ولمّا كان التصعيد الإسرائيلي يزداد على قطاع غزة من القصف الوحشي المتواصل الذي استهدف المقومات الأساسية والبنية التحتية والسكّان المدنيين والقطاعات التنموية وأبرزها القطاع الصحي والتعليمي وقطاع المياه التي أوصلت سكّان غزة إلى حالة يشفق الحجرُ لها فهبَّ الأردن قيادةً وشعبًا إلى نصرةِ أخواننا في غزة ومدّهم بالمساعدات الإنسانية لتمكينهم من الحفاظ على حقهم في البقاء وتعزيز صمودهم وأثار غضب الشارع الأردني والدولة الأردنية على حدٍ سواء والتي عبّرت عن استيائها ورفضها القاطع للسياسة الوحشيّة للاحتلال الإسرائيلي ومساعيه السامّة في بتر العرق الفلسطيني في قطاع غزّة والتوغل بمستوطناتهِ في القطاع، وأكدَّت الدولة الأردنية والشعب الأردني بصوتٍ واحد أنهُ يجب وقف العدوان الهمجي على قطاع غزة وانسحاب الاحتلال الاسرائيلي من قطاع غزة والأراضي الفلسطينية كافّة وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطينيّ أنّ الاستمرار في العدوان سيفتح فوّهات الحرب عليها.
في حين شهدت الضفة الغربية بالفترة الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق وعمليات عسكرية واسعة النطاق في مناطق عدّة منها؛ القدس الشريف، والخليل، وبيت لحم، ونابلس، وطولكرم ومدينة جنين، التي شكّلت شعلة المواجهات باعتبارها عاصمة المقاومة في الضفة الغربية وغيرها من المدن الفلسطينية، فكانت هذه التصعيدات "الشعرة التي قصمت ظهر البعير" والتي أحدثت وستُحدث تداعيات وأحداث أمنية في المحيط والعمق الإسرائيلي، ومنها ما شهدناه من الحدث الأمني الأخير في معبر الكرامة، الذي أدى إلى قتل ثلاثة جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي واستشهاد المُنفذ وهو أردنيّ الجنسية، ولن تكون عملية معبر الكرامة هي الأخيرة، في حين كان جلالة الملك عبد الله الثاني قد حذّر خلال لقائه وفدًا من الكونغرس الأمريكي من "خطورة تطورات الأوضاع في الضفة الغربية".
كما أعرب ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي أن "سلوك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالحرم القدسي لا يؤدي لتأجيج الوضع بالضفة فحسب، بل بالعالم العربي".
وهذا يؤكد أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعلم أنها تسير بنهج يؤدي إلى ثوران بركان القوميّة العربية لنصرة فلسطين المحتلة والرد بأساليب عدّة تعبيرًا عن عدم الرضوخ للسياسة الهمجية للاحتلال الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص إثارة الشارع الأردني لعمق الأواصر بين الشعبين، وتُرجمت ردّة الفعل بالحدث الأمني في معبر الكرامة.
وفي ضوء ذلك قال المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، يوسي يهوشع في تغريدة على تطبيق (تويتر) "إنّ المشكلة في الضفة الغربية لن تنتهي بالعملية العسكرية الإسرائيلية، ما لم تغلق الحدود مع الأردن".
وهذا يعكس بصيرة الاحتلال الإسرائيلي وتخوّفه من الحدود الأردنية الفلسطينية وتأثر الشعب الأردني من ويلات الاعتداءات التي يتعرض لهُ شقيقه الفلسطينيّ.
وفي ختامِ مقالنا، يبدو أن العمق والمحيط الإسرائيلي على حدٍّ سواء سيشهد أحداث أمنية عدّة في ظل الوضع المأساوي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في غزّة وعموم فلسطين، وستستمر العمليات النضالية ما دام الاحتلال يستبيح الأراضي الفلسطينية وأرواح الشهداء، ويتّبع في سياسته الأسلوب الوحشي والهمجي مبتغيًا التطهير العرقي والسيطرة الصهيونية على عموم فلسطين، ولكن سيبقى الشعب الفلسطيني المناضل في وجه تلك الغايات المسمومة، وسيبقى الأردن قيادةً وشعبًا حريصًا على القضية الفلسطينية مقدمًا الغالي والنفيس في سبيل الوصول إلى التحرير الشامل لعموم الأراضي الفلسطينية، وبناء الدولة الشرعيّة الفلسطينة بسواعدٍ عربية فلسطينية وهويّة أساسها القدس الشريف، ولا زال الشعب الأردنيّ يُسطّر أسمى صور التضحية في سبيل القضية الفلسطينية التي يعشق، انطلاقًا من محطة الشرّف الشهيد كايد مفلح عبيدات، مرورًا بالمحطة الزكيّة الشهيد الرقيب عناد عوّاد الزواهرة، وصولاً إلى المحطة الغرّاء الشهيد ماهر ذياب الجازي، وغيرهم الكثير من الدماء الطاهرة على ثرى فلسطين، وللتضحيات بقيّة،
عاشت فلسطين حرّة عربيّة، عاشَ الأردن وحمى الله الأردن قيادةً وشعبًا.