اهم وافضل سمة يجب ان تتوافر بـ "وزير المالية" تكمن من وجهة نظري ان لا يجامل احدا على حساب المالية العامة والايرادات الحكومية مهما كان السبب، ولعل هذا هو السبب الذي يجعل البعض يهاجمون وزير المالية الحالي الدكتور "محمد العسعس" ما بين فينة واخرى ، فلماذا لا يجب ان يجامل وزير المالية؟
العسعس منذ اربع سنوات رفع شعار الحرب على "التهرب الضريبي" بمواجهة مفتوحة مع المتهربين ضريبياً من اصحاب رؤوس الاموال والقطاعات المتهربة بمختلف اشكالها ، معلنا عن انتهاء زمن"فرض الضرائب" على السلع التي تمس المواطنين من اصحاب الدخول"الفقيرة والمتوسطة"وهذا ماكان وتحقق فعلا، فانتصرت الحكومة في حربها ولم تفرض ضرائب ورسوما طيلة السنوات الاربع الماضية.
احد اسباب نجاح وانتصار الحكومة في حربها ضد التهرب الضريبي واهمها يكمن في اغلاقها لباب الواسطة والمحسوبية والتدخلات والمجاملات، ولهذا يهاجمون"العسعس"الذي يرفض وبدعم مباشر من رئيس الوزراء اي شكل من اشكال الواسطة والمهادنة بالمال العام ، فالمستفيدون من التهرب الضريبي كثر وكانوا يسرحون ويمرحون ولايطيقون ان يبقى الحال على ما هو عليه الآن.
ومن الاسباب الاخرى للهجوم على العسعس اصراره على المضي بـ الاصلاحات المالية الهيكلية التي بدأتها الحكومة منذ ثلاث سنوات غير ان بعض ممن يعشقون الهدر في الانفاق من المال العام وعشاق الواسطة في التعيينات بالجهاز الحكومي لايحبذون تلك الاصلاحات ويريدون ان تعود الامور الى ما كانت عليه قبل دخول الحكومة ببرنامجها الاصلاحي.
نجاح وفشل اي وزير يقاس بالانجاز الذي يتحقق بعهده، وهنا نجد ان "التصنيف المالي" للمملكة ارتفع بأكبر وكالات التصنيف عالميا ما ساهم برفع الثقة بالاقتصاد الاردني من قبل الجهات المانحة والمستثمرة العالمية التي ترغب بالاستثمار بالمملكة ، وقاد هذه التصنيفات الذي جاء على خلفية "الاصلاحات الهيكلية" وارتفاع الايرادات الحكومية من مكافحة التهرب الضريبي والتهريب ورفع قدرة الصادرات وجذب الاستثمارات الى الاستقرار النقدي وثبات قيمة الدينار وارتفاع الاحتياطيات.
اعرف تماما حجم الضعوط التي مارسها صندوق النقد على وزير المالية لكي يرفع "الخبز والكهرباء والماء" والضرائب بمختلف اشكالها في اول دخول الاردن في البرنامج مع الصندوق بهدف رفع الايرادات ، غير ان تعهد الوزير برفع الايرادات من مكافحة التهرب الضريبي والاستغناء عن اي وسيلة اخرى لرفعها ونجاحه بذلك جعل من الصندوق يشيد بالاجراءات الاصلاحية الضريبية والجمركية ويساند الحكومة بعدم فرض اي ضرائب واضافة اعباء جديدة على المواطنين.
خلاصة القول، الهجوم الذي تتعرض له الحكومة ووزير المالية بين وقت واخر ومحاولة نبش ملف المديونية وارتفاعها لاحباط منجزاتها من استقرار نقدي ومالي وسيطرتها على التضخم واستقرار الاسعار وقوة ومنعة الجهاز المصرفي بهدف الضغط عليها من اجل اعادة فتح ابوابها امام المجاملة والواسطة وغض النظر عن التهرب الضريبي والتهريب ، ولذلك فالهجوم على الحكومة وماليتها العامة لن يتوقف من اتباع الواسطة وتصفية الحسابات.