يبدو أن الولايات المتحدة ستواجه حربا عالمية ثالثة إذا أغفلت الجانب الميداني لما تقوم به حليفتها أوكرانيا في أوروبا بقيادة الرئيس زيلينيسكي،وكذلك ما تقوم به حليفتها إسرائيل في الشرق الأوسط في حرب غزة برئاسة نتنياهو،وسنقوم في هذه المقالة بعدة تحليلات،ومن أهمها لماذا إشتعلت تلك المنطقتين مع قرب الإنتخابات الأمريكية وسط حمى الصراع للوصول الى البيت الأبيض؟والسؤال الآخر كيف سيورط كل من زيلينسكي ونتنياهو الولايات المتحدة في حروبهم هذه؟ وأخيرا وليس آخرا كيف سينزع الرئيس بايدن فتيل الحربين معا كي لا تقع حربا عالمية ثالثة في وقت تضاءل فيه الحوار السياسي والدبلوماسي؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات في ظل المتغيرات المتسارعة على الأرض والتي قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة في اوروبا او في الشرق الأوسط،بحاجة إلى معالجة كل قضية على حدا وأن لا يتم الإستهانة بما يحصل هناك مهما كانت التقارير الاستخباراتية اليومية الصادرة من منطقتي العمليات بسيطة لأن الظرف الحالي قد تشابك وتعقد ووصل إلى نقطة اللاعودة سواء في أوكرانيا او في غزة.
للإجابة على السؤال الأول يبدو أن حمى الإنتخابات الأمريكية وحساباتها إختلفت بعد صعود كاميلا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي الحالي بايدن للترشح للرئاسة كممثلة وحيدة للحزب الديمقراطي وتفوقها البسيط بالنقاط أمام الرئيس السابق دونالد ترامب ممثلا عن الحزب الجمهوري، وعلى ما يبدو بأن هناك ايدي خفية من الرئيس ترامب لزيادة التوتر وعدم الوصول إلى اتفاقيات تصب في صالح الحزب الديمقراطي برئاسة المرشحة هاريس،فما قام به بايدن من رعاية لصفقة إتفاقية تبادل للأسرى وإيقاف حرب غزة دخل في نفق مظلم وأصبح الأفق السياسي ضيقا بسبب الشروط التعجيزية التي وضعها نتنياهو بسبب مصالحه الخاصة لإطالة أمد الحرب وإبرامه صفقة مع ترامب إذا وصل للسلطة أفضل بكثير من صفقة بايدن،اما بالنسبة للحرب الأوكرانية فما قامت به أوكرانيا مؤخرا بإحتلال مقاطعة كورسيك الروسية وإستهدافها للمدنيين الروس وضرب البنى التحتية في هذه المقاطعة أدى إلى إلغاء مؤتمر السلام القادم للجلوس على طاولة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا برعاية الوسطاء، وإنهاء أي دور للوساطة وخصوصا الوساطة الهندية حينما قام الرئيس الهندي بزيارة أوكرانيا للتوسط بإيقاف هذه الحرب،إذن لم تكن إشتعال الجبهتين في نفس التوقيت وبعد إعلان ترشح هاريس للانتخابات الرئاسية مجرد صدفة.
أما بالنسبة لإجابة السؤال الثاني، إن توريط أوكرانيا برئاسة زيلينسكي للولايات المتحدة بحرب عالمية ثالثة يكمن إذا قامت أوكرانيا بما يلي:إستخدام الصواريخ الأمريكية التي بحوزتها لضرب الأهداف داخل العمق الروسي مدعية بأن روسيا تستخدم طائرات مسيرة إيرانية وصواريخ من كوريا الشمالية،او إذا قامت بالإعداد لإستخدام القنبلة القذرة في أي مقاطعة إحتلتها روسيا او قامت بضرب أحد المفاعلات النووية الروسية وخصوصا مفاعل كورسيك،فأي إجراء مثل هذا من الجانب الأوكراني سيكون الرد الروسي عليه بتطبيق العقيدة العسكرية الروسية وهي إستخدام للسلاح النووي،ناهيك عن أي تماس بين روسيا البيضاء مع أوكرانيا او تدخل من قبل بولندا.
أما بالنسبة لإسرائيل وتهور نتنياهو بقيامه بضربة إستباقية لإيران لإستهداف المفاعل النووي هناك او محاولته إجتياح جنوب لبنان او حتى قيامه بإغتيال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله سيؤدي إلى إشتعال الإقليم وقيام حرب عالمية ثالثة، وخصوصا ان الإجراء العسكري على الأرض سواء من قبل أوكرانيا ام إسرائيل قد يتم دون علم الولايات المتحدة.
وأخير كيف سيجنب بايدن العالم والولايات المتحدة هذه الحرب العالمية؟لتجنب التصعيد في حرب أوكرانيا وكذلك حرب غزة،يكمن بإحدى الخيارين التاليين:اولا الإطاحة بحكومة كل من زيلينسكي ونتنياهو وهذا قد ياخذ وقتا لا يخدم إنتخابات هاريس،اما الخيار الثاني هو باللجوء إلى الصين اللاعب الرئيسي في الصراع العالمي كوسيط لنزع فتيل الحربين لتكون ضامنا في المفاوضات التي يجب أن تكون حيادية وإجبار أطراف الصراعين بتقديم تنازلات للوصول إلى إتفاقيات تؤدي إلى إيقاف حرب أوكرانيا وحرب غزة،وهذا من شأنه أن يفسد أي خطط تحاك ضد الحزب الديمقراطي في الإنتخابات القادمة،ويضمن كرسي الرئاسة الأمريكي ليكون ديمقراطيا ناهيك عن تجينب العالم أي حرب مدمرة لا غالب فيها ولا مغلوب.