تحتفل الأسرة الأردنية الواحدة هذا اليوم بعيد الجلوس الملكي الخامس والعشرين لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على العرش وباليوبيل الفضي لتولي جلالته سلطاته الدستورية، حيث يستذكر الأردنيون في هذه المناسبة السنوات الطوال التي قضاها جلالة الملك المفدى على عرش المملكة الأردنية الهاشمية، ومسيرة الإنجاز والتقدم التي يقودها نحو مستقبل أفضل للأردن ولأبناء شعبه.
ومن منظور الدستور الأردني، فقد استلم جلالة الملك سلطاته الدستورية بعد وفاة المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال رحمه الله، حيث انتقلت ولاية العرش إلى الملك عبد الله الثاني باعتباره الابن الأكبر وولي العهد في ذلك الوقت. فالدستور الأردني قد تبنى نظام الحكم الملكي، حيث تنص المادة (28) منه على أن «عرش المملكة الأردنية الهاشمية وراثي في أسرة الملك عبد الله بن الحسين، وتكون وراثة العرش في الذكور من أولاد الظهور».
فمن خلال استعراض هذا الحكم الدستوري، نجد بأنه يُكرس العنصرين الرئيسيين لقيام النظام الملكي وهما؛ أن تنحصر ولاية المُلك في أسرة واحدة، وهي أسرة الملك عبد الله الأول ابن الحسين، وأن يحكم الملك لمدة غير محددة تنتقل بالوراثة من بعده إلى صاحب الحق في العرش وذلك وفق أحكام الدستور.
فبعد وفاة الراحل العظيم الحسين رحمه الله في السابع من شهر شباط من عام 1999، تم تطبيق أحكام الفقرة (أ) من المادة (28) من الدستور التي تنص على أن «تنقل ولاية المُلك من صاحب العرش إلى أكبر أبنائه سنا ثم إلى أكبر أبناء ذلك الابن الأكبر، وهكذا طبقة بعد طبقة». وعليه، فقد تم دعوة مجلس الأمة في ذلك الوقت بشقيه الأعيان والنواب برئاسة رئيس مجلس الأعيان لكي يقسم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين اليمين الدستورية المحددة في المادة (29) من الدستور، وذلك بأن يحافظ على الدستور وأن يُخلص للأمة.
وابتداء من ذلك التاريخ، بدأ جلالة الملك بممارسة سلطاته الدستورية بشكل فعلي باعتباره رأس الدولة ومصونا من كل تبعة ومسؤولية عملا بأحكام المادة (30) من الدستور، ورئيسا للسلطة التنفيذية يمارس صلاحياته من خلال وزرائه وفق أحكام الدستور تطبيقا لأحكام المادة (26) من الدستور، وشريكا في السلطة التشريعية إلى جانب مجلس الأمة وتصدر الأحكام القضائية عن المحاكم الوطنية باسمه.
وعليه، فإن الجلوس الملكي لجلالة الملك هي مناسبة رمزية وسياسية أكثر منها دستورية، تتصادف مع ذكرى يوم الجيش والثورة العربية الكبرى، حيث يستذكر الأردنيون فيها الانجازات المتراكمة للملوك الهاشميين من عبد الله الأول إلى عبد الله الثاني، والتي نجحت في الحفاظ على كينونة الدولة الأردنية وتنميتها عبر العصور السابقة على الرغم من كِبر حجم الصعوبات والتحديات.
فكانت عملية التنمية والبناء الأكبر في عهد الحسين الباني، التي صانها وعززها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ليستحق لقب «الملك المعزز»، فتحول الأردن منذ استلامه سلطاته الدستورية إلى دولة حضارية تسعى وعلى الدوام إلى رفعة شأنها وتحقيق مصلحة شعبها في الأمن والاستقرار، وتكريس قواعد الديمقراطية.
ويبقى الحدث السياسي الأبرز الذي تصادف خلال السنوات الخمسة والعشرين لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية هو بدء المئوية الثانية للدولة الأردنية في شهر نيسان من عام 2021، حيث استغل جلالة الملك هذه المناسبة المئوية لاطلاق مشروع نهضوي اصلاحي شامل على المسارات السياسية والاقتصادية والإدارية. فجاء الأمر الملكي بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي حدد جلالته مهامها بوضع مشروعي قانونين جديدين للانتخاب وللأحزاب السياسية، واقتراح التعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وتطوير آليات العمل النيابي. وهو الأمر الذي تُرجم واقعا بإقرار هذه التشريعات، التي من شأنها مواكبة التحديث وتعظيم المشاركة السياسية وتعزيز تمكين الشباب والمرأة في كافة مناحي الحياة.
إن اليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبد الله الثاني على العرش هي مناسبة وطنية تتفيأ بظلال الشرعية الدستورية التي تتمتع بها القيادة الهاشمية. فالدستور الأردني الحالي لعام 1952، أسوة بدستور الاستقلال لعام 1946، هو دستور تعاقدي بطبيعته، نشأ عن طريق عقد اجتماعي أُبرم بين الحاكم من جهة وأفراد الشعب من خلال ممثليهم المنتخبين من جهة أخرى، ليكون نبراس حكم وقصة نجاح وطنية تحيط بها الأمل نحو غد مشرق للأجيال القادمة، يحافظ على الإرث التاريخي للدولة الأردنية ويتطلع إلى ما فيه خير للوطن ورفعته وتقدمه.
حمى الله الأردن من كل شر ومكروه وبارك في قيادتنا الهاشمية، وأمدّ في عمر قائدنا الملك المفدى.