أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العلاونة يكتب: التخصصات الجامعية والعالم الرقمي الجديد


عبدالله فارس العلاونه
مستشار بريادة الأعمال والتمكين للشباب

العلاونة يكتب: التخصصات الجامعية والعالم الرقمي الجديد

عبدالله فارس العلاونه
عبدالله فارس العلاونه
مستشار بريادة الأعمال والتمكين للشباب
مدار الساعة ـ
إلانطلاقة الحقيقية تبدأ بعد إعلان نتائج الثانوية العامة، حيث يُحدَّد التخصص الجامعي المناسب وفقًا لمعدل الطالب في الثانوية العامة. ويعتمد اختيار التخصصات الجامعية على مجموعة من المعايير والمحددات، منها:
1. الدرجة العلمية: معدل الثانوية العامة هو العامل الأساسي الذي يحدد التخصصات المتاحة.
2. القدرة المادية: بعض التخصصات الجامعية تتميز بارتفاع تكاليفها الدراسية.
3. القدرات العقلية: يجب على الطالب اختيار التخصص الذي يتوافق مع قدراته الذهنية.
4. الموقع الجغرافي: القرب أو البعد المكاني يؤثر في اختيار التخصص.
5. أهمية التخصص: مدى أهمية التخصص في سوق العمل واحتياجات المجتمع.
6. مدى ملاءمة التخصص لشخصية الطالب وطموحاته: توافق التخصص مع اهتمامات الطالب وتطلعاته المستقبلية.
7. رغبات الأهل وتوجيهاتهم: دور الأهل في توجيه الطالب نحو اختيار التخصص.
يُشكِّل الأردنيون ٣٪ فقط من سكان العالم العربي، لكنهم يمثلون ٢٧٪ من أبرز الرياديين والمبدعين فيه. هذا يستدعي ضرورة تعزيز الوعي والاهتمام بالتخصصات الحديثة التي تتماشى مع متطلبات سوق العمل العالمي لضمان إعداد طلابنا والأجيال القادمة بالشكل الأمثل.
بعد جائحة كورونا، ظهرت اهتمامات جديدة في بعض التخصصات، مثل الذكاء الاصطناعي، الهندسة البيولوجية، تحليل البيانات، كتابة المحتوى، هندسة الروبوتات، علم البيئة، وغيرها من التخصصات التي فرضتها الجائحة والتي غيّرت الكثير من المفاهيم السلوكية وأظهرت الدور المحوري للتكنولوجيا.
الجامعات هي الانطلاقة الفعلية والأساسية في تطوير مهارات الأجيال القادمة، لأنها تنقل الاتجاهات التقنية الجديدة، وذلك عن طريق إعادة تدريب القوى العاملة وتحديثها وتحويلها.
"الثورة الصناعية الرابعة" هي التسمية التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، عام 2016م، على الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية، وتتميز الثورة الصناعية بدمج التقنيات التي تطمس الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية، من خلال اختراق التقنية الناشئة في عدد من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وتقنية الـ blockchain، وتقنية النانو، والتقنية الحيوية، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والمركبات المستقلة، وغيرها من العلوم والمفاهيم التي أصبحت أساسية لمواكبة العالم والمضي نحو عالم رقمي بعيدًا عن العلوم التقليدية التي أصبحت متهالكة في هذا العالم الرقمي الجديد.
تتسم الثورة الصناعية الرابعة بالتكامل التقني للأنظمة الفيزيائية الإلكترونية (CPS) في عملية الإنتاج، والتي تُمكن من التواصل عبر الإنترنت مع جميع المشاركين في عملية الإنتاج وخلق القيمة. إن الثورة الصناعية الرابعة تغيّر من أسلوب معيشتنا وعملنا وطرق تواصلنا.
الثورة الصناعية الرابعة هي تحول في أنموذج العمل بالكامل. تقوم الثورة الصناعية الرابعة على العديد من التقنيات، ومن أهمها الذكاء الاصطناعي الذي يجعل الآلات ذكية. تعتبر الآلة ذكية إذا كان بإمكانها تحليل المعلومات واستخراج رؤًى تتجاوز ما هو واضح. بمعنى آخر، تصبح الآلات تفوق قدرات البشر وتبدأ في تغيير الصناعات بأكملها. وذلك حسب مقال نشرته مجلة "نيويورك تايمز" بعنوان "كيف نوقف الذكاء الاصطناعي الخارق، قبل أن يوقفنا".
