أشاع إعلان الأمانة العامة في المجلس القضائي نتائج التحقيقات الأولية
التي أجرتها النِّيابة العامة في قضية سفر أردنيين لأداء مناسك الحج خارج البعثة الرسمية خلال العام الحالي إرتياحا بين أوساط شعبنا الذي يترقب ما ستؤول إليه هذه القضية التي نجم عنها وفاة 99 شخصا من أبناء الوطن.
وفاة الحجاج الأردنيين أصبحت قضية رأي عام دون أدنى شك، والقضاء هو الفيصل الذي سيؤدي الحقوق لأصحابها، لكن الأهم أنه سيضع حدا لأي شخص أو مكتب حج وعمرة يسعى للاحتيال على الأردنيين وتعريض حياتهم للخطر مستقبلا .
ضعاف النفوس العاملين في هذا القطاع وغيره، يدركون تماما أنه "لا حج بدون تصريح"، ولكنهم مع ذلك ورطوا الراغبين من الأردنيين في تأدية الفريضة خارج البعثة الرسمية بهذه المغامرة التي أودت بحياة العديد منهم، وعرضت الآخرين لظروف قاسية في الإقامة والتنقل بين المشاعر مشيا على الأقدام في ظل حرارة مرتفعة وصلت 50 بالمئة في الظل.
المؤلم في النفس أن الأردني مهما كانت ظروفه، عاش دوما عزيز النفس، كريما، غير ممتهن، وقد عرف عنه بين شعوب الأرض أنه يرفض بشدة ما يمس كرامته، لكن المتورطين من مالكي شركات خاصة مرتبطة بعمليات نقل المسافرين ومالكي شركات حج وعمرة أو عاملين في هذا المجال لم يتاجروا بأرواح الأردنيين فقط، بل تاجروا بكرامتنا وسمعتنا جميعا، ببيع الوهم للحجاج غير النظاميين وتعريضهم لظروف قاسية في الإقامة والمأكل والتنقل.
ما شاهدناه من فيديوهات مؤلمة ومشاهد يجعلنا ندعو لإعادة النظر بعمل شركات الحج والعمرة المرخصة وغير المرخصة، بإصدار تعليمات مشددة تحكم عملها، وتكفل عدم الاتجار بالدين مستقبلا، وحري بنا أن نستفيد من هذه المأساة، باتجاه قطع الطريق على كل من تسول له نفسه مستقبلا استغلال الأردنيين.
ما يثير المخاوف دوما العمل في هذا القطاع من قبل أشخاص ومكاتب غير مرخصة، فالمكاتب والشركات المرخصة التي نفذت المهمة بالتعاون مع وزارة الأوقاف قامت بتأمين الحجاج بكل ما يلزمهم،فسارت البعثة الرسمية بكل سلاسة ويسر لتوفيرها جميع المستلزمات والاحتياجات للحاج الأردني.
الغريب أن بعض الأصوات تطالب وزير الأوقاف الدكتور محمد الخلايلة بالاستقالة،وهي بذلك تحمله وزر ذنب لم يرتكبه، وخطأ ليس في حدود عمله، فالرجل طور بعثة الحج الأردنية خلال سنوات عمله، وقام بتأمين حج كريم للأردنيين من توفير الفنادق الملائمة وتناول الطعام داخلها دون أن يضطر الحاج إلى التسوق،وكذلك وسائل نقل حديثة من وإلى المشاعر، والطبابة لمن يحتاجها من الحجاج .
أكرمني الله العام الماضي بالحج مع البعثة الرسمية، فكانت البعثة الأردنية نموذجا يحتذى من بين البعثات العربية، لما اظهرته من تنظيم مسبق، وذلك لأن مدير عام الحج في الوزارة المهندس مجدي البطوش كان يسافر إلى السعودية عدة مرات لترتيب الأمور المذكورة سالفا، ولتلافي آية أخطاء بتوجيه من الوزير الخلايله، لكن أحدا لم يكن يعلم أن ضعاف النفوس من المتاجرين بموسم الحج سيفسدون فرحتنا بموسم حج منظم.
برأيي، أن وزارة الأوقاف ليست المسؤولة عما حدث، لأن ما حدث أربك البعثة الرسمية وأساء لها، وأحزن الوطن كله، ولو كان الوزير شخصا غير الخلايلة لما استطاع أيضا أن يمنع ما حدث، فثمة دوما أشخاص يتجاوزون على القانون في كل القطاعات، فمن يرتكب جنحة او جريمة لا علاقة لوزارة العدل به، ومن يخالف قانون السير لا علاقة بالأمن العام بالمخالفة، لكن القانون في النهاية يحاسب المخطئين.