انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

قصة رجل أميركا والعلماني المتطرف.. هكذا صعد نجم أحد قادة المعارضة السورية ثم خبا نهائياً

مدار الساعة,أخبار عربية ودولية,الرئيس بشار الأسد,حزب العمال,الأمم المتحدة,وزارة الخارجية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/10 الساعة 15:17
حجم الخط

مدار الساعة- كان هناك وقتٌ يحظى فيه أبو أحمد، وهو رجلٌ ضخم تتخلَّل مشيته عرجةٌ واضحة، بالكثير من الانتباه والاهتمام في المقاهي المليئة بالدخان في جنوب تركيا؛ إذ كان رفاقه من قادة المعارضة السورية يتطلَّعون إليه من أجل المساعدة؛ وكان مسؤولو الاستخبارات الأجنبية يسعون للحصول على رأيه. وحينما عبر الحدود إلى داخل سوريا، أحضر معه حقائب مليئة بأوراقٍ من فئة المائة دولار لتوزيعها على مقاتلي المعارضة. وتلقى رفاقه صواريخ مضادة للدبابات بموافقة الولايات المتحدة، وصلت في سريةٍ إلى الحدود السورية.

المعارضون كانوا يصفونه أيام عزه برجل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) في سوريا. لكنه الآن، يجد صعوبة حتى في الرد على مكالماته الهاتفية. ويقول أحد قادة المعارضة الآخرين المدعومين من الولايات المتحدة: "اعتدنا المِزاح قائلين: إذا أردت شيئاً من باراك أوباما، فاتَّصل بأبو أحمد. إذا كان شخصٌ ما من المعارضة يرغب في مقابلة الأميركيين، كان يذهب إليه. أمَّا الآن، أمثالنا من الرجال، فيُلقى بهم في مزبلة التاريخ".

وبعد عامين كان فيهما "وسيطاً" للمخابرات الأميركية، يوزِّع الأسلحة ويُخطِّط العمليات العسكرية داخل سوريا، زُجَّ بأبو أحمد في السجن. ولدى إطلاق سراحه، اضطر للاختفاء مؤقَّتاً، ثُم بعد ذلك أصبح موصوماً بالعار بين رفاقه المعارضين. ولأسبابٍ أمنية، طلب تغيير اسمه وأسماء الآخرين العديدين الذين تحدَّثوا عن قصته، وحجب مواقعهم الحقيقية.

وتُقدِّم قصة صعوده وسقوطه نظرةً نادرة على الطريقة التي عملت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في إطار سياسة الرئيس أوباما المتراخية تجاه سوريا. وتكشف كيف أدَّت الخلافات بين الأجهزة البيروقراطية داخل الولايات المتحدة، والأهم من ذلك، الخلافات المتزايدة بين واشنطن وحليفتها في الناتو تركيا، إلى مفاقمة الفوضى في سوريا.


هذه معضلة سياسة أميركا تجاه سوريا

على مدار السنوات الست الماضية، تطوَّر الصراع السوري من احتجاجاتٍ في الشوارع ضد الرئيس بشار الأسد إلى حربٍ أهلية غيَّرت المنطقة والعالم. وقصف أربعةٌ من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الأراضي السورية. وضخَّت مراكز القوى الإقليمية مليارات الدولارات فيما أصبح حرباً بالوكالة. واستغلَّ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الجهادي الفوضى ليُصدِّر العنف حول العالم، وأنعش اللاجئون السوريون الذين توجهوا إلى أوروبا الشعبوية اليمينية المتصاعدة في أرجاء القارة وفي الولايات المتحدة.

دونالد ترامب الذي تولّى رئاسة الولايات المتحدة مستفيداً من موجة المشاعر الشعبوية هذه، ورث مستنقع الجحيم السوري. وينظر إلى الصراع السوري بكونه صراعاً ثنائياً بين داعش والأسد.

في الحقيقة، الواقع أكثر تعقيداً من ذلك، لكن إذا كانت رؤية ترامب تلك تحمل القليل من الصواب اليوم، فإنَّ السبب في ذلك ربما يعود جزئياً إلى الخيارات التي اتَّخذتها إدارة أوباما.

تصميم إدارة أوباما على عدم الانجرار إلى الحرب السورية، مع الاعتراف بأهميتها الإقليمية، ترك واشنطن في حالة تردد ومشاركة غير كاملة في الحرب السورية، وهو الموقف الذي قد يَثبُت على المدى الطويل أنَّه يحمل معه من المشاكل نفس ما تحمله فكرة التدخُّل الكامل في الحرب.

ويُجسِّد سوريون، مثل أبو أحمد، تبِعات هذا المأزق. ففي 2013، انضم أبو أحمد إلى برنامجٍ سري لوكالة الاستخبارات المركزية، أُنشئ لنقل الأسلحة والأموال إلى المعارضين المعتدلين. وراهن، إلى جانب العديد من القادة الآخرين، على أنَّ ربط نفسه بالولايات المتحدة سيؤدي في النهاية إلى ذلك النوع من الدعم الذي ساعد الثوار الليبيين على الإطاحة بمعمر القذافي في 2011. ولكنَّه خسر الرهان تماماً.

