مدار الساعة - في أجواء مفعمة بالفخر والاعتزاز، يحتفي الوطن باليوبيل الفضي، وهو علامة بارزة تجسد 25 عاما من العمل الدؤوب والإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.
وبين أكاديميون في الشأن السياسي في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن اليوبيل الفضي يمثل نقطة تحول حاسمة في تاريخنا، إذ يسلط الضوء على التحولات الجوهرية التي شهدتها المملكة منذ جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والتعليمية، وبما يعكس التلاحم بين الشعب والقيادة.
ومن خلال الإنجازات التي تحققت، يؤكد السياسيون، أن هذه المرحلة هي مرحلة البناء والتأسيس لأسس متينة قادت إلى التقدم والازدهار، حيث إنها تعد نقطة انطلاق نحو مستقبل واعد يعزز مكانة الوطن على الساحة الإقليمية والدولية.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة مؤتة الدكتور وليد العويمر، إن المملكة منذ تأسيسها، وهي في كل مرحلة من مراحلها، تشهد تطورات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتقنية بشكل بارز، وإذا أردنا أن نستعرض فترة تولي جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، نجد أن هناك تطورات نوعية في هذه المجالات وخصوصا المجال السياسي والذي من خلاله استطاعت المملكة بقيادة وحكمة جلالته أن تتجاوز الكثير من التحديات الإقليمية سواء في فلسطين وسوريا والعراق فضلا عن فترة الربيع العربي، وبالتالي تحافظ على استقرارها.
وأضاف، أن تلك الأزمات كانت تشكل ضغطا على السياسة الأردنية الخارجية، ولكن بحكمة ومدركات جلالته ومعرفته بمواطن القوة الإقليمية والدولية؛ استطاع الأردن بقيادة جلالته تجاوز هذه التحديات وأن تستقر المملكة أمنيا واقتصاديا، ورغم ضعف الإمكانيات في المملكة إلا أنها استطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات الاقتصادية، ومن أهمها ثبات القوة الشرائية للدينار الأردني فضلا عن تزايد حجم الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات الإنتاجية.
ولفت في هذا الصدد إلى أنه في ظل تزايد نسبة البطالة كما هو الحال عالميا، وتدني مستوى المعيشة، إلا أنه بالمقارنة مع كثير من الدول الإقليمية والعالمية، والتي تصنف ضمن الدول القوية اقتصاديا، ولديها إمكانيات اقتصادية وموارد طبيعية هائلة وكبيرة جدا، فإن ما وصل إليه الأردن من تطور وثبات واستقرار اقتصادي، مكنه من تجاوز الكثير من المشكلات الاقتصادية، بما في ذلك الآثار السلبية لتداعيات جائحة ورونا.
وأوضح، أنه في مجال الإنجاز الأمني، استطاع الأردن على الرغم من طول الحدود مع دولة الكيان الصهيوني، وكذلك مع سوريا والعراق، خاصة المنطقة السورية الجنوبية والعراقية الغربية، والتي تعتبر مناطق رخوة، إلا أن الأردن استطاع صد الكثير من عمليات التسلل من قبل جماعات إرهابية المسلحة ومهربي المخدرات، وبالتالي ساهم ذلك في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الدولة الأردنية.
وأشار في هذا السياق إلى أن المنطقة العربية تشهد تحولات جذرية في (فلسطين، وسوريا، والعراق، ولبنان، وليبيا، واليمن) والتي سيكون لها تبعات سلبية مستقبلية مما يتطلب تطوير أدوات السياسة الخارجية الأردنية للتعامل معها بهدف تقليل آثارها السلبية على الدولة والمجتمع الاردني.
وبين، أن الأردن واع ومدرك للأخطار المحدقة بالمنطقة والأردن، خاصة ما يجري في الضفة الغربية، والمخططات الإسرائيلية لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وما تقوم به المملكة من إجراءات وقرارات وسياسات، تصب في خانة الاستقرار محاولة استيعاب كثيرا من الصدمات الإقليمية، بحيث أن هذه الصدمات لا تؤثر على الأردن اقتصاديا ولا أمنيا.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزرقاء الدكتور الحارث الحلالمة، قال:"يمثل اليوبيل الفضي هذا العام علامة فارقة في تاريخ الدولة الأردنية، إذ يصادف مرور 25 عاما على تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، فالأردنيون يحتفلون بعام مختلف مليء بالإنجازات في مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، استطاع الأردنيون وبالتلاحم مع قيادته أن يسطروا انجازات غير مسبوقة وتحديات صعاب واقليم ملتهب أثر كبيرا على الأردن ووضع عليه أعباء كبيرة تفوق حجمه وإمكانياته من حرب العراق والربيع العربي وتحمل أعباء اللجوء وصولا لتحقيق اصلاح سياسي تكلل بمجموعة من التشريعات الناظمة للإصلاح السياسي".
