نُشِرَتْ حديثاً دراسة علمية معمّقة بعنوان : (الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية بين الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي : مكونات العملية السياسية أنموذجاً ) من إعداد اللواء الركن المتقاعد الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق وأستاذ العلوم السياسية ، وذلك في كتاب مُحَكّمٍ صدر حديثاً تضمن أعمال المؤتمر الوطني الثالث الذي عقد في جامعة اليرموك خلال الفترة من 24 – 25 تموز 2022م تحت عنوان : ( الأوراق النقاشية الملكية بين الدراسة والتنفيذ ... خارطة طريق لمستقبل الدولة الأردنية) ، وقد جاء الكتاب في جزأين اشتملا على الدراسات والأوراق التي قدمها المشاركون في هذا المؤتمر ، حيث أشرف على تحريره الأستاذ الدكتور محمد محمود العناقرة شاغل كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية وعميد كلية الآداب في جامعة اليرموك ، والكتاب من إصدارات الكرسي والمنتدى الثقافي /اربد عام 2023م، ونشر بدعم من وزارة الثقافة الأردنية .
وقد جاءت هذه الدراسة المعمقة في مقدمة وفصلين ، تناول الباحث في الفصل الأول : أهمية الحكومات البرلمانية ، ومسوغات طرح الوراق النقاشية ، ومرتكزات الإصلاح السياسي في الأوراق النقاشية الملكية ، وتناول في الفصل الثاني الرؤى الملكية في تطوير الأحزاب السياسية ومجلس النواب ومجلس الوزراء ، والرؤى الملكية في تطوير الملكية الدستورية الهاشمية ، وفي بناء المواطن الواعي ، والمنجزات التي تمت في ضوء توجيهات وتوجهات الرؤى الملكية في هذه الأوراق .
وقد سعت الدراسة إلى تحليل وبيان رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين التي طرحها في أوراقه النقاشية الملكية السبع على مدى خمس سنوات ( 2012 – 2017) ، وذلك من أجل مستقبل سياسي واقتصادي واجتماعي آمن ومستقر للأردن ونظامه السياسي ، حيث دعت هذه الرؤى الملكية إلى تبني ونشر ثقافة الحوار من أجل الوصول إلى ديمقراطية متجددة ومتطورة في ظل واقع سياسي شَخَّصَه جلالة الملك ، وبيَّن أنه بحاجة إلى تطوير ، حيث قدّم جلالته – من خلال منهجية سياسية علمية متعقلة – معالجاتٍ سياسيةً علمية ومنطقية وقابلة للتطبيق .
وقال اللواء الدكتور الرقاد : إن أهمية هذه الدراسة تنبع من أنها سعت إلى تقديم هذه الرؤى الملكية على أنها أفكار سياسية متطورة وناضجة وعالية المستوى وقابلة للتطبيق ، وتستند إلى أسس علمية في علم السياسة .
وأضاف الدكتور الرقاد بأن : هذه الدراسة هدفت إلى استقراء الأفكار والآراء الواردة في الطروحات السياسية الملكية في الأوراق النقاشية لبيان وتوضيح إرادة جلالة الملك السياسية وتصميمه على تنفيذ إصلاحات سياسية تكرس نهج التحول الديمقراطي في الأردن ، وصولاً إلى مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية .
وأضاف بقوله : إن هذه الرؤى تشكل استراتيجية سياسية وطنية متميزة على طريق الإصلاح والتطوير والتحديث السياسي في الدولة الأردنية من خلال آليات واضحة تكرس النظرة الملكية الهاشمية المتجددة في إحداث الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي المأمول والمنشود .
وفيا يأتي النص الكامل للدراسة :
سعت هذه الدراسة إلى تحليل وبيان وتوضيح رؤى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين السياسية التي طرحها في أوراقه النقاشية السبع على مدى خمسة اعوام(2012م – 2017م)، وذلك من أجل مستقبل سياسي واقتصادي واجتماعي آمن ومستقر للأردن ونظامه السياسي ، حيث دعت هذه الرؤى الملكية إلى تبني ونشر ثقافة الحوار من أجل الوصول إلى ديمقراطية متجددة ومتطورة في ظل واقع سياسي شخّصَه الملك ، وبيّن أنه بحاجة إلى تطوير، حيث قدّم جلالته - من خلال منهجية سياسية علمية متعقلة - معالجاتٍ سياسيةً علميةً ومنطقيةً وقابلة للتطبيق .
وتنبع أهمية الدراسة من أنها سعت إلى تقديم هذه الرؤى الملكية على أنها أفكار سياسية عالية المستوى وناجحة ، وتستند إلى أسس علمية في علم السياسة ، فحاولت استقراء جدية وملاءمة هذه الطروحات السياسية الملكية لبلورة خطوات فاعلة وجادة على طريق الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي في الأردن، كما سعت إلى بيان وتوضيح حرص الملك على المصالح العليا للدولة الأردنية والمواطن الأردني من خلال الاستجابة لمطالب الإصلاح السياسي الحقَّة .
وقد هدفت الدراسة إلى استنطاق الأفكار والآراء الواردة في الطروحات السياسية الملكية في الأوراق النقاشية لبيان إرادة الملك السياسية وتصميمه على تنفيذ إصلاحات سياسية تكرس التحول الديمقراطي في الأردن وصولاً إلى مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية ، وذلك من خلال ما يأتي :
أولاً : مدخل مفاهيمي يقدم تعريفات لبعض المفاهيم السياسية الواردة في هذه الأوراق .
ثانياً: توضيح مفهوم وأهمية الحكومات البرلمانية .
ثالثاً: بيان مسوِّغات طرح الملك لأوراقه النقاشية .
رابعاً: شرح وتوضيح مرتكزات الإصلاح السياسي المنشود الذي طرحه الملك في هذه الأوراق. خامساً: توضيح دور الرؤى الملكية وانعكاساتها على على تطوير وتحديث أداء مكونات العملية السياسية في الأردن.
سادساً: بيان المنجزات التي تحققت استجابة للرؤى الملكية على مستوى مكونات العملية السياسية في الأردن (الأحزاب السياسية،مجلس النواب،الملكية الدستورية، مجلس الوزراء، دور المواطن).
وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها : أن الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية قدَّمت أفكاراً وتصورات، واجترحت استراتيجيات أفضت إلى تكريس ثقافة الحوار، وتعزيز التحول الديمقراطي، وإتاحت فرصاً أمام مكونات العملية السياسية في الأردن لغايات تطوير أدوارها السياسية وتحديثها، وفتحت الآفاق أمامها ووضعتها على مشارف الوصول إلى تشكيل الحكومات البرلمانية، هذا الهدف الكبير الذي لم يتحقق لغاية الآن على أمل نضوج التجارب السياسية للأحزاب السياسية الأردنية للحصول على أغلبية حزبية في مجلس النواب .
وقدّمت عدداً من التوصيات من أهمها : ضرورة إجراء مراجعات استراتيجية سياسية لمكونات العملية السياسية في الأردن كل فترة عشر سنوات على غرار الأوراق النقاشية .
Summary
This study sought to analyze, and clarify the political visions of King Abdullah II Ibn Al Hussein, which he presented in his seven discussion papers over a period of five years (2012 - 2017), for a secure and stable political, economic and social future for Jordan and its political system.
These royal visions called for the adoption and spread of the culture of dialogue in order to reach a renewed and developed democracy in light of a political reality diagnosed by the King, in which he emphasized the need for development. His Majesty the King - through a rational, scientific and political methodology - presented scientific, logical and applicable political strategies to achieve these goals.
The importance of the study stems from the fact that it sought to present these royal visions as high level and successful political ideas, based on scientific foundations in political science. The study also aims to emphasize the seriousness and suitability of these royal political propositions to crystallize effective and serious steps on the path of reform, change and political modernization in Jordan. It also aims to clarify the King's enthusiasm for the higher interests of the Jordanian state and Jordanian citizens, by responding to the true demands of political reform.
The study aimed to examine the ideas and opinions contained in the royal political propositions in the discussion papers to demonstrate the king’s political will and determination to implement political reforms that reinforce democratic transformation in Jordan, extending to the formation of parliamentary governments, through the following:
First: A conceptual introduction that provides definitions of some of the political concepts contained in these papers.
Second: A clarification of the concept and importance of parliamentary governments.
Third: A statement of the justifications for the King's presentation of these discussion papers.
Fourth: Explanation and clarification of the foundations of the desired political reform proposed by the King in these papers.
Fifth: Clarification of the role of the royal visions and their implications for developing and modernizing the performance of all the components of the political process in Jordan.
Sixth: A statement of the achievements made as a result of the royal visions, based on the components of the political process in Jordan (political parties, parliament, constitutional monarchy, cabinet and citizen's roles. (
The study reached a number of conclusions, the most important of which is that the royal visions in the discussion papers presented ideas, perceptions, and suggested strategies that led to perpetuating a culture of dialogue, promoting democratic transformation, and providing opportunities for the components of the political process in Jordan - with the purpose of developing and modernizing their political role to put them on the path to the formation of parliamentary governments. This great goal has not been achieved so far, it is hoped that the political experiences of the Jordanian political parties will mature to obtain a majority of partisans in the House of Representatives.
The study presents a number of recommendations, the most important of which is the necessity of conducting political strategic reviews of the components of the political process in Jordan, every ten years, in a similar way to the discussion papers.
الرؤي الملكية في الأوراق النقاشية بين الإصلاح والتغيير
والتحديث السياسي: مكونات العملية السياسية أنموذجاً
اللواء الركن السابق
الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق وأستاذ العلوم السياسية
المقــــدمة .
تعكس الأوراق النقاشية السبع التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة من 29 كانون أول /ديسمبر 2012م – 15 نيسان / إبريل 2017م أهمية الرؤى الإصلاحية لجلالته المعززة والمدعّمة بالإرادة السياسية من أجل تعزيز النهج الديمقراطي في الأردن ، مثلما تشكل هذه الرؤى استراتيجية سياسية وطنية متميزة على طريق مسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث في الدولة الأردنية ، من خلال آليات واضحة تكرس النظرة الملكية المتجددة في إحداث الإصلاح والتغيير والتحديث المأمول والمنشود .
لقد ركّزت رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني على الدعوة لتبني ونشر ثقافة الحوار التي تعتبر حجر الزاوية والأساس الصُلب في الوصول إلى ديمقراطية متجددة ومتطورة تضع الأردن على خط التطوير والتحديث المستمرين في ظل ظروف وحياة بشرية بالغة التعقيد ، يحكمها واقع سياسي واجتماعي واقتصادي متشابك ومترابط بعلاقات متداخلة ، وفي بعض من الأحيان متقاطعة، تحتاج إلى وسائل تنقل الواقع وتقربه من العقل حتى يمكن فهم واستيعاب هذا التشابك، وحل كل ألغاز التقاطع ، حيث يقول الدكتور نصر عارف إن : " هذه الوسائل هي طرف في علاقة ثلاثية أطرافها الوسيلة والعقل الإنساني والواقع ، وحيث أن المفاهيم والمناهج والنظريات السياسية لا بد وأن تتسم بالضبط والتحديد والدقة ، فإن أياً من هذه المناهج والنظريات لا يستطيع الإحاطة بكل أبعاد الواقع الاجتماعي وجوانبه ، إنما يختار كل منها بُعداً معيناً يفترض أنه هو المدخل الأهم للولوج إلى قلب هذا الواقع ".
لذا شكّلت منهجية جلالة الملك في طرح الأوراق النقاشية الملكية المدخل الأهم والوسيلة الأنجح في نقل الواقع السياسي في النظام السياسي الأردني إلى العقل ، وتقديم المعالجات اللّازمة.
أهمية الدراسة . تتبلور أهمية الدراسة في بُعْدين أساسيين يرتبط كل منهما بناحيتين هما: الناحية العلمية والناحية العملية ، وكما يأتي :
01 الناحية العلمية . لقد وضع المنظرون وعلماء السياسة وخبراؤها تعريفات علمية لمفاهيم الديمقراطية والتطور الديمقراطي، حيث أن التطور الديمقراطي في النهاية يشكل الركيزة الأساس في تقدم النظم السياسية وتطويرها وتحديثها ، وتتمثل الناحية العلمية في هذه الدراسة في الاعتبارات الآتية :
أ . أنها تقدم الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية على أنها أفكار سياسية تستند إلى أسس علمية في علم السياسة، وذلك من خلال توضيح العلاقة بين رأس الدولة (جلالة الملك) ودوره في تطوير وتحديث النظام السياسي الأردني ، وقدرته على التأثير بشكل أقوى من غيره على آليات التطوير والتحديث ، بحكم أنه رئيس السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بموجب الدستور.
ب . كشف مدى جدية وملاءمة الطروحات الملكية السياسية والاجتماعية في الأوراق النقاشية لتطوير وتحديث وبلورة خطوات فاعلة وجادة على طريق الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي ، وكشف جوانب القوة والضعف التى عالجتها أو عززتها هذه الطروحات في الأوراق النقاشية الملكية عند تطبيقها على النظام السياسي الأردني .
ج . توظيف مناهج تحليل النظم وتحليل النص وصنع القرار لكشف العلاقة بين هذه الرؤى الملكية والدفع بمكونات العملية السياسية في الأردن لاتخاذ إجراءات تشريعية وقرارات سياسية استجابة لهذه الرؤى الملكية .
02 الناحية العملية . إن ممارسة رأس الدولة لمهامه ومباشرته لها بنفسه بإرادة سياسية نابعة من قناعاته الشخصية ومعتقداته السياسية وتصميمه على التطوير والإصلاح في مجال الملكية الدستورية الهاشمية تشير إلى عدد من الاعتبارات تتلخص فيما يأتي :
أ . حِرْصِ جلالة الملك على المصالح العليا للدولة الأردنية وللمواطن الأردني ، باعتبار أن الملك هو القائد السياسي والعسكري الأعلى في النظام السياسي الأردني .
