في إطار رؤية استراتيجية تتسم بالحكمة والعمق، ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطاباً تاريخياً يعكس التحول النوعي في مسار الأردن السياسي. خلال الاجتماع الذي جمع جلالته مع كبار المسؤولين المعنيين بالعملية الانتخابية، وبحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، أبرز جلالته أن المملكة اليوم تمتلك من القوة والاستعداد ما يمكنها من التصدي للتحديات المتنوعة، سواء كانت داخلية أو خارجية. وقد تركزت الرسالة الملكية حول أهمية تعزيز الوحدة الوطنية وتدعيم استقرار النظام السياسي، بما يضمن توافق السياسات مع تطلعات الشعب الأردني ويعزز من ديمقراطية المملكة. هذا الخطاب يعبر عن التزام ملكي عميق بتوجيه جهود الإصلاح نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التماسك الاجتماعي، مما يؤكد الدور المحوري للأردن في المنطقة ويعزز من مكانته كداعم للاستقرار والسلام.
شدد جلالة الملك عبدالله الثاني على أهمية تعزيز التعاون بين كافة الجهات في الأردن، من حكومة ومجتمع مدني، لخدمة الوطن بصدق وأمانة. تأتي هذه الدعوة في وقت يتسم بالحساسية، حيث يتطلب تحقيق الأهداف الوطنية العليا تنسيقاً كاملاً بين مختلف فئات المجتمع. وأكد جلالته أن الوحدة الوطنية تشكل أساساً رئيسياً لتحقيق أي تقدم ملموس، مشيراً إلى أن العمل ضمن إطار وطني شامل هو السبيل لضمان مستقبل مستدام للأردنيين. هذا التوجه يعكس حرص جلالته على ترسيخ قيم العمل المشترك كعصب رئيسي لتحقيق الاستقرار والتنمية في المملكة.
في سياق مناقشة القضايا الحزبية، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني على ضرورة أن تتمحور أولويات الأحزاب السياسية الأردنية حول المصلحة الوطنية العليا، بعيداً عن المصالح الشخصية أو الفئوية. وأبرز جلالته أهمية أن تقدم الأحزاب برامج انتخابية تتسم بالواقعية والفعالية، قادرة على الاستجابة لمتطلبات المجتمع واحتياجاته الملحة. وشدد جلالته على أن الأحزاب التي تطمح إلى التأثير الفعّال في الساحة السياسية يجب أن تسعى لتقديم خطط تنموية شاملة، تأخذ في اعتبارها التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الأردن. كما نوه إلى ضرورة أن تتسم برامج الأحزاب بالمصداقية والشفافية لضمان تحقيق الأهداف الوطنية بفعالية وكفاءة.
في أعقاب إتمام العملية الانتخابية، أثنى جلالة الملك عبدالله الثاني على الأداء المتميز للهيئة المستقلة للانتخاب، مشيداً بدورها البارز في إدارة العملية الانتخابية وتكريس مبادئ النزاهة والشفافية. كما أعرب جلالته عن تقديره الكبير للدور الاستراتيجي الذي لعبته مديرية الأمن العام والكوادر الحكومية في تأمين بيئة ملائمة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب الأردني. هذا التقدير الملكي يأتي في إطار التأكيد على دور المؤسسات الوطنية كعناصر حيوية في ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتعزيز الاستقرار الديمقراطي في المملكة، مما يعكس التزام الأردن العميق بتعزيز قيم الديمقراطية والشفافية في سياق الانتقال السلمي للسلطة.
حدد جلالة الملك عبدالله الثاني معياراً جديداً للأحزاب السياسية، داعياً إياها إلى تقديم برامج سياسية تتسم بالمسؤولية والواقعية، وقادرة على معالجة التحديات المحلية والدولية بكفاءة ومهنية عالية. من خلال هذا الطرح، أرسى جلالته إطاراً جديداً يعزز من مسؤوليات الأحزاب الوطنية، مشدداً على ضرورة تجاوز الخطابات والشعارات إلى تقديم حلول ملموسة وقابلة للتنفيذ. يعكس هذا الموقف الملكي رؤية شاملة لتحديث المنظومة السياسية في الأردن، بما يتماشى مع تطلعات الشعب الأردني ويعزز من قدرة النظام السياسي على الاستجابة للتحديات المستقبلية بفعالية واستدامة.
في ختام الاجتماع، تجلت الرسالة الملكية بوضوح: الأردن يتعزز بقوة وحدته ويحقق استقراراً أعمق من خلال تماسك مكوناته الوطنية. جدد جلالة الملك عبدالله الثاني التأكيد على أهمية العمل الجماعي، معتبراً أن الأولويات يجب أن تبقى وطنية خالصة، بعيدة عن الأجندات الشخصية أو الخارجية. هذه الرؤية الملكية تضع أساساً لخارطة طريق نحو مستقبل سياسي أكثر إشراقاً، وتعزز من مكانة الأردن كدولة قائمة على سيادة القانون والمؤسسات، التي تحترم إرادة شعبها وتسعى لتحقيق رفاهيته واستقراره بما يتماشى مع تطلعاته الوطنية.