هذه الأيام، يستيقظ أبو أحمد في السابعة صباحاً، فهو لا يزال وفياً للروتين الذي انغرس فيه قبل فترةٍ طويلة عندما كان مسؤولاً بالجيش. ويقود سيارةً مُستعارة ومُتضرِّرة من طراز سيدان إلى المنطقة الصناعية في جنوب المدينة التركية التي يعيش فيها بجانب الحدود السورية تماماً. ويلوِّح بيديه إلى الفتية اللاجئين السوريين الذين يغسلون الشاحنات، ويسأل مالكي المرآب ما إذا كان لديهم عمل صيانةٍ له ليقوم به. ثم يتوجَّه إلى وسط المدينة، حيث يقوم بأعمال الحسابات لبعض الشركات المحلية، فهو يقوم بأي عملٍ يسد رمقه.

قال أبو أحمد لي داخل أحد المقاهي قريباً من منزله على وقع أصوات موسيقى الراب التركية الصاخبة، وأنابيب المياه التي تُغرغِر في الخلفية: "كنتُ أعتقد أنَّ الولايات المتحدة هي حاكمة العالم. وإذا ما سألتني عمَّا إذا كنتُ مُخطِئاً في ذلك؟ سأقول: نعم، كنتُ مخطئاً".

ويضيف: "ما كنتُ أكترث به، هو أن أحظى بعلاقةٍ جيدة مع الأميركيين. لقد منحوني الأسلحة، وأحضرتها إلى سوريا. أمَّا حقيقة أنَّ تركيا لم تكن تحب الأميركيين، أو أنَّ الأميركيين لم يحبوا الأتراك، فهذا أمرٌ لم أكترث به؛ إذ لم يكن بيدي شيءٌ أفعله حيال ذلك. ولسوء الحظ، الأمور لا تجري على هذا النحو".

يتبقَّى القليل من الخيارات الجيدة المُتاحة أمام الولايات المتحدة في سوريا، وهو ما يُدلِّل عليه سقوط آخر المعاقل الحضرية للمعارضة في حلب في نهاية عام 2016. فلم يكن انتصار الأسد، وراعيته روسيا، فقط مأساةً إنسانية للمدنيين الذين قُصِفوا وهُجِّروا من مناطقهم فحسب، لكنَّه كان أيضاً دليلاً قويةً على تداعي نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة؛ إذ همَّشت الجهود الدبلوماسية التي قادتها موسكو وأنقرة لإنهاء الحرب دور واشنطن.

دافع أوباما ومساعدوه عن موقفهم في الشرق الأوسط باعتباره يُمثِّل قطيعةً مع إرث أميركا المُكلِّف من التدخُّلات الفاشلة، وخصوصاً غزو جورج بوش الابن للعراق. لكنَّ قصة أبو أحمد تُظهِر أنَّ حتى التدخُّلات المحدودة يُمكن أن تكون مُكلِّفةً أيضاً، ويدفع الحلفاء المحلِّيون غالباً الثمن الأغلى في هذه الحالة.

وتحدَّث المسؤولون الأميركيون السابقون الذين أُجريَت معهم مقابلةٌ سرية من أجل هذا التحقيق عن شعورهم بالإحباط من أن أفعالهم دائماً كانت مجرد محاولاتٍ لتدارك الموقف في سوريا، هذا بينما كانوا يشاهدون الوزارت المختلفة في الإدارة الأميركية تتنازع حول أهدافٍ مُبهمة. ويقول البعض إنَّهم على مدى سنواتٍ لم يكونوا قادرين على التعبير عن سياسة أوباما بشكلٍ واضح على الإطلاق.

ويتشارك قادة المعارضة ودبلوماسيو المنطقة، على حد سواء، هذا الانزعاج من السياسة الأميركية؛ إذ قال دبلوماسيٌ من الشرق الأوسط إنَّ "الناس لديهم ذلك المنظور حول أنَّ الأميركيين لم يكونوا مُنخرِطين كثيراً في سوريا. لكنَّ ذلك ليس صحيحاً، لقد كانوا مُنخرِطين كثيراً، وبدرجةٍ كبيرة من التكتُّم، لبعض الوقت في مناطق مثل حلب، التي بدأ فيها برنامج وكالة الاستخبارات المركزية. كانت المشكلة في السياسة الأميركية بسوريا، بطريقةٍ أو بأخرى، هي المشكلة ذاتها التي كانت موجودةً دوماً: تكتيكاتٌ فقط، لكن دون استراتيجية... كان الأمر عبارة عن حالةٍ من الفوضى".