ب . أهمية طرح جلالة الملك ومناقشته لأفكار علمية وعملية تلبي احتياجات ومطالب الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي من أجل الوصول إلى مستويات ديمقراطية متقدمة تدفع بالنظام السياسي الأردني إلى مراتب الازدهار والأمن والاستقرار ، وتصون استمرارية النظام السياسي .
هدف الدراسة . لقد سعت الدراسة إلى الكشف عن الأفكار والآراء والطروحات والرؤى الملكية واستقرائها من خلال هذه الأوراق النقاشية الملكية السبع من بداية نشرها في عام 2012م ولغاية الورقة السابعة التي تم نشرها في عام م2017، وذلك لتحقيق أهداف الدراسة التي تتمثل في :
أ . بيان مدى توافر الإرادة السياسية للإصلاح السياسي ، وممارسة جلالة الملك لمهامه المناطة به بموجب الدستور للحفاظ على النظام السياسي الأردني ، وعلى استمراريته وتطويره وتحديثه .
ب . تحليل الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية في ضوء الواقع السياسي على الساحة السياسية الأردنية ، وتوجيهها لمكونات العملية السياسية والتأكيد على ضرورة مضيها في التطوير والإصلاح والتحديث والتغيير السياسي، وبيان مدى مساهمات هذه الرؤى بتقديم حلول علمية وعملية قابلة للتطبيق ، من أجل تطوير العملية الديمقراطية التي تعتبر المرتكز الأساس في تطوير النظم السياسية واستمراريتها ، وذلك من خلال :
(1) مدخل مفاهيمي علمي يقوم على تقديم التعريفات العلمية للمفاهيم السياسية التي تناولتها الأوراق النقاشية .
(2) بيان أهمية الحكومات البرلمانية للارتقاء بالنظم السياسية وتطويرها وتحديثها .
(3) بيان مسوِّغات طرح جلالة الملك للأوراق النقاشية الملكية .
(4) بيان وتوضيح مرتكزات الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي في الأوراق النقاشية الملكية .
(5) توضيح دور الرؤى الملكية في تطوير أداء مكونات العملية السياسية في النظام السياسي الأردني ( الأحزاب السياسية ، مجلس النواب ، الوزارة " رئيس الوزراء والفريق الوزاري " ، الملكية الدستورية الهاشمية ، المواطن ) .
(6) بيان مدى الإنجازات التي تمت استجابة للرؤى الملكية على مستوى المكونات السياسية للعملية السياسية .
مشكلة الدراسة . لقد تعاملت القيادة السياسية في الأردن ( القيادة الهاشمية) التي يقف على رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مع مختلف الظروف والمواقف التي كان لها تأثير فاعل على الواقع السياسي في الأردن منذ أن تسلم جلالته سدة الحكم في عام 1999م ، وكانت هذه القيادة السياسية الهاشمية متفاعلة ومتجاوبة مع كل الظروف والمواقف ، ومستجيبة بشكل عام لمتطلبات مراحل التوجه والتطور الديمقراطي في الأردن ، حيث تتبلور مشكلة الدراسة في بيان مدى مساهمة القيادة السياسية العليا من خلال : تصورات، ورسم رؤى ملكية ، واجتراح استراتيجيات ، وطرح أفكار سياسية متقدمة ومتطورة على طريق تحقيق المطالب السياسية والاجتماعية ، والتي تميزت بأنها رؤى فاعلة وعلمية وواقعية وعملية وقابلة للتطبيق انعكست على تطوير النظام السياسي الأردني وتحديثه .
أسئلة الدراسة . يتمثل السؤال المحوري للدراسة بـــ : "ما مدى إسهام الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية بتقديم أفكار واستراتيجيات تتميز بأنها تشكل أسساً ومبادئ لتطوير العملية السياسية وأدوار مكوناتها السياسية في النظام السياسي الأردني ، ومدى انعكاس هذه الرؤى على دورها في التحول الديمقراطي اللازم لتقدم الأردن ومواطنيه واستمرارية نظامه السياسي" ؟ ، وتفترض الإجابة على هذا السؤال الرئيس الإجابة على الأسئلة الفرعية الآتية :
01 ما أهمية الحكومات البرلمانية لتطور النظم السياسية، ودورها في التحول الديمقراطي ؟ .
02 ما مسوِّغات طرح الأوراق النقاشية الملكية على مدى خمس سنوات(2012 – 2017) ؟.
03 ما المرتكزات التي استندت إليها الرؤى الملكية في إطلاق الأوراق النقاشية ؟.
04 ما دور الرؤى الملكية في تطوير أداء مكونات العملية السياسية في النظام السياسي الأردني؟.
05 ما الإنجازات التي تمت استناداً إلى طروحات الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية على مستوى مكونات العملية السياسية في الأردن ؟.
منهجية الدراسة . لقد زاوجت الدراسة بين ثلاثة مناهج من مناهج دراسة العلوم السياسية وهي :
01 منج تحليل النظم . على اعتبار أن ما ستتناوله هذه الدراسة يتعلق بالنظام السياسي الأردني وتطويره .
02 منهج تحليل النص . على اعتبار أن الأوراق النقاشية هي نصوص سياسية طُرِحت من خلالها الرؤى الملكية للإصلاح والتغيير والتحديث السياسي.
03 منهج صنع القرار . على اعتبار أن الرؤى الملكية قد تم تحويل الكثير منها إلى قرارات سياسية وتشريعات تفضي إلى تحقيق الأهداف من هذه الأوراق النقاشية .
الإطار الزمني للدراسة . تغطي فترة الدراسة حوالي عشر سنوات (2012م – 2022م) ، وتم اختيار هذه الفترة باعتبارها الفترة التي تم خلالها طرح الأوراق النقاشية وما اشتملت عليه من رؤى مستقبلية وما تلاها من حصول تحول الكثير من هذه الرؤى الملكية إلى تشريعات وقرارات سياسية امتدت آثارها لعام 2022م ، وتشكل فترة معقولة لبيان وكشف الأفكار الملكية الرامية إلى تطوير التوجه الديمقراطي الذي يعتبر المرتكز الأساس في تقدم وتطور النظام السياسي الأردني واستمراريته .
وقد استعانت الدراسة ببعض المراجع مثل الرسائل العلمية الجامعية والأبحاث والدراسات العلمية التي تناولت بعض مفاهيم الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي ، وبعض المقالات التحليلية والمتخصصة في المجالين القانوني والسياسي التي ناقشت الرؤى الملكية وأهدافها ومرتكزاتها وما تحقق منها .
تقسيم الدراسة . بناء على تساؤل الدراسة الرئيس ، والأسئلة الفرعية المتعلقة بالإجابة عليه تم تقسيم الدراسة إلى : مقدمة وفصلين ، بالإضافة لمدخل مفاهيمي قبل الفصل الأول ، حيث اشتمل الفصل الأول على ثلاثة مباحث ، في حين اشتمل الفصل الثاني على ثلاثة مباحث بالإضافة للخاتمة والنتائج والتوصيات .
مدخل مفاهيمي
حتى نستطيع توضيح وفهم رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في أوراقه النقاشية ، لا بد لنا من استيعاب بعض المفاهيم التي وردت في عنوان الدراسة ، وعلى الشكل الآتي :
01 الأوراق النقاشية . هي مجموعة مقالات كتبها جلالة الملك خلال الفترة من (2012 – 2017)، وأصبحت وثائق سياسية يعتمد عليها في عمليات الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي، وقد طرح جلالته فيها رؤاه الملكية في الإصلاح السياسي المفضي إلى تطوير النظام السياسي الأردني وتحديثه ، إيماناً منه بأن النظام السياسي كالكائن البشري الذي يحتاج بين الفينة والفينة لأن يجدد نفسه ، ويطور ذاته بغية التناغم والاتساق مع كل ما هو حديث في عصر تفجرت فيه ثورة الاتصالات والمعلومات ، حيث خلقت بيئة معلوماتية مترامية الأطراف ، شائكة ومتشابكة الرؤى والأفكار، ولها آثار سلبية أو إيجابية على العملية السياسية في النظام السياسي الأردني الذي تشكل فيها السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حجر الرحى في عمليات الإصلاح والتطوير والتحديث ، وقد حملت رؤى جلالة الملك في أوراقه النقاشية تطلعات للتخلص من بعض الممارسات السياسية التي تحتاج إلى مزيد من السعي لتغييرها ، واستبدالها بما ينعكس إيجاباً على تطوير العملية السياسية في الأردن.
02 التغيير السياسي ( Political Change). يشير المفهوم إلى حدوث تحولات بنيوية وتنظيمه على المجتمع ، دون أن يكون له تجاه محدد يمكن أن يكون تقدماً أو تخلفاً ، فهو يشير إلى مفهوم محايد يمكن أن يتضمن ما هو أحسن ، أو ما هو ضد لك ، ويرتبط التغيير السياسي بجوانب الحياة كافة في المجتمع ، وهو غير مقتصر على مؤسسات النظام السياسي وحدها ، كونه يؤثر ويتأثر بالبيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومؤسساتها بحكم الارتباط والتأثير المتبادل بين النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والبيئة المحيطة.
وهناك من يرى بأن التغيير السياسي يعني "التحول في البنى والسلوكيات والغايات السياسية التي تؤثر في توزيع وممارسة السلطة في تجلياتها المختلفة " ، كما عرفته الموسوعة السياسية ( Political Encyclopedia) بأنه : " مجمل التحولات التي قد تتعرض لها أي أو كل من البنى السياسية في المجتمع أو طبيعة العمليات السياسية ، والتفاعلات بين القوى السياسية ، وتغيير الأهداف ، وبما يعنيه كل ذلك من تأثير على مراكز القوة ، بحيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها، أو بين عدة دول" ، كما عرفه ( جبرائيل الموند Almond) بأنه : " حصول نظام سياسي على قدرة جديدة ، والتغييرات المرتبطة بتلك القدرة في الثقافة والهيكل السياسي المرتبطين بالنظام السياسي " .
03 التحديث السياسي ( Political Modernization) . ويقصد به الانتقال من وضع إلى آخر وفق معيار معين أي أنه "التغيير الذي يشمل كل ما له صلة بالعملية السياسية، بمعنى أن التحديث السياسي مفهوم له علاقة بجوانب الحياة السياسية كافة" ، وهناك من عرفه بأنه : "عملية صنع السياسة العامة التي تتأثر بالتحولات المادية والاجتماعية ، وبتفاعل الساسة والمؤسسات السياسية والأفكار مع العالم المحيط بهم " ، ويورد الدكتور أمين المشاقبة في مؤلفه التحديث والاستقرار السياسي في الأردن بأنه : "تم استخدام عبارتين هما " التطور السياسي " و" التحديث السياسي" الواحدة مكان الأخرى لدى العديد من علماء السياسة ، حيث تشير كلمتا : " التطور" و " التحديث" إلى عملية التغيير نفسها ، ومع هذا فالتعددية والفروق واضحة في الأساليب التي يسلكها التطور السياسي والنواحي التي يركز عليها ، ويشير الدكتور مشاقبة إلى : أنه لا يوجد معنى محدد ودقيق للمفهوم ، إذ يتأثر كل دارس لهذا الموضوع بفهمه الشخصي له ، والقائم على توجهه ، والمنحى الذي ينحوه في تناول مفهوم التطور السياسي ، وعلى العموم فإن الخصائص التي يطبقها مختلف المنظرين على التطور السياسي ليست كلها سوى مظاهر لعملية التحديث السياسي ، حيث يشمل التطور السياسي تنظيم الحياة السياسية وأداء الوظائف السياسية طبقاً للقواعد المتوقعة من دولة قومية حديثة ، ويضفي الصبغة الديمقراطية على إقامة نظم ديمقراطية تؤدي إلى مشاركة سياسية أكثر فاعلية " .
04 الإصلاح السياسي . هو عملية تعديل وتطوير شبه جذري قد تتجاوز التحديث إلى مرحلة التغيير السياسي في بعض الأحيان في شكل الحكم والعلاقات الاجتماعية داخل الدولة في إطار النظام السياسي القائم بالوسائل والإمكانات والصلاحيات المتاحة، دون أن تصل إلى جوهر النظام ، وهو عملية متعددة الأبعاد ، وقد قدم علماء السياسة والخبراء والمنظرون السياسيون تعريفات كثيرة لمفهوم الإصلاح السياسي ومنها :
أ . الإصلاح لغة . الإصلاح من فعل أصلح يصلح إصلاحاً أي إزالة الفساد بين القوم والتوفيق بينهم، وهو نقيض الفساد ، فالإصلاح هو التغير إلى استدامة الحال على ما تدعو إليه الحكمة، وكلمة إصلاح تطلق على ماهو مادي وعلى ما هو معنوي ، فالمقصود بالإصلاح من الناحية اللُغوية الانتقال أو التغيير من حال إلى حال أحسن، أو التحول عن شيء والانصراف عنه إلى سواه .
ب . المعنى الاصطلاحي . هناك تعريفات كثيرة للإصلاح السياسي، تورد الدراسة منها ما يأتي :
(1) يعرفه قاموس (إكسفورد) بأنه : " تغيير أو تبديل نحو الأفضل في حالة الأشياء ذات النقائض ، وخاصة في المؤسسات والممارسات السياسية الفاسدة أو الجائرة ، إزالة بعض التعسف او الخطأ " ، كما يعرفه قاموس "ويبستر" بأنه:" تحسين النظام السياسي من أجل إزالة الفساد والاستبداد" ، على اعتبار أن الإصلاح السياسي من أهم المبادىء التي يرتكز عليها الحكم الصالح ، ويتجسد ذلك في أبعاد وجوانب متعددة من أهمها المشاركة السياسية في صنع القرار ، والشفافية والوضوح ، وسيادة القانون .
