تَشُنّ المخدّرات حربًا ضروساً تنتشر بين أبنائنا تاركةً وراءها ضحايا من جميع الأعمار والفئات، وتُعدّ المخدرات آفةٌ خطيرة تُهدّد الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء، وتُلقي بظلالها القاتمة على كافة جوانب الحياة، وتزداد خطورة هذه الآفة مع ازدياد عدد المتعاطين خاصةً بين فئة الشباب، فتُسبّب لهم العديد من الأضرار الجسدية والنفسية والاجتماعية، وتُفسد عقولهم، وتُحطّم مستقبلهم ، فمخاطرها لا تقتصر على الفرد فقط، بل تمتدّ لتُؤدي إلى تفكك الأسر والمجتمعات ،وتُعيق التنمية والتقدم .
إلى متى هذه الحرب اللعينة؟
إلى متى سنظل نسمع بشاب مات بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات؟
إلى متى سنظل نسمع بشاب قضى في حادث سيارة لأنه كان يقود السيارة وهو في حالة سُكر؟
إلى متى سيسكت الشاب عن صاحبه المتعاطي للمخدرات والخمر ولا يحذره ولا ينصحه؟
إلى متى ستبقى هذه الحبوب تنتشر بين أبناءنا؟
إن حرب مكافحة المخدرات ليست حربًا خاسرة، بل هي حربٌ يمكننا الانتصار فيها إذا ركزنا على الوقاية.
"الأدلة واضحة.. لنستثمر في الوقاية" شعاراً يحمل رسالة أمل وبمثابة دعوة قوية لمكافحة المخدّرات.
فيعتبر شعارًا هادفًا يعكس نهجًا علميًا في مكافحة المخدرات ويأتي هذا الشعار ليؤكّد أنّ الوقاية هي سلاحنا الأقوى والفعال في مواجهة هذه الحرب الضروسة، ومنع الأفراد من الوقوع في فخّ المخدرات، فمن خلال برامج التوعية الفعالة والتربية والتثقيف، يمكننا تحصين أبنائنا ضد مخاطر المخدرات وإبعادهم عن طريق الإدمان ونُقلّل من أضرارها، ونُؤسّس لمستقبل أفضل خالٍ من الإدمان، لكنّ هذه الحرب ليست حربًا عسكرية تقليدية، بل هي حربٌ ثقافية واجتماعية وفكرية على الأسرة والمجتمع ،وإنّ سلاحنا الفارق في هذه الحرب هو الوقاية، وخطط الدفاع الأول في هذه الحرب هي الأسرة.
فيا أيها الأب أين إبنك؟
هل تسأل عن أحواله ومَن يُصاحِب ومع مَن يَسْهَر؟
أم أنَّك تقتصر على السؤال عن طعامه وشرابه فقط؟
أيها الأب هل علَّمت ولدَكَ وحصَّنتَهُ قبل فوات الأوان؟
يا أيها الأب عندما ترى ولدك يرجع الساعة الثالثة ليلًا وقد احمرتْ عيناه واسودَّ ما تحتَهما وذهبتْ قُوَّتُهُ وزاد كَسَلُهُ وثَقُلَ نومُهُ وقَلَّتْ حركتُهُ وهِمَّتُهُ ما هو موقفك حينئذ يا تُرى؟ لا تنتظر حتى تقع الفأسُ في الرأس، وانظر ولدَكَ من يُخَالِل فالمرءُ على خليله كما أخبر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام ، وانظر ولدك من يُصاحب وقد قيل الصاحبُ ساحِب إما إلى الجنة وإما إلى النار.
تُعدّ الأسرة هي الحصن الأول لحماية الأطفال من مخاطر المخدرات، حيث تلعب دوراً رئيسيًا في الوقاية من المخدرات من خلال توفير بيئة أسرية داعمة وتعزيز التواصل الفعال مع أبنائها وغرس القيم والمبادئ الإيجابية ،مثل الصدق والاحترام والمسؤولية، وذلك لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على اتّخاذ القرارات السليمة وتخصيص وقت كافٍ لقضاء وقت ممتع مع أبنائهم والمشاركة في الأنشطة التي يحبّونها وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الرياضية والإيجابية والثقافية لإشغال أوقات فراغهم بشكل إيجابي، والتحدث مع أبنائهم بصراحة وصدق عن مخاطر المخدرات وآثارها السلبية على الصحة والمجتمع، بطريقة صريحة وصادقة ومناسبة لعمرهم، وينبغي مراقبة سلوكيات الأبناء والانتباه لأي تغيّرات طارئة، مثل التغيّرات في المزاج أو الأداء الدراسي أو العلاقات الاجتماعية.
فيا أيها الأب .. يا أيها المعلم .. يا أيها الأستاذ .. يا أيها المربي تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "
إنّ مسؤولية الوقاية من حرب المخدرات لا تقع على عاتق جهة واحدة فقط، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب جهودًا شاملة على مختلف المستويات، فإن للأهل دورًا وللمدرسة دورًا وللجامعة دورًا وأنتم أيها الشباب لكم دوركم بالامتناع عن هذه المهلكات ولكم دوركم في نصح إخوانك وأصدقائكم وأقربائكم بالحكمة والرفق واللين والتحذير من عواقبها وبيان فسادها وحُرمَتِهَا في دين الل.ه
قال تبارك وتعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } [سورة النساء/29] ومعناها أنّ كلَّ ما يؤدّي بالإنسان إلى الهلاك فهو حرامٌ أن يتعاطاه ، وفي الحديث “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهَى عن كل مُسكِر ومُفْتِر” فالمخدِّرات تدخل تحت كلمة مُفتِر وهو ما يُحدِثُ في الجسم والعين أثَرًا ضارَّا .
يا أيها المدمن ...هذه المخدرات ليس الحل لمشاكلك بل هي بداية لمشاكلَ ما عهدتـَها من قبل.
يا أيها المدمن ....على المخدرات استيقظ فإنك تقتل نفسك إنك تهلك نفسك إنك تحرق قلب أبيك وأمك عليك .
أيها الأهل
المعوَّلُ عليكم كبير فلا تخيّبوا ءامالنا فيكم ،أخرجوا هذه السموم من بيوتكم
واجهوا هذه الحرب الخطيرة ولا تستسلموا ،
عليكم بتحصين أنفسكم وأبنائكم من هذه المخاطر بالعلم والوعي والنصيحة وبتثبيت تقوى الله قي القلوب.
إنّ حربنا ضد المخدرات لن تُحسم في يوم وليلة، لكنّنا سننتصر فيها بإيماننا بأهمية الوقاية وتعاوننا جميعًا لبناء مجتمع خالٍ من المخدرات.
معًا، نستطيع أن نُبني مستقبلًا أفضل لأجيالنا القادمة!
الاستشارية النفسية الأسرية والتربوية
حنين البطوش