أصدر مجلس الوزراء نظام الدوائر الانتخابية رقم (52) لسنة 2023 كنظام تنفيذي وذلك بالاستناد إلى أحكام المادتين (4) و(8) من قانون الانتخاب الحالي رقم (4) لسنة 2022، واللتان تنصان على تقسيم المملكة إلى ثماني عشرة دائرة انتخابية محلية ودائرة انتخابية عامة واحدة، حيث يُخصص للدوائر المحلية وفق نظام القائمة النسبية المفتوحة (97) مقعدا، في حين يكون للدائرة الانتخابية العامة (41) مقعدا يجري اختيارها وفق نظام القائمة النسبية المغلقة من خلال قوائم حزبية على مستوى المملكة.
وقد قام نظام الدوائر الانتخابية الحالي بتقسيم العاصمة عمان إلى ثلاث دوائر انتخابية يخصص لها عشرون مقعدا، بحيث جرى تحديد عدد المقاعد النيابية لكل دائرة انتخابية بالإضافة إلى بيان المقاعد المحددة للمرأة وتلك المقررة للمسيحيين والشركس والشيشان. وكذلك الحال بالنسبة لمحافظة إربد التي قسمها النظام النافذ إلى دائرتين انتخابيتين خصص لهما خمسة عشر مقعدا وذلك وفق الألوية التي تتكون منها المحافظة.
أما باقي محافظات المملكة والتي اعتبر قانون الانتخاب كلا منها دائرة انتخابية بحد ذاتها، فقد جرى تحديد عدد المقاعد النيابية لكل منها مع مقاعد الكوتا النسائية وتلك المقررة للمترشحين المسيحيين والشركس والشيشان، بحيث جرى تحديد عدد الألوية وأسمائها في كل محافظة من المحافظات الأردنية.
وقبل أيام، صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على النظام المعدل لنظام التقسيمات الإدارية رقم (29) لسنة 2024 ليُقرأ مع نظام الأصلي رقم (46) لسنة 2000، والذي دخل حيز التنفيذ اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في السادس من شهر حزيران الماضي.
ويعد نظام التقسيمات الإدارية من الأنظمة المستقلة التي يصدرها مجلس الوزراء بالاستناد إلى أحكام الدستور مباشرة، وبالأخص المادة (120) منه التي تنص على أن "التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم واﻻشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك".
وباستعراض أبرز التعديلات التشريعية التي تضمنها نظام التقسيمات الإدارية المعدل لعام 2024، نجد بأنه قد استحدث عددا من الألوية الجديدة في عدد من محافظات المملكة، أهمها لواء غرب إربد في محافظة إربد ومركزه كفريوبا، ولواء مؤاب في محافظة الكرك ومركزه الحسينية، ولواء بعلما في محافظة المفرق ومركزه بلعما، ولواء المعراض في محافظة جرش ومركزه الكتة، حيث تضم هذه الألوية المستحدثة عددا من المدن والقرى الأردنية.
إن هذه التعديلات التي جرى إقرارها مؤخرا على نظام التقسيمات الإدارية والألوية الجديدة التي تم إنشاؤها تستوجب سرعة مراجعة نظام الدوائر الانتخابية الحالي لعام 2023 بحيث يتم إضافة هذه الوحدات الإدارية الجديدة على مستوى الألوية في النظام الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية في كل محافظة أردنية.
وتبرز أهمية الإسراع في تعديل نظام الدوائر الانتخابية الحالي بشكل لافت بالنسبة لمحافظة إربد، حيث يتوجب تحديد موقع اللواء الجديد الذي تقرر استحداثه، وهو لواء غرب إربد، بالنسبة للدائرتين الانتخابيتين اللتين تتألف منهما هذه المحافظة، وما إذا كان سيجري اتباعه للدائرة الانتخابية الأولى التي حدد لها النظام (8) مقاعد انتخابية يخصص منها مقعدا للمرأة، أم أن اللواء الجديد سيكون ضمن الدائرة الانتخابية الثانية في محافظة إربد، والتي حدد لها النظام (7) مقاعد انتخابية يخصص منها مقعدا للمرأة ومقعدا للمسيحيين.
إن الموقف الإيجابي للمشرع الأردني في قانون الانتخاب الحالي والمتمثل بتحديد عدد المقاعد النيابية لكل دائرة انتخابية بشكل واضح وصريح في صلب القانون وإحالة أمر تنظيم هذه الدوائر وتقسيماتها إلى نظام خاص يصدر لهذه الغاية، من شأنه أن يسهل عملية مراجعة نظام الدوائر الانتخابية الحالي بما يتوافق مع التعديلات الأخيرة التي طرأت على نظام التقسيمات الإدارية النافذ. فمجلس الوزراء يملك الولاية الدستورية في إصدار الأنظمة التنفيذية وتعديلها وإلغائها، وذلك عملا بأحكام المادة (31) من الدستور.
في المقابل، فإن قانون الانتخاب القديم رقم (25) لسنة 2012 قد اتبع نهجا تشريعيا مغايرا، إذ نص صراحة على أن تقسيم الدوائر الانتخابية يكون من خلال جدول خاص مرفق بالقانون ذاته، ولم يقم بالإحالة إلى نظام خاص لهذه الغاية.
فلو أن المشرع الأردني قد استمر على هذا النهج التشريعي في التعامل مع الدوائر الانتخابية في متن القانون الحالي لكانت هناك حاجة ماسة إلى تعديل قانون الانتخاب في ضوء تعديل نظام التقسيمات الإدارية، وهو الأمر الذي قد يتعذر تحقيقه من الجانب العملي، وذلك بسبب عدم اجتماع مجلس النواب الحالي وقرب موعد الانتخابات النيابية القادمة.