(2) ومن هذه التعريفات ما يقول : "إن الإصلاح السياسي هو مجموعة من الإجراءات التي تعزز مشاركة المواطنين في صنع القرار، وتقوية المؤسسات الديمقراطية ، مع ضمان عدم التغول من قبل السلطة التنفيذية على باقي السلطات" ، وهناك من اعتبره : تلازماً في العلاقة بين معاني المفهوم وتطبيقه على أرض الواقع خدمة للصالح العام ، ولتنمية القدرات البشرية المتمثلة بالمواطنين ، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم واستمرارية اعتزازهم بشخصيتهم الوطنية ، والحفاظ على هويتهم الوطنية وذاكرتهم التاريخية وتراثهم الوطني الذي يدفعهم باستمرار لمزيد من العطاء لوطنهم والحفاظ على مصالحه العليا ، بمعنى زرع الوازع الوطني وتنميته وتطويره لتبقى مصالح الوطن مقدمة على المنافع الشخصية، بحيث يقود هذا الإصلاح المنشود للحد المطلوب من الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي الذي يترك آثاراً إيجابية ، ويعالج السلبيات أنّى وجدت .
(3) وعرفته الموسوعة السياسية بأنه :" تعديل أو تطوير غير جذري في شكل الحكم أو العلاقات الاجتماعية دون المساس بأسسها، وهو تحسين في النظام السياسي ، وإنه اشبه ما يكون بإقامة الدعائم التي تساند المبنى".
05 مفهوم الحكومة . لمفهوم الحكومة معنيان ، الأول لغوي والثاني اصطلاحي، وقد تم تناول هذا المفهوم في أطر تنظيرية في المجال السياسي بشكل واسع ، ولكن هذه الدراسة تقدم توضيحاً مبسطاً لمفهوم الحكومة بشكل عام وعلى الشكل الآتي :
أ . الحكومة لغة . كما عرفها قاموس ( لونجمان Longman ) هي : " مجموعة من الناس تخدم بلداً أو دولة" .
ب. الحكومة اصطلاحاً . هناك تعريفات كثيرة واختارت الدراسة منها هذا التعريف، وهو: " أن الحكومة شكل من أشكال ممارسة السلطة في المجتمعات" ، كما أن المقصود من كلمة حكومة :"هو نظام الحكم أي ممارسة السلطة صاحبة السيادة لوظائف الدولة" ، وتتكون الحكومة من مجموع السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، والتي يقف على رأسها في الأردن جلالة الملك بموجب الدستور الأردني ، ومن أشكال هذه الحكومات التي تمارس الحكم : الحكومات البرلمانية التي حثّت الرؤى المكية في الأوراق النقاشية إلى الوصول إليها تحقيقاً لمبادئ التطور الديمقراطي المنشود .
الفصل الأول
يشتمل هذا الفصل على ثلاثة مباحث ، حيث ستتناول الدراسة في المبحث الأول أهمية الحكومات البرلمانية في تطوير العملية الديمقراطية في النظام السياسي ، وفي المبحث الثاني سيتم تناول مسوغات طرح الأوراق النقاشية الملكية ، وفي المبحث الثالث يتم تناول مرتكزات الإصلاح السياسي في الأوراق النقاشية .
المبحث الأول
أهمية الحكومات البرلمانية
مقدمة . تتبوأ الحكومة البرلمانية في الدول المتقدمة مكانة على درجة كبيرة من الأهمية ، ولها أدوار مهمة في تسيير شؤون الدولة ، إلا أن الأمر لا يعني غياب السلطة التشريعية أو تغييبها نظراً لأهمية الدور التشريعي لمجلس النواب من حيث التشريع والرقابة على أعمال الحكومة البرلمانية ، وما زال الجهدُ موصولاً ، حيث تواصل مسيرة العملية السياسية في الأردن جهودها وعلى كل المستويات من أجل تحقيق هدف الوصول إلى تشكيل الحكومات البرلمانية ، الذي لم يصل مستواه المأمول بعد ، بسبب عدم زوال الأسباب ومنها : ضعف البنية الحزبية السياسية في مجلس النواب ، ورغم تخطي بعض العقبات وتجاوز بعض الصعوبات من خلال تشريعات سعت لتمهيد السبل لقيام حكومات برلمانية ، إلا أن الحالة السياسية القائمة ما تزال أقل من مستوى الطموح ، ولم تصل إلى مستوى رؤى جلالة الملك في أوراقه النقاشية السبع ، حيث أكدت هذه الرؤى على أن قيام الحكومات البرلمانية يتطلب توافر خصائص متعددة من أهمها: وجود مجلس نواب منتخب وكفؤ، حيث أن النواب هم ممثلو الشعب والأمة، ومن هنا تأتي أهمية دورهم من خلال هذا التمثيل الذي يشكل أحد الأعمدة المهمة في النظم السياسية المتقدمة، بحيث يعكسون من خلال ممارساتهم الحقيقية لأدوارهم في المجلس النيابي مزيداً من صور المشاركة والإرادة السياسية الشعبية لقواعدهم الانتخابية ، فأهمية النواب تتأتى من ممارستهم لأدوارهم الحقيقية ، وليس من صفاتهم الشخصية ، ومن مدخرات أموالهم ، وإدارات مشاريعهم الخاصة ، وهنا يجدر الانتباه أن النائب في مجلس النواب هو نائب وطن وممثل لكل الأردنيين قبل أن يكون نائباً لدائرة انتخابية بعينها ، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية خدمة دائرته الانتخابية كجزء من الوطن .
والنظام السياسي في الأردن نظام نيابي ملكي وراثي ، حيث تُناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة بغرفتيه ( النواب والأعيان) ، ويعطي الدستور حقاً للملك وميزة بأن لا يخضع لأية مساءلة سياسية فهو رأس السلطات الثلاث ، ويمارس سلطاته الدستورية من خلال وزرائه بإرادة ملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين ، ويبدي الملك موافقته بتثبيت توقيعه فوق التواقيع المذكورة ، بينما يمارس رئيس الحكومة ( رئيس الوزراء ) سلطاته من خلال تولي مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية ، باستثناء ما عُهِد أو يُعْهَدْ به من تلك الشؤون بموجب الدستور أو أي تشريع آخر إلى أي شخص أو هيئة أخرى ، ومثال ذلك ما عهد به الدستور من مسؤوليات إلى الملك ، ومن هذه المسؤوليات :
أ . الملك هو القائد الأعلى للقوات ( البرية والبحرية والجوية) ، وهو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات .
ب. الملك هو الذي يصدر الأوامر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون.
ج. الملك هو الذي يدعو مجلس الأمة إلى الاجتماع ويفتتحه ويؤجله ويفضه وفق أحكام الدستور .
وتعتبر الحكومات البرلمانية من أهم أركان الدولة والنظام السياسي ، وكلما اتسمت هذه الحكومات بالفاعلية في أداء مهامها إلى جانب السلطتين التشريعية والقضائية مع مراعاة الفصل المرن بين السلطات ، كلما كانت ناجحة بامتياز .
متطلبات الحكومة البرلمانية . أثبتت تجارب الدول التي تمكنت من تشكيل حكومات برلمانية أن الوصول إلى هذا المستوى الديمقراطي المتقدم يحتاج إلى المرور بمراحل متعددة من أهمها : مرور التجربة من خلال دورات برلمانية عبر سنوات تساعد على تبلور العمليات السياسية المتعلقة بأهمية وجود أغلبية حزبية ناضجة تتمكن من تشكيل الحكومة البرلمانية ، مثلما تحتاج إلى قطاع حكومي متطور من حيث الكفاءات والقدرات ، وإلى أعراف برلمانية متجددة تجعل من النظام الداخلي لمجلس النواب نظاماً أكثر تطوراً في التعاطي والتعامل مع هذا الشكل من الحكومات بهدف التعاون لتوفير آليات تسهل وتساعد على تشكيل الحكومة البرلمانية التي يقع على عاتقها حمل كبير في تطوير العملية السياسية التي تجعل من النظام السياسي نظاماً يتناغم مع النظم السياسية العالمية المتطورة .
وحيث أن البيئة السياسية في الظروف الحالية في الأردن لم تتهيأ بعد للوصول إلى تشكيل هذا المستوى من الحكومات البرلمانية ، فإن الأوراق النقاشية قد طرحت بدائل منطقية كخطوة على الطريق قد توصل من خلال تكرار الدورات البرلمانية إلى الهدف ومن أهمها : تشكيل الكتل البرلمانية في مجلس النواب ، سعياً لإيجاد فهم سياسي مشترك يفضي إلى تعاون مشترك يهيئ للمساعدة في اختيار رئيس الوزراء ، ويساعد في تحديد اختصاصاته ، حيث أن الشكل الحالي في الدستور ينص على أن : " الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ، ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب من رئيس الوزراء .
وسعياً من جلالة الملك في رؤاه وتطلعاته السياسية فهو يحث على التوجه نحو بناء الحكومات البرلمانية ، وقد وضع جلالته رؤية استراتيجية سياسية تُعنى بتغيير آلية اختيار رئيس الوزراء كأنموذج ديمقراطي أردني وفقاً للمعايير الآتية :
01 إن رئيس الوزراء الذي سيتم اختياره ليس من الضروري أن يكون عضواً في مجلس النواب ، وسيتم تكليفه بالتشاور مع ائتلاف الأغلبية من الكتل النيابية .
02 إذا لم يبرز ائتلاف أغلبية واضح من الكتل النيابية ، فإن عملية التكليف ستتم بالتشاور مع جميع الكتل النيابية .
03 وبدوره ، سيقوم رئيس الوزراء المكلّف بالتشاور مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة والاتفاق على برامجها، والتي ينبغي عليها الحصول على ثقة مجلس النواب ، والاستمرار في المحافظة عليها .
وهذا يتطلب بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مطالب المجتمعات المحلية في إطار برامج وطنية قابلة للتطبيق تستمر لأربع سنوات (مدة دورة مجلس النواب) ، وتكون قادرة على تحصيل مزيد من المقاعد تحت قبة البرلمان ، كما يتطلب وجود جهاز حكومي كفؤ يتسم بالمهنية والحياد ، مثلما يتطلب تغييراً في الأعراف السياسية البرلمانية لمجلس النواب الأردني، ويتأتى ذلك من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب، بحيث تصبح الحكومة برلمانية بمعنى المصطلح السياسي حينما تتمكن هذه الحكومة الممثلة برئيسها ووزرائها الجدد بالنهوض بالمسؤولية السياسية عن إدارة شؤون الدولة كاملة، فإذا توافرت هذه المتطلبات ، عندها ستكون الفرصة مهيأة لإشراك النواب كوزراء ، ومع أن النظم السياسية البرلمانية تسمح بالجمع بين النيابة والوزارة ، وكذلك الدستور الأردني، فقد مورست عملية إشراك النواب كوزراء في الحكومة الأردنية مرة واحدة في عهد الراحل جلالة المغفور له الملك الحسين ، ولم تمارس ثانية لأسباب متعددة من أهمها : عدم وجود أحزاب ذات برامج سياسية واضحة ومحددة قادرة على استقطاب أصوات الناخبين ، فلهذا جاء الطرح الملكي في الأوراق النقاشية ، بحيث إذا لم تتوافر مثل هذه البيئة السياسية فإن تشكيل الكتل النيابية في مجلس النواب قد يسرع العملية السياسية خطوة أو خطوات باتجاه الحكومات البرلمانية .
المبحث الثاني
مسوغات طرح الأوراق النقاشية
تشكل الرؤى الملكية التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني في الأوراق النقاشية استراتيجية عمل إصلاحي يعكس أبعاداً سياسية على المستوى الاستراتيجي لمسيرة العملية السياسية في النظام السياسي الأردني ، وربما يحتاج مثل هذا البرنامج إلى توفير متطلبات قد تأخذ أوقاتاً زمنية متفاوتة ، ربما تطول أو تقصر اعتماداً على مدى بلوغ بعض مكونات العملية السياسية مراحل النضج السياسي والوعي الثقافي الوطني ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على الساحة السياسية في الأردن يتلخص في : ما الذي حدا بالملك لتناول مثل هذه المواضيع ذات الأبعاد المتعددة والمتنوعة، ويطرح رؤى ملكية إصلاحية تفضي إلى التطوير والتحديث في مجالات التشريع والقرارات السياسية ؟ ، وبإشارات واضحة لتعزيز الوعي والتثقيف الوطني على مدار خمس سنوات من المناقشة استمرت ما بين الأعوام (2012 م – 2017م ) من خلال سبع أوراق أطلق عليها جلالته الاوراق النقاشية .
إن التحليل المعمق والقراءة لما بين السطور في هذه الأوراق ، سيقود بالضرورة إلى استقراء الأسباب والمسوغات التي جعلت رأس الدولة يعمد إلى قيادة الإصلاح السياسي بنفسه بمثل هذا الطرح الفكري السياسي العميق والمتقدم للخوض في قضايا ذات علاقة مباشرة بمستقبل الأردن وإصلاح وتطوير نظامه السياسي ، وفق أفكار تستند إلى تنظير سياسي عميق وعلمي ومنطقي وقابل للتطبيق .
