ليس ثمة مُسَوغٍ عربي وخصوصاً فلسطيني, لِبثّ أي نوع من التفاؤل, او حتى أقل درجة من التوقّعات الإيجابية, عن رد فعل ٍأميركي غاضب أو مُنتقِد او حتى عاتِبِ, على مجرم الحرب الصهيوني نتنياهو, الذي سيهبط اليوم, في العاصمة الأميركية/واشنطن. سواء في ما خصّ قرار «كنيست» العدو, الرافض بـ«شِدّة قيام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن», أم خصوصاً في رد فعل نتنياهو وأركان إئتلافه الفاشي, على «الرأي الإستشاري», الذي أصدرته محكمة العدل الدولية اول أمس/ الجمعة, إعتبرت فيه أن (الوجود الإسرائيلي المُستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة, «غير قانوني ويجب أن ينتهي بأسرع ما يمكن»)، مُضيفة أنه «يتعيّن على إسرائيل تقديم تعويضات, عن الأضرار التي سبّبها إحتلالها للأراضي الفلسطينية».
ردود الفعل إدارة بايدن المُتواطئة وشريكة جيش النازية الصهيونية في حرب الإبادة والتجويع والتعطيش والتدمير, التي ما تزال فصولها متواصلة في قطاع غزة, وبدرجة مُتدجرجة في الضفة الغربية, كانت مُتلعثمة كالعادة’ عكست من بين أمور أخرى, ليس فقط ضعفاً ملموساً لدى إدارة الرئيس وفريقه المُتماثل حدود التماهي, مع «الايديولوجية الصهيونية العنصرية, بل خصوصاً إفلاس سيد البيت الأبيض السياسي والشعبي, بعدما قدّم للكيان العنصري الإستعماري, «كل شيء» ولم يعد لدى نتنياهو ما يخسره, في حال أغلقَ أذنيه حيال «هاتين المسألتين», عند لقائه بايدن, يوم غد/الإثنين (بالتوقيت الأميركي).
ملامح هذا الإفلاس وذلك التلعثم والإرتباك, تبدّى بوضوح, في ما قاله جيك سوليفان أول أمس الجمعة, رداً على سؤال في ما إذا كان «مُتفائلاً» بنتائج لقاء بايدن ــ نتنياهو, إذ أكّدَ «مستشار الأمن القومي الأميركي» أنه «تعلّمَ ألاّ يستخدم كلمة «التفاؤل» إلى جانب الشرق الأوسط, في جملة واحدة، في إشارة إلى تدنّي توقعاته بشأن إبرام صفقة بين حركة حماس وإسرائيل. مُتجنِباً على نحو وقِح ومتواطئ تحميل نتنياهو, أي مسؤولية في عرقلة هذه الصفقة, بعدما أبدتْ حركة حماس «مرونة» أقرّ بها «الوسطاء» الثلاثة, فضلا عن مسؤولي الأجهزة الأمنية الصهيونية, الذين كلّفهم نتنياهو الذهاب الى القاهرة والدوحة لمتابعة ملف «الصفقة» المتعثرة صهيونياً.
فقد مضى سوليفان قدماً في الحديث «العمومي» حمّال الأوجه, في إجاباته على أسئلة الصحافيين بالقول: إن التركيز الأساسي» للإجتماع المقبل بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء نتنياهو, سيكون إطلاق سراح الرهائن واتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة, «المطروح حاليا على الطاولة بين إسرائيل وحماس». موضحاً/ سوليفان (سيُركز الرئيس بايدن «طاقته» مع رئيس الوزراء/نتنياهو على «ما سيتطلبه العمل معاً»), وبعد ذلك ـ تابعَ ــ ستعمل الولايات المتحدة مع الوسطاء الآخرين لإنجاز هذه الصفقة في الأسابيع المقبلة».
مستطرِدا في ثرثرة وإنعدام تحديد أو إضاءة على أسباب «تعثر» إنجاز الصفقة, بالقول:، أن مُخطط الاقتراح قد وضعه بايدن في خطاب ألقاه في أواخر آيار الماضي؛ بعد ذلك، حشدتْ الولايات المتحدة الدعم العالمي للصفقة, وحصلت على التزام إسرائيل بها في حزيران الماضي، ثم حصلت بعد ذلك على التزام من حماس بــ«الإطار الواسع», في وقت سابق من هذا الشهر. ولم يلبث ان فاجأ الجميع بالقول, على نحو يفضح أكاذيبه المُرسَلَة: «نحن نُدرك أنه «لا تزال هناك عقبات في الطريق»، دعونا نستغل الأسبوع المقبل لـِ«محاولة إزالة تلك العقبات والتوصل إلى اتفاق».
إذاً «لا» مسؤولية لنتنياهو في إفشال إقتراح «بايدن», رغم ان الأخير لم يكن سوى «صندوق بريد», لِمَن صاغ هذا الإقتراح كلمة كلمة, وهو نتنياهو, الذي أدار ظهره بإزدراء للرئيس الأميركي, رغم ان رئيس حكومة العدو وصفَ بايدن بأنه «الصهيوني الأكبر» في هذا العصر. ما يعني ان قرار الكنيست الصهيوني, بالرفض «الشديد» لإقامة دولة فلسطينية غربي نهر الأردن, لن تكون على جدول الأعمال بينهما, وستكتفي إدارة بايدن بما صدرََ عن «المُتحدثيْن» باسم البيت الأبيض والخارجية الأميركية, اللذيْن «رفضا» الإدلاء بأجوبة مُحدّدة حول التصويت في كنيست العدو, والذي أثار انتقادات دولية. إذ قال متحدث مجلس الأمن القومي الأميركي/ جون كيربي: «اعتقد» أن السبيل الأفضل للرد على هذا السؤال, هو «تكرار اقتناعنا الراسخ بوعد حل الدولتين». مضيفا في إزدراء لعقول الآخرين وإستهتارا بذكائهم: أن الرئيس بايدن «لن يتخلّى عن هذا الحل»، وسنُواصل بذل «كل ما في وسعنا في محاولة للوصول إليه». مواصلا لعبة الإستذكاء بالزعم: أننا «نعلم أن هذا الأمر لن يتم بدون صعوبات، ونعلم أيضا أنه ينبغي إظهار شجاعة وقيادة في المنطقة لبلوغ ذلك».
في السطر الأخير ثمة من تحدّث عن ان قرار كنيست العدو برفض إقامة دولة فلسطينية, «يُحرج» إدارة الرئيس الأميركي, التي تُعِدُّ خططا للمنطقة في سياق «اليوم التالي» للحرب الصهيوأميركية على قطاع غزة، تشمل مروحة تطبيع عربية «أخرى» مع العدو الصهيوني، مُقابل «إحياء مسار حل الدولتين». ما إنعكس ــ يزعمون ــ على واشنطن, التي بدتْ مُحرَجة إثر تصويت الكنيست «رفض قيام دولة فلسطينية».
مَن يُصدّق كل هذه الأراجيف والترّهات»؟.