وأضاف:"لقد بين الأردن وبقيادة جلالة الملك على أنه قادر على تخطي كافة الصعاب وأن الأردنيين على قدر المسؤولية محبين لوطنهم وقادرين على تحقيق الانجازات بما يحقق رؤى وأفكار جلالة القائد ورؤيته الشمولية لأردن افضل وغد مشرق يستحقه الأردنيون فبذروة هذه المناسبة وبالبناء على ما أنجز سابقا، ففي هذا العام تقام انتخابات نيابية وفق قانون جديد عصري يوسع مشاركة الأردنيين في الانتخابات ويعطي الفرصة للعديد من الفئات الفرصة المناسبة للدخول في بوتقة الحياة السياسية من خلال تمكين المرأة ومنحها فرصة المشاركة بالتنافس لجانب الرجل بالإضافة لدعم الشباب ومنحهم مساحة للمشاركة لمن بلغ 25 عاما، فضلا عن قانون أحزاب عصري يعطي المجال للعمل الجماعي وفق برامج محددة وواضحة وقابلة للتطبيق وتعطيها المساحة الكافية للوصول لتشكيل قوائم حزبية تتنافس فيما بينها للوصول للبرلمان وتشكيل حكومات برلمانية ووضع لها مكانة في قوائم الترشح لفئة الشباب والنساء.
وأشار في هذا السياق إلى منظومة من التشريعات التي تضمن حرية الصحافة والرأي والمشاركة السياسية، إضافة لقوانين تعزز قدرة الأردنيين على الابداع و الابتكار وبما يحث قدرة الأردنيين على الانجاز.
وبين، أنه على الجانب الاقتصادي من خلال الحرص على جلب الاستثمارات الأجنبية ووضع مؤسسات لتشجيع الاستثمار وزيادة فرص الاستفادة من المواقع السياحية وزيادة نسبة السياحة العلاجية بالشكل الذي أضحى فيه الأردن مزارا للكثير من دول العالم كما استطاع الأردن أن يوظف التكنولوجيا في جميع المجالات، مما زاد من سمعة الأردن العلمية بما يزيد من نسبة الطلبة الأجانب الدارسين في الجامعات الأردنية، بحيث أصبحت المؤسسات التعليمية الأردنية، تضاهي أكبر وأعرق المؤسسات العالمية وبالشكل الذي يبين تقدما في التصنيفات العالمية بما يعزز من مكانة البحث العلمي والاستثمار في طاقات الاردنيين.
وعلى الجانب الآخر، حقق الأردن طيلة الــ 25 عاما تقدما في دعم مؤسساته العسكرية والأمنية بما يحقق من منعة الأردن ويعزز استقرارها وتجاوزها العديد من التحديات التي عصفت بالعديد من دول الاقليم، مثل الارهاب والتطرف، وفقا للحلالمة.
ولفت في هذا الصدد إلى أنه يحق للأردنيين الفخر بهذه المناسبة اليوبيل الفضي، فهم يحتفلون بإنجازات كبيرة ومميزة ليس فقط بأعوام وزمان وإنما بما تحقق رغم قلة الإمكانيات، هي مقدرة الأردنيين والتلاحم بين القيادة والشعب.
بدوره، قال النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة:"من يتتبع مسيرة الدولة الأردنية منذ نشأتها، يلحظ أن لها شخصيتها وخصوصيتها التي بقيت محافظة عليها، بصورة عززت من حضورها وسمعتها ومكانتها على الصعد كافة، بصورة عكست دور النهج القيادي الهاشمي كنظام حكم ورؤى وتوجيهات ملكية، كانت بمثابة خارطة طريق للسير بها وعلى هديها عند التعاطي مع القضايا والملفات الوطنية المختلفة سياسيا واقتصاديا وتنمويا وامنيا وعسكريا واجتماعيا وتعليميا وصحيا وغير ذلك، بصورة رفدت مسيرة بلدنا بالانجازات والنجاحات، ورغم قلة الموارد والامكانيات".
وترافق ذلك مع وجود خطط واستراتيجيات ساهمت هي الأخرى في إبراز شخصية الدولة الأردنية وخصوصيتها، وهذا ما حرص جلالة الملك عبد الله الثاني على تكريسه في المشهد الوطني، فكان أن اطلق على سبيل المثال أكثر من خطة واستراتيجية تعنى بالتعليم، لتعزيز هذه الخاصية التي يحظى بها بلدنا، عندما قرر الاستثمار في المواطن الأردني تعليميا لتعويض النقص في الموارد الطبيعية، بصورة جعلت الأردن يحتل مراتب متقدمة في المنطقة في التعليم والطب، ومصدر للكفاءات والمؤهلات في مختلف المجالات.
وأشار إلى الحرص الملكي على ضرورة مواكبة التطورات العلمية والتقنية والتسلح بادوات العصر والانفتاح على دول العالم ليبقى الأردن محافظا على هذه الميزة التي أشبه ما تكون بهوية أردنية بامتياز، وتأكيد جلالته على أهمية دور الشباب وتمكينهم وتعزيز قدراتهم في مجال تكنولوجيا المعلومات والتعليم الالكتروني والتقني النوعي، وتحفيز الابداع لديهم وبناء قدراتهم وتطويرها وصقلها.
