهل البعض بضخامة دور الأشكال الفنية بتنمية المجتمعات واختراقها الحدود الجغرافية والفوارق الثقافية لتصل لأبعد مدى اذا وفرت لها سبل الدعم والتشجيع.
ان الثقافة الفنية تبدأ من البيت، ومن خلال المناهج المدرسية ودمج الموضوعات الفنية بالتعليم لفهم التطور والتاريخ البشري، وتأسيس التفكير النقدي والابداعي ، وتنمية مهارة الاستكشاف والهام التغيير والتميز ، مما ينعكس بالمستقبل على النمو الاقتصادي للدول.
ان فكرة ان تكون الثقافة الفنية والثقافية نشاطاً ترفيهياً واختيارياً خارج حدود المناهج الدراسية لهي فكرة جامدة وغير مرنة وبعيدة عن التحضر الانساني للشعوب.
على الفريق المسؤول عن دمج الثقافة الفنية بالمناهج المدرسية توخي الدقة والحذر فيما يختارونه من مواد فنية لترتقي بتفكير الطلاب وتحتوي على مادة فنية تحمل في طياتها بعدا جماليا واخلاقيا وتربويا وانسانيا، في مجال الشعر والمسرح والتلفزيون والنحت والتصوير والغناء والتمثيل والتصميم والرسم.
لقد كانت خطوة ادخال الثقافة الفنية للمناهج جريئة ومهمة أكثر من أي شيء مضى. فلم أرَ ولم أقرأ برنامجا حزبيا أو انتخابيا ركز على دعم الثقافة والفنون التي هي غذاء للعقل والروح. ولم اسمع مسؤولا وصانعا للقرار يتحدث في خطاباته عن أهمية الفن وقوته في حياة الأمم. ولنكن واضحين وصريحين فنحن في الأردن تركيزنا على الثقافة الفنية هو تركيز ترفيهي وشكلي فقط، بل وخجول أحيانا كثيرة، فقد تموت مواهب الطلاب داخل البيوت ويدفنها البعض من اولياء الأمور لعدم قناعتهم وجهلهم بأهمية الفنون. لذا لا تقتلوا بذرة تنمية الثقافة الفنية داخل أبنائنا الطلاب سواء بالبيوت أو المدارس ، فربما كان بينهم شكسبير ، أو ليوناردو دافنشي، أو هتشكوك ، أو أودري هيبورن، أو مايكل أنجلو . أو يوسف شاهين أو أم كلثوم ....لكن بهوية أردنية ونبض أردني تأسس على الثقافة الفنية واكتشف ابداعه.
  • Madar Al-Saa Images 0.06135901564203938
مدار الساعة ـ