العلماني المتطرف

وعلى الرغم من الجو المُبهِج والضحك النابع من القلب، كانت الحلقات التي تحيط بعيني أبو أحمد مُظلِمةً بقدر ندوب الشظايا الموجودة في ساقه. وخلال مقابلتنا، ارتدى القميص نفسه الذي كان يرتديه طوال اليومين السابقين، وتناول 1600 مللغرام من دواء الإيبوبروفين، وهو مُسكِّنٌ للآلام، ليتمكَّن من ممارسة حياته اليومية.

من السهل رؤية سبب انجذاب المسؤولين الأميركيين نحوه من قبل. فعلى النقيض من التديُّن المتنامي لبعض المعارضين المُحبَطين، وتخوُّفهم العميق من تدخُّلات الولايات المتحدة، يستمتع أبو أحمد بالمزاح مع "أصدقائه الأجانب". ويُصوِّر نفسه على أنَّه مُسلَّحٌ مُعتدِل، غير متساهل مع الفساد، ومُتشكِّك في الإسلاميين، أو، على حد تعبيره، في "أي شيءٍ له لحية". ويصفه المعارضون الآخرون الذين أُجريت معهم مقابلاتٌ للتثبُّت من روايته مازحين بـ"العلماني المُتطرِّف".

وقال أحد الدبلوماسين لفايننشال تايمز: "إذا كان لديك أسئلةٌ حول معركةٍ رغب المعارضون في خوضها، كان أبو أحمد سيخبرك في الحال بأنَّ هذا هو عدد الرصاصات التي تحتاجها، وعدد المقاتلين الموجودين هناك بالفعل، وأي أسلوبٍ يجب أن ينتهجوه. لقد قدَّر الأميركيون ذلك حقاً".

حينما خرجت الاحتجاجات إلى الشارع في 2011 للتظاهر ضد 4 عقودٍ من حكم أسرة الأسد، كان لأبو أحمد وظيفة مريحة كضابطٍ في الجيش وسط سوريا. وبدأت بعد ذلك قوات الأمن في إطلاق النار على المتظاهرين. فوحَّد المُزارعون، وأفراد الجيش المُنشقَّون، والتجار المحليون صفوفهم في وحداتٍ ليُقاتلوا بدورهم، وتفجَّر التمرُّد بسرعةٍ كبيرة.

انشق أبو أحمد عن الجيش السوري، وفرَّ إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شمال سوريا حاملاً معه مُسدَّساً. ويقول: "كنتُ جاهلاً. بالكاد كنتُ أعرف كيف أُطلِق النار؛ إذ لم تكن التدريبات على استخدام الأسلحة شيئاً مهماً بالنسبة لي على الإطلاق".

لكنَّه أصقل مهارةً مختلفة ستجذب إليه الشركاء الأميركيين لاحقاً: بصيرة ضابط التموين المُتعلِّقة بالتكتيكات والإمدادات. وقال: "بإمكاني القول كم كان عدد المقاتلين على الأرض فعلياً، وكم الذخيرة التي يمكن أن يستخدموها، والأمر الأكثر أهمية، كم من الرجال كانوا سيُقاتلون حقاً".

وفي حين ادَّخر القادة الآخرون الأسلحة، قال أبو أحمد إنَّه حدَّد استخدامه بناءً على تقديراته لرجاله وللطريقة المُحتملة التي ستهاجم بها قوات الأسد. وأضاف، في أثناء إمساكه بهاتفه الذي كان يلعب عليه الشطرنج خلال مقابلتنا: "كان الأمر شبيهاً بلعب الشطرنج بالنسبة لي. أحب الشطرنج".

في 2012، أُصيب أبو أحمد في غارةٍ جوية، وغاب عن الوعي 10 أيام. واستيقظ في أحد المستشفيات مع قصبةٍ معدنية في ساقه. وتذكَّرت زوجته، أم أحمد، وهي سيدةٌ نحيلة كانت تضع مستحضرات الزينة بطريقةٍ مُتقنة، الجلوس معه ليل نهار، والمُعاناة لدفعه إلى الجلوس معتدلاً، أو للأكل، أو للحديث. وتقول: "وبعد ذلك، حينما جاء بعض المقاتلين لزيارته، جلس معتدلاً، وأكل، وضحك. أدركت حينئذٍ أنَّه من الآن فصاعداً سيكون هناك ثلاثةٌ منا في تلك العلاقة: أنا، وهو، والثورة".


رجل المخابرات الأميركية

عاد أبو أحمد بعد بضعة أشهرٍ إلى ساحة قتال كانت قد تغيَّرت بصورةٍ جذرية. فقد فشل الجيش السوري الحر المُكوَّن من فصائل مختلفة في أن يكون قوةً تليق باسمه أو حتى تقترب منه. وكان الفساد قد أصاب الكثير من الفصائل. وكانت الجماعات قد برزت إلى الواجهة بدعم الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة، وكانت النظرة لتلك الجماعات بكونهم أكثر تنظيماً واستحقاقاً للثقة من نظرائهم.

