لقد عانى الأردن منذ بداية تأسيسه من الصراعات الجيوسياسية نتيجة موقعه المميز على الخارطة العالمية والتي تجمع بين ثلاث قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، وكان الأردن منذ بداية النكبة الفلسطينية والإحتلال الغاصب لفلسطين هو السند الرئيسي والداعم المباشر للقضية الفلسطينية، وكل ما يتم من نزاعات إقليمية أو مشاكل في دول الجوار يضع الأردن في دائرة التحديات.
نتيجة لذلك تحمل الإقتصاد الأردني أعباء تصنف من المخاطر العالية، أثرت على خططه الإقتصادية المستقبلية منذ عقود طويلة،فالتحديات الأمنية والتغيرات الديمغرافية والطلب على الموارد الطبيعية المحدودة وانقطاع السياحة وانتشار الجوائح والتغير المناخي وإغلاقات الحدود خلال فترات متباينة من الجهتين الشمالية والشرقية واخيرا الاغلاق شبه الكامل لمضيق باب المندب وحرب اوكرانيا وغزة والتضخم العالمي، وارتفاع أسعار الطاقة، جميعها أضرت الإقتصاد الأردني بشكل كبير وزادت من أعباء المديونية.
فالأردن نتيجة كل تلك التحديات كان له وضع خاص في سياسته الخارجية التي أبدع فيها الهاشميون على مر العقود السابقة في إتخاء القرارات المتوازنة والمدروسة، العربية منها والإقليمية وحتى الدولية، فأي حدث في منطقة الشرق الأوسط كان يؤثر على الإقتصاد الأردني، وتحمل الأردن أخطاء سياسات لدول عربية وإقليمية ودولية مست جميعها الإقتصاد الأردني بشكل مباشر،فلم يتآمر الأردن ضد أي دولة عربية في تاريخه من مبدأ عروبته وقوميته وإسلاميته التي هي خط أحمر عند الهاشميين ، لم يقايض بالمواقف السياسية من أجل حفنة من الدولارات والتي كان يعلم الجميع بانه بامس الحاجة لها،بل كان الأردن السند القوي للأشقاء العرب وكان كالأم التي تحتضنهم اذا تهدمت او إهتزت منازلهم.
إن الشعب الأردني الذي وقف سندا لقيادته الهاشمية في جميع تلك المواقف، تقاسم لقمة العيش مع ضيوفه برضى وسرور ،فجميع هؤلاء الضيوف هم أخوة للأردنيين في العروبة والدين.
لأن الأردن لن يقبل من اي جهة مهما كانت داخلية ام خارجية بالمزاودة على مواقفه السياسية ، فالتحديات والضغوطات التي تفرض على الأردن لا تستطيع اي دولة في العالم أن تتحملها لأنها تمس مباشرة إقتصاده وتؤدي الى تقويضه.
رغم كل تلك التحديات والظروف الصعبة يخرج الأردن على الدوام قويا معافى آمنا مستقرا،بفضل قيادته الهاشميةوجيشه العربي واجهزته الأمنية والتي حرص جلالة الملك على دعمهم منذ توليه سلطاته الدستورية لأنه يعي على الدوام ما يدور في المنطقة من مخاطر من خلال إستشرافه الدائم للمستقبل.
لذلك فإن الأردنيين أمام تحد قادم وفرصة تاريخية للمشاركة في صنع القرار وآن الأوان لكل أردني شريف ان يضع اللبنة الأساسية التي ستبنى عليها مواجهة التحديات القادمة من خلال إختيار من سيمثله في البرلمان القادم والذي سيقود البلد في المستقبل القريب لحكومات برلمانية تعالج كل هذه التحديات ،دعونا نضع مصلحة الوطن ومصلحة ابنائنا بين أعيننا ،ولا نترك المجال لذوي المصالح الفردية والجهوية للتفرد في المجلس القادم ،فنحن بحاجة إلى أفضل النخبة الموجودة في الأردن للتواجد في المجلس القادم وفي الحكومة الجديدة.