بعدما تم نشر لائحة الأجور الجديدة 2024 في الجريدة الرسمية رأينا الزخم الإعلامي مؤيداً و ناقداً أو مستفسراً عن تلك اللائحة، ولهذا رأيت من الأفضل أن أبين بعض الأمور المهمة: وتفنيد الآراء المنتقدة والتي تهاجم الأطباء.
أولاً :
عندما لبّى نقيبنا المحترم ومجلس نقابتنا الموقر دعوة معالي وزير الصحة ومعالي محافظ البنك المركزي للجلوس مع كل الأطراف الرسمية وغير الرسمية لبحث لائحة الأجور وكيفية تطبيق نظام الصندوق التعاوني كنا قد انتقدنا تلك الخطوة كون قانون نقابة الأطباء والدستور الطبي يخوّل مجلس نقابة الأطباء فقط لوضع لائحة الأجور وتعليمات نظام الصندوق التعاوني للأطباء بناءاً على توصيات لجنة الصندوق ، ولقد أدى هذا إلى تأخير صدور لائحة الأجور كما أدى إلى تأخير تعليمات الصندوق التعاوني ، وكوني كنت من الأعضاء المحاورين لتطبيق نظام الصندوق أيقنت أن النقابة كان عليها ألا تقبل أن تتفاوض مع تلك الجهات على الإطلاق إلا لتوقيع العقد الموحد، وكان على مجلس النقابة أن يصدر قراراته حسب صلاحياته القانونية بل أعتقد أن الجلوس مع تلك الجهات غير مجدي ولا يصب في المصلحة العامة لكل الأطراف ومع ذلك غضينا الطرف إحتراماً لاجتهاد نقيبنا وإحتراماً لطاقم وزراة الصحة المحترم.
ثانياً:
من اللحظة الأولى وجدنا أن بعض الجهات التأمينية لا ترغب بأعطاء كامل حق الأطباء المنصوص عليها بالقانون كما يجب و تحاول تجاهل قوانين النقابة في هذا الصدد وكانت عازمة منذ اللحظة الأولى على عدم الإستجابة لولا تدخل معالي وزير الصحة وعطوفة الأمين العام، وأجزم أن بعض هذه الجهات كانوا يحاولون التمنع من تطبيق القانون الذي هو ملزم للجميع بخصوص لائحة الأجور وكذلك نظام الصندوق الذي هو نظام دولة ذات مؤسسات وسيادة وليس اجتهاد أشخاص ذوي مصالح خاصة .
ثالثاً:
إن لائحة الأجور وكذلك نظام الصندوق أتيا ليضبطوا المهنة وتنظيمها وإعطاء كل ذي حق حقه وليس من أجل تعبئة جيوب الأطباء على حساب جيب المواطن ، ولائحة الأجور وكيفية إصدارها وقانونها مثبت دستورياً منذ عشرات السنين وتمّ مراجعته دورياً وتم تطبيقه على طوال عشرات السنين وبنوده واضحة لكل من يقرأ ويكتب ،ودائماً مجلس النقابة هو المخوّل لوضع وتعديل التسعيرة كل فترة ، ولقد كان عدم إهتمام المجالس النقابية منذ 1998 بهذا الشأن ،وتسعيرة 2008 هي بالأصل محاولة غير مجدية ولم تكون إلا عبارة عن تسعيرة 1998 بتغييرات طفيفة ، ولهذا عندما نتكلم عن تاريخ التسعيرات علينا أن نقارن نسب التضخم ليس من 2008 بل من 1998 فسنجد أن التضخم قد زاد عن 200% وطوال هذا الوقت و حقوق الأطباء ضاع بعضها منذ 26 سنة ..
رابعاً :
لائحة الأجور عادة تضعها جمعيات الإختصاص بمراقبة المجلس وتكون بناءاً على دراسة مستفيضة للأوضاع الإقتصادية ونسبة التضخم وتأثيرها على كل الأطراف بما فيها المواطن ، وأفيدكم أن إدارات جمعيات الإختصاص 75% منهم هم من أطباء القطاع العام و ليس لهؤلاء الأطباء منافع شخصية ودائماً طرحهم قد يجور على أجور أطباء القطاع الخاص في قراراته حتى لا يكون هناك الزيادة على المواطن ، وكذلك أعضاء مجلس النقابة الذين يراقبون الوضع على الأقل نصف ذلك المجلس من القطاع العام، وهذا يدل على أن لائحة الأجور توضع بمقاييس ومعايير دقيقة وليس كما يروج البعض .
