مشروع الناقل الوطني للمياه مشروع استراتيجي بلا أدنى شك وحال تنفيذه سيكون من أهم الإنجازات التي يسجلها الأردن منذ عقود.
لكن ورغم تفاوت الاراء وتباينها لا زلت أصر على أن مشروع قناة البحرين لاعتقادي الراسخ بأنه مشروع وطني حضري اقتصادي وبيئي، سيحدث نهضة حضارية في منطقة تعتبر ميتة وهي وادي عربة، وسيعيد البحر الميت كثيرا مما فقده من المياه.
المشروع كان بدأ كبيرا بطموحاته وأفكاره، وكم الأثر التنموي الذي سيحدثه لكن صغر شيئا فشيئا من قناة مائية مفتوحة في بعض أجزائه إلى أنبوب ليصبح اسمه «ناقل البحرين»، ثم صغر أكثر ليصبح أنبوبا ينقل مياه البحر الأحمر بعد تحليتها إلى عمان واسمه الناقل الوطني.
فقط لنتخيل معا، ماذا لو أن المشروع بقي على حاله في نسخته الاولى، قناة مائية وأنابيب تضخ في جزء منها الى البحر الميت بما يرفع منسوبه الذي هبط كثيرا، وفي جزء آخر بحيرة صناعية في منطقة وادي عربة تحيط بها فنادق ومنتجعات وتجمعات سكنية حضارية يتكفل ضخ المياه بتزويدها بالكهرباء والطاقة ومطار صغير للراغبين بالمتعة فيها، هي مدينة متكاملة بدلا من فكرة المدينة الجديدة قرب عمان التي لا زالت تراوح مكانها..!.
ماذا لو تمسك الأردن بالمشروع بفكرته الأولى لتتفرع القناة المفتوح وعبر الأنابيب إلى ثلاثة أفرع واحدة لمياه الشرب بعد التحلية والثانية إلى البحر الميت لإنقاذ منسوبه الذي يتناقص بسرعة وثالثة إلى وادي عربة ليصب في بحيرة صناعية يتم انشائها هناك، حتما سيصبح اسم وادي عربة وادي القمر.
تخيلوا بحيرة صناعية في هذا الوادي المقفر، كم سيتغير وجه المكان وكم هي الآثار التنموية التي سيحدثها وكم هي المشاريع السياحية والتنموية، عدا عن الأثر الاجتماعي، سنكون حتما في مواجهة مدن رائعة تولد من العدم، فقط لأن الماء أصبح فيها ينساب.
هذه ليست أحلام أيها السادة، بل مجموعة آراء لمهندسين لا تنقصهم الخبرة، أردنيون وغيرهم من الخبراء.
هذا ما يطلق عليه مصطلح خلق الثروة.
صحيح أن حاجات الأردن الملحة للمياه تتربع على قائمة الأولويات، لكن الصحيح أن حاجة الأردن إلى ابتكار مشاريع تنموية أكبر.
لنا أن نتخيل حجم المشاريع الزراعية الطموحة التي ستنشأ، وأن تتخيل حجم المشاريع السياحية التي ستنشأ والفوائد الاجتماعية وفرص العمل وشكل المكان ومزاج الناس وغيره الكثير، والبيئة التي ستمتد آثارها إلى عمان والتنمية الشاملة في كل مدن الجنوب ووادي الأردن.
لا يمكن تجاهل هدف إنقاذ البحر الميت من الجفاف والانحسار المتواصل، وهو ما يجب أن يكون هدفاً رئيسياً للمشروع ويتيح إنشاء مشاريع لإنتاج الكهرباء ما يخفض كلفة الوقود وتحلية المياه، التي يحتاجها الأردن بإلحاح.
في العالم تجارب كثيرة رأينا فيها كيف كانت المياه سببا في نشوء المدن حتى في عمق الصحراء القاحلة.