مسؤولية الجامعات تجاه إعادة تشكيل مهارات الشباب والمناهج العلمية في ظل الثورة الصناعية الرابعة
إعادة تدريب الشباب وتطويرهم وتحويلهم هي أفضل استراتيجية للبقاء ومواجهة الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل. فالمشهد العالمي ينضح بتغيرات جذرية، وذلك بتغير المسارات الوظيفية بشكل كلي، حيث يتحول سوق العمل نحو الوظائف المختلطة التي تجمع بين العديد من المهارات مثل التسويق وتحليل البيانات، أو التصميم والبرمجة. والسؤال الملحّ الذي يواجهنا هنا: كيف تنجح الجامعات في إعداد خريجين قادرين على العمل في بيئة الأعمال التي خلقتها الثورة الصناعية الرابعة؟ ومن المتوقع أنه، وبحلول عام 2022، سيبلغ متوسط ساعات العمل التي يؤديها البشر 58% مقابل 42% بواسطة الآلات، ومن المتوقع أن يكون الطلب في سوق العمل للمهنيين الذين لديهم مزيج من العلوم التقنية والعلوم الإنسانية والاجتماعية.
في ضوء المعطيات السابقة، ونظرًا لأن الجامعات هي الكيان الذي يقع على عاتقه المسؤولية الأكبر في تزويد المجتمع بالخريجين المؤهلين للوظائف والأعمال التي تتطلبها احتياجات سوق العمل، فمن الطبيعي أن تلعب الجامعات دورًا حيويًا من أجل تطوير مهارات الأجيال المقبلة أثناء عملية الانتقال إلى الأعمال التقنية الجديدة. وهذا يتطلب إعادة هيكلة القوى العاملة للمؤسسة الجامعية وتطويرها. يتطلب ذلك أيضًا أن تشارك الجامعات مع القطاع الخاص لضمان توافق برامجها البحثية مع احتياجات العالم الحقيقي، بما يدعم نمو الأعمال والتنمية الاقتصادية.
آليات تعامل الجامعات مع مستجدات الثورة الصناعية الرابعة
كشفت دراسة استقصائية عالمية أجرتها شركة Qlik أن 21% فقط من الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا) يفهمون البيانات، مما يعني أن التعليم الذي تلقوه حتى الآن لم يؤهلهم لمكان عمل يعتمد على البيانات. يجب على الجامعات دمج التدريب على البيانات في التدريس وجعله أولوية رئيسية.
بدأت العديد من الجامعات في العمل مع الشركات ودمج المهارات الجديدة التي تحتاجها في المناهج الدراسية. يشترك العديد من أرباب العمل أيضًا مع الجامعات لتطوير برامج تعليمية مخصصة لموظفيهم لإعدادهم لفرص العمل الناشئة، من خلال طرح التساؤلات التالية: ما أفضل طريقة لتصميم مناهجنا، بحيث تناسب احتياجات الشركات؟ كيف نساعد الشركات على التكيف مع بيئة العمل المتغيرة بشراسة لم يسبق لها مثيل؟
هذه الأسئلة تعكس بعض التحديات الكبيرة التي تواجهها الجامعات. جزء من الحل ينطوي على إعادة التفكير في طريقة إعداد برامج الدرجات العلمية، حيث يرغب الطلاب في امتلاك خيارات حرة للدورات التعليمية، بعد الانتهاء من المساق الأكاديمي الذي تقدمه الجامعة، وذلك من أجل اكتساب مجموعة واسعة من المهارات، ويريدون خيارات أكثر مرونة للتعلم والوصول إلى المحتوى عن بعد. الجامعات بحاجة إلى الرد على هذه الاحتياجات، وتأمين التعليم الملائم للطلاب، بما يضمن لهم فرصة للعمل في الوظائف الناشئة.
كيفية إعداد العاملين للتحول الرقمي في الثورة الصناعية الرابعة: تجارب من أوروبا
تتطلب التغييرات في مكان العمل اتخاذ نهج تدريبي موجه نحو المختبر، والذي من شأنه إعداد العمال لعصر العمليات الرقمية. بالرغم من أن من صاغ مصطلح "الثورة الصناعية الرابعة" هو رجل الاقتصاد الألماني "كلاوس شواب"، إلا أن ألمانيا تعاني من نقص في المهارات. واللافت للنظر أن معدل البطالة حوالي 4% في ألمانيا، إلا أنه لا يوجد عدد كاف من العمال الأكفاء من أجل التشغيل الآلي، الذي يحتاج إلى عمال مهرة. كما أن الإنتاج وخدمات التصنيع تخلق الكثير من الوظائف، وهذا يعني أن الرقمنة خلقت وظائف جديدة.
إعادة تشكيل مفهوم التعليم والتوظيف وريادة الأعمال
التعليم هو الأداة الأساسية لربط الناس بمكان العمل. إنها لبنة أساسية تُستخدم للمساعدة في التوظيف. العمالة، بدورها، هي القناة التي تسمح للناس بأن يكونوا مستقلين اقتصاديًا وأن يلعبوا دورًا نشطًا في الاقتصاد. ومن الواضح أنه في سياق الثورة الصناعية الرابعة، فإن السبل التقليدية للتوظيف تتعرض للتحدي من خلال رقمنة مكان العمل. في بعض الصناعات، تتآكل القوى العاملة بسبب تكامل تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
إن إعادة تشكيل مفهومنا للتعليم والتوظيف وريادة الأعمال يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في السماح للناس ببناء مهن وأعمال تجارية ناجحة، لا تهددها هذه التقنيات الجديدة.