شجَّع هذا المناخ، إلى جانب سياسة الحدود الرخوة التي انتهجتها تركيا لتسهيل تنقل المعارضين، صعود الجهاديين المدعومين بالمقاتلين الأجانب. واستحوذ الفرع المحلي لتنظيم القاعدة، جبهة النُصرة، والتنظيم المُنشَق عنها، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، على أفضلية التفوق العسكري، وطوَّرا برنامجاً لزيادة ذلك التفوق. (أعادت جبهة النصرة تسمية نفسها مرتين منذ ذلك الحين، كان آخرها "جبهة فتح الشام"، وتقول الجبهة إنَّها قطعت ارتباطاتها بـ"القاعدة"، على الرغم من أنَّ قليلين فقط ينظرون إلى الخطوة على أنَّها حقيقية).

وقال أبو أحمد، وهو يهز رأسه: "كنّا أغبياء للغاية. كنتُ غبياً للغاية". ويضيف: "فيم كنتُ أفكِّر؟! اعتقدتُ أنَّ النظام سيسقط، وأنَّنا سنعود إلى حيث بدأنا. وعندما عُدتُ، وجدت جبهة النُصرة وداعش ينتشران، وكانت لديهما كل تلك الخطط. حينئذ أدركتُ أنَّنا سنحتاج إلى عمليةٍ مضادة ضد أولئك الرجال في نهاية المطاف".

بدأ بعض القادة الإسلاميين يشُكُّون في أبو أحمد؛ بسبب انتشار الشائعات بأنَّه لا يُصلِّي. وشعر رفاقه من قادة المعارضة بالقلق حول سلامته، فأرسلوه عبر الحدود ليساعد في الجهود التي تبذلها تركيا. وقابل أبو أحمد -بحسب فايننشال تايمز- ضابط مخابرات سعودياً يريد تنسيق جبهة معارضة للتصدي لداعش في منطقة الحدود التي شابها التخبط حديثاً، حيث امتلأت المدن التي اعتادت الهدوء سابقاً، مثل غازي عنتاب، وكيليس، وأنطاكية، بالعاملين في المجال الإنساني، واللاجئين، والنشطاء.

وفي نهاية عام 2013، كانت داعش تهدد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، وتتوسع باستمرار في دولة العراق المجاورة. ونسَّق أبو أحمد بين السعوديين والمعارضة، التي استطاعت طرد داعش من محافظة إدلب في شمال غربي سوريا في بداية عام 2014.

وفي ذلك الوقت، تلقَّى أبو أحمد مكالمةً من أفراد برنامجٍ سرِّي أسسته وكالة الاستخبارات الأميركية في مدينة أضنة التركية الساحلية، وقابله 3 رجال في مطعم. وقال أبو أحمد: "كانوا لطفاء حقاً. وكانوا بالفعل يعرفون كل شيء عني".

رفضت وكالة الاستخبارات الأميركية التعليق على رواية أبي أحمد، لكنَّ مصدراً استخباراتياً في واشنطن أكَّد أنَّ أبو أحمد قد عمل مع الوكالة. لكنه قلَّل من أهمية الموضوع، قائلاً إنَّ أبو أحمد كان "وسيطاً سوريّاً فقط"، وصدَّق معارضون ونشطاء ودبلوماسيون، رفضوا جميعاً ذكر أسمائهم، على عناصر أخرى من رواية أبو أحمد، وتفاصيل علاقته بوكالة الاستخبارات الأميركية.

ومنذ البداية، قابلت العملية عوائق كبيرة. فقد كان التحكم في حدود تركيا مع سوريا، التي يبلغ طولها 800 كيلومتر، صعباً للغاية. بالإضافة إلى ذلك، بحلول عام 2014، تَرَسَّخ بعُمق دور الجهاديين، والعلاقات بين الداعمين الأجانب والعملاء المحليين، وهو ما جعل إدارة تدفق الأسلحة أمراً مستحيلاً تقريباً.

ويقول نواه بونسي، المُحلل في منظمة "مجموعة الأزمات الدولية" غير الربحية: "خلال هذا البرنامج، كانت هناك اختلافاتٌ كبيرة بين الدول وحتى داخل الحكومات. هل فشلت المعارضة فشلاً ذريعاً؟ بالتأكيد".

اعتبر الكثير من المعارضين مركز العمليات المشتركة أكثر من مجرد موقع استخباراتي أجنبي داخل المعارضة. لكنَّ البعض، مثل أبو أحمد، كانوا يأملون أنَّ المركز يمكنه على الأقل أن يُرسِّخ قبضة المعارضة في شمال سوريا، ويضمن لها موقفاً أقوى في مفاوضات السلام.

كان مقر العملية في فيلا غير مميزة بجنوب تركيا، حيث كان يجتمع قادة المعارضة بضُباط الاستخبارات حول طاولةٍ بيضاوية طويلة، لاقتراح الخطط الحربية والضغط للحصول على الأسلحة.

