التفضيل بين ترامب وهاريس يكون على السياسات والقيم، فما يزال الاقتصاد ودرجات الرفاه والتضخم من العوامل الكبيرة المؤثرة بسلوك الناخبين، وكل حزب يحاول إظهار نفسه انه صاحب الإنجاز الأكبر في هذا الملف، وانه ان نجح سوف يفعل المزيد. وتظهر قضايا أمن الحدود والإجهاض أيضا كعوامل تؤثر بسلوك الناخب، كما تظهر أحداث الشرق الأوسط ومواقف الحزبين منها كمتغيرات مهمة في بعض الولايات خاصة ميتشغن التي فيها أصوات أميركيين من أصول عربية كثيرة. اما قيميا، فالحزب الديمقراطي يحاول إظهار انه المدافع عن منظومة القيم الأميركية وعن الديمقراطية، وانه يوحد الأميركيين ويجمعهم، وان ترامب لا يؤمن بالديمقراطية ولا يطبقها، وما أحداث الانتخابات السابقة عندما فاز عليه بايدن واقتحام مؤيديه للكونغرس الا دليل على عدم إيمان ترامب بالتعددية وانه لا يقبل تداول السلطة.
بالنسبة لنا في الشرق الأوسط، التوقعات أن هاريس سوف تسير على نفس النهج السابق للرئيس بايدن حيث الإيمان بحل الدولتين ودعمه مع الالتزام بدعم إسرائيل، لكن هذا الدعم يجب أن يكون له مقابل مثل الالتزام بسياسة الولايات المتحدة تجاه النزاع، وان هناك عقوبات سوف تطبق إذا ما لم يتم الالتزام مثل تلك التي فرضت على المستوطنين، أو تأخير بعض أنواع الاسلحة إذا ما أمعنت إسرائيل بسياسات القتل. سجل ترامب السابق عندما كان رئيسا كان سيئا منحازا بشكل كبير لإسرائيل، وهو يقول الآن إنه يستغرب من أي أميركي يدعم إسرائيل لا يصوت له بسبب دعمه التاريخي الكبير لإسرائيل عندما كان رئيسا. لكن حتى لو جاء ترامب، فالدول العربية والفلسطينيون ليسو منعدمي الأدوات للوقوف بوجه من يهدد مصالحهم، والصداقة مع الولايات المتحدة لا تعني الموافقة على كل شيء تفعله، والدول ملزمة بالدفاع عن مصالحها بأدواتها المختلفة، وهي قادرة على أن تقول للولايات المتحدة إن هذا الصراع لم ولن يحل إلا من خلال إعطاء العدالة للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال، وبغير ذلك فالجميع يخسر بمن فيهم إسرائيل التي لن تحظى بالأمن والسلام ما دامت تحتل ملايين البشر.