وقد تقصُر هذه الدراسة عن استقراء كل الأبعاد والمبررات والمسوِّغات التي حَدَتْ بجلالة الملك إلى طرح مثل هذه الأوراق التي جاءت محملة بأفكار تأتي في أطر سياسية مختلفة تتراوح بين الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي بإرادة سياسية ملؤها التطلع إلى أردن أفضل وأكثر تقدماً وازدهاراً على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، ليُقَارن في تطوير العملية الديمقراطية في نظامه السياسي بالدول التي أحرزت تقدماً مشهوداً على طريق الإصلاح السياسي، ولكنها – اي الدراسة – ستجتهد لوضع ما تمكنت أن تصل إليه استقراءات الباحث للرؤى الملكية في هذه الأوراق النقاشية ، ومحاولة فهم ما يدور في خلد جلالة الملك والهدف من هذه الأوراق التي جاءت على شكل مقالات ومناقشات ، ويمكن تلخيص هذه المسوِّغات على النحو الآتي :
01 تطلع جلالة الملك إلى بناء رؤية وتصور ملكيين لتطوير العملية السياسية والدفع بمسيرة العملية الديمقراطية في النظام السياسي الأردني لتستجيب إلى مطالب المواطنين السياسية في ظل ظروف كان ما يسمى بالربيع العربي قد بلغ في بعض البلدان العربية شأواً قصُرت بعض إمكاناتها السياسية عن التعامل الناجح معه ، حيث هدفت الرؤى الملكية الإصلاحية في الأوراق النقاشية إلى ردم الهوة وإغلاق الثغرات السياسية قبل أن تتوسع بين مؤسسات صنع القرار ومطالب المواطنين (Demands) السياسية والاقتصادية ، من خلال إذكاء روح الحوار بين طرفي المعادلة المتمثلة في المؤسسات الرسمية والمواطنين ، وإيجاد قواسم مشتركة تجمع تبادل الادوار على الثقة والتعاون بين مكونات العملية السياسية .
02 رؤية جلالة الملك بأنه آن الأوان للتحرك بجدية نحو محطات رئيسة على طريق إنجاز الديمقراطية ، حيث أشار جلالته إلى وجود بعض الممارسات التي تحتاج إلى تطوير معبراً عن عدم رضاه عنها ، وشعوره بعدم الجدية الكافية في التعامل مع العملية السياسية في الأردن .
03 إيمان جلالته بأهمية الحوار والنقاش المثمر الجاد الذي يشكل واحداً من مرتكزات نجاح الديمقراطية .
04 إيمانه بضرورة تطوير مفهوم المواطنة الصالحة التي تعتبر حجر الأساس لديمقراطية حيّة وفاعلة .
05 تشتُت جهود العمل الحزبي وضعف أدائه ، وعدم إحرازه تقدماً نحو مستويات من التعاون مع مكونات العملية السياسية تمكنه من الحصول على أغلبية حزبية توصله لتشكيل الحكومات البرلمانية ، حيث ما زالت الأحزاب تراوح مكانها مكتفية بإطلاق الشعارات ، دون سعي حثيث إلى ابتكار برامج سياسية تمكنها من الإسهام بفاعلية في النهوض وتطوير العملية الديمقراطية ، وتحقيق أهداف الحزب بالوصول إلى السلطة.
07 تشتت وضعف أداء مؤسسات المجتمع المدني ، وتراجع أساليب ووسائل التنشئة الاجتماعية والسياسية ، وعدم نهوضها بدورها بالصورة التي تعزز فيها نفسيات الأجيال التي من المفروض أن تصبح مؤهلة لممارسة دورها القيادي على طريق تطور الأردن .
08 إيمان جلالة الملك بضرورة اجتراح استراتيجيات وخطط لمعالجة القضايا المهمة التي أخذت تتبلور بشكل ملفت ، وتترك آثارها السلبية على حياة الأجيال والمواطنين، ومن أهمها قضايا الفقر والبطالة ، وعدم توافر فرص العمل الكافية للعيش الكريم ، مما ولّد صوراً من الإحباط لدى نفسيات الشباب والمواطنين الأردنيين على حد سواء .
09 بروز بعض الممارسات السلبية عند إجراء العمليات الانتخابية مثل استخدام المال الأسود في ظل استغلال بشع لصوت المواطن الانتخابي ، وشرائه ببخس الأثمان في بيئة فيها بعض العوز وضعف النفس إزاء الإغراء بالمال ، مما كرّس شكلاً من عدم الثقة ببعض النواب ، وشكّك بقدرات المجالس النيابية المتعاقبة .
010 تطلع جلالته إلى وجود كتل برلمانية فاعلة تقوم على أسس برامجية حقيقية تملأ مكان التجارب الحزبية التي قَصُرت لغاية الآن عن تحقيق أغلبية حزبية في مجلس النواب تمكنها من تشكيل الحكومات البرلمانية ، وإدراك جلالته إلى أن الترابط المصلحي والعلاقات الشخصية لن توصل إلى حكومات برلمانية حقيقية .
المبحث الثالث
مرتكزات الإصلاح السياسي في الأوراق النقاشية
تتبلور هذه المرتكزات في العديد من الأفكار التي طرحها جلالة الملك لتشكل أرضية صُلبة تنطلق منها خطوات الإصلاح السياسي وتستند إليها في تطوير وتحديث العملية الديمقراطية ، ويمكن تلخيصها على النحو الآتي :
01 تعزيز مبدأي الحوار والتوافق بحيث يقودان إلى صهر الاختلافات ، واعتبار أن الاختلاف في الآراء هو الدافع الأهم للحوار الذي لا بد وأن يفضي إلى تحقيق ما يمكن مما نريد وليس كل ما نريد من استحواذ على كل شيء .
02 قبول التنوع السياسي . والقيام بمبادرات بناءة تستند إلى حوار منفتح ، ومنافسات شريفة ، وقرارات واعية ، بحيث تشكل أساساً صُلباً لنظام ديمقراطي حقيقي .
03 تطوير ممارسات ديمقراطية حقيقية تقود إلى تعزيز وترسيخ مفهوم المواطنة الصالحة التي تشكل المرتكز الأساس في البناء الديمقراطي .
04 المشاركة السياسية الفاعلة في الانتخابات النيابية . التي تستند إلى حق كل مواطن في الإدلاء بصوته، شريطة إدراك أهمية هذا الصوت الذي يشكل أساساً في الدفع بنخبة سياسية يفترض أن تكون على قدر من الكفاءة من الشخصيات التي ترشح نفسها لمجلس النواب ، وقادرة على بلورة أبعاد أعمق لفهم ديمقراطي متجدد ومتطور ، ذلك لأن هذا الصوت الانتخابي هو الذي سيوصل المرشح الأكثر كفاءة ليصبح نائباً يخدم الوطن والمواطن ، فإذا أُجيد استخدام هذا الصوت ، وتم توظيفه التوظيف الصحيح من خلال منحه لمن يستحق ، فإن هذا يشكل أسهاماً فاعلاً في دفع المسيرة الديمقراطية المتجددة .
05 تحمل المسؤولية من قبل النواب . بحيث يكون تنافسهم عند الترشح هو مصلحة الوطن والمواطن ، ويكون هذا التنافس من أجل سن تشريعات، واتخاذ قرارات سياسية وغير سياسية لها مساس إيجابي بحياة الأردنيين جميعاً ، لا أن يكون التنافس من أجل مكاسب شخصية يحصلون عليها لأنفسهم فقط .
06 انتخابات جادة ونزيهة وشفافة . بحيث تتمكن هذه الانتخابات من تهيئة البيئة السياسية المناسبة لإجراء إصلاحات سياسية حقيقية وتمكن الناخب من أن يضع ثقته بالمرشح الذي يحترم صوته ، ويشركه معه في المساهمة بصنع قرار صائب وسليم يصب في معالجة قضايا الوطن المتنوعة والمختلفة .
07 الحوار المبني على الثقة المتبادلة بين الناخب والمرشح . بحيث يجري حوار حقيقي بين المواطن وبين المرشح الذي سيصبح نائباً من جهة ، وبين مجلس النواب المنتخب وأطراف العملية السياسية التي يكمل بعضها بعضاً من جهة ثانية ، فالحوار الحقيقي هو الذي يقود إلى بناء تفاهمات تجترح حلولاً منطقية وتوافقية تحقق مصالح كل المواطنين على حد سواء .
08 ترسيخ المبادئ والممارسات الديمقراطية في السلوك السياسي والاجتماعي للمجتمعات، وقد بلورها جلالة الملك فيما يأتي :
أ . احترام الرأي والرأي الآخر .
ب . اقتران وتلازم قيم المواطنة مع واجب المساءلة .
ج. الحوار والتوافق واجب وطني مستمر .
د. الناس شركاء في التضحيات والمكاسب .
09 التطور والارتقاء بالقوانين . من خلال السعي لتعزيز مفاصل دستورية وقانونية تتلاءم وتتناغم مع التحولات الحديثة، حيث تم إجراء تعديلات دستورية شملت العديد من المواد في الدستور ، كما تم إنشاء المحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة للانتخاب للإسهام بفاعلية في رسم مستقبل الوطن، على أسس من الشفافية والعدالة والتشاركية الحقيقية.
010 تطوير النهج الذي يحكم العلاقة بين المواطن والجهاز الحكومي ومجلس النواب. مما يقود إلى تسهل الدخول في مرحلة الحكومات البرلمانية .
011 تطوير العملية الانتخابية، ووضع قانون عصري للانتخاب. من أجل الوصول إلى أغلبية حزبية تمكن الحزب الفائز بهذه الأغلبية أو ائتلاف أكثر من حزب في تشكيل الحكومة البرلمانية القادمة .
012 تطوير الكيفية والآلية التي يتم من خلالها اختيار رئيس الوزراء والفريق الوزاري، وذلك من خلال إيجاد البيئة السياسية الأكثر ملاءمة لإنجاح العملية السياسية ، وذلك من خلال :
أ. تطوير أحزاب سياسية على أساس برامجي .
ب. استقطاب غالبية أصوات المواطنين.
ج . توافر قيادات سياسية قادرة على تحمل أمانة المسؤولية .
013 تطوير معايير للحكومة البرلمانية . في ظل عدم توافر البنية الحزبية السياسية البرامجية ، فقد بلور جلالته عدة معايير لبناء الحكومات البرلمانية ، تتلخص في الاتي :
أ. ليس بالضرورة أن يكون رئيس الوزراء عضواً في مجلس النواب ، ولكن سيتم تكليفه بالتشاور مع ائتلاف الأغلبية من الكتل النيابية في المجلس .
ب. إذا لم يبرز ائتلاف أغلبية واضح في مجس النواب ، فإن عملية التكليف ستتم بالتشاور مع جميع الكتل النيابية .
ج. يقوم رئيس الوزراء المكلف بعد اختياره بالتشاور مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة والاتفاق على برامجها ، وعلى هذه الحكومة أن تحصل على ثقة مجلس النواب ، وتستمر في المحافظة على هذه الثقة .
014 تطوير الخبرات المتراكمة وتفعيل الأداء . حيث يتطلب نجاح التحول الديمقراطي والوصول إلى الحكومات البرلمانية إلى ما يأتي :
أ . الحاجة إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة تستند إلى برامج سياسية واضحة ، ولها أهداف معينة توصلها إلى تحقيق أغلبية حزبية في مجلس النواب ، وعند بلوغ مثل هذا المستوى ، عندها يمكن إشراك نواب ليكونوا وزراء في الحكومة المشكّلة .
ب . الحاجة إلى عمل حكومي متطور يستند إلى المهنية والحياد.
ج. تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بهدف تطوير بعض الأعراف السياسية والبرلمانية .
015 تعميق نهج الحكومات البرلمانية . حيث لا بد لهذه التجربة من أن تنضج عبر تطور العمل الحزبي من خلال توالي الدورات البرلمانية .
الفصل الثاني
تطوير أداء مكونات العملية السياسية
(الأحزاب السياسية، مجلس النواب ، مجلس الوزراء ، الملكية ، بناء المواطن الواعي) ،
والإنجازات في ضوء الرؤى الملكية
المقدمة . ركزت الأوراق النقاشية بعامة والورقة الثالثة بخاصة على تناول أداء مكونات العملية السياسية في النظام السياسي الأردني، حيث نص الدستور الأردني على أن لكل مكون دوراً رئيساً ، وعليه واجبات وله حقوق في تسيير العملية السياسية ، ويترتب على كل مكون النهوض بالواجبات والسعي لنيل حقوقه ، وبذل المزيد من الجهد لتطوير التوجه الديمقراطي وتحديث النظام السياسي وبناء المواطن وتعزيز المواطنة الصالحة في الأردن .
تقوم هذه الأدوار المناطة بالمكونات على أشكال من الترابط والتلازم فيما بينها بحيث يسند كل منها الآخر ويكمله ، وكل دور لا يقل أهمية عن الآخر في السعي للوصول إلى الحكومات البرلمانية التي تعتبر لب الإصلاح السياسي المنشود ، وقد اجترحت الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية أفكاراً واستراتيجيات وحلولاً قابلة للتطبيق تأخذ بيد النظام السياسي وبمكونات العملية السياسية باتجاه الإصلاح والتغيير والتحديث السياسي بغية تحقيق هدف سياسي كبير يتمثل بتطوير العملية الديمقراطية في الأردن ، والوصول إلى تشكيل الحكومات البرلمانية التي ستضع الأردن على خطوط الرقي السياسي بين وحدات النظام الدولي الحديثة .
يعالج هذا الفصل تطوير الأداء في مكونات العملية السياسية ، والإنجازات التي تمت في ضوء الطروحات الملكية من خلال ثلاثة مباحث، حيث سيتناول المبحث الأول الرؤى الملكية لكيفية تطوير أداء مكونات العملية السياسية في النظام السياسي الأردني ، من خلال تشخيص الواقع السياسي والاجتماعي لمكوني الأحزاب السياسية ومجلس النواب ، ثم قدم رؤى وأفكاراً واستراتيجيات لتطوير هاتين الركيزتين الأساسيتين في النظام السياسي ، ثم سيتناول المبحث الثاني تطوير دور وأداء مكونات العملية السياسية الأخرى للعملية السياسية وهي: تطوير دور وأداء مجلس الوزراء، وتطوير الملكية الدستورية الهاشمية، وبناء المواطن الصالح الواعي ، حيث شخص جلالته واقع هذه المؤسسات، وقدم أفكاراً واستراتيجيات متطورة لتحديثهما وتطويرهما ، ثم تناول المبحث الثالث الإنجازات التي تمت في ضوء الرؤى الملكية ، وتُرْجِمت على شكل تشريعات أو قرارات سياسية من أجل تطوير العملية الديمقراطية وتحديث النظام السياسي في الأردن .