وتلقى المعارضون الذين ثبُت كونهم "معتدلين" أيديولوجياً راتباً شهرياً قدره 150 دولاراً تقريباً للمقاتل، و300 دولار للقادة. وقال أبو أحمد: "لم يخبروننا مطلقاً إلى أين كنا ذاهبين. كانوا يضعوننا في سيارةٍ ونحن معصوبو الأعين. كان الأمر يشبه أفلام الجواسيس، لكنه كان أضحوكة؛ لأننا تعلمنا الطريق بمرور الوقت".


إيثار الأكراد أفضى إلى ازدهار الإسلاميين

في البداية، كان الجو العام ودِّياً. وترك الأتراكُ القادةَ ينامون في المبنى، الذي كان به مطبخ وطبَّاخ، حتى يستطيعوا إنهاء جلسات الساعات المتأخرة من الليل التي يستغرقون فيها في النظر إلى الخرائط والتخطيط. لكن بعد ذلك بفترةٍ قصيرة، صارت بيروقراطية مركز العمليات المشتركة مشكلةً للمعارضة، فقد تتغير أحوال المعارك خلال ساعات، لكنَّ المعارضين كانوا يضطرون إلى الانتظار أوقاتاً تصل إلى أسابيع حتى يوافق الممثلون الأجانب على الخطط ويحصلون على الموافقة على إمدادهم بالمؤن، مثل الذخيرة، والعلاج، والأحذية. وأخبر المعارضون وسائل الإعلام بقصصهم مع بُخل مركز العمليات المشتركة.

وعلى الرغم من ذلك، يجادل بعض رموز المعارضة ودبلوماسيوها بأنَّ المشكلة كانت نقيض ذلك. وقال أحد رموز المعارضة، والذي كان قريباً من القادة الذين يدعمهم مركز العمليات المشتركة: "صار مركز العمليات المشتركة وسيلةً لإفساد الجيش السوري الحر، ليس لأنه منح الجنود أقل من اللازم، وإنما لأنه منحهم أكثر من اللازم".

وقال إنَّ القادة كانوا يبالغون في زيادة أعداد جنودهم ليحصلوا على رواتب إضافية، وكان بعضهم يطلب أسلحةً إضافية ليدَّخروها أو يبيعوها في السوق السوداء. وكان حتمياً أن يذهب الكثير من تلك الأسلحة في النهاية إلى تنظيم داعش. وكانت جماعاتٌ أخرى تُقاطع صفقات جبهة النصرة؛ لكي تمنعها من الهجوم عليها. ويضيف: "بالتأكيد، كانت وكالة الاستخبارات الأميركية على علم بهذا، وكذلك كل من كانوا في مركز العمليات المشتركة. كانت هذه ضريبة إتمام العمل".

اتهم أبو أحمد زملاءه القادة بتلك الممارسات، الأمر الذي أثار إعجاب الأميركيين. وأضاف: "كنت أخبرهم بأنَّ هذا الرجل يدعي أنَّ لديه 300 جندي، لكنَّ ليس لديه سوى 50. وذاك الرجل يفعل كذا. كنت أُحرج الجميع. وكان السوريون يغضبون مني ويقولون: إنه عميل ومُخبر للأميركيين، كيف يتحدث عنَّا هكذا؟ لكني اعتقدت أنهم كانوا يسرقون من ثورتنا".

وتقول الصحيفة: من الصعب التأكد مما إذا كان أبو أحمد نظيفاً كما يدعي، لكنَّ موقفه الحالي متناقض مع مواقف الكثير من قادة المعارضة، الذين لديهم شقق سكنية كبيرة في تركيا، ويقودون سياراتٍ فارهة، ويمتلكون أحدث أجهزة آيفون.

يعيش أبو أحمد مع زوجته وطفليهما في شقةٍ صغيرة مع والديه وعائلة أخيه. وأحياناً يتمادي في التخيُّل، ويفكر كيف كانت حياته لتصير إذا تآمر مع القادة الآخرين ليأخذ نصيباً لنفسه. ويقول: "لم أكن لأصير خائناً، فقد كان الناس سيساعدون في الحفاظ على صورتي، وكنت سأمتلك أفضل السيارات. كان يمكنني فعل هذا، لكنِّي لم أفعل، وبدلاً من ذلك، أُهينت كرامتي".

لكن، رُبما كانت المنافسات المتزايدة بين الداعمين الأجانب لمركز العمليات المشتركة أكثر ضرراً من الفساد. وحين حدثت الانشقاقات، تحركت كل قوة لكي تساند قادتها المفضلين.

وقال أبو عمر (اسم مستعار)، أحد أصدقاء أبو أحمد، وأحد قادة المعارضة الذين تدعمهم الولايات المتحدة: "لو دخل طفل إلى مركز العمليات المشتركة، لاستطاع أن يميز الذين تدعمهم الولايات المتحدة، من الذين تريدهم تركيا، أو الذين تدعمهم السعودية. وصار المركز هو الغطاء القانوني لكل الدعم الإضافي الذين كانوا يمنحونه لتلك الجماعات دون علم بعضهم بعضاً".

