ما بين الغزو والحرب، دخلت الحرب الروسية- الأوكرانية مراحل من أزمة دولية، تباين خلالها، منذ إشارة الغزو الأولى عندما حركت روسيا جيشها على أوكرانيا في 24 فبراير 2022، وبدأت مؤشرات اضطراب عالمي بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، متغيرات جيوسياسية خطيرة، بعد تأزم الحشد العسكري الطويل، في الأسابيع الأولى من الحرب، وصولا إلى الاعتراف الرسمي من روسيا الاتحادية بجمهورية دونيتسك الشعبية المعلَنة من جانب واحد وجمهورية لوجانسك الشعبية، أعقبها دخول القوات المسلحة الروسية منطقة دونباس في شرق أوكرانيا في 21 فبراير 2022.
* قمة لمنع الهاوية
بعد "شيخوخة صالحة"، يبدو أن سعى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، قد حمل شهادات ميلاد، لقوة، قد تتجدد، أو تنهار، وفق القطب الأمريكي، الذي يضغط نحو خطة ما رشال لـ«الناتو»، وهو يعي أن العالم يتغير، ولكن نحو الحروب والأزمات الصراعات البينية، بعكس اتجاه جيوسياسية التنمية والأمان.
ولمنع هاوية الناتو، في ختام قمتهم التي استمرت ثلاثة أيام في واشنطن، سعوا القادة جنرالات الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا؛ لتعزيز العلاقات مع اليابان وكوريا الجنوبية- رافد حماية من أي تطور أمني من الصين أو كوريا الشمالية-، فيما تعهدوا بمنح أوكرانيا مساعدات إضافية بقيمة 40 مليار يورو (43 مليار دولار) خلال العام المقبل.
في الجزء الأكبر.. على صدى الهاوية الموعودة، جاءت القمة، لتؤكد دعم أوكرانيا، قبل إجراء محادثات مع قادة أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية في اليوم الختامي للقمة، وهي مباحثات حرجة لتوريط القارات في أزمات الولايات المتحدة الأمريكية أولا، وبقية العالم ثانيا، وبالطبع، هناك مساحة للحديث في الغرف السرية عن الدعم المطلق لإسرائيل دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، التي تحتل فلسطين، منذ ولادة الناتو.
* قبل الحرب وبعد "حالة أوكرانيا" اليوم
في مسار الحرب الروسية- الأوكرانية؛ شكل الخطاب السياسي الأمني، مسار العلاقات التي عاشت أزمة اقتصادية، سياسية بالدرجة الأولى، وفي ذلك، بعض من عناد الرئيس الروسي بوتين، فهو في البدء أعلن عن عملية عسكرية- كانت فعلا حالة حرب ممتدة- بهدف تجريد أوكرانيا من السلاح واجتثاث النازية منها، بحسب قول بوتين، وبدأت العمليات العسكرية على جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك مناطق في العاصمة كييف.
وحالة الحرب الروسية- الأوكرانية، تتزامن اليوم مع حالة الحرب العدوانية الإسرائيلية النازية على قطاع غزة ورفح، والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
* في بيان مجلس حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا
"الدستور" حصلت على نص بيان قمة الناتو في العاصمة الأمريكية واشنطن، وهو الصادر عن رؤساء الدول والحكومات المشاركين في اجتماع مجلس حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا في واشنطن العاصمة 11 يوليو 2024، وفي بنود البيان، مؤشرات على تأرجح الحلف، بين الواقع في الولايات المتحدة الأمريكية، قبيل الانتخابات الرئاسية، التي تدور رحاها- إلى اليوم على الأقل- بين الريس الديمقراطي جو بايدن، والجمهوري الريس السابق ترامب.
