من الطبيعي جدا ان تتراجع الايرادات الحكومية خلال النصف الاول من هذا العام في ظل ما يحدث بالمنطقة وتحديدا العدوان على غزة والممتد منذ اكثر من 8 شهور وما رافقه من تداعيات وتحديات اقتصادية لم نشهد مثلها منذ انتهاء جائحة كورونا، فكيف للحكومة ان توقف نزيف الايرادات؟ وهل العدوان السبب ام ان هناك اسبابا اخرى؟
في الواقع ليس هناك ارقام او احصائيات معلنة حول الايرادات الحكومية باستثناء اول شهر من العام الحالي والذي تشير ارقامه بارتفاع الايرادت بواقع 27 مليون دينار ، غير بعض التسريبات والمعلومات تشير لتراجع الايرادات خلال النصف الاول الى ما يزيد عن 400 مليون دينار وهذه ارقام طبيعية بضوء تراجع السياحة والدخل المتأتي منها وانعكاسها على بقية القطاعات ، وكذلك حملات المقاطعة وتراجع المستوردات وغيرها من الاسباب والتداعيات المرافقة للعدوان على غزة .
هذا التراجع يستدعي من الحكومة وماليتها العامة سريعا الاستنفار لوقف نزيف الايرادات لضمان عدم ارتفاع المديونية والعجز بالموازنة التقديرية للعام الحالي ، وذلك من خلال وضع " خطة طؤارئ "واتخاذ العديد من الاجراءات التحفيزية التي تعوض التراجع بالقطاع السياحي وذلك من خلال تشجيع" السياحة العربية" كبديل للسياحة الاوروبية والاجنبية ، وتشجيع الاستثمار وتبسيط الاجراءات امام المستثمر وزيادة الحوافز لتضاهي الدول المنافسة .
كما ان على الحكومة مراجعة نفقاتها سريعا بحيث يتم ضبط النفقات بطريقة تخفف من حدة تراجع الايرادات العامة وتأجيل المشاريع الغير مهمة وبعيدا عن المشاريع القومية وتنفيذ رؤية "التحديث الاقتصادي"، وزيادة الصادرات ودعم تنافسية الصناعة الوطنية للوصول الى اسواق خارجية جديدة والاسراع بتنفيذ ما جاء برؤية التحديث من عمليات التنقيب والبحث عن الموارد والاستثمار فيها .
حاليا، نستطيع وبفضل الاستقرار الاقتصادي والسياسي ان ننفذ كثيرا من الاجراءات بعيدا عن الاستدانة من اي مكان بالداخل والخارج وبعيدا ايضا عن رفع الضرائب و فرض رسوم جديدة ، وان لا نستكين للازمة او نتعامل معها "كسحابة صيف وبتعدي " فالعدوان طويل واحتمالية تممده لمناطق اخرى واردة ، والاهتزازات المرتدة له لربما لم تطفوا على السطح بعد ، فما يمكن تداركه الان لربما لانستطيعه مستقبلا .
خلاصة القول ، اذا ما كان هناك فعلا نزيف بالايرادات العامة كما يقال فلابد من تشكيل "خلية ازمة" من قبل الفريق الاقتصادي للحكومة ، والاهم ان تتشارك الحكومة همومها الاقتصادية مع المواطنين وان تكاشفهم في كل المتغيرات ما حصل منها وما يتوقع ان يحصل بعد ذلك فالمواطن شريك بالوطن ،والاهم ان تبدا بضبط ما يمكن ضبطه من انفاق يقلل الفجوة مع تراجع الايرادات ، والاكثر اهمية ان نبدأ بتشجيع السياحة العربية كي تكون بديلة عما فقدناه جراء العدوان ودعم الصناعات وتأجيل ما يمكن ان يعكر صفوها ويهدد تنافسيتها .