انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات شهادة جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

العتوم يكتب: بوتين يرتحل معززا تعددية الأقطاب


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: بوتين يرتحل معززا تعددية الأقطاب

مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/22 الساعة 18:20
الزيارات الرئاسية الخارجية الأخيرة التي نفذها رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ، ومنها السابقة منذ توليه زمام السلطة في قصر الكرملين عام 2000 تؤشر على توجهه و بلاده روسيا صوب بناء عالم متعدد الأقطاب ايجابي و بشكل مغاير عما كان عليه الأمر قبل الأعلان عن بناء الاتحاد السوفيتي عام 1991 ،و بمداميك جديدة . و شكل انهيار الاتحاد مرحلة هامة بهذا الأتجاه بعدما تشكل العالم من قطبين رئيسيين شرقي سوفيتي و غربي أمريكي سابقا . و أصبح للعملية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية الإستباقية منذ عام 2022 دورا مفصليا في التحول التاريخي المعاصر الذي كشف ازدواجية احادية القطب السلبي في أدائه ،و الممارس لتكريس الأزمات و الحروب الدولية و اطالة أمدها . و حربي أوكرانيا و غزة خير مثال . ولقد صدر لي كتاب جديد شهر حزيران 2024 في السياسة الروسية و الدولية بلغات ثلاث ، و هو الرابع ، و بعنوان " اشراقة عالم متعدد الأقطاب " شارك في صياغة تقدمته دولة السيد أحمد عبيدات و سعادة السفير الروسي في المملكة الأردنية الهاشمية السيد غليب ديسياتنيكوف .
ولقد حاول الغرب الأمريكي و لازال يحاول تشويه صورة روسيا الناهضة و عزلها و رئيسها الناجح بوتين بسبب اجتياح الأراضي الأوكرانية السابقة التي تم تحريرها من التطرف ، من دون التكلف بمعرفة استراتيجية روسيا العسكرية و السياسية القائمة المرتكزة على مواجهة الجهة المعتدية مثل أوكرانيا " كييف " و بالإعتماد على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 ، و على اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي 1991 ، و على اتفاقية 2022 ، و حوارات " مينسك " و تركيا في زمن اعتدت فيه " كييف " على شعبها و المكون الروسي الديمغرافي في أوكرانيا بداية بعد انقلاب عام 2014 بهدف ضم شرق و جنوب أوكرانيا قسرا للسيادة الأوكرانية .ولكون روسيا هي المنتصرة ليس على نظام " كيف " السياسي فقط و لكن على الغرب الأمريكي أيضا ، نراها تفرض شروطها للسلام و ترفض مغادرة الأراضي المحررة .و لها تجربة مماثلة مع اليابان عام 1945 و السيطرة على جزر كوريل .وهو الأمر الذي شكل سببا غير مقنع للإنحياز الياباني لأمريكا و لمواقفها الدولية السلبية رغم قصفها بالسلاح النووي و التسبب في كارثة بشرية كبيرة .
و يستهدف احادية القطب صورة الصين الشعبية أيضا ، و محاصرة كوريا الشمالية ، و توجيه عقوبات اقتصادية متكررة لهما ، و الذهاب أكثر لتحريك محكمة الجنايات الكبرى لاعتقال الرئيس بوتين حالة سفره خارج البلاد تجاه الغرب و شمال الغرب . و بالمناسبة فإن سياسة تعددية الأقطاب تشمل الأنتشار و التوجه الى شرق و جنوب العالم و ابقاء الباب السياسي و الأقتصادي و الثقافي و الدبلوماسي مواربا تجاه الغرب للسماح له بالإنضمام للتوجه العالمي الجديد و الحتمية التاريخية طوعا . ولم يعد الغرب في المقابل يمثل كل العالم ، و سياسة التغول و الهيمنة على أركان العالم تم اكتشاف أوراقها ، و بدأ العالم مقتنعا أكثر بالتعددية القطبية أكثر . وزيارات الرئيس بوتين الرئاسية لشرقنا العربي ، للأردن و مصر ،و ليبيا ، و الجزائر ، و المغرب ، الأمارات ، و المملكة العربية السعودية ، و لكوريا الشمالية ، و فيتنام و غيرها ، تؤكد رسوخ زعامة الرئيس بوتين و جبروت الدولة الروسية في زمن التحدي و الأصرار على النجاح و رفض الحروب و احادية القطب ذات الوقت .