* بند: 1
لقد اجتمعنا اليوم، نحن رؤساء دول وحكومات مجلس حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، خلال هذه القمة التاريخية لحلف شمال الأطلسي. وعلى مدى أكثر من عامين من الغزو الروسي الوحشي الكامل لأوكرانيا، وعشر سنوات منذ ضم روسيا غير القانوني وغير الشرعي لشبه جزيرة القرم والتدخل العسكري الأولي في دونباس، كان شعب أوكرانيا يدافع ببطولة عن أمته وأرضه وقيمنا المشتركة. ونحن نعرب عن تقديرنا الرسمي للأرواح التي أزهقت، ونستنكر المعاناة الإنسانية والدمار الناجم عن حرب العدوان غير القانونية وغير المبررة وغير، التي تشنها روسيا. لقد فشلت روسيا في جهودها لتقويض دولة أوكرانيا وكسر عزيمة الشعب الأوكراني. ويواصل رجال ونساء القوات المسلحة الأوكرانية وشعب أوكرانيا إلهام العالم بشجاعتهم وتصميمهم. وتقف أوكرانيا قوية كدولة ذات سيادة ومستقلة وديمقراطية.
* بند: 2
تتحمل روسيا المسئولية الكاملة عن هذه الحرب، التي تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، التي يجب أن تتحمل مسئوليتها الكاملة. ونحن ندين كل أولئك الذين يسهلون حرب روسيا ويضخمون حملات التضليل الروسية. لقد حطمت حرب روسيا ضد أوكرانيا السلام والاستقرار في منطقة اليورو الأطلسية وكان لها تأثير عميق على سلامة وأمن ورفاهية مليارات البشر في جميع أنحاء العالم. ولم تُظهِر روسيا أي انفتاح حقيقي على السلام العادل والدائم. ويرحب الحلفاء ويدعمون التزام الرئيس زيلينسكي المستمر بتعزيز السلام الشامل والعادل والدائم من خلال صيغة السلام وعملية قمة السلام، بما في ذلك القمة الأولى المهمة في سويسرا.
* بند: 3
إن روسيا مسئولة عن مقتل الآلاف من المدنيين وتسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية المدنية. ونحن ندين بأشد العبارات الممكنة الهجمات المروعة التي شنتها روسيا على الشعب الأوكراني، بما في ذلك على المستشفيات، في الثامن من يوليو.
ونرحب بالالتزامات المعلنة بتزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي إضافية وقدرات عسكرية أخرى، مع زيادة الحلفاء لدعمهم لتلبية احتياجات أوكرانيا والمساعدة في حماية شعبها ومدنها وبنيتها التحتية من الهجمات الروسية المروعة. وسوف يدعم حلف شمال الأطلسي ويقدم المشورة بشأن تصميم وتنفيذ بنية دفاع جوي وصاروخي متكاملة لأوكرانيا، لتمكين الاستخدام الأكثر كفاءة لقدرات الدفاع الجوي والصاروخي الأوكرانية ودعم انتقالها إلى التوافق الكامل مع حلف شمال الأطلسي.
* بند: 4
إن وجود أوكرانيا قوية ومستقلة وديمقراطية داخل حدودها المعترف بها دوليا أمر حيوي لاستقرار وأمن المنطقة الأوروبية الأطلسية. إن كفاح أوكرانيا من أجل استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها يسهم بشكل مباشر في أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية.
ويواصل الحلفاء والشركاء تكثيف المساعدات السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية والإنسانية الحيوية، بينما تمارس أوكرانيا حقها الأصيل في الدفاع عن النفس كما هو منصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. كما يواصل الحلفاء تعزيز قدرة أوكرانيا على الصمود من خلال المساعدة في دعم البنية الأساسية للطاقة، وتوفير إمدادات الطاقة الحيوية، وتمكين عبور السلع والحبوب. ويظل الحلفاء حازمين كما كانوا دائما في دعم أوكرانيا طالما استغرق الأمر حتى تنتصر.
