في لقاء حواري مدجّج بثلاثة رؤساء وزراء سابقين، وعدد من الباشوات المتقاعدين، ونخبة من الأكاديميين المرموقين، والسفراء الدبلوماسيين، في جمعية الشؤون الدولية مساء الثلاثاء، حيث أجمع الحاضرون جلّهم على أن الأردن يعيش في إقليم ملتهب، تحت تأثير إسرائيل وداعميها جميعهم!
تحدّث كثيرون عن جرائم إسرائيل، وعن الدعم الكامل لها من الولايات المتحدة وحلفائها. وطالب بعض المتحدثين بضرورة المشاركة، أو الاستعداد للمعركة، في حين عبر آخرون عن الحدود المسموح لنا بالتحرك فيها!!!
(01)
ما موقفنا؟
نحاول قراءة الموقف الرسمي، ثمّة استنتاج من تحليل مواقف إعلاميين مشهورين بتجميل مواقف الحكومة يشير إلى قولهم بأننا لسنا طرفًا في الأحداث، بوصف أن الحرب الدائرة هي حرب بالوكالة بين إيران، والولايات المتحدة!! أما المواقف الرسمية، فهي واضحة.
فقد قال الرئيس: إن كل خياراتنا مفتوحة بما فيها الشكوى للأمم المتحدة، وهذا يعني أنّ الشكوى هي أكثر المواقف جرأة ودفاعا عن الحق.
وقال آخرون ودبلوماسيون: يجب وقف إطلاق النار فورًا، ولا بد من دعم أهل غزة بالغذاء والدواء.
والآن، وبعد أحداث الضفة الغربية ينبىء الحديث الرسمي، أن الأردن يستشعر الخطر.
ولا يمكن تخيل صمت أحد إزاء ما يجري في المسجد الأقصى، وتصريحات وزراء إسرائيل المتطرفة بهذا الخصوص!
لجأ الإعلام الرسمي إلى استخدام التبرير، والإسقاط وغيرها من الحيل النفسية التي يتم اللجوء لها في حالة وجود الخطر؛ بديلًا عما يجب أن نفعل من سلوكات، وأفعال مباشرة تجبر أهل هذه التصريحات عن غيها وضلالها وتطرفها الأعمى!! بل وهمجيتها الوحشية المفرّغة من إنسانيتها!!
(02)
الحيل الدفاعية في علم النفس.
يلجأ الأفراد، والهيئات إلى الدفاع عن الذات لاستخدام مجموعة من الحيل أو الآليات؛ بحثًا عن التوازن النفسي، وإقناع الذات بتقبل الواقع. وقد عبر إعلاميون عرب، وأردنيون موالون لحكوماتهم في كل قُطر عن مواقف حكوماتهم الضعيفة والهزيلة باستخدام هذه الآليات، التي سأذكرها؛ لأنها تعكس مواقف دولهم: شعوريّا ولا شعوريّا.
أولا-الإنكار؛ ويعني التصرف العادي، وكأن شيئا لم يكن، فيمارس حياته العادية: الترشح للانتخابات، تطوير الزراعة، استمرار المشاريع،… مكافحة الفساد، ….إلخ،
ثانيًا-الإحلال والإبدال؛ ويعني إبدال موقف بسيط بموقف أساسي، كأن يقوم موظف أهين من رئيسه، ولم يجرؤ الرد عليه بضرب أبنائه، أو إبدال عدو محتمل وهمي بعدو ظاهر وحقيقي ومعلن، كاستبدال إيران بإسرائيل!!
ثالثًا- رد الفعل المعاكس؛ ويعني أن نظهر موقفًا معاكسًا لموقفنا الحقيقي، ونكثر الحديث عن بطولات، ومواقف الدعم، والمساندة. وهذا هو الأكثر شيوعًا!!
رابعًا-التبرير، ويعني البحث عن أدلة منطقية؛ لتغطية عجزنا عن مواجهة الموقف مثل: أنا أولًا، أحمي نفسي"، وأنا شو دخلني"، هذه ليست مشكلتي!!
خامسًا-الإسقاط؛ ويعني إلقاء اللوم على الآخرين، وإسقاط عيوبك على الآخرين؛ فبدلًا من مواجهة الموقف شعوريّا، نقول: هم مقصرون، ولست أنا المقصر!!
سادسًا- التقمص؛ ويعني ادعاء دور البطولة والترويج لإنجازات بسيطة، كأن تفاخر بأنك قدمت طعامًا لفقير بدلًا من حل مشكلة الفقر نفسها!!!
هذه الآليات يستخدمها الأفراد كما تستخدمها الحكومات، أو السلطات حين تكون أمام خطر لا تستطيع ردعه، أو لا ترغب في مواجهته، أو يكون لها موقف يخالف موقف الناس، أو الشعب، وهذا هو الضعف عينه، والهوان نفسه!!
(03)
الإعلاميون العرب
مارس الإعلاميون العرب كل الآليات السابقة لتغطية موقف حكوماتهم، ومن المؤسف أن يشيد إعلاميو الحكومة في كل بلد بالموقف البطولي لبلدهم، ويهاجم الآخرين! وعلينا أن لا ننسى تفسير العبارة الذهبية للإعلام العربي:
هذه حرب بالوكالة بين ايران والولايات المتحدة عبر أذرعها!!
وهذا وحده كافٍ للقول: احنا ما دخلنا!
وكافٍ لتغطية عجز النظام الرسمي العربي من قصوره؛ فهذا صراع قوى عظمى!!
وقالوا أيضا: لا علاقة لما يجري بفلسطين، والشعب الفلسطيني!
فهمت عليّ جنابك؟!