و الأستقبالات المدهشة للرئيس بوتين في عواصم الدول التي يزورها تؤكد احترامها ومحبتها لروسيا القطب الدولي فوق النووي – الميزان بين الشرق و الغرب . و لم يسجل التاريخ أن روسيا بدأت الحروب ، وهكذا هي في الحرب الأوكرانية التي تقترح السلام وسطها شريطة مغادرة الجيش الأوكراني للأقاليم المحررة و الأبتعاد عن التحالف مع " الناتو " المعادي لكامل الحلف السوفيتي السابق . وفي بداية عهد الرئيس بوتين كانت علاقة الغرب و أمريكا مع روسيا مستقرة ، و زيارات رئاسية متبادلة ، وهكذا كان الحال في عمق العهد السوفيتي . و الان ومن وسط كوريا الشمالية و فيتنام يعلن الرئيس بوتين دعمه عسكريا لكوريا الشمالية خاصة حالة العدوان الخارجي ، و يقارن دعمه بدعم الغرب للعاصمة " كييف " في حربه غير المباشرة مع روسيا .
وفي المقابل لازالت الحالة العربية غير موحدة ،و لازالت الجامعة العربية غير قادرة على تمثيل الوحدة العربية في المواقف الدولية رغم دورها الحالي الإيجابي الملاحظ المحدود، فأي تصويت في المؤتمرات الخارجية الأصل أن يظهر موحدا ، و أية دعوة عربية لعقد مؤتمر دولي الأصل أن تمثل كل العرب و ليس دولة عربية بعينها . و موقف العرب المحايد من الحرب الأوكرانية الأصل أنه واحد و يفرق بين الحرب و اعادة البناء و مساعدة الشعب . و موقف العرب الرسمي من حرب غزة الأصل أن يمثل القطب العربي الواحد المنادي بوقف الحرب فورا و العودة لطاولة السلام . و الذهاب أكثر لوضع معاهدات السلام العربية مع إسرائيل فوق الطاولة لتقابل وقف الحرب في غزة و اعادة الحقوق كاملة للفلسطينيين الأشقاء أصحاب الأرض و القضية العادلة .
لمن يبحث عن وضوح الموقف الروسي من حرب غزة وسط عالم متعدد الأقطاب نفيده بأن متوازن و شجاع و يختلف بالكامل عن الموقف الغربي الأمريكي . فهي من بادرت من قلب مجلس الأمن و الأمم المتحدة للمناداة بوقف الحرب في ظل هيجان الفيتو الأمريكي الرافض للطلب الروسي . و استضافت المقاومة الفلسطينية و تعترف فيها كحركات تحرر وطنية و لا تنعتها بالإرهاب على طريقة الغرب . ومع هذا و ذاك و رغم عدم تفهم موسكو للسابع من أكتوبر 2023 إلا أنها أدانت جريمة حرب الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة ، و قدمت المساعدات لشعب فلسطين ، و ساعدها في ذلك جمهورية الشيشان و رئيسها رمضان أحمد قديروف . و روسيا عضو في الرباعية الدولية للسلام ، و تنصف القضية الفلسطينية رغم الحضور الروسي ومنه اليهودي الروسي المليوني داخل إسرائيل ، و رغم مساهمتها المباشرة في العهد السوفيتي ،و تحديدا في عهد جوزيف ستالين بصناعة إسرائيل و الأعتراف بها الى جانب مجموعة من دول العالم و معارضة غيرهم وفي مقدمتهم الجامعة العربية .
و بالمناسبة أينما تتواجد أمريكا و حلفها الناتو ، يتواجد التهديد لأمن كبريات دول العالم ،ومن فيتنام يصرح الرئيس بوتين بأن حراك الناتو مهدد لأمن روسيا وسط أسيا و يحاول التوطن والدائم . و حيث تنتشر أمريكا عسكريا يكون الهدف الدول الكبرى .و حروبها في فيتنام و أفغانستان و العراق و ليبيا و اليمن و السودان و أوكرانيا ليست عادلة . و تتواجد روسيا في الأتجاه المقابل في خندق الدفاع و حماية أمن العالم . و خطوة أمريكية غريبة أعلن عنها كل من غراهام عضو مجلس الشيوخ الأمريكي الجمهوري و بلومنشاك عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي يصنفان فيها روسيا عبر مشروع رسمي على أنها راعية الإرهاب الى جانب سوريا .فمن حارب يا ترى الإرهاب فعلا في منطقتنا العربية روسيا أم أمريكا ؟ ومن أدخل الإرهاب الى روسيا و الى الربيع العربي ؟ أسئلة نحاول هنا الأجابة عليها و على غيرها ، و أنتم الحكم و القول الفصل .
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/22 الساعة 18:20