(الأردن) بلادي موطن حضارات عريقة شهد مسيرة الإنسانية عبر آلاف السنين شعباً وأرضاً يروون حكايات الماضي ويلهمون الحاضر بمزيج فريد من الثقافات والتقاليد؛ حيث يتمتع الأردن بتاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، فأرضه شاهدة على نشوء حضارات وتعاقب إمبراطوريات عظيمة؛ فموقعه الجغرافي الاستراتيجي كنقطة اتصال بين آسيا وأفريقيا وأوروبا ساهم في إثراء تراثه الثقافي والحضاري؛ فبات تاريخ الأردن وحضارته جزءاً لا يتجزأ من التاريخ البشري، فهذا البلد الصغير بحجمه، الكبير بتاريخه، ساهم في تشكيل مسار الحضارات الإنسانية عبر العصور.
فالأردن لم يولد بالصدفة؛ فهو ارض لشعب، وشعب لأرض؛ أسس العديد من الدول على ارضه وما الدولة الأردنية الهاشمية الا حصاد ثراء الحضارة الأردنية؛ فهي وجدت لتبقى ووجدت للأبد.
وكأي دولة في العالم يعيش الأردن أرضاً وشعباً ونظاماً مناسبات وطنية هي حق واقعي يعكس فخراً واعتزازاً ما تعنيه هذه المناسبات، والتي تثبت مدى مَنَعة الدولة الأردنية الهاشمية المعاصرة وبعد الرؤية وقوة الثبات، وان هذا الوطن قادر على التكيف مع التحديات مهما بلغت وتحويلها إلى فرص تعزز البناء والمكانة لها بين الدول.
يشهد العالم منذ 75 سنة قضية احتلال الكيان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التاريخية من بحرها الى نهرها؛ ومنذ تلك الأيام والأردن ارضا وشعبا ونظام ينظرون للقضية الفلسطينية بأنها قضية امن قومي أردني وتعرف بالقضية المركزية للدولة الأردنية وقدم لأجلها الكثير من جنود وضباط جيشه العربي المصطفوي شهداء على ثرى القدس والضفة الغربية ويبقى وسيبقى على ذلك بتقديم كل الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ذات السيادة الكاملة؛ وما ذلك إلا تعبير عن مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية وقومية.
خلال الأشهر الماضية تواجه القضية الفلسطينية حرب البقاء والوجود والثبات على الحقوق بالأرض والاستقلال بإستعادة الأراضي المحتلة التي وافقت عليها القيادة والشعب الفلسطيني ضمن اتفاقيات دولية؛ العدو في هذه الحرب قوى مشتركة واداة التنفيذ فيها لجيش الكيان المحتل؛ بدأت الحرب في غزة الموقع الجغرافي الذي تتواجد فيه فصائل من المقاومة الفلسطينية؛ ولكن المخطط الظاهر للعيان يختلف عن ما بين العلن والتصريحات والنوايا الحقيقية لهذه الحرب.
يعتقد البعض ان الامر يتعلق في غزة فقط متجاهلين مشهد القدس والضفة الغربية، وما يحمله من أهمية استراتيجية أكثر مقارنة بما يحدث في غزة رغم فضاعته، إذ أن القدس والضفة الغربية يعتبران محور الصراع، لأن التداعيات المحتملة لأي تصعيد قد تكون أوسع نطاقاً وأكثر تأثيراً على مستقبل القضية الفلسطينية وحلولها.
استدركت القيادة الأردنية حقيقة التخطيط منذ بداية الحرب وما يسعى له ساسة القتل والتدمير في الكيان الصهيوني المحتل؛ ومن خلال دبلوماسيتها في المحافل الدولية واللقاءات الثنائية داخل مقرات الرئاسة لكل دولة في العالم، ومنعت التوجهات الإسرائيلية التي كانت تهدف إلى تصعيد وتفجير الصراع في الضفة الغربية؛ وتحقق كل ذلك حتى الان عبر جهود دؤوبة وتحركات مدروسة وواعية، وتمكن الأردن من تحجيم التوترات، معززاً بذلك فرص الحوار والمفاوضات بدلاً من التصعيد.
هذه الجهود جميعها تعكس التزام الأردن العميق بتحقيق السلام العادل والشامل، ودعمه المستمر لحقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف بإعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية؛ وشهادة على حكمة القيادة الأردنية ودورها الحيوي في تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة.
نتعرض في الأردن لهجمات عدائية تشكك في المواقف والمبادئ القومية الأردنية لمجرد احتفاء الشعب الأردني باستقلال بلاده واليوبيل الفضي للجلوس الملكي؛ وكأنه محرم علينا ذلك وحلال لآخرين؛ ولا يدري الذين يوجهون الطعنات في خاصرة الشعب الأردني إنما هم بأفعالهم هذه يخدمون أجندات الاحتلال المتنوعة؛ وانهم يطعنون فلسطين وشعبها في الظهر مرّتين؛ فإما أنهم عملاء خونة يتلقون التعليمات من اسيادهم، أو أنهم لما يفعلون جاهلين.
لان الأردني عند احتفاله بعيد استقلاله واليوبيل الفضي لمليكه ما هو الا تأكيد واضح على استمرارية الدولة في صمودها وتطورها، خاصة وأنها تأتِ في وقت تعزز فيه الدولة الاردنية العطاء والالتزام كخير عضيد أساسي للقضية الفلسطينية، مؤكدين على موقفهم الثابت والتزامهم العميق بحقوق الشعب الفلسطيني.
سيبقى الأردن حصنا منيعا لا يُستباح وسيبقى مفتاح الولاء والانتماء لهم، عاشت فلسطين القدس لنا وفلسطين قضيتنا