كنت قد بدأت الحديث في الجزء السابق من هذه الدراسة عن الرؤية الملكية حول ترسيخ سيادة القانون وأبين في هذا الجزء الرؤية الملكية حول ضرورة توافق التشريعات مع أحكام الدستور لتعزيز مبدأ سيادة القانون، وكذلك دور المحكمة الدستورية في ترسيخ سيادة القانون، وعلى الحكومة إطلاق منظومة متكاملة لضوابط العمل العام ووضع ميثاق شرف يضع حداً للواسطة والمحسوبية والشللية، وعدم التطاول على المال العام ووضع ميثاق يعزز منظومة النزاهة والشفافية وعدم السماح بتطبيق القانون بشكل انتقائي.
اولاً: ضرورة توافق التشريعات مع أحكام الدستور لتعزيز مبدأ سيادة القانون
يقول جلالة الملك عبدالله في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 10 شباط / فبراير 2013: "هناك ضرورة لإجراء التعديلات اللازمة على التشريعات التي تأثرت بالتعديلات الدستورية، لضمان توافقها مع الدستور. كما أشير هنا إلى مجموعة من التشريعات، التي تحتاج منكم إلى التعاون في إنجازها، بشكل يستجيب إلى طموحات المواطنين، وأهمها: مشاريع قوانين الكسب غير المشروع، والتقاعد المدني، وضريبة الدخل، وقانون المالكين والمستأجرين، بما يحقق العدالة بين الطرفين، وحماية المستهلك، والاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والعمل والضمان الاجتماعي.
ويقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2013: "هناك تشريعات لابد من تعديلها وتطويرها لتنسجم مع الدستور، وضمن الفترة الزمنية التي حددتها التعديلات الدستورية، لتفادي أي تضارب تشريعي، وهذا يستدعي أقصى درجات التعاون والعمل بروح المسؤولية الوطنية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن أبرزها: قانون محكمة أمن الدولة، وقانون استقلال القضاء."
يأتي توجيه جلالة الملك بضرورة إجراء التعديلات اللازمة على مجموعة من التشريعات التي تأثرت بالتعديلات الدستورية لا سيما تلك التي تمت عام 2011 والتي تعتبر التعديلات الأوسع على الدستور في تاريخ المملكة، وحرص جلالة الملك على ضرورة إجراء التعديلات على مجموعة من التشريعات لتتوافق مع أحكام الدستور إعمالا لمبدأ قاعدة التدرج التشريعي والتي يأتي في قمتها الدستور وأنه لا يجوز لتشريع أن تتعارض أحكامه مع تشريع أعلى لذلك جاء هذا التوجيه بضرورة تعديل القوانين لتنسجم مع أحكام الدستور وبالتالي تعزيز وترسيخ مبدأ سيادة القانون حتى لا يتعرض أي قانون للطعن بعدم دستوريته.
ثانياً: دور المحكمة الدستورية في ترسيخ سيادة القانون
يقول جلالة الملك في كتاب التكليف السامي الأول لدولة الدكتور عبدالله النسور بتاريخ 10تشرين الأول/أكتوبر 2012: " وإننا ننظر بكل اعتزاز إلى المنجز الديمقراطي والدستوري الذي سجله الأردن مؤخراً، والذي تمثّل في تشكيل ومباشرة المحكمة الدستورية لمسؤوليتها، ونوجهكم هنا لتوفير سائر أشكال الدعم لها لتتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه، وبما يحفظ مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات وسيادة القانون وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية."
وأبين في هذا الصدد بأنه تم إنشاء المحكمة الدستورية في المملكة بمقتضى التعديلات التي تمت على الدستور سنة 2011 حيث تنص المادة (58) من الدستور على ما يلي: " 1. تنشأ بقانون محكمة دستورية يكون مقرها فـي العاصمة وتعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتؤلف من تسعة أعضاء على الأقل من بينهم الرئيس يعينهم الملك.
2. تكون مدة العضوية فـي المحكمة الدستورية ست سنوات غير قابلة للتجديد."
وقد بينت المادة (59) من الدستور اختصاصات المحكمة الدستورية والمتمثلة بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأغلبية.
