البعض ممن ينتقدون ارتفاع «المديونية"في عهد هذه الحكومة بما يقارب 11 مليار دينار يشعروننا احيانا انهم كانوا يعيشون خارج البلاد او كما"اهل الكهف"فلبثوا اربع سنوات ولايعرفون شيئا عن التحديات التي واجهتها المملكة طيلة السنوات الماضية ولا كيف واجهناها ويحاولون استغلالها على انها فساد وانفاق لغايات الترفيه، فما قصة المديونية ؟ وكيف تشكلت ؟.
لا اريد العودة للوراء كثيرا لاجرد اسباب ارتفاع المديونية منذ العام2010 التي لم تكن حينها المديونية تصل الى مايقارب 10 مليارات فقط لتتراكم بعدها جراء الربيع العربي وانقطاع الغاز المصري والحصار الاقتصادي جراء الاوضاع الامنية في دول الجوار واللجوء ومواجهة الارهاب والكلف الامنية لمواجهته لتقفز المديونية الى ما يقارب 25 مليارا منها فقط 7 مليارات لتوليد الكهرباء بدل انقطاع الغاز المصري، وسأكتفي هنا برواية قصة المديونية منذ العام 2020 حتى اليوم واسباب ارتفاعها 11 مليار دينار.
لنبدأ الرواية منذ الربع الاول للعام 2020 منذ ان بدأت جائحة كورونا تطل برأسها على العالم واعلاننا عن بدء اتخاذ الاجراءات الاحترازية للحد من انتشارها في المملكة والتي كان اولها «حظر التجول» وتوقف القطاعات الاقتصادية والانتاجية عن العمل ولفترة لا تقل عن 6 اشهر تقريبا، فتراجعت الايرادات الحكومية لما يقارب الصفر وتوقف كل شيء، فماذا فعلت الحكومة حينها ؟.
الحكومة ولأجل السيطرة على الوباء ومقاومة «التداعيات الاقتصادية"الناجمة عن توقف العمل في القطاعات وتراجع السياحة والايرادات الحكومية، قررت الحكومة امرين اولهما مواجهة التهرب الضريبي ونبش ملفاتها لتعويض تراجع الايرادات وثانيهما الاستدانة لاجل الاستمرار بدفع الرواتب التي تزيد عن 600 مليون شهريا وبما يقارب 7 مليارات سنويا وزيادة مخصصات القطاع الصحي ودعم الموظفين بالقطاع الخاص من خلال برامج استدامة والمستوردين لضمان عدم انقطاع السلع فارتفعت المديونية بنفس العام ما يقارب 4 مليارات دينار للاسف وعلى غير المتوقع.
وبعد ذلك جاءت الحرب الروسية الاوكرانية وما رافقها من تداعيات ابرزها تعطل سلاسل التوريد و موجات التضخم وما رافقها من ارتفاع الاسعار عالميا لمختلف السلع الاساسية،ولاجل مواجهتها والحد منها وضمان عدم انعكاسها محليا قررت الحكومة دعم اجور الشحن وتخفيض الرسوم الجمركية وتوحيد الضرائب ما دفع لتراجع الايرادات المتأتية منها ماجعلها تستدين ما يقارب 3 مليارات لتعويض هذا النقص وسد «عجز الموازنة» المترتب اصلا على الموازنة العامة.
حاليا الحكومة ذاتها تواجه تداعيات «العدوان على غزة» وما نتج عنه من تحديات معقدة اسفرت للاسف عن تراجع الايرادات والسياحة وتراجع الكثير من القطاعات وتعقيد سلاسل التوريد للاضطرابات بالبحر الاحمر وغيرها من الظروف، وتقاوم من اجل الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي والمؤشرات الايجابية المتحققة قبل العدوان، ولهذا هي تستدين لحين عودة الامور الى طبيعتها وينتهي العدوان وتعود الامور لما كانت عليه قبل 7 اكتوبر.
خلاصة القول، ارتفعت المديونية نعم وبالمقابل حافظنا على استقرارنا النقدي والمالي واستطعنا تحقيق نتائج مبهرة وافضل من سنة الاساس في العام 2019، فارتفعت الصادرات وزادت الاستثمارات والسياحة وانخفضت البطالة من 25% الى 21% واستمرت مختلف القطاعات بالانتعاش وارتفع تصنيفنا الائتماني في مختلف وكالات التصنيف واستمر دينارنا في المحافظة على قوته وارتفعت الاحتياطيات الى مستويات تاريخية قاربت 19 مليار دينار.