أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: حرب 'كييف' و'واشنطن' (خسارات)


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: حرب 'كييف' و'واشنطن' (خسارات)

مدار الساعة ـ
في الوقت الذي تؤكد فيه موسكو – بوتين عدم بدء الحرب الأوكرانية من طرفها ، تواصل العاصمة " كييف " – زيلينسكي التأكيد بأنها لم تبدأ الحرب ،و تصر على ( عدوانية روسيا و احتلالها لأوكرانيا ؟! ) . ولم تذهب روسيا الى الحرب من دون هدف بطبيعة الحال ، و تطلق عليها مصطلح ( العملية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية الإستباقية ) منذ انطلاقتها بتاريخ 24 شباط 2022 دفاعا عن المكون الأوكراني – الروسي الديمغرافي ، وعن سيادة أوكرانيا ، ولكي لا تجير لأهداف غربية – أمريكية ذات علاقة بالحرب الباردة و سباق التسلح ،و استنزاف روسيا و أوكرانيا معا ، و الزحف بالناتو صوبهما ،و اقتلاع الأسطول الروسي النووي من مكانه في البحر الأسود و استبداله بالأسطول السادس الأمريكي ان أمكن ذلك . والعين الروسية على اجتثاث التطرف .
و حرب نظام العاصمة " كييف " السياسي بدأت مع شعبه الأوكراني و مع الديمغرافيا الروسية بهدف ضم شرق و جنوب أوكرانيا قسرا للعاصمة " كييف " ، و تسببت في مقتل و تشريد أكثر من 14 الفا ،و قبلت بتعاون الغرب الأمريكي معها انطلاقا من الثورات البرتقالية 2007 و حتى انقلاب " كييف " 2014 ، و استمر التحرش الأوكراني الغربي ومع الغرب بكل ما يربط العلاقات التاريخية الأوكرانية – الروسية عبر نشر مراكز بيولوجية خبيثة ،و أكثر من قنبلة نووية ، و التطاول على خط الغاز " نورد ستريم 2 " ، و على جسر القرم ، و على الصحفيين الروس ، و على المناطق الحدودية الروسية . و لازال التطاول الأوكراني على التجمعات السكانية الروسية مستمرا و أخره على شواطيء " سيفاستوبل " البالغ تعداد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة ، و هي من أكبر مدن القرم .
و الهجوم الصاروخي الأوكراني الأخير على القرم تم بإستخدام صواريخ أمريكية الصنع ، الأمر الذي يؤكد ضلوع أمريكا بالتطاول على سكان روسيا المسالمين بغض النظر عن قراءات أوكرانيا " كييف " السيادية ، وليس على الجيش الروسي وجها لوجه مثلا . وهنا نقول بأن حرب " كييف " و " وواشنطن " خاسرة ،ولا مجال للمقارنة بين قوة روسيا العسكرية و التى هي عظمى مع قوة أوكرانيا العاصمة و حتى في ظل الدعم الأمريكي العسكري و المالي غير الموفق . لذلك نقول للجانب الأوكراني الغربي و للغرب الأمريكي ، تماما كما يقال باللهجة العراقية " خسارات " .
روسيا الحضارة التي تقود تعددية الأقطاب تختلف أكيد عن أمريكا قائدة احادية القطب ،و هي تؤكد بأن ليس لها مطامع خارج أراضيها ، لكن من يعتدي على سيادتها مثل أوكرانيا تحرك مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول حق الدفاع عن النفس .و سبق لروسيا السوفيتية أن مرت بتجربة مماثلة مع اليابان عام 1945 عندما اعتدت اليابان على الاتحاد السوفيتي و تسببت في خسران جزر الكوريل الأربعة و الى الأبد . و انقلب الموقف الياباني بعدها و رغم الهجوم النووي الأمريكي على مدينتي " هيروشيما و ناكازاكي " و التسبب في مقتل و تشويه أكثر من 300 الف ياباني لصالح توطيد العلاقات اليابانية – الأمريكية ،وهو المستغرب .و أوكرانيا بالمناسبة لم يكن لها وجود قبل عام 1917 ،و أصبحت جزءا من النظام السوفيتي 1922 – 1991 ، و الزعيم نيكيتا خرتشوف هو من حرك القرم من مكانه الروسي للأغراض الأقتصادية ، لتعيده روسيا مجددا عام 2014 مباشرة بعد انقلاب " كييف " .