وقد بينت المادة (60) من الدستور الجهات التي له حق الطعن لدى المحكمة الدستورية فـي دستورية القوانين والأنظمة وهي مجلس الأعيان ومجلس النواب، على أن يصدر القرار بموافقة ما لا يقل عن ربع عدد أعضاء المجلس المعني. كذلك يحق لمجلس الوزراء الطعن لدى المحكمة الدستورية في دستورية القوانين والأنظمة، كذلك يجوز لأطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية، وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدي تحيله إلى المحكمة الدستورية وفق أحكام القانون.
وقد بينت المادة (61) من الدستور الشروط الواجب توفرها في عضو المحكمة الدستورية وقد صدر قانون المحكمة الدستور رقم (15) لسنة 2012 وتعديلاته ويقع في (37) مادة. وتأتي أهمية المحكمة الدستورية في ترسيخ مبدأ سيادة القانون من حيث انسجام القوانين والأنظمة مع احكام الدستور والنظر في الطعون بعدم دستورية بعض المواد في القوانين أو الأنظمة وهذا يعزز ويرسخ مبدأ سيادة القانون.
ثالثاً: على الحكومة إطلاق منظومة متكاملة لضوابط العمل العام ووضع ميثاق شرف يضع حداً للواسطة والمحسوبية والشللية
يقول جلال الملك عبدالله في كتاب التكليف السامي الأول لدولة المهندس علي أبو الراغب بتاريخ 19 حزيران / يونيو 2000: " وفي هذا المجال لا بد من العمل على تحقيق المساواة بين جميع المواطنين من حيث الحقوق والواجبات بعدالة مطلقة وشفافية ناصعة، وذلك تجسيدا للقاعدة الدستورية التي تنص على أن الأردنيين متساوون من حيث الحقوق والواجبات.
ومن هنا فلا بد من الالتزام بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، واعتماد الكفاءة والأهلية معيارا أساسيا لتقلد الوظائف العامة والمناصب القيادية في الدولة. وينبغي أن نعمل مجتمعين لنؤسس لميثاق شرف يضع حدا لكل أشكال الواسطة والمحسوبية والشللية، بحيث يستقر في وجدان كل مواطن أن هذه المظاهر السلبية هي عيب على كل من يؤمن بها أو يمارسها، وذلك وصولا إلى إلغاء وتجاوز كل مظهر من مظاهر التمييز والاستثناء بين شرائح المجتمع. ذلك أن التعددية بمختلف أشكالها هي خصيصة من خصائص المجتمع الأردني، وينبغي أن تكون عامل قوة لبلدنا، وعامل إثراء لمسيرته الخيرة، ولا يصح تحت أي ذريعة كانت أن تستغل هذه التعددية من أي طرف، وتحت أي ظرف، لتصبح مدخلا للانتقاص من حقوق المواطنة وواجباتها، فالانتماء للأردن والالتزام بالأمن الوطني مسؤولية تقع على عاتق المواطنين جميعا ودون استثناء."
ويقول جلالة الملك في كتاب التكليف السامي الأول لدولة الدكتور عبدالله النسور بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2012: " كما نوجّه الحكومة إلى العمل بجدية لإطلاق منظومة متكاملة لضوابط العمل العام، تتضمن آليات محددة للتعيين والترفيع وخاصة في المناصب العليا، بما يضمن بناء القدرات والكفاءات والحفاظ عليها، وتعزيز مبادئ الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية."
ويقول جلالة الملك في كتاب التكليف السامي الأول لدولة الدكتور عبدالله النسور بتاريخ 10تشرين الأول/أكتوبر 2012: " وقد يكون من المفيد التوافق على ميثاق يعزز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون ويضمن تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية."
رابعاً: عدم التطاول على المال العام ووضع ميثاق يعزز منظومة النزاهة والشفافية ويؤكد مبدأ سيادة القانون ولا أحد فوق المساءلة لاستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر بتاريخ 26 تشرين الأول / أكتوبر 2011: " فباسم الله، وعلى بركة الله، نفتتح الدورة الثانية لمجلس الأمة السادس عشر استمرارا لمسيرتنا الديمقراطية، وتجسيدا لحرصنا على ترسيخها وتطويرها، تلبية لتطلعات شعبنا في استكمال بناء الأردن الجديد، دولة المؤسسات وسيادة القانون وتحقيق العدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان.