كان الانشقاق الأسوأ بين تركيا والولايات المتحدة. وازداد التوتر بعدما سيطرت داعش على الموصل، ثاني كبرى المدن العراقية، في يونيو/حزيران عام 2014، وانتشرت هجماتها في العراق وسوريا. وبدأت واشنطن حملةً جوية قادها البنتاغون ضد داعش، لكنَّ قوات المشاة دعمت ميليشيا أكراد سوريا، التي تعرف باسم "وحدات حماية الشعب"، بدلاً من أن تدعم المعارضة.

وجد البنتاغون في وحدات حماية الشعب شريكاً جذاباً؛ لأنه لم يضطر إلى القلق بشأن تسلل الإسلاميين، ولم تكن وحدات حماية الشعب تحارب بشار الأسد، بعكس المعارضة. لكنَّ هذا أثار غضب أنقرة، فقد كانت في حربٍ مستمرة لـ4 عقودٍ مع المنظمة الأم لوحدات حماية الشعب، حزب العمال الكردستاني؛ لتمنع الطموحات الكردية للحكم الذاتي في جنوب شرقي تركيا، ورأت انتشارها عبر الحدود تهديداً لها.

وقال بونسي، المحلل في "مجموعة الأزمات الدولية": "ذُهلت من مدى الصدق البادي على الولايات المتحدة وتركيا في سوء فهم إحداهما للأخرى. أحياناً يبدو أنَّ المسؤولين الأميركيين لا يفهمون صِدقاً لماذا يُعدُّ دعمهم لوحدات حماية الشعب مشكلةً كبيرة لتركيا. وعلى المنوال نفسه، لم يبدُ أنَّ المسؤولين الأتراك يفهمون مدى استياء المسؤولين الأميركيين من عدم بذل تركيا أي مجهوداتٍ لإضعاف مرافق الجماعات الجهادية التي تستخدم حدودها. كان كلاهما يتجاهل وجود الآخر".

وشعر المعارضون الذين تدعمهم الولايات المتحدة بأنهم عالقون بين الطرفين، وفجأة صار مضيفوهم الأتراك والجماعات الإسلامية يعُدُّونهم خائنين. وبدأ أبو أحمد يكره زيارة مركز العمليات المشتركة. ويقول مازحاً: "كنت عالقاً بين أبوين يتشاجران".

ويذكر أبو أحمد اجتماعاً سأله فيه مسؤول تركي بوضوح أمام نظرائه الأميركيين عن سبب مساعدة الهجمات الأميركية للأكراد وعدم مساعدتها لأمثاله من المعارضين. وجلس مسؤولو وكالة الاستخبارات الأميركية بهدوء قبل أن يقفزوا قائلين إنَّ الهجمات قد شنَّها البنتاغون، وهو كيانٌ منفصل.

أصبح من الصعوبة بمكان شرح تقلبات السياسة الأميركية للمقاتلين الغاضبين الذين يقول أبو عمر إنَّهم قد أصبحوا بالفعل أكثر تعاطفاً مع الإسلاميين، خصوصاً بعد أن دعمت الولايات المتحدة الأميركية مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية عند استيلائها على عددٍ من البلدات التي تسيطر عليها المعارضة بالقرب من قاعدتها بالشمال الغربي لسوريا في شتاء عام 2016.

وقال أبو عمر: "قُتِلَ 57 من المقاتلين التابعين لي على الجبهة، وفقدَ ضعف هذا العدد أطرافهم. كيف يمكنني أن أشرح لهم أنَّ وحدات حماية الشعب تحظى بدعم البنتاغون؟ وأن غرفة العمليات المشتركة تحظى بدعم وكالة الاستخبارات المركزية؟ هؤلاء سوريون ريفيون ولا يفهمون مثل هذه الأمور".

ووجد القادة الذين هم على اتصالٍ بوكالة الاستخبارات المركزية، مثل أبو أحمد وأبو عمر، صعوبةً أيضاً في العمل بتركيا. فقد كافح أبو عمر لتجديد تصريح إقامته، وعلم أنه مُدرَجٌ على قائمة المراقبة الأمنية. وعندما طلب من الأميركيين مناقشة هذا الأمر مع المسؤولين الأتراك، أخبروه بأنَّ الأمر خارج عن حدود سلطتهم.


رجل أميركا بـ1000 دولار فقط!

معضلة أبو أحمد تكاد تكون أمراً هزلياً؛ إذ قال إنَّه في الأيام الأولى لغرفة العمليات المشتركة، كان الضباط الأتراك يرافقونه عبر الحدود لحضور الاجتماعات. ثم بعد الخلاف مع الأميركيين، قال إنَّهم لم يعد باستطاعتهم المساعدة. وبدأ في الدفع للمهربين للوصول إلى تركيا لحضور الاجتماعات الدولية.

