ليست المرة الاولى التي ازور بها اوروبا ، واكيد باذن الله لن تكون الاخيرة ، في السابق زرت المانيا لاسبوع ضمن برنامج التبادل الثقافي بين كلية الصحافة الدولية في جامعة دورتموند ومعهد الاعلام الاردني ضمن الدفعة الاولىى لبرنامج الماجستير في العام 2010 .
وزرت بريطانيا ، وتحديدا لندن والكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست ضمن برنامج القيادة والادارة ،واعداد القيادات ، والذي ينفذه صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ، وهو قائم لليوم ، حسبما علمت من مدير الصندوق السابق ، صائب الحسن ، من خلال مجموعة منتدى التنمية والابتكار .
هذه الايام ازور ايطاليا ، زيارة سياحية عائلية ، والفضل بعد رب العالمين يعود للطيران منخفض التكاليف "الريان اير " والتي سطع نجمها في اوروبا والعالم مؤخرا ، فمن مدن برغامو وميلانو مرورا ببحيرة كومو ثم فينيسيا ،
ومن خلال التعرف عن كثب على شبكة المواصلات في ايطاليا وعموم اوروبا ، من الباصات الحديثة، وشبكة "الترام" و "ميترو الانفاق" والقطارات السريعة ، الى الدراجات الهوائية والنارية ، والسكوتر ، مع شوارع منظمة ، مخططة جيدا ، ومحطات انتظار في الشوارع ولوحاتها الارشادية ، ومحطات القطارات المركزية والفرعية ، الى الطيران الداخلي والعبارات البحرية ، شبكة مواصلات دقيقة ومنتظمة ، تسهل على الايطالين وعموم الاوروبيين حياتهم ، وتحررهم من الضغط النفسي والشد على الاعصاب الذي نعيشه يوميا وكل ساعة ودقيقة في شوارعنا ، خصوصا في العاصمة عمان ، حيث يتكدس 5 مليون بني ادم من البشر ، وعشرات الالاف من السيارات التي تلوث البيئة وتتسبب بالازدحامات وزيادة شقاء الاردني ، والذي كتب عليه ان لا يعرف طعم الراحة في حياته او يشعر يوما بالسعادة الحقيقة التي يمارسها الايطاليون والاوروبيون ، ولا مجال هنا لمقارنة الحياة في ايطاليا واوروبا مع الحياة في الاردن صراحة، الاردن الذي غرق في مشاكله بسبب ازمات منطقة الشرق الاوسط الكثيرة وموجات اللجوء وغيرها .
من يريد ان يشعر بطعم الحياة والسعادة فلياتي الى اوروبا ، ورغم ان العديد من الدول الاوروبية لم تعد مثلما كانت من قبل ، وبدأت انظمتها السياسية تتجه نحو اليمين المتطرف ، لكن اندماج الشعوب كلها هنا يصعب تفكيكه ، لان الجميع يحصل على افضل الخدمات ، والجميع حتما يشعر بالمساواة في الحقوق والواجبات ، فالكل يخضع للنظام العام من منطلق الانتماء الحقيقي لبلده لانها توفر له كل ما يحتاج من خدمات يدفع عليها ضرائب كبيرة لكنه راض.