وأشدد على أن لا أحد فوق المساءلة، ولا حصانة لمسؤول، وسنحمي قيم العدالة وتكافؤ الفرص بقوة القانون، ولن نسمح بأن يتطاول أحد على المال العام أو حقوق الآخرين."
ويقول جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي الثاني لعبدالله النسور بتاريخ 9 آذار / مارس 2013: " ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة والعدالة والجدارة وتكافؤ الفرص، والجدية في محاربة الفساد والواسطة والمحسوبية، وتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، لاستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة."
ويقول جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي لهاني الملقي بتاريخ 29 أيار / مايو 2016: " وقد قطعنا شوطا في هذا المجال، حيث تم وضع ميثاق لمنظومة النزاهة الوطنية وخطة تنفيذية لها، وتم إقرار قانون للنزاهة ومكافحة الفساد، وذلك ترسيخاً لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وتجذيراً لمبدأ تلازم السلطة والمسؤولية في المناصب العامة. ولا بد من ترجمة كل ذلك إلى ممارسات واضحة يلمسها المواطن."
ويقول جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في الورقة النقاشية السادسة بعنوان "سيادة القانون أساس الدولة المدنية" بتاريخ 16 تشرين الأول / أكتوبر 2016: " وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن هناك جهودا حكومية متعددة ومؤسسات مختلفة تعمل على ضمان إدارة حصيفة للدولة الأردنية، كما أن هناك جهودا وطنية جامعة بُذلت لتحقيق وتعزيز هذا الهدف السامي ومنها: اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، التي قامت بوضع ميثاق لمنظومة النزاهة الوطنية وخطة تنفيذية لها تبين الجهات المسؤولة والإطار الزمني للتنفيذ. كما تم تشكيل لجنة ملكية لمتابعة العمل وتقييم الإنجاز لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، والتي أوصت بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تضم تحت مظلتها هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم، وذلك لتوحيد وتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة.
ولكن، لم يرتقِ مستوى الأداء والإنجاز في الجهاز الإداري خلال السنوات الأخيرة لما نطمح إلى تحقيقه ولما يستحقه شعبنا العزيز. وعليه، لا بد من تضافر الجهود من مختلف مؤسسات الدولة لتطوير عمليات الإدارة فيها وإرساء مفهوم سيادة القانون، ضمن مسيرة تخضع عمل المؤسسات والأفراد للمراجعة والتقييم والتطوير بشكل دوري للوصول إلى أعلى المستويات التي نتطلع إليها.
إن مبدأ سيادة القانون جاء ليحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية، من خلال ممارسات حقيقية على أرض الواقع. ولا يمكن لأي إدارة أن تتابع مسيرتها الإصلاحية وترفع من مستوى أدائها وكفاءتها دون تبني سيادة القانون كنهج ثابت وركن أساسي للإدارة."
بتاريخ 8 كانون الأول 2012 وجه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين رسالة ملكية لدولة الدكتور عبدالله النسور تم بموجبها تشكيل لجنة ملكية لتعزيز منظومة النزاهة برئاسة دولة الدكتور عبدالله النسور وعضوية الذوات التالية أسمائهم:
- دولة رئيس مجلس الأعيان
- معالي رئيس المجلس القضائي
- معالي وزير تطوير القطاع العام / مقرراً للجنة
- معالي الدكتور رجائي المعشر
- معالي الدكتور محمد الحموري
- سعادة السيد عبدالمجيد الذنيبات
- سعادة السيد طلال ابو غزالة
- سعادة السيدة عبلة أبو علبة
- سعادة الدكتور موسى البريزات
- سعادة السيد محمود ارديسات
- سعادة السيد باسم سكجها
وقد تم تكليف اللجنة بمراجعة التشريعات ودراسة واقع جميع الجهات الرقابية، وتشخيص المشاكل التي تواجهها، والوقوف على مواطن الخلل والضعف، وإقتراح التوصيات التي من شأنها تقوية وتقويم سير عمل هذه الجهات في مكافحة الفساد وتعزيز التعاون فيما بينها، وصولاً إلى أفضل معايير العمل المؤسسي المتوازن، وبما يكفل ترسيخ مناخ العدالة والمساءلة وحسن الأداء تحقيقاً للصالح العام، الذي هو أولويتنا الأولى وهدفنا الأسمى.
