يقف برجُ القاهرة على نهر النيل، شامخًا، كأوضح وأعلى وأفصح شاهد على الرشوة الدولية !!
يقف البرج الذي أراده الزعيم جمال عبد الناصر، رمزًا لكرامة مصر، ورفْضًا للرّشى والإملاءات المرتبطة بها.
برج القاهرة دليل، على أن أساليب الشراء والاحتواء، تطمح في أن تطال، حتى القادةَ الكبار.
برج القاهرة، هو أطول كلمة (لا) في التاريخ، أطلقها المصريون في وجه اميركا سيدة العالم، ذات المخالب النووية.
تم إنجاز البرج، بأموال رشوة أمريكية، في عهد عبد الناصر، عام 1961، وجاء على شكل زهرة لوتس، بارتفاع 187 مترًا، وبكلفة 6 ملايين جنيه مصري.
أطلق الأميركان على البرج المنيف، اسم «شوكة عبد الناصر»، وأسماه المصريون «وقف روزفلت» !!
يَذكر المؤرخُ العسكري المصري جمال حمّاد، أنّ الأموال الأميركية التي صُرفت على بناء هذا البرج، دُفعت إلى الحكومة المصرية كرشوة عن طريق سفارتها في القاهرة، بهدف التأثير على موقفها المؤيد للقضية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.
كانت مصر تزوّد الثوارَ الجزائريين بالمال والسلاح، وتوفر لهم التدريب والدعم السياسي والمالي والإعلامي والدبلوماسي والطبي.
لم ينجح الأميركان بالطبع في شراء جمال عبد الناصر، فَمَن مِن رجالاته، نجحوا في شرائه وإغوائه وتجنيده ؟!!!
يستحيل أن يكون رجالات عهد عبد الناصر كلهم، في نفس صلابته الوطنية والروحية والأخلاقية.
و لا شك أن الذين فشلوا في اقتحام حصانة عبد الناصر الوطنية، لم يتوقفوا يومًا، عن محاولات اختراق رجالات نظامه، خاصة وأن نظام عبد الناصر كان ذا سطوة وتأثير في الإقليم برمته.
إن مجريات وتطورات الأحداث، لتؤكد أن القوى الاستعمارية جنّدت وشغّلت.
فكيف نفسر، العداء المطلق للفكر، والديمقراطية، وقمع الرأي الآخر، وتدجين الإعلام الحر في مصر آنذاك؟!
وكيف نفسر استشراء ظاهرة الخوف، وزرع الكاميرات في مخادع الفنانات، والسياسيين، والتسجيل لهم وابتزازهم، ومنهم عبدالحليم حافظ، وسعاد حسني، ونور الشريف، حتى أم كلثوم، لم تسلم من انتهاك حياتها الخاصة.
كم نظامًا وتنظيمًا وحزبًا ومنظمة عربية، احتووا؟ وكم رجلًا من رجالات الزعيم جنّدوا، فوقفوا على نقاط ضعفه ومكامن قوته ؟!!
كم جندوا من القيادات العربية؟
وكم رجلًا استعصى عليهم عفافه الوطني ؟!