عودة لوطني الحبيب الاردن ، ولعالمي العربي والذي بدأت حقيقة اشعر بالاشمئزاز من احواله التعيسة في مختلف المجالات ، عندما ادخل محطة القطارات للانتقال من مدينة الى اخرى هنا في ايطاليا ، اول سؤال يدور في ذهني ماذا عنا نحن ؟ متى سنصبح مثلهم في الخدمات العامة والحياة المريحة ؟ متى ستكون عندنا في الاردن شبكة مواصلات محترمة جدا كتلك الموجودة في كل بلد اوروبي ؟ في ال 2050 مثلا او في 2100 ؟
لماذا تاخرنا كثيرا عن ركب الحداثة ، ومتى سنبدأ ؟، مئات المسؤولين في الدولة العميقة اكيد زاروا اوروبا ، وتجولوا في ايطاليا والمانيا وبريطانيا وسويسرا وغيرها ، الم يشاهدوا بام اعينهم ويلاحظوا الفرق ؟ الم تتفتق افكارهم وتخرج علينا اقلها بمشاريع تقلد التجربة الاوروبية ؟ اين الخلل بالضبط ؟
في شباط / يناير 2019 تشرفت ان انجمعت على طاولة سيد البلاد المفدى وبحضور ولي عهده الامين الامير الشاب الطموح الحسين بن عبدالله ضمن لقاء في الديوان الملكي مع خبراء ونخب اردنية تملا الفضائيات ووسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية ، حينها سألت سيدي صاحب الجلالة لماذا لا نستعين بالصين والهند مثلا لحل مشاكلنا في المواصلات والطاقة؟ وكنت قبل عدة سنوات قد زرت الهند لشهرين ضمن دورة تدريبية وانا بطبعي مهتم واقرا كثيرا عن الصين ، فاجابني سيد البلاد وبكل صراحة بالقول " يا ايمن ، انا اوجه الحكومات دوما باتجاه الهند والصين والاستفادة منها لحل مشاكل الاردنيين في المواصلات والخدمات"..
امشكلتنا تكمن في الحكومات وتعيين الوزراء، وهذه ديباجة بات يعرفها جميع الاردنيين ، حكومات في اغلبها تنفيعات ومحسوبيات ،ومحاصصة بعيدة كل البعد عن الكفاءات ، وحتى الكفاءات التي يجري اختيارها لا تستطيع السير مع الركب و " السيستم " ، فتخرج من المنوال سريعا، غدا الناس " على هبل " غالبية منهم ستتجهون لصناديق الاقتراع الشهر المقبل لاختيار نواب واحزاب ضمن نظام انتخابي جديد ،
اعترف صراحة انه عصري ومتطور وسيصلح الحياة السياسية والحزبية ، اذا جرت متابعته اولا باول و كل الثغرات التي فيه، وكان بعيدا عن اي تدخلات، وسيبدأ الشعب بمراحل اختيار رئيس وزراء ، ووزراء لاول مرة ، اذن، نحن ننتظر السنوات المقبلة ما تحمل معها من تباشير او اعاصير لا سمح الله ، هل بالفعل القادم اجمل ؟؟
ساعود الان الى ايطاليا واوروبا واتخيل ان الشعب الاردني الكادح والتعبان عل مر السنين الماضية قد اتيحت له الفرصة لزيارة اوروبا مثلي اليوم ، انا متاكد انه سيخرج بانطباعي الحالي ويقول بالفم المليان : " البين اطسنا " ، يا جلالة الملك اسألك بالله خلينا نتعاقد مع " انجيلا ميركل" ونستعين بخبراء متطوعين من اليابان خلي بلادنا تصلح شوي ، الناس تعبانة والخير في بلدنا الحبيب الاردن كثير ، والكفاءات كثر، مشكلتنا ادارات ومصالح ضيقة وواسطات وتنفعات ومحاصصات ، الاردن وقيادته وشعبه يستحق الكثير الكثير، بالتفكير خارج الصندوق هناك الكثير من المقترحات لا مجال لذكرها الان ، منتدى التنمية وبالابتكار للدكتور محمد الفرجات والعديد من النخب الاردنية الكثير من الافكار والمبادرات والحلول لو جرى تطبيق 10 بالمائة فقط منها منذ سنوات، لبدأت تتغير الاحوال .
اخيرا لا اخرا ، ومن القطار السريع بين ميلانو الى فينيسا، وانا اكتب هذه الكلمات اريد ان اختم مقالتي هذه بالمباركة لسمو ولي العهد الامير الحسين مولودته الاولى ايمان ، ولجلالة الملك والملكة قدوم حفيدتهما الاولى ، واشد على ايديهم جميعا ان يطوروا الاردن الحديث ، بقيادتهم الحكيمة التي حفظت الاردن بامن واستقرار في محيط هادر على مدى عشرات السنين الماضية ، في منطقة لم تعرف يوما طعم الهدوء والاستقرار ، ربي اجعل هذا البلد امنا مطمئناً