وقد أكد جلالة الملك على مجموعة من المرتكزات التي تشكل نهج عمل اللجنة وهي :
أولاً : ضمان إدارة المال العام وموارد الدولة ووضع الضوابط التي تمنع أي هدر فيها.
ثانياً : تعزيز إجراءات الشفافية والمساءلة في القطاع العام فيما يعلق بالموازنات والعطاءات واللوازم الحكومية، بالإضافة إلى وجود إطار للتعيينات في الوظائف العليا ومعايير تقديم الخدمات وآلية معالجة الشكاوى والمظالم.
ثالثاً : تمكين أجهزة الرقابة وتعزيز قدراتها المؤسسية لردع ومكافحة الفساد وفق إختصاصها.
رابعاً : تعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة داخل القطاع العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني ترسيخاً لثقافة الشفافية والمساءلة والحرص على الصالح العام.
خامساً : تطويل الأُطر التي تنظم العلاقة التشاركية بين القطاعين العام والخاص.
وقد تم الطلب من اللجنة :
أولاً : صياغة ميثاق يتضمن المبادئ الأساسية والمعايير الأخلاقية والمهنية الناظمة للعمل في القطاعين العام والخاص بما يضمن تعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون، ويضمن كذلك تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية.
ثانياً : إعداد خطة تنفيذية لبرنامج زمني محدد لتعزيز منظومة النزاهة والوطنية والمساءلة والشفافية ومأسسة عملها وآليات التعاون فيما بينها، وتحديد وإقتراح التشريعات المطلوب تعديلها والإحتياجات الفنية لتطوير القدرات المؤسسية لدى الجهات ذات العلاقة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
وبتاريخ 18 آب / اغسطس 2013 التقت اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه وقد عرض دولة الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء / رئيس اللجنة إيجازاً لسير عمل اللجنة التي عقدت 22 إجتماعاً مع رؤساء الهيئات الرقابية تتمثل في هيئة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة وديوان المظالم والبنك المركزي وهيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات وهيئة التأمين، لتشخيص المشكلات والتحديات التي تواجهها كأجهزة رقابية.
وقال الدكتور النسور، إن اللجنة وفي الشهور الثمانية الماضية، عملت على إعداد مسودة لميثاق النزاهة الوطنية، ومسودة مذكرة توضيحية للميثاق، وأخرى خطة تنفيذية شاملة لمنظومة النزاهة الوطنية.
وبين أن مسودة ميثاق النزاهة الوطنية تضمنت تعريف مبادئ النزاهة والشفافية، ومعايير المساءلة وتلازم السلطة والمسؤولية، ومبادئ الرقابة، إضافة إلى المعايير الضريبية والتشريعية.
وأشار الدكتور النسور في العرض إلى أن مسودة المذكرة التوضيحية للميثاق تشتمل على محاور عدة هي: تعريف عام بالميثاق ومضامين النزاهة ومنظومتها، والمرتكزات العامة للنزاهة الوطنية في السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية والقطاع الخاص، إلى جانب مرتكزات النزاهة في الأحزاب والهيئات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وفي الإعلام.
وبين أن الخطة التنفيذية ستتضمن تعزيز دور الجهات الرقابية ومراجعة البنية التشريعية والإجرائية لآليات إعداد الموازنات الحكومية وإحالة العطاءات، وتطوير معايير الخدمة المدنية، ومراجعة الأنظمة المالية وتعزيز مبادئ وممارسات الحوكمة الرشيدة في القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، فضلاً عن مراجعة التشريعات وإرساء ثقافة الشفافية في العمل العام.
