يُعتبر الصمت الانتخابي من المبادئ المهمة في العملية الانتخابية، حيث يُمنع المرشحون والأحزاب من ممارسة أي نوع من أنواع الدعاية الانتخابية قبل فترة محددة من موعد الاقتراع. وهذه الفكرة ليست مجرد تقليد انتخابي، بل هي جزء أساسي من التشريعات الانتخابية في العديد من الدول، بما في ذلك الأردن. ففي الماده 20 من قانون الانتخاب الأردني رقم 4 لسنة 2022، اكد المشرع على ذلك وأعتبر الصمت الانتخابي من الآليات التي تهدف إلى تعزيز نزاهة الانتخابات وضمان حرية اختيار الناخب. وتتجلى حكمة تبني الصمت الانتخابي في الاعتبارات التالية:
أولًا: توفير بيئة هادئة للتفكير:
أحد الأهداف الرئيسية لفرض الصمت الانتخابي هو توفير بيئة هادئة للناخبين تمكنهم من التفكير بعمق في خياراتهم الانتخابية دون تأثيرات خارجية. بعد فترة من الحملات الانتخابية المكثفة، حيث تتنافس الأحزاب والمرشحون لجذب أصوات الناخبين عبر وسائل مختلفة، يأتي الصمت الانتخابي ليمنح الناخب فرصة للتفكير والتأمل بعيدًا عن الصخب الإعلامي والإعلانات والدعايات.
ثانيًا: الحد من التأثيرات السلبية للدعاية:
من خلال منع الدعاية الانتخابية في فترة الصمت الانتخابي، يسعى المشرع إلى الحد من تأثير الحملات الدعائية التي قد تعتمد على أساليب غير نزيهة، مثل التضليل أو تقديم وعود غير واقعية. هذا يساعد على ضمان أن يكون قرار الناخب مستندًا إلى قناعته الشخصية ورأيه الناضج، وليس نتيجة لضغوط دعائية أو تأثيرات خارجية.
ثالثًا تحقيق المساواة بين المرشحين :
فرض الصمت الانتخابي يساهم في تحقيق نوع من المساواة بين المرشحين، حيث يُمنع الجميع من ممارسة الدعاية الانتخابية في الفترة المخصصة لذلك. هذا يمنع المرشحين الذين يمتلكون موارد أكبر من الاستفادة من حملات دعائية مكثفة في اللحظات الأخيرة للتأثير على قرار الناخبين، مما يتيح لجميع المرشحين فرصة متساوية للتنافس.
رابعًا: تعزيز نزاهة العملية الانتخابية :
الصمت الانتخابي يعزز من نزاهة العملية الانتخابية ككل. عندما تتوقف الدعاية الانتخابية قبل يوم الاقتراع، يمكن للجهات المسؤولة عن تنظيم الانتخابات والمراقبين التركيز على ضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة ودون تدخلات. هذا يقلل من فرص حدوث انتهاكات أو مخالفات قد تؤثر على نتائج الانتخابات.
خامسًا: التزام بالقوانين واللوائح :
التزام المرشحين والأحزاب بالصمت الانتخابي يعد مؤشرًا على احترامهم للقوانين واللوائح التي تحكم العملية الانتخابية. هذا الالتزام يعكس مدى جدية المرشحين في احترام حقوق الناخبين وضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
ومن هنا نجد ان الصمت الانتخابي ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو آلية ضرورية لحماية نزاهة الانتخابات وضمان حرية الناخب في الاختيار. من خلال فرض الصمت الانتخابي، يسعى المشرع الأردني إلى تحقيق توازن بين حق المرشحين في التواصل مع الناخبين وحق الناخبين في اتخاذ قرارهم بحرية ودون تأثيرات دعائية في اللحظات الأخيرة. بهذه الطريقة، يعزز الصمت الانتخابي من الثقة في العملية الانتخابية ويدعم ديمقراطية نزيهة ومستدامة.
والله من وراء القصد.