أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

القضاة يكتب: شذرات عجلونية (58)


الدكتور علي منعم القضاة
أستاذ مشارك في الصحافة والتحرير الإلكتروني

القضاة يكتب: شذرات عجلونية (58)

الدكتور علي منعم القضاة
الدكتور علي منعم القضاة
أستاذ مشارك في الصحافة والتحرير الإلكتروني
مدار الساعة ـ
السنوات الكبيسة
طرحت كل الأحزاب الراغبة في خوض الانتخابات قوائمها، وبدأت سوقُ الخطاطين ومحلات التصميم والمطابع تزدهر، وامتلأت صفحات منصات التواصل الاجتماعي بالصور والياقات الزرقاء والبيضاء، وعم السرور حياتنا العامة لكثرة الابتسامات التي يوزعها المترشحون ...، نقدرُ لهم الجهد الذي يبذلونه حتى يلتقط لهم المصورون تلك الابتسامة، التي لا تتكرر لدى البعض إلا مرة كل أربع سنوات مثل السنوات الكبيسة.
ومما يحزن له رغم الجهود المبذولة على المستوى الرسمي لإقناع الناس بالأحزاب والقوائم الحزبية، أن غالبية الشعب لا يعرف أنه بإمكانهم التصويت على القائمة الوطنية (الحزبية)، من أماكن سُكناهم، إضافة إلى التصويتِ على مرشح دائرتهم المستقل، أو القائمة المحلية؛ رغم إنني لا أنتمي لأي حزب سياسي، ولكن قناعتي بالشخص المترشح من أبناء عشيرتي عن حزب ما بشكل رئيس؛ وهو شخصية من أبرز الكفاءات الأردنية التي يشهد لها القطاع العام الأردني، والقطاع الخاص، ومعظم... إن لم يكن كل الدول العربية، فهو شخصية حاضرة في ساحات التدريب والتمكين الوظيفي، نعم صعقتني التساؤلات كيف لنا أن نصوت ونحن من خارج الدائرة، أو من خارج عجلون، و، و، و، ....
لذلك ورغم عدم قناعتي بما تحاول أن تفرضه الحكومة دون إيجاد خلفية ثقافية وقاعدة متينة، أن تعيد الهيئة المستقلة للانتخاب حساباتها، وأن يكثف القائمون على الانتخابات حملاتهم ببيان ما هو المقصود بالقائمة الحزبية، وما هو المقصود بالقائمة المحلية، وأن يقوموا قبل يوم الانتخابات، بتوضيح ذلك للناس، وتكرار الحديث عنه، وهو جهد لا يمر بكم إلا كما تمر السنة الكبيسة مرة كل أربع سنوات.
يطعمك الحج والناس راجعة
إن انخراط كبار السن ممن تجاوزا السبعين من أصحاب المناصب المتقدمة؛ ومن الذين كانوا يديرون بعض مؤسسات الدولة الهامة لعقود وسنوات ماضية ولم يرتقوا بمؤسساتهم، أو يقدموا ما يذكرهم الناسُ به بخير، وهم الآن يتهافتون على التحزبِ، أو بتعبيرٍ أصح يتم توزيعهم على مناصب أخرى بمسميات حزبية جديدة، وقد كانوا عازفين عن الحزبية ردحاً من الزمن؛ وهم يرغبون الآن بالعزف على وتر الحزبية من جديد، من أجل قيادة مؤسسات البلد بالطريقة التي مارسوها من قبل، إن هذا لهو أمرٌ عجيب، لا ينطبق عليه إلا كمثل (الذاهبين إلى الحج والناس راجعة)، بعد أن ذبحوا الأضاحي، وقدموا قرابينهم، ولذلك فإن النصيحة لهم: (لو بدها تمطر كان غيمت في زمانهم)، (فكّونا لا تدبونا عن ظهر الحيط).
كل يدعي وصلاً بليلى
إنما يسمى بالنخب لأحزاب جديدة؛ التي شكلت تخمة حزبية تغصُ بها الساحةُ الأردنية، لهي أشد ضرراً من عدم وجود أحزاب نهائياً، سيما وإن كانت أحزاباً مُبرمجة، وليست أحزاباً برامجية، وجودها فقط لتزيين المنظر العام، والبيت الداخلي أمام الرأي العام العالمي، دون فاعلية حقيقية له، ولا وجود بارز لأعضائها في الحياة العامة، ولم يكن كثير منهم مثالاً يحتذى، فكيف سيقود النهضة، ويرتقي بالمجتمع.
الدين لله والوطن للجميع
لا يسمح لأي حزب سياسي، أو توجه، أو تيار، في بلاد الغرب التي تعدُ قِبّلَةً وقدوةً للكثير من أبناء العرب، أن يجعل الدين في برنامجه الانتخابي، - حتماً-، ولا يمكن أن يكون الدين برنامجاً انتخابياً، فالدين لدى كُل حكومات الغرب، يعدُ ركناً ركيناً لا يمكن مناقشته، أو الاقتراب من ثوابته، عند صياغة دساتيرهم؛ إذ لا يوجد دستور غربي لم ينص صراحة على دين الدولة؛ بل ومذهبها أحياناً، وبتعصب شديد وصارخ للمذهب، ولا تجيز بعض دساتيرهم حتى توريث العرش لشخص زوجته من مذهب آخر، مع أنهم من أتباع الدين نفسه.
كما إن أُناساً من بني جلدتنا، يتسمون بأسمائنا ويعيشون بيننا، لا يمكن أن ينظروا إلى الدين، بمفهومه الصحيح؛ لأن فهمهم قاصر، أو لأنهم عانوا من بعض ممارسات الجهلة من المسلمين، وأرادوا عن سوء نية، أو جهل منهم، أن يلصقوا بالإسلام وبالثقافة العربية والإسلامية تلك التصرفات السيئة، فلو أن إعصاراً ضرب البلاد، لكان السبب هو الإسلام السياسي، والثقافة المتحجرة، ولو ارتفعت أسعار المحروقات بسبب فساد الحكومات المتعاقبة، لكن السبب إقحام الدين بشؤون الدولة، ولو اتسع فتق ثقب طبقة الأوزون؛ لكان السبب الأحزاب الدينية، والإسلام السياسي،؛ كل هذا من وجهة نظر الذين يدعون أنهم من "التنويريين".
وما نحتاجه فعلاً هو وجود أحزاب لا ترفع شعارات دينية فقط، بل تقدم برامج حقيقية لدولة مدنية تخرج البلاد مما هي فيه من أزمات. لأن الشعوب العربية لا تريد قيام دولة دينية يحكمها شيخ، أو حامل للعلم الشرعي فقط (كلامي هذا لا يمنع أن يكون المترشح من حملة العلم الشرعي)، بقدر ما يريدون حاكماً مدنياً يحقق العدل فيهم، وأن تتاح الحريات الدينية لجميع الأديان، وألا يُضار أحد بسبب معتقده، أو دينه، أو توجهه السياسي، كما في كثير من الدول العربية.
مدار الساعة ـ