الإقليم الذي يعيش فيه الأردن اعتدنا أن نرى فيه وهم البطولات وحملات التهديد باجتثاث الاعداء وتحرير الارض العربية، وبعد كل مرحلة من الوهم وأكاذيب السياسة وصراخ الخطابات في سماء أمتنا كانت الامة تتعرض لهزيمة وصدمة تفقد معها القدرة على التفاؤل باي شخص واي شيء، لكن بعد حين يعود مسرح الأوهام وابطال الصراخ السياسي الى موجة جديدة من التضليل السياسي الذي تطل بعده هزيمة جديدة.
اليوم وبعد عشرات السنين من أنواع الثوريين من كل الوان الطيف بقيت فلسطين قضية تتأكل امام عدوانية الاحتلال، واليوم هناك الضفة الغربية تحت حكم سلطة إدارية خالية من السياسة، وغزة تحولت إلى قضية منفصله تعاني من كل انواع الاجرام الصهيوني، وبعد أن يتوقف العدوان ستحتاج قضية غزة إلى سنوات طويلة لخروج الاحتلال وستكون بشكل جغرافي وسكاني وخدماتي جديد، وسيكون سؤال من سيحكم غزة مدخلا للاحتلال لتحويل غزة الى ملف بلا حسم.
تاريخ الأردن مع قضايا أمته لا يدافع عن نفسه إلا أمام من لديهم موقف عدائي من هذا البلد، هم الذين كانت اذاعتهم تشتم الاردن قبل عشرات السنين وتتهمه بخذلان قضايا أمته لكن الاحداث اثبتت ان من خذل شعبه وامته هم مناضلوا الميكروفونات والخطابات التي تتحدث عن الحرب بينما جيوشهم مستنزفة في نزاعات العرب الداخلية، وكذلك الثوريين الذين فقدوا أرضهم ومازالوا حتى الان عاجزين او غير راغبين باعادتها حربا او سلما بل مازالت أرضهم تتعرض للقصف ليلا ونهارا.
الاردن دولة لا تمارس الكذب على نفسها ولا على شعبها او امتها، لها نهجها السياسي المعلوم المنحاز لمصالح الاردن والعرب، وعندما كانت الحرب حارب الاردن وقدم كل ما يستطيع حتى في حروب كانت نهايتها معلومة بسبب الواقع العربي، وعندما ذهب العرب للسلام ذهب الاردن ولم يوقع اي اتفاق قبل الفلسطينيين، وفي كل عدوان اسرائيلي على اي ارض عربية او عدوانية على القضية الفلسطينية كان الاردن واضحا في التصدي بكل ما يملك لهذا العدوان واخرها العدوان على غزة.
الاردن لا يصعد حرب الخطابات والتهديدات بينما يبحث عن صفقات يبيع فيها الفلسطينيين او اشخاص منهم تحت الطاولة، ولايمارس لعبة الالعاب النارية من تصريحات او غيرها وغايته شيء آخر، اولويته مصالحه وقضايا أمته بصدق ولا يتاجر فيها ويعلم جيدا ما الذي يجري وخطورته.
والاهم ان الاردن واضح في قطع الطريق على من يريد الاردن ساحة لحروبه الوهمية او يجعل من قضية فلسطين بوابة لزراعة شياطينه على هذا الارض، نعلم من هم الآخرين بمن فيهم تجار القضايا وبائعي الوهم مهما كانت احاديثهم في الاعلام، ونعلم ان الاردن اولا والاهم لمصلحة فلسطين، وان الاردن ليس قربانا نقدمه لمصلحة أكاذيب البعض من العرب والعجم..