في عقلنا الجمعي عدد من المقولات التي لا تصمد امام التحقق، عندما يتم اعمال العقل لتمحيص هذه المقولات.
من بين هذه المقولات على المستوى القومي، اننا نعلق كل هزائمنا على التأمر الأمريكي الصهيوني، وهي حقيقة ناقصة لا تكتمل الا اذا طرحنا السؤال كيف ولماذا نجحت أمريكا و يهود بالسيطرة علينا وتمرير مؤامراتهم في وطننا العربي؟ ، اليس ذلك اولا بسبب ضعفنا وتمزقنا، ثم بسبب تسابقنا على خطب ود الامريكان حتى على صعيد سلوكنا الفردي، والدليل البسيط ازدحام اي حفل تقيمه السفارات الأمريكية في بلادنا العربية بمن يتسابقون على تلبية الدعوة بل والسعي للحصول عليها. ومثل ذلك تسابق شبابنا للهجرة الى الولايات المتحدة الأمريكية، التي يشتمونها في المسيرات والاعتصامات، مما يؤكد عدم الصدقية عند كثيرين في الشعارات التي يرفعونها.
المقولة الثانية التي لا تصمد امام التحقق هي على صعيدنا الوطني، وهي مقولة تحولت فيها دائرة المخابرات العامة الى مشجب يعلق عليها كل فاشل اسباب فشله، فاذا اخفق احدهم في انتخابات مهما كان مستواها ابتداء من انتخابات (عرافة) الصفوف المدرسية الابتدائية الى اهم انتخابات سياسية في بلدنا، عزى جل الفاشلون فشلهم الى تدخل الدائرة، وهو يعلم انه( لا في العير ولا في النفير).
وكذلك الحال في الأحزاب فكل حزب لا يحظى بقبول جماهيري، يزعم ان السبب هو خوف الناس من(الدائرة). التي ظل ان يحملها الأزواج أسباب خلافاتهم.
غير تحميل الدائرة مسؤولية من قبل البعض افرادا ومجموعات. فان البعض الاخر يحاول ان يدعي البطولة على حساب الدائرة،من خلال الصمود امامها! سواء كان هذا الادعاء من خلال اختباء مدعيه خلف شاشات وسائل التواصل الاجتماعي، او من خلال الثرثرة في الجلسات المغلقة، من ذلك انني استمعت مؤخرا لاحدهم يتحدث عن بطولاته اثناء توقيفه لدى الدائرة ، ولم ينتبه انه كان يدلي بشهادة لمصلحة الدائرة و يمدحها من حيث اراد الإساءة لها، فبعد ان اكد انه لم تتم الاساءة له ولو بكلمة نابية، زعم انه هو الذي كان يسأل المحققين معه، فيكتشف انهم يؤمنون بما يؤمن به، وانه كان يقرأ في زنزانته يوميا كل الصحف الاردنية، وانه قراء عشرون كتابا، في اقل من خمسين يوما، بل وزعم انه طلب تغير زلزالته فتم له ماراد، ناهيك عن لقاءاته المتكررة مع محاميه واسرته. فاين هي البطولة اذن؟! . واين هو الاضطهاد الذي يزعمه البعض؟
ان الحقيقة التي يتناسها معظمنا هي ان دائرة المخابرات العامة وكافة اجهزتنا العسكرية و الامنية تقوم بواجباتها على اكمل وجه، وهو ما نتمنى ان تقوم به كل مؤسساتنا الاخرى من خلال أداء واجباتها بنفس الحرفية والمؤسسية التي تؤدي فيها مؤسساتنا العسكرية والامنية فيهما واجباتها، فعند ذلك سيتم التخلص من الكثير من مشاكلنا،رغم ان الامر قد يؤدي الى بعض الأخطاء الفردية، التي يجب ان يشار إليها بالتحديد لا بالتعميم كعادتنا في كل شئ.
خلاصة القول في هذه القضية :ان هذا المقال الذي سيجلب لي الكثير من الاتهامات والسباب، ليس للدفاع عن دائرة المخابرات العامة، فهي اقدر مني ومن غيري على الدفاع عن نفسها عند الحاجة، ولكن هذا المقال هو دعوة للتحقق من الكثير من المقولات التي نرددها فتسلمنا الى عقلية القطيع. وتجعلنا ضحايا لمدعي البطولة.