أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

كهنوت سينمائي في فيلم حياة الغنم


ابراهيم عبدالمجيد القيسي

كهنوت سينمائي في فيلم حياة الغنم

مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ
في السينما، قلما تجد عملا «إبداعيا» يكون مجردا من اللمسات الفنية والأدبية، التي تضفي إثارة أخرى على القصة الرئيسية التي يتناولها الفيلم السينمائي، دعوني أكمل ما كتبت عنه بداية هذا الأسبوع، حول الإساءات الصهيونية للعرب، بعد أن قطعت «هوليوود» مسافة طويلة على طريق تثبيت صورة نمطية «منفرة» ضد العرب والمسلمين، تأتي «بوليوود» لتكمل المهمة، وتنهل من نفس المدرسة المعادية للحضارات القديمة كلها، التي اختطت «هوليوود»، طرقها فغدت تنتج مفاتيح لثقافة عالمية مزورة، ليس للعرب ولا للحضارات الإنسانية القديمة من مكان فيها.
الفيلم المذكور، والذي تم تهييج خبره في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل إدارات هذه الوسائل، واعتمادا على مبدأ «حصان طروادة» في غزو الثقافات بالهدايا وتدميرها من الداخل، حيث احتفل العرب بالفيلم المذكور، ولم يتوانَ مواطن عربي «افتراضي» واحد يقطن عالم الإنترنت، عن تلويث نفسه بتعليق ضد نفسه، فكانوا صيدا سهلا لكهنوت سينمائي معاد.. تطرق هذا الفيلم إلى نصف قصة تؤكد الشواهد بأنها حدثت ويحدث مثلها في كل الدنيا، تتعلق بالجهل والغباء وفيها جانب واضح من استثمار أسود وهو الاتجار بالبشر، حيث تم توظيف النصف الأكثر ظلامية وسوادا في القصة، بينما تم إخفاء النصف المشرق الذي يبين جوانب وضاءة في الثقافة العربية والإسلامية التي يتمتع بها الشعب العربي، والسعودي منه على وجه التحديد.
الإعلامي محمد الملا، في برنامجه «ديوان الملا» الذي شاهدته عبر أحد تطبيقات الانترنت، استضاف الراوي السعودي عبدالرحمن الدعيج، وكان الأخير قد روى هذه القصة عبر قناة المجد، قبل 3 سنوات من بث الفيلم المذكور، ومن خلال برنامج «الأجاويد»، وقال بأنها قصة معروفة في منطقة حفر الباطن السعودية، وأن المواطن السعودي قد قام فعلا باصطحاب أحد الهنود من المطار، ورجح بأنه ربما قد يكون أخذه «عنوة» أو «جهلا»، أي أنه ربما يعلم أو لا يعلم بأنه الموظف الذي جاء ليعمل عنده في مزرعته في منطقة ما في عمق الصحراء، وأن الشخص الهندي، وبعد مرور 5 سنوات كاملة على وجوده في تلك المزرعة، وبعد سلسلة من المحاولات مع «كفيله» ليعود الى بلده ويزور أهله، وأمام تعنت وتمنّع الكفيل عن تلبية طلبه، وتأجيل تنفيذه، وبعد مرور السنوات الخمس، حدثت مشادة كلامية بين العامل الوافد وكفيله، الذي رفض السماح له بالذهاب لوطنه، ورفض إعطاءه المال مقابل عمله عن هذه المدة، بل ورفض السماح له بالمغادرة !!، الأمر الذي تطور بين الكفيل والعامل الوافد، مما حدا بالعامل «المظلوم» أن يتشاجر مع الكفيل، ويقتله بضربه بوحشية بقضيب حديد، وولى هاربا هائما، في منطقة لا يعرف فيها أحدا، ونزل «ضيفا» لدى عمال آخرين من بلده، في مزرعة أخرى..
يقول الراوي عبدالرحمن: للكفيل المقتول عدة أبناء، وأمام غياب والدهم لليلتين وانعدام الاتصال معه، ذهبوا للمزرعة بحثا عنه، فوجدوه مقتولا، ولم يجدوا العامل الوافد، فأبلغوا الشرطة، وبعد بحث وجدوه، ثم قضى بالسجن 5 سنوات أخرى، واعترف بالجريمة، وتم الحكم عليه قصاصا بالقتل، وهذه حقائق لم يتطرق الفيلم إليها، وتتجلى النية السيئة بالإساءة للسعودية وللعرب وللمسلمين وللهنود أيضا، حين يجري أيضا إخفاء الصورة الوضاءة عن المجتمع والدولة السعودية، وعن النظام القضائي العادل في محاكمها.. يقول الراوي بأنهم في الفيلم أخذوا فقط 30% من الرواية الحقيقية.
الجزء المهم من القصة الإنسانية الشعبية والرسمية تم إخفاؤها بشكل مقصود، وهي أن الحاكم الإداري، أو محافظ تلك المنطقة (حمد الجبريل) ومجموعة من وجهاء المنطقة ورجال الأعمال والدين، قاموا بجمع تبرعات مقدارها 170 ألف ريال سعودي، لتقديمها «كدية قتل» لأهل السعودي المقتول كي يصفحوا عن العامل الهندي القاتل، الذي تعرض للظلم بدوره، وأضاع 10 سنوات من عمره بين عمل قاس بلا أجر ومنع له من زيارة أهله ثم بالسجن، وتنازل أبناء المغدور المقتول عن كامل حقوقهم، حتى عن الدية، وتم منح المبلغ كاملا للهندي الذي كان يعتقد بأنه حين استدعته إدارة السجن، بأنه حان وقت قتله بالقصاص، لكنه انفعل حين عرف الحقيقة الفعلية عن الدولة والشعب السعودي، وأنه تمت مسامحته وإلغاء الحكم عنه، بل ومنحه كامل المبلغ الذي تم جمعه كدية لأهل المقتول، فأعلن إسلامه، وقتها، وغادر إلى وطنه.
ترى كل الحياة «فيلم»، وأعتقد بأنكم قد لمستم حجم الكهنوت في الفيلم وتزوير الحقائق، لتشويه شعب نظيف وأمة متحضرة؟!.. فهل نرى أو نسمع عن همة للمطالبة بمنع الفيلم من البث ومقاضاة كل الجهات التي وقفت خلفه؟.. أم أنه لا حق للعرب حتى في «السينما»؟!
مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