ولقد اقترح رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ملفا للسلام مع أوكرانيا – كييف يشترط ومن زاوية الجانب المنتصر مغادرة الجيش الأوكراني للمناطق التي حررتها روسيا و ضمانة ممر روسي تجاه القرم ، و التزام الحياد و عدم التحالف مع الناتو . ولقد ظهر ( الناتو ) 1949 وبقي عاملا حتى الساعة ، و مع الأنتهاء بعمل حلف (وارسو) المؤسس عام 1955 و حتى عام 1991 لم يعد لوجود الناتو حاجة ملحة غير تصعيد الحرب الباردة و سباق التسلح مع روسيا بالذات الى جانب الصين . و تحرص أمريكا في المقابل على ابقاء ( الناتو ) بعد تخويف أوروبا من احتمال مهاجمة روسيا لها ، وهو محض سراب و خديعة ، و استنزاف لخزائن الغرب المالية .وهو الأمر الذي نفاه الرئيس بوتين مرارا و بقوة . و روسيا في استراتيجيتها العسكرية لا تذهب للصراعات و الحروب و الأزمات الدولية ، لكنها معنية بالدفاع عن سيادتها حال تعرضها و حلفائها للعدوان الخارجي و الخطر .
و يقابل ذلك عدم نجاعة العرض الأوكراني الغربي للسلام مع روسيا ، وهو الطرف الخاسر في المعركة ، بمطالبتها بالعودة الى حدود عام 1991 ، و هو الذي لم يرد من طرفها في مؤتمر سويسرا الأخير هذا العام الى جانب تحريض الغرب على ديمومة الحرب و التمسك بشروط لا تقبل بها موسكو . و ان الأوان للعالم أن يستوعب استراجية روسيا السياسية و العسكرية التي ترتكز على قاعدة عدم الاعتداء على أي طرف خارجي ، و في حالة الاعتداء عليها ، فإنها لا تتراجع عن المناطق التي تسيطر عليها وهي منتصرة . ومكالمة هاتفية جرت حديثا بين وزيري دفاع روسيا أندريه بيلاوسوف و أمريكا لويد أستن ضمن الخط الساخن المتاح بين البلدين العظميين اللذان يمثلان خطان متوازيان – احادية القطب و تعددية الأقطاب ،و بينهما مسافة طويلة من الحرب الباردة و سباق التسلح . ولكل طرف روسي أو أمريكي موقف من الحروب و الأزمات الدولية و في مقدمتها الحربان في أوكرانيا و في غزة .
روسيا التي أعرفها عن قرب لا تستهدف في الحروب التي تفرض عليها الشعوب ، بينما نلاحظ بأن أمريكا تنتهج اسلوبا معاكسا ، وما جرى في اليابان ، وفيتنام ، و كوسوفو ، و العراق ، وغزة مشهد اخر لامس حياة بسطاء الناس . ففي الحرب الأوكرانية ابتعدت روسيا عن استهداف الأوكران و لا زالت تعتبرهم جيران و أخوة ، و تعاملت مع أطفالهم بقصد حمايتهم . ونعم تقع الأخطاء العسكرية هنا و هناك ،لكننا نلاحظ كيف تعمل أمريكا على مساعدة " كييف " في قصف السكان و السياح الروس في المناطق الحدودية و الساحلية و هو أمر غير مقبول .
ارتكازات روسيا في حربها الأوكرانية واضحة و يصعب على الغرب فهمها ،و هو المتمسك بسيادة أوكرانيا و القانون الدولي من زاوية الحرب الباردة و سباق التسلح . ولقد عادت روسيا لأوراق تفكك الاتحاد السوفيتي 1991 ، و لاتفاقية 2022 ، و تجاوزت رفض " كييف " لأتفاقية مينسك " وللحوار مع روسيا ، ومضت تبحث عن السلام . و الأخطر في الحرب الأوكرانية هو تدخل الغرب و خاصة أمريكا ، و الأكثر خطورة أن تتحول الحرب الأوكرانية تظليلا الى نواة لحرب عالمية ثالثة نووية الطابع تكون مدمرة للحضارات و البشرية . و لم يثبت العلم في المقابل وجود حياة للبشرية على الكواكب الأخرى ، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي المحافظة على حياة البشرية جمعاء.
مدار الساعة ـ