المبحث الأول
الرؤى الملكية في تطوير أداء مكوني العملية السياسية
(الأحزاب السياسية ، ومجلس النواب)
استناداً لما تقدم تجتهد هذه الدراسة في استقراء الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية ، واستخلاص الأفكار والاستراتيجيات والحلول التي بينتها الرؤى الملكية لتطوير أداء مكونات العملية السياسية ، حيث ستتناول في هذا المبحث مكوني العملية السياسية (الاحزاب السياسية ومجلس النواب) وعلى الشكل الآتي :
01 تطوير الأحزاب السياسية . يتطلع جلالته إلى قيام حركة حزبية قائمة على الأداء الوطني الفاعل من خلال برامج حزبية سياسية واجتماعية تحمل فكراً وطنياً حقيقياً ينفع البلاد والعباد، ويستند إلى الواقع بعيداً عن الشعارات ، ومن خلال هذا التشخيص للواقع الحزبي السياسي تتبلور الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية لإسناد وتطوير أداء ودور الأحزاب على النحو الآتي :
أ . المشاركة من قبل الجميع . فقد أشار جلالة الملك في الورقة النقاشية الرابعة إلى أن الواجب يقتضي من الجميع المشاركة في الحياة المدنية والسياسية بشكل يومي ، حاثاً المواطنين على الانضمام للأحزاب السياسية ، حيث وصل عدد الأحزاب في الأردن إلى حوالي (47) حزباً في عام 2018م ، وزادت خلال الأربع سنوات التي تلت لتصل إلى (56) حزباً في عام 2022م .
وقد تنوعت هذه الأحزاب لتشكل طيفاً سياسياً أردنياً متنوع التوجهات السياسية ، حيث قامت بعض الأحزاب بتشكيل بعض الائتلافات منها : ( المحافظ والوسط ) وهو القريب من السلطة ، والإسلامي ( الذي يصنف باليمين) ، والقومي ، واليساري ، حيث يوجد على الساحة السياسية في الوقت الحالي (5) ائتلافات حزبية قابلة للزيادة أو النقص حسب الواقع السياسي ، وتتوزع على الشكل الآتي :
(1) تيار الأحزاب الوسطية ، ويتألف من (12) حزباً .
(2) تيار الأحزاب اليسارية والقومية.
(3) تيار الأحزاب الإصلاحية .
(4) ائتلاف الأحزاب الوطنية .
(5) تيار التجديد .
وفي ظل التجاذب السلبي في كثير من الأحيان بين هذه الأحزاب والتكتلات الحزبية المتعددة ، لابد وأن يترك التنافس غير المرغوب آثاراً غير إيجابية على التطور في العمل الحزبي ، والذي من الواجب على الأحزاب المتنافسة - ومن منظور وطني - أن تأخذه بعين الاعتبار وتراجع برامجها وسياساتها ، وأساليبها في المنافسة التي تقود إلى تصدرها للعملية السياسية الحزبية على الساحة السياسية ، وعلى طريق الترشح للحصول على الأغلبية الحزبية في مجلس النواب .
ب . وجود عدد معقول من الأحزاب . وذلك بدلاً من هذا الزحام والتنافس والتسابق الحزبي لتأسيس وإنشاء المزيد من الأحزاب التي لا يغني بعضها ولا يسمن من جوع ، لذا فإن وجود عدد منطقي ومعقول من الأحزاب ذات البرامج السياسية القوية ، وتشكيلها ائتلافات حزبية معتبرة تمكنها من تحقيق أهداف الحزب بالوصول إلى السلطة من خلال تلمس الطرق واتباع الأساليب والأعراف السياسية التي تقود إلى تحقيق الأغلبية في مجلس النواب وصولاً لتشكيل الحكومات البرلمانية .
ج . السعي للوصول إلى التوافق النيابي . بمعنى أنه عند وصول عدد من الأحزاب إلى قبة البرلمان ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار ضرورة السعي والبحث عن السبل التي تفضي إلى توافق نيابي من خلال ائتلافات حزبية لتحقيق الأغلبية أو من خلال المشاركة في كتل نيابية تستند إلى برامج سياسية تقدمها كأحزاب فاعله يمكنها تولي قيادة العملية السياسية بعيداً عن الانقسامات والسعي لتحقيق المنافع الشخصية ، وذلك بأن يأخذ الحزب مكانه الصحيح ، وينهض بدوره لإفراز حكومات برلمانية قوية وممثلة ومستقرة .
د. تحفيز الأحزاب ذات البرامج والامتداد الشعبي . بمعنى أن يكون هناك أحزاب تستند إلى برامج سياسية تمكِّن قواعدها الانتخابية من محاسبتها على هذه البرامج بعد الحصول على مقاعد في مجلس النواب ، بحيث تتمكن هذه البرامج من إقناع الناخبين بجدواها السياسية ، وتشكل جاذباً يقود الناخبين للمشاركة السياسية من خلال التوجه إلى مراكز الاقتراع ، والإدلاء بأصواتهم عن قناعة بالبرنامج الحزبي ، وليس انطلاقاً من قناعات أخرى ، وهذه القناعات تعود على المواطن الواعي الذي ينبغي أن يضع صوته حيث يثمر وطنياً ويعود عليه وعلى دائرته الوطنية الانتخابية بالنفع ، وحتى ينجح هذا التحفيز لا بد للأحزاب من إجراءات يمكن تلخيصها على النحو الآتي :
(1) الالتزام بالعمل الجماعي والمبادئ المشتركة، والاهتمام بالأولويات السياسية ، والتوجه نحو تشكيل الكتل النيابية الحقيقية .
(2) ضرورة سعي الأحزاب للإسهام بفاعلية في صياغة رؤية وطنية تتسم بالحياد السياسي لصالح الوطن ، بعيداً عن الصراعات على المصالح عند الوصول إلى المجلس النيابي ، بحيث يرشدنا هذا الحياد إلى أن نكون موضوعيين أكثر فيما يخص الرؤية الوطنية الحقيقية ، حتى يتمكن الحزب القوي والأقل قوة من الإسهام بموضوعية في صياغة الرؤية الحقيقية التي تشكل مطلباً وطنياً ملحاً يفضي إلى الازدهار والأمن والاستقرار للنظام السياسي .
(3) تبني الأحزاب لبرامج سياسية تشكل مرجعية لقواعدهم الانتخابية ، ومساءلة النائب على إنجازه بناء عليها ، لتتعزز الثقة بالنائب كشخص وبمجلس النواب كمؤسسة سياسية لها دور فاعل في العملية السياسية وبخاصة التشريعية .
02 تطوير أداء مجلس النواب . وذلك من خلال ما يأتي :
أ . تعزيز مبدأ المتابعة والمساءلة . وذلك بتهيئة البيئة السياسية لتنمية مبدأ المتابعة والمساءلة وترسيخهما في الثقافة السياسية للناخب الذي أوصل بصوته المرشح ليصبح عضواً في مجلس النواب ، ويمكن استقراء ذلك في الأفكار المتميزة التي طرحها جلالة الملك في اوراقه النقاشية وعلى الشكل الآتي :
(1) أن يكون هدف المرشح الحزبي الذي سيصبح نائباً هو خدمة الصالح العام بحيث تحتل هذه الخدمة الأولوية الأولى في برنامجه الانتخابي ، بمعنى أن يهدف إلى أن يكون نائب وطن ، دون إغفال لحاجات دائرته الانتخابية التي أفرزته كعضو في مجلس النواب على اعتبار انها جزءٌ مهم في هذا الوطن ، ولكن بدون تحيز أو تخندق ، على اعتبار أن خندق الوطن للجميع ، وليس للدائرة الانتخابية فقط ، شريطة توافر العدالة في التوزيع بين المواطنين في الدوائر الانتخابية والوطنية .
(2) أن يتعامل النائب بإدراك أعمق مع ما يجري من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية ، وأن يكون لديه القدرة على إيجاد توازن بين المصالح الوطنية العليا وبين المطالب السياسية للمواطنين من خلال اقتراح حلول مستدامة تتوخى الصالح العام ، مع الأخذ بعين الاعتبار خدمة الدائرة الانتخابية ، بمعنى أن تتوافر لدى النائب الإمكانات والقدرات بحيث يسعى بجديه إلى اجتراح أفكار وحلول لقضايا الوطن وبخاصة الفقر والبطالة ، وليس أن ينحصر همه في الحصول على عدد محدود من الفرص الخدمية والوظائف والميزات الشخصية ولدائرته الانتخابية فقط، مع أن الدراسة تتفهم الواقع الصعب في هذا الخصوص الذي يجعل النائب بين ناري المصالح الوطنية والمطالب الشعبية الخاصة ، حيث أن القواعد الانتخابية الشعبية لا ترحم ، وكل يريد في الظروف الحالية "إزاحة النار على قرصه" .
ب. التعاون البنّاء بين الموالاة والمعارضة والتوجهات المستقلة . وذلك على اعتبار أن النواب من مختلف هذه التوجهات السياسية هم جزء مهم من المعادلة السياسية في النظام السياسي الأردني ، وتناط بهم أدوار مهمة من خلال ممارساتهم السياسية كأعضاء في السلطة التشريعية وبخاصة في مجلس النواب ، ومهمتهم الأولى جميعاً هي مساءلة الحكومات ، والمأمول من هذه التوجهات السياسية الآنفة الذكر أن تسعى للتوافق على بلورة رؤية وطنية عقلانية وواضحة ، وناضجة تستند إلى برامج سياسية هادفة وبناءة ، وتقدم حلولاً بديلة ومعقولة ومنطقية وقابلة للتطبيق "، بعيداً عن التنظير السياسي الموغل إلى حد التعجيز للنظام السياسي بما فيه الحكومة في بعض الأحيان ، وقد يفوق قدرات الوطن وقدرات النظام السياسي برمته .
ج . موضوعية التعامل في القضايا السياسية بين النائب والحكومة . بمعنى أن تقوم العلاقة بين النواب الحزبيين والحكومة على التوازن والموضوعية عند مناقشة القضايا الساخنة التي تهم النظام السياسي وبخاصة المصيرية منها ، وأن يتم هذا التعامل بعيداً عن المناكفات السياسية والتفكير فقط بالمصالح والمكاسب الشخصية ، مما يتطلب أجراء تعديلات أو تغييرات على الأعراف السياسية والبرلمانية في النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني .
المبحث الثاني
تطوير الأداء لمكونات العملية السياسية
(مجلس الوزراء ، الملكية الدستورية الهاشمية ، والمواطن الواعي) .
01 الرؤى الملكية لتطوير أداء مجلس الوزراء . يشكل مجلس الوزراء طرف المعادلة التنفيذي من بين مكونات العملية السياسية ، وقد طرحت الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية أفكاراً مهمة على طريق تطوير أداء مجلس الوزراء بمن فيهم رئيس الوزراء ، حيث كان يتم اختيار رئيس الوزراء من قبل جلالة الملك وفقاً لمعايير يراها جلالته من حيث الكفاءةُ السياسيةُ والإداريةُ والقدراتُ الذهنية والبدنية ، والإمكاناتُ والمواصفاتُ القياديةُ التي يراها في الرئيس المعين ، والتي تمكنه من قيادة فريقه الوزاري ، وقد طرح جلالةُ الملك في الورقة النقاشية الثالثة اقتراحات لتطوير دور وأداء رئيس الوزراء والوزراء على الشكل الآتي :
أ . تطوير آلية جديدة تقوم على أساس التشاور المسبق مع مجلس النواب للتوافق على تكليف رئيس الوزراء .
ب . بعد الاتفاق على التكليف يقوم رئيس الوزراء المكلف بالتشاور مع أعضاء مجلس النواب على تشكيل فريقه الوزاري .
ج. يتشاور رئيس الوزراء المكلف أيضاً مع أعضاء مجلس النواب على البيان الوزاري الذي سيشكل برنامج عمل الحكومة الجديدة ، وينبغي أن يحاسبه المجلس بناء على هذا البيان الوزاري .
د. تطوير آلية منح الثقة للحكومة . حيث يتوجب على الوزارة المشكلة السعي لإيجاد أغلبية نيابية للحصول على الثقة بشخص رئيس الوزراء وفريقه الوزاري ، فيما كان سابقاً يتم حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية نيابية .
ه. تتيح آليات التطوير الجديدة إمكانية أن : يكون رئيس الوزراء المكلف وفريقه الوزاري من داخل مجلس النواب أو من خارجه ، وقد يكون مزيجاً من الحالتين معاً ، حيث أن الأعراف والممارسات السياسية في الحكومات البرلمانية المتعارف عليها عالمياً تسمح بالجمع بين الوزارة والنيابة ، وكذلك يسمح الدستور الأردني بذلك ، وقد أوضحت الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية أن ذلك ممكن ، ولكن في إطار ضوابط تتلخص فيما يأتي :
(1) إشراك النواب في الحكومة كوزراء على أساس متدرج .
(2) وجود منظومة ضبط متطورة تشرف على تطبيق مبادئ الفصل بين السلطات ، وضبط آليات الرقابة .
(3) نضج العمل النيابي الحزبي من خلال المأسسة لأعمال الكتل النيابية ، بحيث تبنى أعمالها على أسس برامجية .
(4) يرتبط كل ما ذكر أعلاه بضرورة تطوير أحزاب وطنية ذات برامج سياسية واجتماعية فاعلة ، ويكون لهذه الأحزاب امتدادٌ شعبي على مساحة الوطن ، حيث تتمكن هذه الأحزاب بعد وصول مرشحيها إلى مجلس النواب من تشكيل أغلبية حزبية تنهض بتشكيل الحكومة البرلمانية ، وكذلك تتوافر لديها الإمكانات لتشكيل ائتلاف برلماني معارض يقوم بدور حكومة الظل التي تسعى إلى تصحيح مسار الحكومات من خلال تقديم الحلول البديلة الأفضل لمعالجة القضايا الوطنية في حال قصور الحكومة البرلمانية عن الوصول إلى حلول ناجعة للقضايا الوطنية ، وذلك بعيداً عن المناكفات السياسية .