ففي فترة سابقة، كان التعليم تقليديًا أحاديًا، وكلما تقدم الشخص في دراساته، أصبحت هذه الدراسات أكثر تركيزًا وتضييقًا. بعد ذلك يحصل الناس على مجموعة من المهارات المتخصصة الضيقة من جامعة أو كلية أو برنامج تدريبي، وهذا يؤهلهم للقيام بعمل في مجال اهتمام محدد. كان التصور أن الشخص الأكثر تخصصًا هو أكثر قيمة من الناحية الاقتصادية. في سياق الثورة الصناعية الرابعة، هناك طلب على الأشخاص متعددي التخصصات، والذين يُطلق عليهم (T-shaped person) الشخص الذي على شكل حرف T، وهو شخص قادر على أشياء كثيرة، بمعنى آخر، شخص لديه معرفة متعمقة بمجال معين، ولديه معرفة كافية في مجالات أخرى خارج تخصصه. تساعد المهارات التي يكتسبونها خارج مجال تخصصهم على امتلاك معارف تمكنهم من إثراء مجال خبرتهم.
ولكي تساعد الجامعات الطلاب على الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة، سيتعين عليها العمل على توسيع نطاق مهاراتهم والتعرف على هذه التقنيات الجديدة. التقنية لا تجعل الناس خارج السياق فقط، ولكنها تغير شروط ومتطلبات الحصول على الوظائف. وقد أصبح هناك شرط مسبق غير معلن وهو أنه يجب أن يتمتع الأشخاص بمستوى معين من الكفاءات في مجال الحوسبة والكمبيوتر قبل دخولهم إلى مكان العمل. اليوم، سيكون هناك أيضًا متطلبات مسبقة جديدة لمكان العمل، لأن التصنيع يشكل قطاع التوظيف.
تكمن فائدة الثورة الصناعية الرابعة في أن لدينا مجموعة واسعة من الخيارات التقنية للاختيار من بينها.
موظفو المستقبل هم الشباب الرياديون
سيكون الموظفون الذين لا غنى عنهم في الثورة الصناعية الرابعة هم من يتمتعون بمهارات واسعة ومتكاملة. فكلما زاد دمج التقنيات في الأعمال التجارية والإنتاجية، سيكون على الموظفين أن يكونوا قادرين على التعامل مع المهام الجديدة التي سيخلقها هذا الدمج. يمكن تحقيق ذلك بطرق مختلفة؛ فقد يتعين على المحامي أن يتعلم تقنية الترميز وblockchain لتنفيذ العقود الذكية، أو قد يتعين على مسؤول العلاقات العامة أن يتعلم البرمجة أيضًا ليتمكن من عرض وإنشاء وإدارة صفحة وسائط اجتماعية لشركتهم للمساعدة في زيادة مبيعاتها. ستتحول الشركات إلى هيكل تنظيمي مستقر، وبالتالي من المتوقع أن يلعب كل موظف دورًا أكثر نشاطًا ومشاركة في المؤسسة التي يعمل بها.
الشيء المبشر هو أن الثورة الصناعية الرابعة تجعل تطوير المهارات عملية أكثر سلاسة ويمكن الوصول إليها. من خلال الكثير من الوسائط مثل محرك البحث Google والدورات التدريبية المفتوحة على الإنترنت (MOOCs) وEdx وCoursera والبودكاست ومقاطع الفيديو على YouTube، يمكن الوصول بسهولة إلى كمٍّ لا متناهٍ من المعرفة.
التزامن الحقيقي مع هذه الثورة الصناعية الجديدة هو أن نلتزم جميعًا بإعادة تدوير العملية التعليمية من المناهج الأساسية للمراحل التعليمية منذ البداية، وحتى يصل المتعلم إلى المراحل الجامعية ودخوله إلى سوق العمل. وهذا النهج لا يأتي دفعة واحدة، لذا علينا العمل على تطوير المنظومة التعليمية والفكرية والاجتماعية، وتفعيل دور القطاعات المتعددة الشريكة في هذا المشروع "مواكبة الثورة الصناعية الرابعة".
الأمية لم تعد مختصرة على القراءة والكتابة وتعلم اللغة الإنجليزية؛ أصبح مفهوم الأمية في زمن الثورة الصناعية الرابعة هو عدم القدرة على فهم علوم ريادة الأعمال وإنترنت الأشياء ومواكبة العالم الرقمي الجديد.
وفي الختام، أستطيع القول إن شباب الوطن يحتاجون إلى الأدوات والطريق الصحيح الذي يجب علينا جميعًا البدء بتطويره من خلال المناهج التعليمية في جميع مراحلها، وتحديد طرق تقديم المعلومة بالطريقة الصحيحة وفي الوقت المناسب
مدار الساعة ـ