أطلقت وزارة التخطيط والتعاون الدولي عام ٢٠٠٢ برنامجاً وطنياً يهدف إلى التصدي للفقر والبطالة والعمل من خلاله على زيادة الانتاجية وتحسين مستوى دخل الأُسر وحثّها على التفكير بإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر وذلك بالتنسيق مع مختلف الجهات المحلية، وكان ذلك كله لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة ووفق أسس مدروسة من قبل خبراء وموظفين متميزين، اضافةً إلى دعم المشاريع التنموية واقامتها وتحسين البنية التحتية في معظم المحافظات.
وكان لهذا البرنامج ما كان ووصلت سمعته إلى كل الأركان، محلياً وعربياً وعالمياً واستفاد من خيراته البلديات والجمعيات والاتحادات والأفراد فساهمت المشاريع التي دعمها البرنامج في نقل آلاف الأسر من جناح وخط الفقر والعَوز (والشِحْدة أحيانا) إلى جناح المنتجين المبدعين القادرين على تلبية احتياجات الوطن واحتياجاتهم وأسرهم.لمَسَ المواطن ولأول مرة جِدّية الحكومة في خلْق مشاريعَ منتجة في مختلف المجالات الصناعية والخدمية والزراعية.
في اليوبيل الفضي لجلوس جلالة سيد البلاد وراعي المسيرة على العرش كان من بين المحاور التي تباهينا فيها أمام مرأى ومسمع كل العالم محورتعزيز الانتاجية الاقتصادية والاجتماعية وقصص النجاح التي تمت خلال فترة عمل البرنامج، والمؤسف هنا أن هذا البرنامج الذي دام أكثر من عشرين عاماً تم الغاؤه قبل عامين بجرٓة قلم وتم دفنه إلى جانب المشاريع الوطنية الحيوية الأخرى ودون سابق انذار ولا حتى تخطيط.. حيث صدر مرسوماً مجحفاً بشطب هذا المكوّن المهم من مكونات وزارة التخطيط والتعاون الدولي.! وتم استبداله بوحدة تعني بالمبادرات وعلى نطاقٍ ضيّق.
أثار هذا الأمر حفيظة كل الشرفاء لمعرفة السبب وراء هذا القرار، سيّما وأنّ آلاف المشاريع المدعومة قد نجحت ونالت استحسان الجميع لأنها وفرت آلاف الوظائف الحقيقية لا الوهمية، والتي عجزت حكومات متعاقبة عن توفيرها.
لا أدري عن السبب الوجيه الذي تسبب بهذا الضرر ولكني أعتقدُ جازماً بأنه قرارٌ مجحف وجانبه الصواب، وذلك كونه كان برنامجاً وطنياً بامتياز عمل القائمون عليه على ضخ الملايين في المحافظات والقرى والشعاب بعيداً عن العاصمة ومزاياها، وعمل هذا البرنامج على تحسين البنى التحتية والزراعية في شتَّى الأماكن وبالتعاون مع بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة، كما أن اغلاقه لم يتم وفقاً لدراسات معمّقة حول أثر البرنامج على الوطن والمجتمع خلال العشرين سنة الماضية، وكان ممكناً القيام بذلك لو أثبتت هذه الدراسات إخفاق البرنامج وفشله على أن يتم الأمرُ أيضاً بالتدريج والتعويض، والمطلوب هنا مساءَلة من اتخذ القرار واصدر أوامره بإطلاق رصاصة الرحمة على هذا البرنامج الوطنى الهام، حمى الله الوطن وأبناءَه المخلصين من كل الشرور.
*مدير مديرية الموارد البشرية الأسبق/ وزارة التخطيط والتعاون الدولي.