تشكل الانتخابات البرلمانية في الأردن ركنًا أساسيًا من أركان النظام الديمقراطي في البلاد، فهي تتيح للشعب الأردني فرصة ممارسة حقه في اختيار من يمثله في البرلمان، وبالتالي المشاركة في صنع القرار السياسي.
ويعد الانتخاب حقًا دستوريًا لكل مواطن أردني يبلغ من العمر 18 عامًا فما فوق، وواجبًا وطنيًا يعكس مدى التزام المواطن بالمشاركة في بناء مستقبل بلاده. هذه الانتخابات ليست مجرد عملية سياسية بل هي "استحقاق دستوري" يعكس التعددية والتنوع في المجتمع الأردني.
تظهر الإحصاءات الرسمية المتعلقة بالانتخابات البرلمانية السابقة أهمية هذا الحق وأثره على المجتمع الأردني. ففي انتخابات عام 2020، ورغم التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19، بلغت نسبة المشاركة 29.9%، وهي نسبة تعكس تراجعًا مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث كانت نسبة المشاركة في انتخابات عام 2016 حوالي 36%. هذا التراجع في نسبة المشاركة يسلط الضوء على ضرورة تعزيز الوعي بأهمية الانتخابات وتشجيع المواطنين على ممارسة حقهم الانتخابي لضمان تمثيل واسع لجميع فئات المجتمع.
وشهدت السنوات الأخيرة في الأردن سلسلة من التحديثات السياسية التي تهدف إلى تعزيز دور الأحزاب السياسية في الحياة العامة، وإتاحة مساحة أكبر لممارسة الأنشطة السياسية بحرية وعدالة، وتم إقرار قانون جديد الأحزاب وآخر للانتخاب لتحفيز الأحزاب على المشاركة الفعالة في العملية السياسية.
ووفقًا للبيانات الرسمية، تم تسجيل عدد من الأحزاب الجديدة التي تمثل مختلف التوجهات السياسية والفكرية، مما يعكس حيوية المشهد السياسي في الأردن ويعزز التعددية السياسية.
مع ذلك، تواجه العملية الانتخابية في الأردن عددًا من التحديات التي تحتاج إلى معالجة لتفادي تكرارها في الانتخابات المقبلة. من بين هذه التحديات، ضعف المشاركة الشعبية في بعض المناطق، وهو ما يظهر بوضوح من خلال الأرقام المسجلة لدى الهيئة المستقلة للانتخاب. على سبيل المثال، في بعض المحافظات الريفية، كانت نسبة المشاركة أقل من المتوقع بكثير، مما يشير إلى الحاجة لتعزيز حملات التوعية والتثقيف حول أهمية المشاركة الانتخابية، بالإضافة إلى تحسين ظروف الاقتراع لتكون أكثر ملاءمة للمواطنين في هذه المناطق.
تعتبر مسألة المال السياسي وتأثيره على نزاهة الانتخابات تحديًا آخر يواجه العملية الديمقراطية في الأردن. تشير التقارير إلى أن استخدام المال السياسي للتأثير على نتائج الانتخابات لا يزال مصدر قلق كبير. وللتصدي لهذه الظاهرة، قامت الهيئة المستقلة للانتخاب بتشديد الرقابة على الحملات الانتخابية وتطبيق قوانين أكثر صرامة لضمان عدم استخدام المال السياسي كوسيلة للتأثير على إرادة الناخبين، ومن الضروري تعزيز هذه الجهود لضمان انتخابات نزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للشعب.
من ناحية أخرى، أظهرت التجارب الانتخابية السابقة أهمية الاستفادة من التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في توجيه الناخبين وتعزيز المشاركة السياسية، فقد كشفت التقارير الرسمية أن استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد ساهم بشكل كبير في تحفيز فئة الشباب على المشاركة في الانتخابات، حيث زادت نسبة الشباب المشاركين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة مقارنة بالانتخابات السابقة. يشير هذا الاتجاه إلى ضرورة تطوير استراتيجيات تواصل فعالة تستهدف الفئات الشابة وتشجعها على المشاركة في العملية السياسية.
في النهاية، يتطلب نجاح الانتخابات البرلمانية القادمة في الأردن جهودًا متواصلة لتعزيز التحديث السياسي، وتشجيع المشاركة الفعالة لجميع فئات المجتمع، وضمان نزاهة العملية الانتخابية.
إن الحق في الانتخاب والتصويت هو من أهم حقوق المواطنين الأردنيين، وهو واجب وطني يجب أن يتم ممارسته من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأردن. وتبقى الانتخابات البرلمانية فرصة هامة لتعزيز الديمقراطية والاستقرار في البلاد، وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المنشود.