وتذكر أبو أحمد وصوله ذات يومٍ إلى الحدود في الموعد، ورأى واحداً من القادة المفضلين لدى تركيا يقفز في سيارةٍ متجهة لحضور هذا الاجتماع. وقال أبو أحمد: "لوح هذا القائد لي وقال: مع السلامة! وقفت هناك أحملق فيه". وعندما اشتكى إلى الأميركيين ضحكوا، لكنهم كرروا مرةً أخرى أنه لا شيء باستطاعتهم فعله.

حدث هذا في الوقت الذي كوَّنت فيه المعارضة تحالفاً جديداً يُدعَى الجبهة الشامية، في محاولةٍ منها لتنظيم فصائلها المختلفة. كانت تأمل المعارضة أن يقلل هذا الأمر من الشد والجذب بين واشنطن وأنقرة. ولكن هذا لم يزد الأمور إلا سوءاً، وأجبر التحالف على الخروج من البرنامج السري.

وقال أحد قادة المعارضة الآخرين الذي رفض التصريح باسمه: "كانت أميركا تضغط علينا بتحكمها في المساعدات القادمة من غرفة العمليات المشتركة. وكانت تركيا تحاول الضغط علينا بتحكمها في الوصول للحدود.

استقال أبو أحمد ولم ينضم إلى الجبهة الشامية، لكن سرعان ما طلب منه الأميركيون أن يكون مستشاراً لهم، ودفعوا له نحو 1000 دولار شهرياً. وأصبح معروفاً بين السوريين أنَّه شخصٌ بإمكانه تدبير الاجتماعات مع الأميركيين. ويصر منتقدوه على أنَّه كان يساعد وكالة الاستخبارات المركزية في التخطيط لمحاولات اغتيال فاشلة لقادة جبهة النصرة، وتقويض المجموعات التي تدعمها تركيا. ولكن أبو أحمد أنكر وجود أية مؤامرات، واعترف بأنَّه كان يعمل على إغواء المجموعات لتعود مرة أخرى إلى غرفة العمليات المشتركة.

في صيف عام 2015، أطلقت الولايات المتحدة برنامج البنتاغون المُسمَّى "التدريب والتجهيز" لمقاتلين مختارين من المعارضة. كلف هذا البرنامج 500 مليون دولار، وفشل فشلاً ذريعاً. وقال أبو أحمد: "لقد صدمت. جاء البنتاغون، وبدأ في مقابلة الناس بغازي عنتاب، واختار أشخاصاً كانت وكالة الاستخبارات المركزية وغرفة العمليات المشتركة، كلاهما، تريانهم فاشلين".

وبعد اختطاف "النصرة" للمجموعة الأولى من مقاتلي برنامج التدريب والتجهيز، شك أبو أحمد في أنَّ الوزارات الأميركية لم تكن تتشارك المعلومات. ثم استسلمت المجموعة الثانية، تحت قيادة قائد جديد، لجبهة النصرة.

وقال أبو أحمد: "عندها أدركت أنَّ الأميركيين يعملون في اتجاهين مختلفين". وبدأ أبو أحمد يطلب من الدبلوماسيين الغربيين أن يشرحوا له النظام السياسي الأميركي. أخبروه عن الكونغرس، والبيت الأبيض، والأفرع الاستخباراتية والعسكرية المختلفة. وقال أبو أحمد ضاحكاً: "لو سلك أوباما هذا الطريق، فسوف يسلك الكونغرس ذاك الطريق، والناس الذين يعملون على الأرض هم الذين يقررون ما الذي يجدي نفعاً وما الذي لا يُجدي. فهل هناك قرارٌ اتُخِذَ حقاً؟. ربما نحن أمام حالة من الديمقراطية المبالَغ فيها".

وفي غضون ذلك، كان النزاع الأميركي-التركي يتعمق أكثر فأكثر بخلافهما حول إقامة منطقة حظر طيران جوي شمال سوريا. وإحدى نقاط الخلاف الكثيرة في الخطة، كانت حول من ينبغي أن يكون وسيطهما في سوريا. بحسب الكثير من القادة، أرادت وكالة الاستخبارات الأميركية أن يكون هو أبو أحمد، بينما أراد الأتراك واحداً أقرب لهم.

وقبل يومٍ من اجتماعٍ مليء بالجدل في مركز العمليات المشتركة لمناقشة هذا الأمر، قال أبو أحمد إنَّ سيارة تابعة للشرطة التركية وقفت أمام منزله. ولما شعر أبو أحمد بالخطر، وضع كل نقوده في جيوبه، في الوقت الذي كان فيه الضباط يطرقون الباب.

وبذلك، أُلقى القبض على أحد الحلفاء المحليين لواشنطن. وخضع أبو أحمد للتحقيقات لساعات. وقال: "طلبوا مني أن أخبرهم عن سبب اعتقالي. أخبرتهم بأنني لا أعرف. أنتم الذين أحضرتموني إلى هنا. وأنتم من يفترض بهم أن يخبروني عن تهمتي".