وتباع، ولأن الأردن ومنذ نشأته كان يواجه ظروفا وتحديات مختلفة، فقد حرص على توفير الأدوات والبيئة الكفيلة بمواجهتها والتغلب عليها من خلال طرحه لبرامج اصلاحية وطنية، خاصة في الجانب السياسي والديمقراطي اساسها المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار وادارة الشأن العام، وهو ما حرص عليه جلالة الملك عندما وجه لتشكيل منظومة التحديث لتسهم في تطوير الحياة السياسية والبرلمانية، وتؤسس لحياة حزبية فاعلة للوصول إلى برلمان قائم على الكتل والتيارات البرامجية والتأسيس لمرحلة الحكومات الحزبية، حيث تم تحديد موعد لاجراء الانتخابات النيابية القادمة ترجمة لمخرجات منظومة التحديث، وفقا للدعجة.
وركز الدعجة، على أن جلالته أبدى اهتمامه بتحسين مستوى معيشة المواطن ودخله، وضرورة اتباع سياسة الاعتماد على الذات وتحويل التحديات إلى فرص، وتوجيه الحكومات إلى وضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق ذلك، وبما يضمن أيضا معالجة ظاهرتي الفقر والبطالة وتوفير فرص العمل وزيادة النمو الاقتصادي وتوزيع مكتسبات التنمية بين المحافظات بعدالة واقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحسين اليات توفير الخدمات للمواطنين وتعزيز المخزون الاستراتيجي من الغذاء وبما يضمن تحقيق الامن والتصنيع الغذائيين، وكذلك فقد اولى جلالة الملك جل اهتمامه ورعايته بالمؤسسة العسكرية والامنية، وسخر لها كافة الامكانات الكفيلة بتطويرها وتحديثها لتواكب احدث الوسائل التكنولوجية وروح العصر والتطور تسليحا وتأهيلا وتدريبا ، حيث تميزت بكفاءتها وحرفيتها وجهوزيتها العالية لتكون قادرة على حماية الوطن وامنه ومكتسباته، مثلما سعى جلالته لتحسين اوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين.
وأشار الدعجة إلى أن وعلى صعيد القضية الفلسطينية، فدائما ما تكون حاضرة على الأجندات الملكية، بوصفها ثابتا من ثوابت الدولة الأردنية واتساقا مع المسؤوليات والتزامات الدينية والقومية والتاريخية تجاه هذا الملف، ودور جلالته في الدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، والحفاظ على الوضع القائم والحيلولة دون تهويد القدس وتغيير معالمها وهويتها الدينية والعربية والتاريخية، انطلاقا من الوصايا الهاشمية، وتماهيا مع ما قاله جلالة الملك في خطبة العرش خلال افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس النواب الحالي..ستبقى فلسطين بوصلتنا وتاجها القدس الشريف .
وقال:"لقد حذر جلالة الملك من التبعات الخطيرة للاعتداءات والإجراءات الاسرائيلية الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض، مثل ضم الأراضي وتوسعة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وانتهاك المقدسات في القدس ومصادرة الاراضي وتدمير البيوت وطرد الفلسطينيين، جعلت المنطقة اسيرة الفوضى وعدم الاستقرار، وان ما تشهده غزة من تصعيد خطير وعنف وعدوان له الدليل على الرسائل والتأكيدات الملكية بان المنطقة لن تنعم بالامن والاستقرار والامل الا بحل القضية الفلسطينية حلا عادلا شاملا على اساس حل الدولتين وبما يضمن اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وبين الدعجة، الأمر الذي يدفع بالأردن إلى التمسك بالقرارات والمرجعيات الدولية، بوصفها أدوات وأسلحة شرعية داعمة ومساندة لحقوق الشعب الفلسطيني . الامر الذي طالما نجح جلالة الملك بالقيام به في ظل ما يتحلى به من مكانة وحضور وتأثير في المنظومة الدولية، موظفا هذا الحضور الفاعل والمؤثر في نصرة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، بحسب الدعجة.
ولفت إلى أن الدبلوماسية الاردنية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني، تمثل احد اهم الادوات والاوراق المؤثرة التي يمتلكها الاردن، والتي اسهمت في تعزيز مكانته الدولية وتوسيع شبكة علاقاته الخارجية، بطريقة امكن من خلالها وضع الاردن على الخارطة العالمية في ظل الصدقية التي تتحلى بها القيادة الهاشمية والتي جعلتها موضع ثقة واحترام الاسرة الدولية، مما انعكس ايجابيا على الحضور الاردني الفاعل في الساحة العالمية وعزز من دور الدبلوماسية الاردنية في معالجة القضايا المطروحة خاصة قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.