خلال الأيام القليلة الماضية تابعت حالتين عربيتين، الاولى من المملكة العربية السعودية، كانت على اثر نشر صحيفة (بولتيكو) الامريكية تقريرا، زعمت فيه ان سمو الامير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي يخاف من عملية اغتيال، ان هو سار على طريق السلام و التطبيع مع اسرائيل. فعلى اثر هذا التقرير تصدت اقلام وعقول سعودية لتفنيد ماورد في تقرير الصحيفة الأمريكية، وللدفاع عن مواقف المملكة العربية السعودية وسياساتها ودورها في المنطقة، ووصف تقرير الصحيفة الأمريكية بانه سطحي، وقد شارك في التصدي لتقرير الصحيفة الأمريكية والدفاع عن السعودية و مواقفها اساتذة علاقات دولية، ومحللون سياسيون وكتاب، وهو مؤشر محمود على الروح الوطنية السعودية.واعتزاز السعوديين بما تقوم به دولتهم.و احساسهم بواجب الدفاع عن دولتهم ومواقفها.
الحالة الثانية من مصر حيث شن برلمانيون واحزاب بعضها من حزاب المعارضة، كذلك رؤساء قطاعات ورؤساء تحرير وكتاب واعلاميون، كل هؤلأ شنوا هجوما كاسحا على القيادي الفلسطيني موسى ابو مرزوق، لانه صرح بان مصر لايمكن ان تعد نفسها محايدة، وان لاتقف الى جانب الفلسطينيين، كما تحدت ابو مرزوق عن علاقة مصر بقطاع غزة، ورغم ان بعض أحزاب المعارضة المصرية سبق وان قالت ما قاله ابو مرزوق، الا ان هذه الاحزاب شاركت بالهجوم على ابو مرزوق، على قاعدة (انا واخب على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب)، لقد تسابق المتصدين لأبو مرزوق في ابراز دور مصر بالدفاع عن فلسطين وقضيتها، وكذلك ابراز مكانة مصر في المنطقة.
هذا الموقف من العقول والاقلام المصرية هو مؤشر على الوطنية المصرية وتعلق المصريين بدولتهم، ورفضهم انتقادها من احد غير مصري.
الحالة الثالثة من الاردن فبلدنا يتعرض بصورة مستمرة للهجمات الاعلامية، والغير اعلامية الظالمة، لكننا لا نجد حملات رد منظمة لتفنيد الافتراءت التي يتعرض اليها بلدنا، على العكس من ذلك، فان الكثيرين من الاردنيين يساهمون بترويج هذه الافتراءت عبر اعادة نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، كم ان الكثيرين من الساسة والبرلمانيين والحزبيين يتوارون عن الانظار عندما يتعرض بلدنا لأزمة، او يتم التعرض له بتقارير اعلامية زائفة وظالمة. وكذلك يفعل معظم الكتاب حتى لايتهموا بانهم من (السحيجة)، ففي العرف السائد في بلدنا ان الدفاع عن الدولة هو نفاق و(تسحيج) وانتهازية. وكلها مؤشرات على ضعف الانتماء والولاء، وغياب الروح الوطنية عند شرائح واسعة من الاردنيين. وعدم الإحساس بان كرامة الشخص هي من كرامة وطنه، وان مكانته من مكانة وطنه، وهذا كله ناتج عن عدم تعريف اجيالنا المتعاقبة بتاريخ بلدنا الحضاري والسياسي والاجتماعي عبر العصور، لتكون هذه المعرفة مصدر اعتزار وانتماء وطني، وهو أيضا ناتج عن غياب التربية الوطنية الحقيقية عن مدارسنا وجامعاتنا، وعندما يغيب مفهوم الوطن والتربية على حبه، يصبح ظهر الدول مكشوفا.