لطالما حاولت دولة الاحتلال الإسرائيلية دس السم في الدسم في مواجهتها لمواقف الأردن الشجاعة والجريئة المدافعة عن فلسطين وأهلها وقضيتهم، والتي كان أخرها التسريبات الصحافية التي أطلقتها وسائل إعلام الاحتلال حول زيارة وزير الخارجية الأردني إلى إيران.
تتسم السياسة الأردنية، سواء الداخلية أو الخارجية، التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، بالمكاشفة والوضوح، وهو ما أكد عليه الملك صراحة خلال ترأسه جانبا من مجلس الوزراء قبل عدة سنوات، بأن "موقفنا في الغرف المغلقة وأمام العالم هو موقف ثابت لا يتغير أبدا".
فماذا تريد إسرائيل وإلى ما تسعى إليه بإطلاق تسريبات تحاول من خلالها التشكيك بالمواقف الأردني؟
بالعودة قليلا للمشهد السياسي والإنساني الأردني تجاه ما يجري في غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع، نرى بأن الموقف والجهود الأردنية، كانت متقدمة وسباقة ومؤثرة، ولا ننكر بأن الحراك الملكي الدبلوماسي، كان له أثر كبير في تغيير مواقف كثير من الدول الأوروبية والغربية والرأي العام العالمي تجاه المجازر وعمليات التدمير، التي تمارسها آلة الحرب الإسرائيلية، وكشف زيف السردية والرواية الإسرائيلية في تبريرها للعدوان على غزة.
الأردن، كان، وما يزال، أول الدول التي هبت لتقديم العون والمساعدة والإغاثة للأشقاء في فلسطين، وأول دولة، تكسر الحصار المفروض على غزة برا وجوا، حتى بات الأردن مركزا دوليا لإرسال المساعدات إلى الأهل في غزة، والتفاصيل في هذا المجال كثيرة.
مواقف الأردن، التي تجسدها جهود الملك، فعلا على ارض الواقع، تجاوزت في تقييمها للموقف لما وراء الحرب، فكان الملك من حذر من عمليات التهجير القصري، الداخلية والخارجية، للأشقاء من ارضهم، وتمكن من خلق موقف عربي موحد للتصدي لمحاولات التهجير، وأول من حذر من تداعيات استمرار العدوان الغاشم على أمن واستقرار المنطقة والإقليم والعالم، وأول من دعا إلى السعي الجاد لإيجاد أفق سياسي يفضي إلى إعادة إحياء لعملية السلام.
حالة الاتساق والتماهي بين الموقف الرسمي والشعبي، تجاه العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة والممارسات والانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين في مناطق الضفة الغربية، حالة قل نظيرها، وأبرزت قوة الأردن، التي طالما كانت لم تعجب إسرائيل وكثير من أصحاب الأجندات الخاصة والخارجية.
وينطلق الأردن في مواقفه تجاه قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، من ثوابت وطنية ثابتة، ومبادئه المستمدة من مبادئ النهضة العربية، والتي لم يحيد عنها مهما كانت الكلف السياسي والاقتصادية، والتاريخ يشهد على هذه المواقف.
فكل ما سبق من مواقف وجهود، تمثل "شوكة في حلق إسرائيل" ومحاولاتها وسياساتها التوسعية، لذا ستبقى إسرائيل ومن يدور في فلكها، عاجزة عن النيل من الأردن ووحدته الوطنية.
محاولات التشكيك بالموقف الأردني، ومحاولات بث الفتن والتصيد بالماء العكر، ومحاولات النيل من الوحدة الوطنية، سيكون مصيرها الفشل دائما، فبتماسك الجبهة الداخلية، واحترافية نشامى الجيش العربي والأجهزة الأمنية، فسيبقى الأردن، بقيادته الهاشمية، سدا منيعا، في وجه كل هذه المحاولات التي لا تزيد الأردن إلا قوة وصلابة.