قبل يومين (أول أمس/الأحد) خرجَ نائب وزير الخارجية الروسي/ سيرغي ريابكوف, على العالم بتصريح لافت, محمول على تحذير مرعب قال فيه: إن «ساعة القيامة» التي تُحذّر من قرب اندلاع مواجهة نووية, تُشير إلى أنها «ستدُق بعد دقيقتين»، لكن ذلك لا يعني حتمية اندلاع الحرب. مُضيفاً: «أود القول إن هذه الساعة تُظهِر الآن أنه» لم يتبقَّ سوى «دقيقتين» حتى «القيامة», لكن هذاـ تابعَ - لا يعني أن الساعة قد حانت, وأن الحرب النووية ستندلع لا محالة». مُستطرِداً في «تنبيه» لا يخلوا من دلالة, تستبطِن رسالة إلى المعسكر الغربي, في ضوء تدهور علاقات موسكو بهذا المعسكر, وعلى رأسه الولايات المتحدة وحلف الناتو, بالقول «على عسّكريِّينا الاحتفاظ ببارودهم جافاً ومنع إبتلاله، لمواجهة مختلف السيناريوهات». على ما جاء في الموقع الإلكتروني لشبكة (RT) الروسية.
وإذ لم تدقّ تلك الساعة التي توقفت عند «مُجرد دقيتين» مؤخراً, إذ سارعَ القائمون عليها أمس/ الإثنين إلى «تحديثها», فإن من المُفيد التذكير بالكيفية والأسباب التي دفعت بالفريق الذي طرح فكرة الساعة, التي تقيس «مدى اقتراب البشرية من الدمار». علماً أنها تدق منذ 77 عاماً وهي بالتأكيد ليست «ساعة عادية». حيث يقوم فريق من خبراء «مجلس دولي», أعضاؤه حائزون على جائزة نوبل (عددهم «11»), بضبط الساعة كل عام.
ورغم أن فكرة الساعة كانت «نداءَ تنبيه» فعّال, لتذكير البشرية بالأزمات المتتالية التي يُواجهها كوكبنا، إلا أن الكثيرين يُشككون في جدواها. فإن تغيير توقيت الساعة هذه, تمَّ خلال السنوات الماضية, وفقاً لمدى «التوتّر واحتدام المواجهة النووية, أو وقوع كوارث أخرى تفني البشرية». على سبيل المثال ضُبطت الساعة - كفكرة بدأت في العام/1947, لتحذير البشرية من مخاطر الحرب النووية في الأصل, على «سبع دقائق» حتى منتصف الليل. وتم تحريكها للخلف والأمام 24 مرة منذ ذلك الحين. وفي عام 2020، وصلت إلى أقربِ نقطة وصلت إليها حتى منتصف الليل, وبقيت هناك على مدار السنوات الثلاث الماضية. في حين كانت المسافة (في ذروة الحرب الباردة عام 1953) مُجرد دقيقتين, أما أبعدها عن منتصف الليل فكانت عندما انتقلت إلى ما قبل (17 دقيقة) في نهاية الحرب نفسها. في حين قالت (النشرة الذريّة/ Bulletin of Atomic), انها بالنسبة للعام/ 2023 (ستأخذ في الاعتبار «العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا», والتهديدات البيولوجية وانتشار الأسلحة النووية, واستمرار أزمة المناخ وحملات التضليل, التي ترعاها الدولة والتقنيات التخريبية). على ما اوردَ موقع صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وقد أجابَ موقع الصحيفة البريطانية ذاتها على «سؤالين لافتيْن».
الأول: متى كانت العقارب «أقرب» إلى منتصف الليل؟. وكان الجواب على النحو التالي: تم ضبط العقارب على «أقرب» وقت إلى منتصف الليل في عام/2020، بعد أن واجهتْ الحكومات في جميع أنحاء العالم «خَطرينِ وجودّيين مُتزامنين هما: «الحرب النووية وتغيّر المناخ''، وفقاً للنشرة. وشملت هذه التهديدات «النزاعات السياسية المحيطة بكوريا الشمالية، بالإضافة إلى احتجاجات حاشدة من الشباب في جميع أنحاء العالم, تُسلط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حكومية بشأن تغيّر المناخ». وبسبب هذه التهديدات، قرّرت النشرة في 23 كانون الثاني/2020 ضبطها على (100 ثانية) حتى منتصف الليل.
** في حين كان السؤال الثاني: متى كانت العقارب «أبعد» ما يكون عن منتصف الليل؟.
وجاء الجواب كالتالي: في عام/1991، بعد نهاية الحرب الباردة، ضبطتْ النشرة عقرب الساعة, على (17 دقيقة) حتى منتصف الليل. إذ شهدت نهاية الحرب توقيع الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي, على معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية. ما عنى أن الدولتين ستُخفض ترسانتهما من الأسلحة النووية، ما يُقلل من خطر نشوب حرب نووية.
أين من هناك وما راهن عالمنا المأزوم, والتدهور المتسارع, في علاققات القوتين النوويّتيْن الأعظم/ روسيا وأميركا؟.
ثمة تلويح «روسيّ» بإستخدام الأسلحة النووية «التكتيكية», حال تعرّضت روسيا إلى تهديد «وجودي». لكن إدارة بايدن خطتْ خطوات إستفزازية وخطيرة, ليس فقط بعدم إلتزامها بالإتفاقيات مع موسكو, بل خصوصاً في إعلانها «نشر صواريخ نووية قصيرة ومتوسطة المدى في ألمانيا عام/2026), الأمر الذي يُعرّض معظم الأراضي الروسية ومواقعها الإستراتيجية إلى أخطار جسيمة, كون الصواريخ الأميركية/الناتوِيّة, لا تحتاج سوى خمس دقائق للوصول إلى موسكو. ما دفع بنائب وزير الخارجية الروسي/ريابكوف, الى التأكيد بأن موسكو «لا تستبعِد نشر صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية», رداً على الاستفزازت الغربية، مُشيراً إلى إن بلاده مُستعدة لكل السيناريوهات, وترفضُ تقديم أي تنازلات «أُحادية» لواشنطن.