خامساً:
عندما وضعنا تسعيرة العظام مثلاً
قارناها بتسعيرة بعض القطاعات الحكومية
ووجدنا أن تسعيرة النقابة أقل من تسعيرة بعض جهات القطاع العام والتي تكاليفها تدفع من الحكومة أو من المواطن نفسه مباشرة
سادساً ؛
نسمع من بعض الأصوات الإعلامية ومن بعض الجهات التأمينية إعتراضهم على فرضية ارتفاع أجور الأطباء ونرى هالة حرصهم على مصلحة المواطن و كأن الطبيب آتى ليسلب قوت المواطن المسكين ، ونسوا أو تناسوا أن الطبيب حريص على مصلحة المواطن كمثل شرفاء الوطن وعليهم أن يعلموا ويتأكدوا أن الطب مهنة إنسانية قبل أن يكون مصلحة فردية، وبالتأكيد إن إنسانية الطبيب تعريفاً ومنطقاً مهمة سامية لأبعد الحدود
سابعاً :
في الأيام الأخيرة تأكدت أن بعض المتنفذين في الجهات التأمينية يحاولون زج أطراف أخرى ليس لهم علاقة بالتسعيرة والصندوق التعاوني علماً أن لائحة الأجور و نظام الصندوق التعاوني لا تؤثر على من يمثلونهم وخاصة ما يخص المواطن وأصبح المواطن قميص عثمان كل من هبّ ودب يستخدمه لمصلحته وليحقق أهدافه وغايته
ثامناً :
التسعيرة الجديدة صدرت بعناية ومراقبة من قبل مجلس النقابة ونُقحت من جمعيات الاختصاص عدة مرات ولقد تم خصم على الإجراءات الجديدة بطريقة منطقية وتم مراجعتها ودراستها من قبل وزراة الصحة ورئاسة الوزراء وتم عرضها على القانونيين والمشرعين في الحكومة الأردنية وتبّين أن هذه التسعيرة لا تمس أمن المواطن المعاشي وبناءاً على ذلك تمت الموافقة على نشرها في الجريدة الرسمية' ولهذا إن الذين يعترضون على تلك التسعيرة ليسوا حريصين على مصلحة المواطن أكثر من الدولة بل ليسوا أعلم و أدرى من القانونيين في حكومتنا ولا نقابتنا ولا حتى الطبيب الذي يعالج المريض ، وبناءاً على ذلك كلامهم غير صحيح و مخالف للحقيقة .
تاسعاً :
إن الزيادة في الأجور بتسعيرة 2024 لا تمس المواطن الذي يدفع الكاش وذلك لأن المريض الكاش يقع الآن تحت تقدير الطبيب لأتعابه و بدون مقياس ولا ضوابط ، ولكن بوجود تسعيرة جديدة عصرية يوجد حدود للطبيب لا يستطيع تجاوزها وأي زيادة عن الأجر المحدد من النقابة سوف ترد للمواطن مجرد علم النقابة بها ، ومثال على ذلك التسعيرة الجديدة صار لها حوالي أسبوعين وما زادت شيء على مرضى الكاش وسألت كثير من زملائي وقالوا لي نفس الشيء وبالعكس كثيراً ما نخصم من أتعابنا ومن ناحية ثانية التسعيرة ُُحددت الأجور بالحد الأعلى و الحد الأدنى والطبيب دائماً يراعي وضع المريض وأحياناً يسامح المريض لأنه يقدّر وضع المريض لأبعد الحدود ولأنه كما ذكرت مهمتنا إنسانية .
عاشراً :
الأجور الجديدة صحيح أنها ارتفعت على الجهات التأمينية . لأنهم الآن لا يدفعون إلا اليسير من حق الطبيب وكلنا نعلم أن محصلة أجرة الطبيب الآن لعموم الأطباء
حوالي 6-8 دنانير ، وفي المقابل زادت شركات التأمين أجورها منذ 2008 أو ربما أكثر من ذلك منذ 1998 ( التسعيرة المعمول بها من قبل شركات التأمين ) يعني أن شركات التأمين تقاضت من المواطن بإسم الطبيب مبالغ كبيرة ولا تعطيه منها شيء. فإذا كانت حصة الطبيب من الفاتورة التأمينية مثلا 18% فهي استلمت بإسم الطبيب ما قيمته 18% من الزيادة التي حصلت عليها طوال السنين الماضية !!!!!! وأنا من الآن أطالب نقابتنا أن ترفع قضية إستيفاء أجور الأطباء المهضومة من قبل شركات التأمين عن السنين الطويلة الماضية والتي تقدر بالملايين ، علماً إنه لم يحصل زيادة لا على الأدوية ولا على أجور المستشفيات ولا على الأطباء ، فلماذا زادت على المواطن
فأين العدالة ؟؟؟ّ
وأين الذين أقعدوا الدنيا وأقاموها على التسعيرة الجديدة ؟؟؟؟
، لماذا يا من تحرصون على مصلحة المواطن والعمال و الوطن لا تحاسبوا تلك الشركات التي رفعت رسوم اشتراكها أضعاف مضاعفة وأتيتم إلينا كي تحاسبوننا لأننا نريد تطبيق القانون ، قفوا مكانكم وتريثوا ، نحن أصحاب حق ونحرص على الوطن والمريض
حادي عشر :
صحيح أنه خلال الاجتماعات الرسمية تحت رعاية وزارة الصحة كنا نلمس من بعض الجهات التأمينية عدم رغبتها بتنفيذ نظام الصندوق التعاوني أو الالتزام بالتسعيرة المقترحة و لكن بتدخل الحكومة حصل توافق على التسعيرة و الصندوق التعاوني و قد تُرك الأمر لقرار الوزير ليبت في الأمر و بالفعل التسعيرة الحالية وافق عليها معالي الوزير و الآن ليس لهم أي مخرج للأعتراض على قانونية تلك التسعيرة .
