أيام معدودة تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي النيابي القادم المقرر يوم ١٠ الجاري، اليوم الذي سيذهب فيه الأردنيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في مجلس النواب العشرين.
ورغم أهمية المشاركة في الانتخابات النيابية لتعزيز الديمقراطية، فإن المشاركة بعملية الاقتراع تعد واجباً وطنياً واستحقاقاً دستورياً، يتطلب مشاركة الجميع، بغية التعاون الشعبي في صنع القرار.
نعي جيداً أن هناك حالة سلبية رافقت الانتخابات الماضية عام ٢٠٢٠، تمثلت بالمشاركة الضعيفة في عملية الاقتراع والتي لم تتجاوز ٣٠ ٪ من عدد من يحق لهم الاقتراع، ونعلم أيضاً أن الشعب يعاني من مشاعر الإحباط من جدوى المشاركة في صنع القرار السياسي، لانه يدرك أن الانتخابات لن تغير الواقع، ولن تحقق له متطلباته في ظل عدم إلتزام النواب تجاهه.
التأثيرات السلبية على المشاركة بالانتخابات والتي جاءت نتيجة تراكمات على مدار سنوات مضت، لا بد أن يتم إزالتها بالإقناع والذي يبنى على أساس صلب من الأفكار الجادة من البرامج الانتخابية القابلة للتنفيذ والتي تخدم الوطن والمواطن وتمنح شعوراً إيجابياً للناخب تجاه مسؤوليته نحو المجتمع الذي يعيش فيه والوطن كله، من خلال اختيار المرشح أو الحزب صاحب البرامج الانتخابية الأجدى والتي تعود بالنفع على المواطنين وفق معايير دقيقة وأسس متينة ووقت زمني واضح، لا أن تكون مجرد شعارات مبالغ بها تشكل صدمة للناخبين وتحول دون المشاركة بعملية الاقتراع.
ما يقدمه المرشحون للمجلس النيابي من أفكار تحاكي الواقع وتدلل على ادراك وفهم عميق للحياة السياسية الجديدة التي يقبل عليها الأردن، كفيلة بأن تكون وسيلة إقناع لإزالة ومحو الصورة السلبية التي رافقت الانتخابات السابقة.
من جهتها فإن الدولة الأردنية وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني وضعت مساراً جديداً لحياة سياسية ناضجة ومتطورة للمستقبل، والآن كما يقولون «الرسن» بيد المترشحين والأحزاب للقيام بخطوات عملية مستمرة تزيد ثقة الناس بالانتخابات وتلغي أي شكوك حولها، وترسخ ثقافة المشاركة الإيجابية.
ولأن إقناع المواطنين بالفكر والمنطق والبرامج المؤثرة له أثر إيجابي في الحياة السياسية، فإن جلالة الملك عبدالله الثاني أشار خلال لقاءات سابقة إلى «أهمية بناء الأحزاب برامج واقعية وواضحة لإقناع الناخبين بها، و إلى أهمية رفع نسب التصويت في الانتخابات بتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب بخاصة الشباب والمرأة».
وبين جلالته أن «المشاركة الفاعلة تتطلب أن يشعر المواطن بأن الأحزاب السياسية تعمل بجدية لترجمة برامجها على أرض الواقع، والانتقال من مرحلة الشعارات إلى تحقيق النتائج».
ما دعا اليه جلالة الملك منذ شهور كان خارطة طريق للأحزاب والمترشحين لوضع البرامج الانتخابية الكفيلة بأن يسبر المواطنون أغوار تلك البرامج لمعرفة من هو الحزب الذي يتناسب مع رؤيتهم وفكرهم ويخدم تطلعاتهم، لكن وللأسف ورغم أن الانتخابات باتت على الأبواب إلا أن قلة قليلة من الأحزاب والمترشحين قدموا ما وجه له جلالة الملك، فالبرامج الإنتخابية غير واضحة، حتى أن كثيراً من حالات الاستقالات من الأحزاب ظهرت في الآونة الأخيرة، في إشارة تعكس إلى عدم التوافق بين أعضاء الحزب الواحد، فكيف نستطيع أن نغير فكر أبناء الوطن نحو مشاركة إيجابية بالانتخابات!
نعتقد أن انتقاد الأحزاب أو المترشحين نتيجة غياب بناء برامج واضحة واقعية لتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة، لم يعد يجد نفعا، وهو ما يدفع بالمواطنين الذين دائماً ما يراهن جلالة الملك على وعيهم وحبهم للوطن للمشاركة الفاعلة بالانتخابات والاختيار وفق معايير مثالية للنهوض بالوطن في كافة الميادين التي تنعكس إيجاباً على المواطن وتجعله فخورا باختياره ومشاركته بالانتخابات، لا أن يشعر بالتحسر والغصة والندم عن إضاعة الفرصة بالامتناع عن التصويت أو على قرارات خاطئة تتعلق بالاختيارات غير المناسبة من المترشحين والأحزاب.