(5) وجود قطاع حكومي أكثر تطوراً ، وعلى درجة عالية من المهنية الإدارية والسياسية ، بعيداً عن تسييس الأداء ، وذلك من أجل دعم الحكومات البرلمانية في صنع القرار .
(6) سعي جميع المكونات السياسية للعملية السياسية بما فيها المواطن الواعي لتكريس الثقافة الديمقراطية .
و. تطوير مستويات متقدمة من الحوار الإيجابي والبناء بين رئيس الوزراء المكلف والنواب لغايات الحصول على دعم مجلس الأمة بغرفتيه (الأعيان والنواب) لإنجاز التشريعات الضرورية التي تساعد على تنفيذ برامج مجلس الوزراء ، يضاف لذلك تمتع رئيس الوزراء وفريقه الوزاري بأعلى درجات النزاهة والكفاءة ومهارات القيادة والإدارة ، ويدعم ذلك كله وضع معايير للعمل الحكومي المتميز ، وتبني منهج الشفافية والحاكمية الرشيدة ، وتجسيد ذلك قولاً وعملاً .
02 الرؤى الملكية في تطوير الملكية الدستورية . تشكل الملكية الدستورية في الأردن واحدة من أهم مرتكزات العملية الديمقراطية المنشودة في الأردن ، بل إنها تشكل بُعْداً مهماً في العملية السياسية في النظام السياسي ، وقد أكد جلالة الملك على أن الملكية الدستورية الهاشمية تواصل تطوير ذاتها مع الزمن ، لتستجيب للظروف والمتغيرات ولتطلعات الشعب الأردني ، وقد قدّم جلالته إطاراً سياسياً جديداً لتطوير الملكية الدستورية في النظام السياسي الأردني ، يمكن أن نستشفها من الأوراق النقاشية على الشكل الآتي:
أ . اتباع نهج يستشرف المستقبل . فالملك لكل الأردنيين ، وهو الموحد لكل الفئات المجتمعية في الأردن ، والجامع للكلمة والصف الواحد لكل الشرائح المجتمعية السياسية منها والاجتماعية ، على اختلاف اتجاهاتها وتوجهاتها وأعراقها وأجناسها، وهو القائم على حماية القيم الأردنية الأصيلة .
ب . تطوير وحماية المنظومة الوطنية للعدالة والنزاهة .
ج . بث الثقة بقدرة الأردنيين على التميز ، ودعم قصص النجاح ، وتبني المبادرات الريادية ، وتقدير الجهود الفردية والجماعية ، ودعم الإنجازات الاستثنائية .
د. استمرار الملك في الذود عن قضايا الأردن المرتبطة بالسياسية الخارجية والداخلية والأمن الوطني والقومي بصفته رأس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب الدستور ، وذلك من خلال ما يأتي :
(1) مجلس الوزراء .
(2) بقاء المؤسسة العسكرية الأردنية / الجيش العربي ، والأجهزة الأمنية والقضائية والمؤسسات الدينية العامة مستقلة.
(3) حماية التراث الديني والنسيج الاجتماعي الأردني، وصيانة الوحدة الوطنية، والانفتاح والتسامح والاعتدال ، تلك التي تجعل من الأردن واحة من الازدهار والأمن والاستقرار.
ه. شكّلت التعديلات الدستورية التي تمت في عامي 2011 – 2012 خطوة على طريق تطوير مسؤوليات الملكية ، حيث هدفت إلى تمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في صناعة القرارات التي تهم حياتهم ومستقبلهم .
و. استمرار دور الملكية في تشكيل الحكومات البرلمانية بالتوازي مع العمل على إنضاج النظام النيابي من خلال دعم وجود أحزاب سياسية قادرة على انتاج مرشحين يتمتعون بالخبرات السياسية والكفاءات القيادية ، ودعمهم للوصول إلى قبة البرلمان ، ليسهموا إسهاماً فاعلاً في قيام مجلس نواب قادر على تشكيل الحكومات البرلمانية في إطار توعية للمواطنين ليكونوا شركاء فاعلين في انتخاب مرشحين صالحين لمجلس نواب فاعل وديناميكي ، ليتمكنوا من إيجاد أغلبية حزبية قادرة على تشكيل الحكومات البرلمانية .
ز. استمرار الملكية في النهوض بدور الحامي للدستور ، والتزامها بالحياد الإيجابي لمصلحة الوطن العليا ، وتوفير الاستقرار والعدالة.
ح. استمرار الملكية بدورها المهم في تجاوز حالات الاستعصاء السياسي التي قد تحدث بين مجالس النواب والحكومات .
ط. الاستمرار في مواجهة الحالات الاستثنائية التي تتطلب حماية أمن الوطن وسيادته ووحدته ، في حال تعرضه – لا قدّر الله – إلى تهديد حقيقي لأمنه واستقراره واستمرارية نظامه السياسي .
03 الرؤى الملكية لتطوير دور المواطن . يعتبر المواطن الركن الأساس في بناء النظام الديمقراطي، حيث حثت الورقة النقاشية الثالثة المواطن على القيام بدوره المهم في العملية السياسية ، من خلال الانخراط في الحياة السياسية لتطوير نظام حزبي فاعل ، وقد أكدت الرؤى الملكية في الورقة النقاشية الثالثة على أن المواطن هو صاحب القول الفصل في إخضاع الحكومات للمساءلة ، وذلك من خلال التحكم بصوته الانتخابي ووعيه الثقافي والسياسي ومشاركته السياسية ، كما حثت الورقة النقاشية الأولى المواطنين على التمسك بالمبادىء التي تعتبر أساساً للانخراط في عملية التحول الديمقراطي التي تقوم على أسس أهمها :
أ . احترام المواطنين لبعضهم البعض .
ب. ممارسة المساءلة والمحاسبة الموضوعية من قبل الجميع وباتجاه الجميع .
ج . الحوار الصادق المنفتح البنّاء بهدف الوصول إلى حلول توافقية ، وذلك من خلال :
(1) البحث الواعي عن الحقيقة ، بعيداً عن الانطباعات والإشاعات .
(2) اجتراح الأفكار وابتكارها واقتراح الحلول البديلة ، دون اللجوء إلى التنظير السياسي عديم الجدوى ، ورمي المعاضل التي قد تؤدي إلى تعثر جهود التطوير والتحديث .
(3) التمسك بقيم المواطنة الصالحة التي تدعو إلى الضغط على مجلس النواب وعلى الحكومات بالتزاماتهم في برامجهم السياسية والعملية ، ومحاسبتهم على هذا الأساس .
(4) عدم اللجوء إلى التظاهر إلا كحل أخير للتعبير عن الرأي ، وهذا مكفول في الدستور .
(5) ممارسة المواطنين لحقهم الانتخابي في التصويت لمرشحيهم الأكْفاء والدفع بهم إلى مجالسهم النيابية والبلديات والنقابات والجامعات، وغير ذلك .
وقد أنجزت الملكية على هذا الطريق مبادرات اقتصادية وسياسية واجتماعية ، وكرّست أشكالاً من العدالة في توزيع المكتسبات ، وأكد جلالة الملك على أن هذه الرؤية المطوّرة لدور الملكية نابعة من قناعاته الذاتية منذ السنوات الأولى لتسلمه دفة المسؤولية الدستورية ، ونظرته لها على أنها جامعة ، وغير منحازة إلى أي فئة سياسية ، وتقف إلى جانب مصالح الأردن والأردنيين .
المبحث الثالث
منجزات مكونات العملية السياسية في ضوء الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية
على مستوى التشريعات والقرارات السياسية
آراء واعتبارات في الأوراق النقاشية .
01 لقد ركّزت الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية السبع في مجملها على الارتقاء بالعملية الديمقراطية في النظام السياسي الأردني ، وترسيخها كمنهج حياة سياسية لدى الأردنيين ، وإفساح المجال أمام المواطن الأردني كواحد من أهم المكونات الأساسية في العملية السياسية لينهض بدوره الحقيقي في المشاركة السياسية الفاعلة .
02 يأتي هذا الاهتمام بالمواطن على اعتبار أن النظام السياسي الديمقراطي يجعل الفرد مراقباً ومحاسباً لأداء الحكومات وأجهزتها الإدارية بشكل مباشر وغير مباشر، لا سيما من خلال العملية الانتخابية، والإدلاء بصوته الذي يشكل الوسيلة الأكثر فاعلية لإيصال النائب الكفوء إلى قبة البرلمان .
03 ويرى باحثون أن الأوراق النقاشية شكّلت استراتيجية عمل وخارطة طريق واضحة ومبنية على أساس علمي من خلال الرؤى الملكية الإصلاحية المطروحة بمنهج عقلاني مستنير يقوم على أساس الفهم الشمولي العميق لكل المعطيات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة ، وذلك باتباع سبل التحرك التدريجي العقلاني المحسوب الخطوات والمؤمن بمبدا التغيير الإيجابي .
04 لقد نجحت الرؤى الملكية في تسريع وتيرة الإصلاحات في ظل بيئة سياسية ضمت ربيعاً عربياً خاصاً بالأردن ، حيث يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الخامسة : " فقد نجحنا في إيجاد ربيع عربي أردني خاص بنا ، ومضينا في تسريع وتيرة الإصلاحات المبنية على أنموذج إصلاحي تطويري متدرج ، ويقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية " ، وقد ركّز جلالته على أن الهدف النهائي لعملية الإصلاح يُترْجَم من خلال تمكين المواطنين من القيام بأكبر دور ممكن في صنع القرار عبر ممثليهم المنتخبين .
مسارات الإنجاز. تمكنت الأوراق النقاشية من التمهيد لإنجازات عبر ثلاثة مسارات رئيسة متوازية، وعلى النحو الآتي:
01 الإنجازات التشريعية . حيث تحقق الكثير من الإنجازات التشريعية التي جسدت إصلاحات سياسية حقيقية يمكن تلخيصها كما يأتي :
أ . إقرار تعديلات دستورية تصب في بوتقة ضبط العمل لمبادئ الفصل بين السلطات الثلاث ، وتعزيز الحريات ، واستحداث مؤسسات دستورية مثل الهيئة المستقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية في عام 2012م.
ب. تحقيق شكل من أشكال الاستقرار التشريعي. مثل إنجاز قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية لسنة 2021، مما ساعد على الاستقرار التشريعي، بحيث يصوت على تعديلهما ثلثا أعضاء مجلسي الأعيان والنواب، وهذا أمر في غاية الأهمية للاستقرار التشريعي ، ويساعد على تطور الديمقراطية من خلال وجود أحزاب سياسية وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح المجتمع وأولوياته ضمن برامج قابلة للتطبيق والتنفيذ ، وذلك استناداً إلى مبدأ التدرج الانتقالي والمرحلي للوصول إلى النموذج الديمقراطي الأردني.
ج . إنجاز قانون معدل لقانون محكمة أمن الدولة . وحصر اختصاصاتها في مجالات محددة هي : جرائم الخيانة التجسس والإرهاب والمخدرات وتزييف العملة ، وذلك من أجل تدعيم مبدأ محاكمة المدنيين أمام المحاكم الوطنية.
د . تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بتعديلات طالت عدداً من المواد ذات العلاقة بتشكيل الكتل النيابية والائتلافات التي تضم عدداً من الكتل من حيث تشكيلُها وعددُ أعضائها وضبطُ إيقاعها وتكوينها ومنهجيات عملها واجتماعاتها ، وتنظيم جلسات الأسئلة والاستجوابات بين المجلس والوزراء ، وتطوير عمليات التصويت داخل المجلس بالوسائل التقنية باستثناء حالتين هما : إذا كان التصويت متعلقاً بالدستور ، أو بالتقة بالوزارة والوزراء .
02 الإنجاز على صعيد المؤسسات . حيث تضمن هذا المسار بناء مؤسسات ديمقراطية جديدة تتمثل فيما يأتي :
أ . إنشاء محكمة دستورية . تختص بتفسير نصوص الدستور ، والرقابة على دستورية القوانين بما يضمن احترام حقوق وحريات جميع المواطنين وفقاً للدستور .
ب . استحداث هيئة مستقلة للانتخاب . والتي أدّت أدواراً رائدة في الانتخابات النيابية والبلدية ومتابعتها والإشراف عليها .
ج . تأسيس مركز للدراسات والبحوث التشريعية في مجلس النواب لدعم عمل النواب واللجان النيابية ، من أجل استناد مجلس النواب وقراراته إلى الأبحاث والمعلومات المدعّمة بالأدلة والبراهين والحقائق والإحصاءات .
د . دعم السلطة القضائية ، من خلال تعزيز منظومة وطنية للنزاهة والشفافية والمساءلة بإنشاء مؤسسات رقابية تتمثل بما يأتي :
(1) هيئة مكافحة الفساد .
(2) ديوان المحاسبة .
(3) ديوان المظالم.
(4) أنظمة للرقابة في القطاعين الحكومي والخاص .
هـ . الاستمرار في دعم المركز الوطني لحقوق الإنسان لتقوية منظومة حقوق الإنسان في الأردن .
و . متابعة العمل في مسارات تطوير القطاع العام من خلال دمج وإعادة الهيكلة لبعض المؤسسات الحكومية ، والاستمرار في تحسين مستوى الخدمات الحكومية ، وتنمية الموارد البشرية وتطوير آليات صنع القرار .
ز . إدخال الإصلاحات على المؤسسات الأمنية . انطلقت هذه الجهود مع الرسالة التي وجهها جلالة الملك لمدير المخابرات العامة في عام 2021م ، حيث وجّه جلالة الملك دائرة المخابرات العامة للاستمرار بالعمل في وتيرة أسرع وبخطى ثابتة ، وتركيز طاقاتها في مجالات اختصاصاتها المهمة والحيوية للأمن الوطني والعمل الاستخباري المحترف بمفهومه العصري الشامل ، لتظل عنواناً شامخاً للكفاءة الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للمخاطر الأمنية .
