مدار الساعة - كتب: متحدث رئيسي في المنتدى الدولي رفيع المستوى حول الشباب والأمن والسلام عمر الشوشان - في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة العربية تحولات كبيرة في المشهد السياسي والاقتصادي، مع تزايد التحديات التي تواجه الشباب العربي بشكل خاص. وما شهده قطاع غزة من اعنف اشكال الإبادة الجماعية وقتل كافة سبل الحياة واستقرارها، يأتي المنتدى الدولي رفيع المستوى حول الشباب والسلام والأمن كحدث هام لمناقشة وإيجاد حلول للتحديات التي تهدد استقرار المنطقة ومستقبل شبابها والأجيال القادمة.
وفي قلب هذه الجهود، يبرز دور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، الذي يقود مسيرة دولية تهدف إلى تمكين الشباب وتعزيز دورهم في تحقيق السلام والتنمية المستدامة.
جهود سمو الأمير الحسين منذ توليه مسؤولياته كولي للعهد، أظهر التزاماً قوياً بقضايا الشباب، حيث كان له دور بارز في تبني قرار مجلس الأمن رقم 2250، الذي يعترف بأهمية إشراك الشباب في عمليات السلام وبناء المستقبل.
هذا القرار التاريخي يعكس قناعة سمو الأمير بأن الشباب ليسوا مجرد متلقين للقرارات، بل هم شركاء أساسيون في صنعها.
تأتي هذه الجهود في وقت تشهد فيه المنطقة العربية العديد من النزاعات والتحديات الأمنية، مما يجعل من إشراك الشباب في عمليات صنع القرار ضرورة حتمية. سمو الأمير الحسين، من خلال دعمه المتواصل للشباب، يسعى إلى بناء قاعدة صلبة يمكن من خلالها للشباب العربي أن يكونوا قادة التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم.
إدماج التغير المناخي كمحور أساسي في الإستراتيجية خطوة مهمة حيث تعد قضايا التغير المناخي والأمن الغذائي والمائي من بين أبرز التحديات التي تواجه الشباب العربي اليوم.
تأثيرات التغير المناخي ليست محصورة في الجانب البيئي فقط، بل تمتد لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما يجعلها قضية أمن إنساني شاملة. ولهذا السبب، أصبح من الضروري إدماج قضايا التغير المناخي في الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية المتعلقة بالشباب والسلام والأمن.
أثر التغير المناخي على زعزعة الاستقرار والأمن الدوليين، حيث اضحت تأثيرات واسعة النطاق تتجاوز الحدود البيئية، فعلى سبيل المثال، يؤثر التغير المناخي بشكل مباشر على الأمن الغذائي من خلال تقليص الإنتاج الزراعي وزيادة حدة احداث الطقس المتطرفة، مما يؤدي إلى نقص الموارد الغذائية وارتفاع الأسعار، وبالتالي تعميق أزمة الأمن الغذائي.
إلى جانب ذلك، تسهم التغيرات المناخية في تغذية الصراعات حول الموارد المائية، حيث يؤدي التنافس على الموارد المحدودة إلى تصاعد التوترات بين الدول والمجتمعات المحلية. هذا الواقع يفاقم النزاعات ويزيد من تعقيد الحلول الممكنة.
كما أن التغير المناخي يؤدي إلى خلق موجات نزوح ولجوء جديدة نتيجة لتدهور الظروف البيئية وفقدان سبل العيش، مما يضيف أعباءً جديدة على الدول المضيفة ويزيد من حدة الفقر والبطالة والجوع. هذه الأزمات المركبة تساهم في توسيع رقعة الفقر وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة، مما يزيد من احتمالية وقوع النزاعات ويعقد جهود السلام.
تتطلب مواجهة هذه التحديات المعقدة إرادة سياسية جامعة ورؤية شاملة تأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية.
إن وضع الشاب العربي في قلب هذه الاستراتيجية لا يعني فقط توفير الفرص، بل يعني أيضاً تمكينهم من الأدوات والموارد اللازمة للتأثير الفعلي في مجتمعاتهم.
يتطلب ذلك تعزيز السياسات التي تركز على جودة التعليم والتدريب التقني والمهني، وتعزيز دور الشباب في العمليات السياسية، وتطوير حلول مبتكرة تتوافق مع احتياجات الشباب وتطلعاتهم. ويجب أن تشمل هذه الحلول مجالات متعددة مثل توفير ادوات التمويل الميسرة لخلق مشاريع ريادية في مجالات تساهم في الحل، والاستثمار في البنى التحتية والخدمات، وإدارة الموارد الطبيعية، ومشاريع التكيف مع تغير المناخ.
إن المنتدى الدولي رفيع المستوى حول الشباب والسلام والأمن يمثل انطلاقة وفرصة حاسمة لوضع الشباب العربي في موقع الصدارة في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية. ودمج التغير المناخي كجزء أساسي من الاستراتيجية العربية للشباب، مما يمكّن من تحقيق تقدم كبير نحو بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للمنطقة.