* بند: 5
نرحب بإطلاق برنامج المساعدة الأمنية والتدريب لأوكرانيا التابع لحلف شمال الأطلسي، والذي سينسق توفير التدريب والمعدات العسكرية لأوكرانيا من قبل الحلفاء والشركاء وسيوفر الدعم اللوجستي. وسيضمن ذلك تقديم مساعدة أمنية معززة ومنتظمة ومتماسكة لأوكرانيا على المدى الطويل، وتعزيز الدعم الذي يقدمه الحلفاء والشركاء لأوكرانيا. وستعمل منظمة المساعدة الأمنية والتدريب لأوكرانيا، التي ستعمل في الدول المتحالفة، على تعزيز تعاوننا المستمر لتحويل قوات الدفاع والأمن الأوكرانية، حتى تصبح أوكرانيا أكثر قدرة على الدفاع عن نفسها الآن وردع أي عدوان روسي آخر في المستقبل.
* بند: 6
إن أوكرانيا تحتاج إلى دعم طويل الأمد. إن الحلفاء عازمون على دعم أوكرانيا في بناء قوة قادرة على هزيمة العدوان الروسي. ونحن نرحب بتعهد الحلفاء بتقديم مساعدات أمنية طويلة الأمد لتوفير المعدات العسكرية والمساعدة والتدريب لأوكرانيا. كما نرحب بأن الحلفاء يعتزمون، لتحقيق هذه الغاية، توفير تمويل أساسي لا يقل عن 40 مليار يورو في غضون العام المقبل، وتوفير مستويات مستدامة من المساعدات الأمنية لأوكرانيا حتى تتمكن من الصمود.
* بند: 7
مع استمرارنا في تكثيف تعاوننا وتعزيز التكامل السياسي بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي، يعمل الحلف على تعزيز تمثيل الناتو في أوكرانيا، وقرر الأمين العام تعيين ممثل كبير لحلف شمال الأطلسي لرئاسة تمثيل الناتو في أوكرانيا والعمل كنقطة محورية لمشاركة الناتو مع السلطات الأوكرانية في كييف.
* بند: 8
لقد أحرزنا تقدمًا كبيرًا في تعاوننا الجاري، بما في ذلك من خلال حزمة المساعدات الشاملة لأوكرانيا، لتعزيز وإعادة بناء قطاع الأمن والدفاع الأوكراني، ودعم الردع والدفاع في أوكرانيا على المدى الطويل، وتحويل أوكرانيا إلى التوافق الكامل مع حلف شمال الأطلسي. وتحقيقًا لهذه الغاية:
لقد قمنا بتطوير متطلبات التشغيل البيني الأولية لحلف شمال الأطلسي بشكل مشترك، والاستفادة الكاملة من عمليات وأدوات التخطيط الدفاعي المتعلقة بحلف شمال الأطلسي، لإعلام ودعم إصلاحات قطاع الأمن والدفاع في أوكرانيا وتمكين التشغيل البيني لقواتنا على المدى الطويل.
نحن نعمل معًا لجعل المشتريات الدفاعية في أوكرانيا متوافقة مع أفضل الممارسات الأوروبية الأطلسية من خلال مراجعة المشتريات الدفاعية الاستراتيجية.
وسوف نعمل معا لتحديد وتطبيق الدروس المستفادة من حرب روسيا ضد أوكرانيا، بما في ذلك الدروس المتعلقة بالقدرة على الصمود، في مركز التحليل والتدريب والتعليم المشترك الذي أنشئ حديثا في بولندا. وباعتباره هيكلا مشتركا بين حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، فإن مركز التحليل والتدريب والتعليم المشترك سوف يعمل كركيزة مهمة للتعاون العملي وزيادة قابلية التشغيل البيني بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي.
نحن نطلق أنشطة مشتركة جديدة لدعم الدفاع عن النفس في أوكرانيا من خلال خارطة الطريق الأولى للتعاون المبتكر بين حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا.
وسوف يواصل حلف شمال الأطلسي دعم الدفاع عن النفس في أوكرانيا بالمعدات والإمدادات غير الفتاكة التي تحتاج إليها بشكل عاجل من خلال السياسة الزراعية المشتركة، ونحن نرحب بمساهمات الشركاء.