الاستغناء عن الرجل

في النهاية، زُجَّ بأبو أحمد في سجنٍ قريب، حيث انتظر أياماً حتى قامت زوجته وأصدقاؤه بإجراء اتصالاتٍ محمومة بمسؤولين أميركيين. ولم تكن وكالة الاستخبارات المركزية قادرة على إطلاق سراحه. وقال أحد المصادر الاستخباراتية من واشنطن: "حاولوا مساعدته والإفراج عنه، لكن من غير المحتمل أن يكون الأمر قد وصل لمستوياتٍ عاليةٍ جداً، بالنظر إلى أنه كان يساعد في عمليةٍ سرية من عمليات وكالة الاستخبارات المركزية".

سرعان ما أدرك أبو أحمد أنَّ الطريقة الوحيدة للخروج من السجن هي أن يوافق على أن يرحل إلى سوريا، وهو ما يُعَدُ أمراً خطراً بالنظر إلى مدى احتقار الإسلاميين له. لكنَّه وقّع الأوراق، وتركوه بعدها على الحدود. وقال أبو أحمد: "استخدمت ما معي من مال، ودفعت لأحد المهربين كي أتسلل مرةً أخرى إلى تركيا".

اختبأ أبو أحمد في بيتٍ على الحدود أكثر من شهر. وفي النهاية، وعد الأتراك بأن يتركوه وشأنه طالما توقف عن العمل مع الأميركيين والمعارضة. وشعر أبو أحمد بخيبة أملٍ كبيرة، لكنه وافق على الشروط، ومنذ ذلك الحين وهو يعيش على هامش المجتمع السوري في تركيا، معتمداً على أصدقاءٍ، مثل أبو عمر، ليقرضوه بعض المال.

وفي إحدى ليالي الصيف، قادنا أبو أحمد إلى بيت أبو عمر على الساحل التركي؛ من أجل "اجترار بعض الذكريات الجيدة عن الثورة". بدا أبو عمر في خير حال، بشعرٍ قصير، وقميص ماركة "بولو"، وهاتف آيفون جديد. دعانا إلى وجبة سمك، ثم بدأ مباشرةً في الرثاء.

قال أبو عمر إنَّ مجموعته خسرت أرضها وشعبيتها لصالح جبهة النصرة، ولا يبدو أنَّ هناك من لا يزال يبالي بالعمل مع الأميركيين. وقال: "الأتراك يعاملونني كما لو كنت أميركياً. وجبهة النصرة تعاملني كما لو كنت خائناً. لا أحد يعاملني على أنني أجلس مع الأميركيين؛ لأنني سوري يريد أن يفعل أقصى ما بوسعه لقضيته. إنَّني أتساءل كيف يراني الأميركيون؟ هل يرونني وطنياً، أم مرتزقاً؟".

ظلت العلاقات التركية-الأميركية مشحونةً على الرغم من تجديد مناقشة الرئيس الأميركي ترامب مسألة منطقة حظر الطيران، والموافقة الضمنية الأميركية على التدخل التركي في شمال سوريا لإزاحة داعش ووحدات حماية الشعب الكردية من حدودها. وقال المحلل بالمجلس الأطلسي بواشنطن، آرون شتاين: "هناك تحسنٌ في العلاقات بنسبة 1000٪، وما زال الأمر سيئاً للغاية".

بالنسبة لأبو أحمد، أصبح الضغط النفسي بدنياً. اتصلت زوجته، قلقاً عليه، في طريق العودة. وقالت زوجته إنَّه خلال الشهور القليلة الماضية أوقف السيارة 3 مرات في أثناء قيادته؛ خوفاً من إصابته بأزمةٍ قلبية. وأضافت: "لم تكن هناك أية مشكلة. يقول الأطباء إنَّها كانت نوبة ذعر فحسب".

أحياناً، يفكر أبو أحمد في ترك المنطقة برمتها وراء ظهره. لكنّ هذا ليس بالأمر السهل؛ فقد رفضته ألمانيا بسبب علاقاته السابقة مع جماعةٍ معارضة متهمة بارتكاب جرائم حرب.

وقال إنَّ بعض المسؤولين الأميركيين حاولوا مساعدته العام الماضي على الانتقال إلى الولايات المتحدة. وطلبوا منه أن يسجل أولاً في الأمم المتحدة على أنَّه لاجئ. ولم يتواصلوا معه بعد ذلك من حينها، ثم جاء القرار الأخير لترامب ليجعل من الأمر بعيد الحدوث إلى حدٍ كبير.

واتصل أبو أحمد بمعارفه السابقين في وكالة الاستخبارات المركزية، ليرى من يمكنه منهم مساعدته. وقال: "قالوا لي: نحن آسفون، فهذا الأمر راجع إلى وزارة الخارجية. وهاتان وزارتان مستقلتان".

هافنغتون بوست عربي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/10 الساعة 15:17