وبيّن رئيس اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، إلى أن اللجنة ستعمل على التشاور والتواصل مع منظمات المجتمع المدني في محافظات المملكة كافة، حول مسودة ميثاق النزاهة الوطنية للاستماع إلى أفكار ومقترحات المجالس الاستشارية للمحافظات ووجهاء العشائر والمخيمات والنواب السابقين ورؤساء البلديات وكبار الضباط المتقاعدين وممثلين عن الغرف التجارية والصناعية وممثلي النقابات المهنية والقطاع النسائي والشباب.
وقال الرئيس إن اللجنة ستلتقي أيضا الأعيان والنواب ورؤساء الجامعات وأساتذتها وطلبتها، والأحزاب والنقابات والقوى السياسية لأخذ تصوراتهم إلى جانب ملاحظات الفعاليات الاجتماعية والسياسية كافة وطرحها في مؤتمر عام يقر من خلاله ميثاق النزاهة الوطني.
هذا وقد تم عقد المؤتمر الوطني لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية في قصر المؤتمرات في البحر الميت عام 2014، خرج بعدة مخرجات مهمة تهدف إلى تعزيز النزاهة في مؤسسات الدولة الأردنية، من أبرز هذه المخرجات :
1- إعداد ميثاق النزاهة الوطنية.
2- إعداد الخطة التنفيذية لتعزيز الشفافية والنزاهة في المؤسسات الحكومية.
وقد تضمنت معايير النزاهة الوطنية في القطاع العام المعايير التالية:
1- معيار سيادة القانون.
2- معيار المساءلة والمحاسبة.
3- معيار الشفافية.
4- معيار العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
5- معيار الحوكمة الرشيدة.
وكذلك فقد صدرت مدونة قواعد السلوك لتعزيز النزاهة بالقطاع الخاص وتهدف المدونة الى تعزيز الثقة بعمل مؤسسات القطاع الخاص وضمان التزامها بمبادئ الشفافية والنزاهة والحاكمية الرشيدة ضمن ممارساتها من خلال المساهمة في ما يلي:
أ. ترسيخ القيم والمعايير والمبادئ الأساسية المتعلقة بممارسة الأعمال بشكل مهني لدى المؤسسات وأصحابها وموظفيها.
ب. توعية المؤسسات وكافة العاملين فيها، وتوجيههم نحو الأخلاقيات الوظيفية السليمة وأطر الانضباط الذاتي التي تحكم سير العمل بما ينسجم مع التشريعات السارية.
ج. تحديد واجبات المؤسسات وموظفيها فيما يتعلق بمكافحة الفساد بكافة أشكاله وصوره.
خامساً: عدم السماح بتطبيق القانون بشكل انتقائي
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الثامن عشر بتاريخ 14 تشرين الأول / اكتوبر 2018: " إن رؤية الأردن الطموحة ترتكز على محاور ثابتة، فالأردن هو دولة القانون، ودولة الإنتاج، وهو دولة محورها الإنسان، والأردن دولة ذات رسالة سامية، وضمن هذه الثوابت يتجلى لنا ما يميزه ويجعله دولة ومجتمعا في حركة مستمرة نحو الأفضل.
والأردن، دولة القانون، لن يسمح بأن يكون تطبيق القانون انتقائيا، فالعدالة حق للجميع، ولن يسمح بأن يتحول الفساد إلى مرض مزمن. وأؤكد هنا على أن مؤسسات الدولة قادرة على اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة كل من يتطاول على الـمال العام."
وقال جلالة الملك خلال حفل إطلاق ميثاق منظومة النزاهة الوطنية وخطته التنفيذية بتاريخ 9 كانون الثاني / ديسمبر 2013 : " تابعت بكل الحرص والاهتمام على مدار السنة الماضية، عمل هذه اللجنة وحواراتها، إن تكريس مفاهيم النزاهة، كمنظومة للعمل الحكومي والقطاع الخاص هو من المرتكزات الرئيسة لعملية التحول الديمقراطي، وهو مؤشر على جدية الإصلاح."