ح . تفعيل دور وزارة الدفاع لتتولى مسؤولية جميع الشؤون الدفاعية غير القتالية ، لتكون جزءاً من الحكومة، وخاضعة لرقابة مجلس الأمة باعتبارها حقيبة دبلوماسية ( منصب سياسي) في إطار تشكيل الحكومة ، ويعتبر هذا توضيحاً لحدود فاصلة في المهام الدفاعية بين منصب وزير الدفاع واختصاره على مهام ( دبلوماسية ودفاعية غير قتالية ) وبين منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة ، باعتبار أن جلالة الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية البرية والجوية والبحرية بموجب الدستور .
03 منجزات على طريق تطوير مكونات العملية السياسية . لقد شكلت الرؤى التي طرحها جلالة الملك منارات تهتدي بها مكونات العملية السياسية على طريق الإصلاح السياسي ، وأسساً أخذت أطراف المعادلة السياسية بالكثير وطبقتها ، وتشمل :
أ . تعزيز وترسيخ القيم الضرورية للتحول الديمقراطي باتجاه الحكومات البرلمانية ، حيث أصبحت هذه القيم معروفة لكل الأردنيين ، مثل : الاعتدال ، التسامح ، الانفتاح ، والتعددية ، واحترام الآخر، واحترام سيادة القانون ، وصون حقوق المواطن ، وإتاحة الفرصة بعدالة للأطياف السياسية في التعبير عن رأيها السياسي .
ب . ترسيخ تبني الممارسات الديمقراطية في الربيع العربي القائمة على احترام مبدأ الحوار وتبنيه في تجاوز الاختلافات ، والتلازم بين حقوق المواطنين وواجباتهم ، والمشاركة في بذل التضحيات ونيل المكاسب ، وتحويل الاختلافات إلى حلول توافقية .
ج . تبني جميع هذه الممارسات من قبل جميع مكونات المعادلة السياسية : ( الملكية ، أعضاء مجلس النواب ، الحكومة ، الأحزاب السياسية ، والمواطنين ) .
د. تبني الملكية الدستورية الهاشمية مسؤولية توفير منهج قيادي جامع لكل مكونات العملية السياسية ، وتولي جلالة الملك باعتباره رأس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة مسؤولية الدفاع عن القضايا الوطنية المصيرية المرتبطة بالسياسية الخارجية والأمن الوطني والقومي ، وحماية التراث الديني والنسيج الاجتماعي الأردني، والمحافظة على استمرار الملكية بدورها كحامٍ للدستور ولمقومات الحياد الإيجابي لصالح الوطن والمواطن، وتوفير الاستقرار والعدالة، وتحمل مسؤولية الملكية لتجاوز حالات الاستعصاء السياسي في حال حدوثها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .
ه. يقع على عاتق أعضاء مجلس الأمة مسؤولية العمل بتفانٍ لخدمة الصالح العام ، وأن يعكس أداؤهم توازناً بين المصالح المحلية والمصالح الوطنية ، وأن يتعامل النواب مع الحكومة بموضوعية ، لا من خلال السعي لتحقيق مكاسب ضيقة .
و. يقع على عاتق الحكومة برئيسها ومجلسها الوزاري وعلى العاملين في الجهاز الحكومي مسؤولية النهوض بالعديد من المسؤوليات التي هي من صُلب واجباتهم ، وعلى الشكل الآتي :
(1) وضع وتنفيذ خطط وبرامج عمل شاملة بهدف توفير الفرص الاقتصادية ، وتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار الذي يستحقه المواطنون .
(2) العمل على نيل ثقة مجلس النواب ، والمحافظة عليها ، وعلى تنفيذ برنامج عمل حكومي محكم ودقيق .
(3) وضع معايير للعمل الحكومي المتميز .
(4) تبني الشفافية والحاكمية الرشيدة .
(5) بناء شراكة فعلية مع مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
ز. يقع على عاتق الأحزاب السياسية مسؤوليات يعد النهوض بها منجزاً ديمقراطياً على درجة من الأهمية ، ومن أهمها :
(1) السعي الجاد للاندماج ، وصولاً إلى عدد منطقي من الأحزاب القوية ذات الامتداد على مساحات مختلفة من الوطن.
(2) تبني برامج حزبية قوية وواضحة وشاملة تقود إلى الحصول على أغلبية حزبية في مجلس النواب .
(3) تطوير نظمها الداخلية ، وتأهيل قيادات كفؤة وقادرة على تولي المسؤوليات الوطنية ، وتسعى لتأهيل نفسها وصولاً إلى تشكيل الحكومات البرلمانية .
ح . يقع على عاتق المواطنين مسؤولية المشاركة السياسية الفاعلة في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية، وتبني روح المواطنة الصالحة الفاعلة على مستويات العمل المحلية الوطنية ، والوطنية الخارجية .
ط . تم فتح نوافذ للتمكين الشبابي التي تعتبر أدوات مهمة من ادوات الإصلاح السياسي من خلال برنامج التمكين الديمقراطي الذي أُطْلق في عام 2013 م تحت مظلة صندوق الملك عبدالله للتنمية ، حيث يعد هذا البرنامج خطوة في الاتجاه الصحيح والأهم على صعيد إشراك الشباب في العملية التنموية من خلال توزيع مشاريعه على محافظات المملكة ، بحيث يعد من ضمن المحطات الرئيسة والمهمة في مسيرة الإصلاح ، ودعم المبادرات الشبابية الوطنية ، وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للشباب في الأردن التي عالجت الكثير من قضايا الشباب المتعلقة بالقضايا الوطنية والحقوق المدنية والمواطنة والمشاركة والثقافة والإعلام والتعليم والتدريب والعمل ، حيث هدفت هذه الاستراتيجية إلى تعزيز المشاركة السياسية للشباب من خلال دعم مشاركاتهم في العمل الحزبي ، وفي الانتخابات النيابية ، بالإضافة إلى تفعيل دور الشباب في المجالس المنتخبة لمؤسسات المجتمع المدني، وفي السياسات الاقتصادية ، والمشاركة في البرامج والأنشطة الاجتماعية ، وفي الحياة الثقافية ، والتشاركية في المؤسسات التعليمية والأنشطة الثقافية الترويحية .
ي. إطلاق مرصد مصداقية الإعلام الأردني " أكيد" بالشراكة مع معهد الإعلام الأردني ، وإطلاق منصة : "حقك تعرف" لتزويد المواطن بالمعلومات الدقيقة ، والعمل على دحض الشائعات .
ك . تطوير الأعراف السياسية التي تحكم عادات وممارسات مكونات العملية السياسية ، لما لها من دور فاعل ومهم في النظم السياسية البرلمانية .
الخاتمة والنتائج والتوصيات
لقد مثّلت الأوراق النقاشية الملكية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على مدى خمس سنوات (2012م – 2017م) استراتيجية إصلاح سياسي جلية المعالم ، واضحة المرتكزات، شفّافة التعامل ، عميقة الرؤى لحاضر ديمقراطي يتطلع إلى حالة نهوض ديمقراطي أردنية متماسكة الأركان تضع النظام السياسي الأردني على خطوط الديمقراطية الحقيقية كما في تجارب الدول المتقدمة .
كما عكست هذه الأوراق الرؤى الملكية المتقدمة، وهي تستشرف المستقبل لأردن مزدهر، مركزة على مكونات العملية السياسية في النظام السياسي الأردني ، كي تحث الخطى نحو ديمقراطية متجددة قولاً وعملاً ، وقد راوح الإصلاح فيها بين التغيير السياسي في بعض الرؤى وبين التحديث السياسي في مواطن أخرى من الأفكار الواردة في المناقشات الملكية للواقع السياسي في الأردن وتطويره ، حيث شخّصَ جلالة الملك هذا الواقع ، وقدّم الحلول المنطقية القابلة للتطبيق لتطويره وتحديثه .
ويمكن القول إن هذه الدراسة تمكنت من الوصول إلى عدد من المقولات التحليلية بعامة بشأن الإصلاح السياسي الذي كان ينشده جلالة الملك في أوراقه النقاشية ، حيث تم تناول الموضوع من خلال مدخل مفاهيمي قدم تعريفات لبعض المفاهيم التي ناقشتها الأوراق الملكية ، وسعت إلى تحقيقها مثل الإصلاح السياسي والتغيير السياسي والتحديث السياسي، والحكومات البرلمانية ، وبيّنت أهمية حاجة النظم السياسية إلى الحكومات البرلمانية ، وأوضحت المتطلبات اللّازمة لقيام مثل هذه الحكومات .
ومن ثم تناولت الدراسة المسوغات لطرح الأوراق النقاشية من قبل رأس الدولة (جلالة الملك) ، حيث اجتهد الباحث في استقرائها من نصوص الطروحات والمناقشات الملكية لأفكار تطويرية ارتأى جلالته أنها جد صالحة لمستقبل ديمقراطي أفضل للأردن ، ولنظامه السياسي .
كما سعت الدراسة إلى تشخيص أهم المرتكزات التي استند إليها الطرح الملكي في الأوراق النقاشية السبع، والتي شكّلت روافع استراتيجية أساسية ومهمة - من وجهة نظر الباحث - استندت إليها استراتيجية جلالة الملك السياسية التي اشتملت عليها الأوراق النقاشية من أجل مستقبل أكثر إشراقاً للأردن وللأردنيين .
كما اجتهدت الدراسة في الكشف عن تفاصيل مضامين الرؤى الملكية في تطوير وتحديث مكونات العملية السياسية في النظام السياسي الأردني ، التي تشمل : ( تطوير تجارب الأحزاب السياسية ، وتطوير دور وأداء مجلس النواب الأردني ودور مجلس الوزراء ، وكذلك تطوير الملكية الدستورية الهاشمية بإرادة سياسية وقناعة نابعة من داخل جلالة الملك ، يضاف لذلك كله تطوير وتحديث دور المواطن الأردني الذي يشكل الحلقة الأهم في مكونات العملية السياسية .
النتــــائج . لقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج يمكن تلخيصها على النحو الآتي :
01 أن النظام السياسي تماماً كالكائن الحي الذي يحتاج إلى تجديد ذاته ، وجلاء جوهره ، وتطوير نفسه ليتناغم مع معطيات الحياة ، وهكذا جاءت الأوراق النقاشية الملكية استراتيجية سياسية ناجحة لإصلاح وتطوير وتغيير وتحديث سياسي في النظام السياسي الأردني من أجل غدٍ أردني أفضل.
02 شكّلت الأوراق النقاشية تشخيصاً حقيقياً لواقع سياسي رأى جلالة الملك أنه يحتاج في بعضه إلى تطوير في الممارسة وإلى تحديث سياسي في بعض المواطن قد يصل إلى حد التغيير السياسي دون مساس بجوهر النظام النيابي الملكي الهاشمي ، وكان على درجة من الصراحة تراوحت بين التلميح والتوجيه ، وبين إجراء جراحة سياسية عميقة لمواطن في هذا الواقع الذي تميز بعضه بالتجاذب السلبي في الحراك على الساحة السياسية الأردنية ، وبين مكونات التجربة الحزبية نفسها ، وبين التجارب الحزبية وبعض مكونات النظام السياسي من المؤسسات الرسمية .
03 بالرغم من السعي الملكي لإيجاد وتنفيذ إصلاحات سياسية توصل إلى مرحلة متقدمة من الديمقراطية وتشكيل الحكومات البرلمانية ، إلا أنه لم يتم الوصول إلى هذا الهدف السامي على أسس سياسية علمية في ظل الظروف السياسية والثقافة السياسية السائدة وحتى الوقت الحاضر ، وذلك بسبب عدم توافر متطلبات هذا الهدف الكبير من حيث : تضافر جميع الجهود السياسية ، والتشاركية المنشودة بين مؤسسات الدولة والمواطن والقطاعين العام والخاص ، ونضوج التجارب السياسية الحزبية والمستقلة التي من المفروض أن تستوعب كل التوجهات والاتجاهات السياسية في الأردن .
04 أن الأوراق النقاشية تمكنت من إرساء أسسٍ ومبادئ للانطلاق بقوة نحو التوجه لتشكيل حكومات برلمانية ، مع أن الأمر ليس سهلاً ، ولكنه غير عصي على المنال ، متى ما تكاملت الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية ومع الصبر حتى نضوج التجارب السياسية الحزبية ومرورها بدورات برلمانية ، ومع التعاون بإخلاص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ومع وعي سياسي وثقافي وطني لدى المواطن الأردني ، فالأوراق سعت ما وسعها الجهد لتهيئة البيئة السياسية لتمكين الأحزاب من الوصول إلى تشكيل الحكومات البرلمانية بالتدريج ، مع أن جزءاً منها قد تحقق مع هذا التدرج ، حيث أشار الفقه الدستوري للحكومات البرلمانية إلى أن : " تعريف الفقه الدستوري للحكومة البرلمانية يتضمن ثلاثة عناصر مجتمعة هي : وجود برلمان منتخب انتخاباً حراً ونزيهاً يمثل كافة اطياف المجتمع ، وثانيها : أن يفوز حزب سياسي في الانتخاب بتشكيل الحكومة بمفرده أو بالاشتراك مع أحزاب أخرى من خلال ائتلاف يفضي إلى تشكيل حكومة برلمانية، وثالثها أن يشكل الحزب الخاسر في الانتخابات حكومة موازية للحكومة البرلمانية تسمى "حكومة الظل" ، بحيث تسعى لمراقبة أداء الحكومة البرلمانية ومعارضتها بهدف الوصول إلى الحكم ، فيُحَقَقُ بذلك التداول السلمي للسلطة بين الأحزاب السياسية " . وذلك بمعنى أن الدستور الأردني يتضمن أساساً مباشراً لتشكيل الحكومات البرلمانية .