لقد أضعنا أكثر من عشرة شهور ونحن نتحاور مع الجهات التأمينية وفي كل مرة يتحججوا بعذر غير منطقي ' وحتى العقد مع الصندوق التعاوني في كل مرة يمتنعوا ويرفضوا التوقيع علماً أن القانون يلزمهم على ذلك ، بل إنهم يريدون أن يلغوا مواد من نظام الصندوق والذي يلزمهم بإلغاء العقود السابقة ويطلب عقود جديدة معومة على كل الأطباء وهذا منصوص عليه في نظام الصندوق التعاوني ويريدون أن يستبدلوه بنصوص تخالف نظام الصندوق التعاوني ،
ثاني عشراً :
في حال تعنت الجهات التأمينية عن إعطاء الأطباء حقهم فهذا. سيؤدي إلى عزوف الكثير من الأطباء عن معالجة مرضى التأمينات وهذا قد يجعل الأطباء من ذوي الخبرة والأعلى كفاءة يطالبوا المريض بدفع أجوره نقدي و بهذا يتجه المريض إلى طبيب أقل كفاءة ويحرم المريض من حرية إختيار الطبيب المناسب له وهذا بطبيعة الحال سيؤثر على وضع المريض الإقتصادي والصحي ، وهنا أقول للحريصين على مصلحة المواطن أن يتدخلوا ليكونوا وسطاء بين الأطباء والجهات التأمينية وأن لا يقفوا مع من يمتنع عن إعطاء الأطباء حقوقهم.
ثالث عشر:
إذا قارنا أجور الأطباء في الأردن بأجور الأطباء على مستوى العالم وخاصة بعض دول الجوار سنجد أسعار أطباء الأردن من أقلها ، فمثلاً كشفية الطبيب في لبنان أو العراق أو مصر أكثر من 100 دولار والسودان سنه 2006 أكثر من 100دولار ، ودول الخليج أكثر بكثير . وليعلم الجميع أن أطباء الأردن هم من أكفأ أطباء العالم، ولولا ذلك لما يأتوا لنا المرضى من كل فج عميق وحتى من أمريكا وأروبا وجميع الدول العربية ، فنرجوكم يا سادة لا تظلموا أطباءكم وخذوهم بحلمكم وتأكدوا أنهم حريصين على المواطن واعلموا ان الطبيب هو ايضا مواطن مستهلك مثله مثل باقي المواطنين ولقد ارتفع عليه مصاريف كل شي.
رابع عشر:
إذا إزدادت الأصوات الإعلامية المناهضة لأطباء القطاع الخاص بأن أسعارهم قد ازدادت هذا حتماً سيؤثر سلباً على سمعة الطب في الأردن وعلى السياحة العلاجية التي تنعش الوطن والمواطن وخاصة عندما يُسأل أحدهم في الإعلام ويقول بمبالغة خرافية أن الأسعار زادت 500 إلى 700% ،ونحن نعرف أن هذا غير دقيق ، وأعتقد أنه يجب على النقابة والحكومة أن تحاسب هؤلاء وتمنعهم من استخدام المنصات الإعلامية التي تسيء إلى سمعة الطب في الأردن. والتي نفتخر به أينما ذهبنا
خامس عشر:
لقد عرضنا ولا زلنا نعرض على الجهات التأمينية كافة أننا في الصندوق التعاوني مستعدون لتشكيل لجان مشتركة معهم للمراقبة ومنع الهدر من جميع الأطراف ، وأنا متأكد أن هذه اللجان ستوفر على شركات التأمين نفس المبالغ التي ستدفعها زيادة للطبيب حسب التسعيرة الجديدة ، وذلك لأن الطبيب هو أدرى لما يحتاجه المريض من أدوية ومن إجراءات ومن مستلزمات فإذا كان هناك لجان تراقب الأداء ستمنع زيادة التكاليف على الفاتورة التأمينية بشكل عام وتساعد الجهات التأمينية لتقيم الوضع وتقليل المدفوعات.
وأخيراً أتمنى من جميع الجهات التأمينية أن تقتنع أنه آن الأوان لنلتزم جميعاً بالقانون والمنطق ونضع أيدينا مع بعضنا لخدمة وطننا
راجين المولى أن يحفظ هذا الوطن وأن تعم العدالة على الجميع .