أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الخضراء يكتب: الردود والتداعيات للتوترات الإقليمية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي


مازن الخضراء

الخضراء يكتب: الردود والتداعيات للتوترات الإقليمية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي

مدار الساعة ـ
في خضم التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط، يشهد الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” تصعيداً ملحوظاً بسبب تداخل المصالح الإقليمية والدولية. يتضح من تحليل الأحداث الأخيرة أن هناك ثلاثة محاور رئيسية تساهم في تعقيد المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في المنطقة. يتمثل المحور الأول في الرد الإيراني المتأخر على الانتهاكات الإسرائيلية، والثاني في تداعيات التصعيد على الدول المجاورة، وخاصة الأردن، والثالث في إمكانية التوصل إلى حل سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويعطي الفلسطنيين الحق الكامل في تقرير مصيرهم.
بالنسبة للرد الإيراني على الاغتيالات “الإسرائيلية”، فقد اتسم بالحذر والتأخر، مما يثير العديد من التساؤلات حول دوافعه وأسبابه. كشفت دراسة أجرتها شركة "مانديانت" الأميركية للأمن الإلكتروني عن تورط مجموعة قرصنة إيرانية تُعرف باسم "إيه.بي.تي42" في محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، وذلك باستخدام شركات وهمية للموارد البشرية للإيقاع بجواسيس. يشير هذا التورط إلى أن إيران قد تكون تفضل العمليات السرية وغير التقليدية بدلاً من الرد العسكري المباشر. وعلى الرغم من هذه التكتيكات الإلكترونية، فإن الرد العسكري الإيراني وحزب الله على عمليات الاغتيال الإسرائيلية كان محدوداً ومدروساً، مما يعكس محاولة لتجنب تصعيد أوسع يمكن أن يخدم المصالح السياسية للتيار اليميني المتشدد في دولة الإحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو. هذا النهج الإيراني الحذر قد يعكس رغبة في الحفاظ على المكتسبات الإقليمية وتجنب مواجهة عسكرية مفتوحة قد تؤدي إلى رد فعل عنيف من الولايات المتحدة وحلفائها.
إضافة إلى ذلك، أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن "الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران سيكون عبر عمليات خاصة أكثر صرامة لزرع الندم في نفوس مرتكبيه". هذا التصريح يعزز الانطباع بأن إيران ستحرص على أن يكون ردها مدروساً بدقة، بحيث يحقق الأهداف المرجوة دون أن يؤدي إلى تصعيد قد يخدم مصالح اليمين المتشدد في إسرائيل أو يستدعي تدخلاً عسكرياً أكبر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. إن استراتيجية إيران تعتمد على توخي الحذر واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لضمان أن أي رد سيكون محدوداً وموجهًا بشكل دقيق لتحقيق أقصى تأثير بأقل مخاطرة ممكنة.
من ناحية أخرى، فإن التصعيد في المنطقة يحمل تداعيات خطيرة على الدول المجاورة، خاصة الأردن. المملكة الأردنية، التي تتمتع بموقع جغرافي حساس وتجاور كل من فلسطين والكيان الإسرائيلي، تجد نفسها في موقف معقد يستلزم توازناً دقيقاً بين دعمها للقضية الفلسطينية والحفاظ على أمنها واستقرارها الداخلي. وقد أكدت الأردن مراراً أنها لن تسمح لأي جهة باستخدام أراضيها أو أجوائها كساحة لتصفية الحسابات السياسية أو العسكرية. التصعيد المستمر يمكن أن يؤدي إلى تداعيات اقتصادية سلبية، بما في ذلك زيادة الأعباء الاقتصادية الناجمة عن احتمال تدفق موجات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين. كما أن الوضع الأمني قد يتدهور، مما يزيد من التحديات التي تواجهها الأجهزة الأمنية الأردنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار على الحدود.
أما فيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية، فإن الواقع الميداني يشير إلى تعقيدات كبيرة تعوق هذا الاحتمال. على الرغم من الدعوات الدولية المتكررة لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، إلا أن التوترات الميدانية والسياسية بين الطرفين لا تزال كبيرة. “إسرائيل”، بقيادتها اليمينية المتشددة، تواصل سياساتها الاستيطانية والعدوانية ضد الفلسطينيين، مما يضع عقبات كبيرة أمام أي مفاوضات جادة. في ظل هذه الظروف، يبدو أن فرص التوصل إلى حل سياسي عادل للفلسطينيين تظل ضعيفة، خاصة في ضوء التصعيد المستمر والخسائر البشرية والمادية المتزايدة.
وفي الختام، يبدو أن الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” لا يزال في مرحلة معقدة تتطلب جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للتوصل إلى حلول فعّالة ومستدامة، والرد الإيراني المحدود، وتداعيات التصعيد على الدول المحيطة، وخاصة الأردن، وإمكانية التوصل إلى حل سياسي تظل مواضيع حيوية تتطلب تحليلاً دقيقاً وتفكيراً استراتيجياً لمواجهة التحديات القادمة. لتحقيق السلام الحقيقي، يجب على جميع الأطراف العمل بشكل جاد نحو التهدئة والتفاوض، مع مراعاة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإيجاد حلول عادلة ومستدامة.
مدار الساعة ـ