05 في ظل حث الأوراق النقاشية الأحزاب الأردنية على إنضاج تجاربها ، لتتمكن من إيجاد أغلبية حزبية في مجلس النواب، أفسحت الرؤى الملكية في هذه الأوراق المجال أمام إنشاء وتأسيس كتل برلمانية فاعلة ، وأمام إمكانية تكوين ائتلافات من عدد من الكتل البرلمانية للمساهمة في تطوير التجارب السياسية الحزبية التي تؤدي إلى وصول الحزب إلى تحقيق أغلبية حزبية في مجلس النواب .
06 أرست الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية أسساً ومبادئ سياسية علمية تهدف إلى تطوير وتحديث أدوار المكونات الأساسية للعملية السياسية ، وقدّمت خططاً منضبطة وتفصيلية لتطوير كل طرف من أطراف المعادلة السياسية في النظام السياسي الأردني.
07 قرن جلالة الملك طروحاته السياسية في الأوراق النقاشية بالإرادة السياسية النابعة من ذاته ، وإصراره على الإصلاح شاملاً تطوير الملكية الدستورية الهاشمية .
08 الحكومة البرلمانية الحقيقية هي التي يشكلها حزب الأغلبية، لكن في ظل الظروف السياسية التي تحكم الواقع السياسي الأردني حالياً، اجتهدت الملكية الدستورية الهاشمية وبإرادة سياسية نابعة من قناعة ملكية داخلية لتطوير دورها للمساعدة في الوصول إلى الحكومات البرلمانية .
09 شكّلت مطالب الحراك السياسي على الساحة الأردنية اهتماماً خاصاً لدى الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية باعتبارها مطالب أردنية تقع في صُلب اهتمام الملكية الدستورية الهاشمية التي تقف على المسافة نفسها من جميع الشرائح المجتمعية والأطياف السياسية في الأردن.
010 أظهرت الأوراق النقاشية الحاجة للإصلاح السياسي ، وحددت حاجات هذا الإصلاح المنشود ، والذي يتلخص في : حضور سياسي حزبي ، ومجلس نواب منتخب على أسس برامجية حزبية فاعلة ، وضرورة وجود حكومات برلمانية تشكلها الأغلبية الحزبية ، وملكية متطورة ومستجيبة لمطالب الوطن والمواطنين ، ومواطن واعٍ وطنياً ومثقف سياسياً على أساس وطني يجعل مصالح الوطن هي العليا .
011 دفعت مساهمات المكونات الأساسية للعملية السياسية من خلال التكامل وتوحيد الجهد باتجاه تسريع الخطى نحو ديمقراطية متجددة وللارتقاء بتحول ديمقراطي يضع الأردن في مكان متقدم إلى جانب الدول التي حققت تحولاً ديمقراطياً حقيقياً ومزيداً من الممارسات الديمقراطية .
012 يمكن القول بأن إجمالي دور الرؤى الملكية من خلال الأوراق النقاشية التي تحققت والتي لم تتحقق كانت فاعلة في إعطاء جرعات سياسية إيجابية ، وتقديم أفكار سياسية مستنيرة تصب في بوتقة ارتقاء النظام السياسي الأردني من خلال حثها على بذل المزيد من الجهود وتكاتفها من أجل أردن مزدهر وآمن ومستقر ، وتبرز بشكل أوضح في الإرادة السياسية لدى القيادة الهاشمية على الإصلاح ، وفي دور الملكية الدستورية الهاشمية واستجابتها لمطالب الأردنيين ، وتهيئة البيئة السياسية للوصول إلى الحكومات البرلمانية من خلال التعاون بين مجلس نواب فاعل وحكومة متفانية في خدمة الشأن الوطني العام ومواطن مثقف وواع لدوره وأهمية مشاركته في العملية السياسية وبخاصة في الانتخابات النيابية .
التوصــيات . توصي الدراسة بما يأتي :
01 إجراء مراجعات استراتيجية سياسية على غرار الأوراق النقاشية الملكية كل فترة ( عقد من الزمن) لتطوير وتحديث النظام السياسي الأردني.
02 وضع أسس وتشريعات لمتابعة عمليات التحديث والتطوير ، ولمساءلة من يقصر او يتراخى في تطبيق استراتيجيات التطوير .
03 التخطيط بشكل استراتيجي من خلال بنك معلومات لتوظيف الكفاءات والقدرات الوطنية لإشغال مناصب في الدولة ، والدفع للبعض منها للترشح للانتخابات النيابية سواء أكانت هذه الكفاءات حزبية أم مستقلة ، فالأهم أن تكون وطنية بعيداً عن المحسوبية والشللية ، وعن كل التدخلات وتشابك المصالح الخاصة والعلاقات .
04 أن تكثف مؤسسات النظام السياسي وبكل تفاصيلها السعي الحقيقي والمبني على أسس علمية لتعزيز صياغة العلاقة ما بينها وبين الرؤى والمطالب الشعبية لاستمرارية قوة اللحمة الوطنية الأردنية ، وأن يواصل تجديد وتطوير وتحديث أسس هذه اللحمة الوطنية التي تشكل مرتكزاً أساساً في استمرارية النظام السياسي والمحافظة عليه .
05 مواصلة تنفيذ الرؤى الملكية الواردة في الأوراق النقاشية ، وتعزيز ما نُفِّذ والعمل على تنفيذ ما لم يجر تنفيذه أو تطبيقه خلال العشر سنوات الماضية كونها ما زالت صالحة للتطوير .
06 الاستمرار في اجتراح أسسٍ ومبادئ وقواعد قانونية وتشريعات إصلاحية تدعم وتقوي البيئة السياسية الحزبية الأردنية لتمكينها من تحقيق الهدف الملكي الرئيسي بالوصول إلى تشكيل الأغلبية الحزبية في مجلس النواب بغية الوصول إلى تشكيل الحكومات البرلمانية .
المراجع :
.
- احمد بو عشرين ، مفاهيم سياسية (1) : ماذا يعني الإصلاح السياسي ؟ وكيف ينتصر على الفساد بأنواعه ، دراسة منشورة بتاريخ 23 أيلول / سبتمبر 2021 على الموقع الالكتروني عربي بوست :arabicpost.net/opinions2021
- أحمد خليف العفيف ، الأوراق النقاشية الملكية : رؤية شاملة للإصلاح والتنمية المستدامة، مقال منشور في صحيفة الراي الأردنية وعلى موقعها الإلكتروني بتاريخ 20 تشرين ثاني / نوفمبر 2016م : alrai.com
- إدارة البحوث والدراسات، قراءات نظرية : التغيير السياسي: المفهوم والأبعاد ، صادر عن المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية ، القاهرة، 10 ابريل / نيسان 2016.
- أمين عواد مهنا المشاقبة ، التحديث والاستقرار السياسي في الأردن ، ط1، دار الجيل والدار العربية للتوزيع والنشر ، بيروت – عمان، د.ت .
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الطريق إلى الإصلاح ، مجلة السياسة الخارجية ، شهر تشرين الثاني / نوفمبر ، 2004، مترجم عن الإنجليزية ، ومنشور على الموقع الإلكتروني لجلالته : http://kingabdullah.jo
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الورقة النقاشية الأولى " مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة ، تاريخ 29 كانون أول /ديسمبر2014م، منشورة بتاريخ على الموقع الرسمي لجلالة الملك عبدالله الثاني : http://kingabdullah.jo
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الورقة النقاشية الثالثة : " أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة"، منشورة بتاريخ 2 آذار/ مارس2013على الموقع الرسمي لجلالته: http://kingabdullah.jo
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الورقة النقاشية الثانية ، " تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين"، منشورة بتاريخ 16 كانون الثاني/ديسمبر 2013م الموقع الرسمي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين : http://kingabdallah.jo
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الورقة النقاشية الخامسة ، " تعميق التحول الديمقراطي : الأهداف ، والمنجزات ، والأعراف السياسية" ، منشورة بتاريخ 13 تشرين الاول/أكتوبر 2014م على الموقع الرسمي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين : http://kingabdallah.jo
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الورقة النقاشية الرابعة ،" نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة"، منشورة بتاريخ 2 حزيران /يونيو 2013على الموقع الرسمي لجلالته : http://kingabdullah.jo
- حميد خميس دهام ، التحديث والإصلاح السياسي في الوطن العربي ، مجلة مداد للآداب ، العدد 4 ، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد ، 2009.
- الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك إلى اللواء احمد حسني مدير المخابرات العامة يوم الأربعاء 17 شباط / فبراير 2021 منشورة على الموقع الرسمي لجلالته : http://kingabdullah.jo
- سعد زكرياء ، مسار الإصلاحات السياسية في تونس بعد الحراك الشعبي ، دراسة في الأبعاد الداخلية والخارجية ، رسالة ماجستير منشورة على الموقع الإلكتروني لجامعة محمد بوضياف – المسيلة، الجزائر، العام الدراسي 2017/2018 :
. http;//dspace.uni-misslla.dz:8080/xmlui/handle/123456789/6384
- سهيل محمد العزام ، أشكال الحكومات ،عمان ، د. ن ، د. م ، 2008 ، للمزيد أنظر : عبدالكريم حسن المصري، متطلبات ومعوقات تشكيل الحكومة البرلمانية في الأردن : دراسة استطلاعية على أعضاء مجلس النواب السابع عشر ، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الوسط ،217، ص ص 19 -20.
- طارق معروف ، الإصلاح السياسي لماذا؟ ، دراسة منشورة بتاريخ 19 آب / أغسطس 2020م على موقع الجزيرة مباشر : mubasher.aljazeera.net
- عامر مصباح ، معجم التنمية السياسية والعلاقات الدولية ، الجزائر ، مكتبة الجزائرية ابو داود ، 2005.
- عبدالكريم حسن المصري ، متطلبات ومعوقات تشكيل الحكومة البرلمانية في الأردن : دراسة استطلاعية على أعضاء مجلس النواب السابع عشر ، منشورة على الموقع الإلكتروني لجامعة الشرق الوسط في كانون الثاني 2017، ص ص 41 – 43.
- عبدالمنعم العودات ، تصريحات منشورة على موقع مجلس النواب الأردني بتاريخ 2 شباط / فبراير 2022م : representatives.jo/AR/News
- غيث فاضل الطراونة ، المبادرات الملكية ... رؤية للمستقبل ، ( الرؤية الملكية لتطوير القضاء قبل عام 2012) ، ط1، منشورات مركز الرأي للدراسات ، مطابع المؤسسة الصحفية الأردنية ، عمان ، 2006 .
- قاموس لونجمان Dictionary) Longman ) .
- القدس العربي ، ملك الأردن في رسالة "تاريخية" لمدير المخابرات العامة ... جهودكم مشكورة ... عودوا إلى الاختصاص بوتيرة أسرع " تحليل منشور بتاريخ 17 شباط – فبراير 2021 على الموقع الإلكتروني لصحيفة القدس العربي : alquds.com uk
- لجنة من القوات المسلحة الأردنية ، " تطوير الحياة الديمقراطية " ، في محمد خلف الرقاد ومحمد عايد ابو عواد (تحرير وتدقيق) ، المكارم والمبادرات الملكية لصاحاب الجلالة الهاشمية ، ط1 ، منشورات مديرية التوجيه المعنوي ، المطابع العسكرية ، عمان، 2008.
- ليث كمال نصراوين ، الحكومة البرلمانية في الدستور الأردني ، مقال منشور بتاريخ 22 حزيران / يونيو في صحيفة الرأي الاردنية على الموقع الإلكتروني للصحيفة : alrai.com
- المادة (35) من الدستور الأردني .
- المادة (52) من الدستور الأردني .
- مجد الدين خمش ، الأوراق النقاشية الملكية منهجية وطنية للإصلاح والتطوير ، منشور في صحيفة الدستور الأردنية وعلى الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الأردنية – بترا : http://petra.gov.jo
- المجلس الأعلى للشباب ، الاستراتيجية الوطنية للشباب في الأردن ،(2005- 2009) ، السلسلة من 1-9 ، صادرة عن المجلس الأعلى للشباب .
- محمد ابو رمان ، لِمً الأوراق النقاشية ، مقال منشور بتاريخ 10/1/2018 على الموقع الإلكتروني لصحيفة الغد الارنية : https://aghad.com
- محمد محمود السيد ، مفهوم الإصلاح السياسي ، الحوار المتمدن ، العدد 3555، تاريخ 23 تشرين الثاني /نوفمبر 2011م، منشور على الموقع الإلكتروني : ahewar.org
- المواد : ( 25 ، 26 ، 27، 30 ، 31 ،32، 33 ( الفقرات 1-2) ، 34( الفقرات 1-2) ، 35، 36، 37، 38،39،40، 43، 45، ) من الدستور الأردني .
- مواد الدستور ( 25،26،27،31،31،33،38،62،81) من النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني ، وقد نشرت في الجريدة الرسمية في العدد (5286) تاريخ 15 أيار / مايو 2014، والعدد 5581 تاريخ 17حزيرات / يونيو 2019 .
- الموسوعة السياسية: Political Encyclopedia
- الموقع الإلكتروني لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية لغاية النصف الأول من عام 2018م : moppa.gov.jo/AR/ListDetails
- نصر عارف ، نظرية النخبة ودراسة النظم السياسية العربية ( الإمكانات والإشكالات) ، في علي الصاوي ( محرر) ، النخبة السياسية في العالم العربي ، أعمال المؤتمر الثالث للباحثين الشباب ، القاهرة ، 11 – 13 تشرين ثاني/ نوفمبر1955، ط1، 1996، ص 15 .
- وكالة الأنباء الأردنية ، سياسيون : نوافذ التمكين الشبابي أداة مهمة من أدوات الإصلاح السياسي ، تقرير منشور بتاريخ 8/1/2014م على صفحة وكالة الأنباء الأردنية – بترا : petra.gov.JO