* بند: 9
من خلال هذه الالتزامات الطويلة الأجل، فإننا نبني على العمل الذي قمنا به معًا في مجلس الناتو وأوكرانيا لتعزيز تطلعات أوكرانيا الأوروبية الأطلسية، بما في ذلك الهدف الاستراتيجي لأوكرانيا المتمثل في عضوية الناتو. ومنذ إنشاء مجلس الناتو وأوكرانيا في قمة فيلنيوس، كنا نعمل ونتخذ القرارات معًا، على قدم المساواة، بشأن مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك التوافق، وأمن الطاقة والبنية الأساسية، والابتكار، والدفاع السيبراني، وصناعة الدفاع، ومكافحة التضليل، والمرونة، كما أثبت مجلس الناتو وأوكرانيا أنه آلية فعّالة للتشاور في حالات الأزمات.
* بند: 10
يؤيد الحلفاء بشكل كامل حق أوكرانيا في اختيار ترتيباتها الأمنية وتقرير مستقبلها، بعيدًا عن التدخل الخارجي. إن مستقبل أوكرانيا يكمن في حلف شمال الأطلسي. لقد أصبحت أوكرانيا أكثر قدرة على التشغيل البيني والتكامل السياسي مع الحلف.
ويرحب الحلفاء بالتقدم الملموس الذي أحرزته أوكرانيا منذ قمة فيلنيوس بشأن الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية والأمنية المطلوبة. وبينما تواصل أوكرانيا هذا العمل الحيوي، سيواصل الحلفاء دعمها على مسارها الذي لا رجعة فيه نحو التكامل الأوروبي الأطلسي الكامل، بما في ذلك عضوية حلف شمال الأطلسي. ويؤكد الحلفاء أنهم سيكونون في وضع يسمح لهم بتوجيه دعوة إلى أوكرانيا للانضمام إلى الحلف عندما يوافق الحلفاء ويتم استيفاء الشروط. وتشكل قرارات القمة التي اتخذها حلف شمال الأطلسي ومجلس حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، جنبًا إلى جنب مع العمل الجاري للحلفاء، جسرًا لعضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي. وسيواصل الحلفاء دعم تقدم أوكرانيا في مجال التشغيل البيني، بالإضافة إلى الإصلاحات الديمقراطية والأمنية الإضافية، والتي سيواصل وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي تقييمها من خلال البرنامج الوطني السنوي المعدل.
* بند: 11
نرحب بالالتزامات الأمنية الثنائية طويلة الأجل التي اتفق عليها الحلفاء والشركاء مع أوكرانيا على أساس إعلان الدعم المشترك لمجموعة السبع لأوكرانيا الذي أطلق في فيلنيوس. وهي تعزز بعضها البعض وتشكل شهادة على الالتزام المشترك والثابت بأوكرانيا حرة ومستقلة وديمقراطية وذات سيادة، داخل حدودها المعترف بها دوليًا، وقادرة على الدفاع عن نفسها وردع العدوان في المستقبل. توفر هذه الالتزامات، جنبًا إلى جنب مع القرارات المتخذة في هذه القمة، الدعم المستدام والدائم لأوكرانيا في دفاعها عن سيادتها وسلامة أراضيها، وتدعم تكامل أوكرانيا الأوروبي الأطلسي.
بالتأكيد، يعي الناتو، وفق الاشتراطات الأمريكية والغربية، أن العالم، بين حرب في أوكرانيا وأخرى في غزة وفلسطين المحتلة، تعني، مقاربات في وعى العلاقات بين دعم محتل في فلسطين، ودعم دولة محتلة في أوكرانيا، الأخيار لتغطية الشمس بالعديد من الغرابي، فالذي يحدث، تموية للشرعة، والقانون الدولي ومنطق السلم العالم، وانهيار لإنسانية الانسان، وربما إعادة تكوين للمنظمات الأممية، أو انكسارها نحو الفوضى.