لا يمكن لنا في الأردن ملكا وحكومة وشعبا أن لا نكون جزءا من معاناة الشعب الفلسطيني في عموم فلسطين.
وإن كنا نتألم كل طالع شمس منذ أكثر من ٧٥ عاما مضت على أسوأ احتلال عنصري مر بنا في ذلك الشراكة في الدم والخبز على مدى الحروب التي خاضتها الامة مع هذا الكيان المحتضن والمدعوم دوليا، فلا زلنا نتجرع المرارة ونحن نرى عجز العالم عن حماية أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها وشبانها وشاباتها ونحن ننظر إلى الازدواجية المقيتة التي يمارسها العالم وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية، فأننا نبذل كل جهد في استطاعتنا لفعل أي شيء لإزالة هذا العدوان وانهاء الاحتلال والمعاناة.
من شاهد المرارة التي يتحدث فيها الملك عبد الله الثاني خلال مؤتمر البحر الميت، يدرك هذا كله لكن من تابع قوة النبرة والحسم في الموقف يدرك أن قوتنا هي التي تعزز صمود الشعب الفلسطيني في وجه هذا الاحتلال المريض سياسيا ودينيا واجتماعيا وثقافيا.
مع ذلك فأن جلالة الملك إذ يؤكد باستمرار أن سيرورة الحياة يجب أن تستمر وبشكل أكبر منه كما هي في الظروف العادية التي لم نتذوق طعمها حتى الآن، فأنه يقصد أن الثبات الأردني هو مصدر الثبات الفلسطيني، وأن الانطباع الذي يجب تصديره إلى الخارج عن الأردن، بأن الحياة فيه طبيعية لكنها معززة من أجل أن ينال الشعب الفلسطيني حياة طبيعية.
هذه عبارة يرددها الملك باستمرار في كل لقاءاته مع المسؤولين والمواطنين, لكن ما ينبغي عمله لترجمة هذه العبارة هو أن تكون الحياة فعلا طبيعية، والسؤال هي كيف يمكن تحييد ما يجري في فلسطين؟ هذا غير ممكن بالقطاع ولكن هذا ليس جديدا بالقطاع، فهو مستمر وسيستمر حتى ينال الفلسطينيون دولتهم الحرة المستقلة ذات السيادة.
وما يجري في فلسطين بلا شك يؤثر على إيقاع الحياة اليومية، وعلى الخطط والبرامج والمشاريع والأعمال والأنشطة الاجتماعية والسياحية فهو يربكها وينال من المزاج العام بل أنه يلوثه.
المهم هو تقديم الأردن، إذ ليس ممكنا تقديم الاردن مسلك منفصلة عن جواره، لكن علينا أن نحاول إحداث شيء من التوازن بين ما نفعله تجاه فلسطين وبين ما يجب أن نفعله تجاه هذا البلد حتى في أشد الأوقات صعوبة.
يحب أن نفعل ذلك حتى نفوت الفرصة على كل من يتحين الوقت للإنقضاض على البلد، وعلينا ان نوطد الاستقرار ونمضي بقوة نحو إصلاحات سياسية واقتصادية، واجتماعية.
الحياة طبيعية في الأردن والأعمال كالمعتاد، لكن ذلك يحتاج إلى إيمان الناس ومحاربة اليأس، والاعتقاد أن هناك دائما ضوءا في نهاية النفق فنحن أمة تعيش بالأمل لكن العمل ايضا لا يقل أهمية.