لكثرة المقالات التي جاءت كردود فعل شعبية (وهي رائعة ومعبرة وصادقة)، إنتظرت قبل نشر مقالي لتمضي عدة أيام على حديث سمو ولي العهد بمقابلة هي الأولى من نوعها، والتي رسمت إطارا لنهج الأمير ورؤيته وطريقة تفكيره سياسيا وإقتصاديا وتنمويا، بل وكشفت أمورا لم تكن معلومة كثيرا لنا كشعب عن شخصية الأمير.
سمو ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله كان في المقابلة متزن وعميق ويعي جدا حال البلاد، ولمح لبعض الحلول والإستراتيجيات، وأشار بصراحة للتحديات المرتبطة بالشأن العام من حاجة ملحة لضبط العنصر الشبابي وحلول خدمة العلم، وضجره من المسؤولين أصحاب أنصاف الحلول، فضلا عن تصوره لتحديات الواقع الاقتصادي، وقضية مستقبل الأشقاء من اللاجئين السوريين، وحرب غزة، والهوية الوطنية؛ وهنا حول الأخيرة فقد قال سموه قولا أثلج صدر الجميع ولا رأي بعده، والكل يجمع عليه.
جلالة الملك وفي آخر أربعة أعوام شارك ولي عهده كل لقاءاته ومهامه وزياراته، وسلمه ملفات هامة كملف منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، فضلا عن تبني سمو ولي العهد وقيادته لملف الشباب والابتكار وتنمية المنتج الفكري الفيزيائي منذ أكثر من عقد؛ كمصنع الأفكار، ومجمع الحسين التقني، وجامعة الحسين التقنية، ومبادرة مليون مبرمج، والتي تؤسس لبناء جيل عبقري يقود إقتصاد البلاد للتفوق بسوق الابتكار العالمي ومشاريع المستقبل؛ نانوتكنولوجي وذكاء إصطناعي وروبوت وحلول ذكية... إلخ.
أجيالنا الحالية ممن بالمدارس والجامعات والأجيال القادمة سيشهدون المزيد من الصعوبات والتحديات؛ كضغوطات التغير المناخي والشح المائي وتقلص الانتاج الغذائي، وتبعات إستمرار تفاقم صراع وأزمات الإقليم المحيط، فضلا عن التحديات الاقتصادية ونمو النفقات الجارية والحاجة لتعزيز الايرادات، وكلف تحديث البنى التحتية والشبكات القائمة، وكلف التوسع بالخدمات والبنى التحتية مع النمو السكاني، كل ذلك بجانب خدمة المديونية القائمة.
واقع الحال وكما عبر عنه سمو ولي العهد صعب إقتصاديا، ويسعى سموه لحلول غير تقليدية وجريئة كما فهمنا، مع إستمرار التنفيذ والمتابعة، ومراقبة تقدم سير العمل عبر كل المؤشرات الممكنة، وصولا إلى نمو إقتصادي ينعكس إيجابا على البلاد، لنشهد إنخفاضا بمستويات الفقر والبطالة.
كأكاديمي عمل بالقطاع العام ليجمع بين النظرية والتطبيق، أرى أن نقترح خطة خمسية بين أيدي سمو ولي العهد، ليقوم وعبر مكتبه وبالتنسق مع كل الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة لتنفيذها، لعل ردود الفعل على لقاء الأمير ينتج منها ما يمكن تطبيقه.
إلى الخطة:
الرؤية: تحقيق محافظات منتجة وبميزات تنافسية، تشغل أبناءها وتحقق لهم سبل الرفاه والعيش الكريم، وتسند خزينة المملكة عندما تصبح محركات تنموية
التفاصيل:
فيما تبقى من عام ٢٠٢٤
١- جمع وتحديث الخطط التنموية والمخططات الشمولية السابقة لكل المحافظات والمدن
٢- جمع وتحديث خطط إستعمالات الأراضي لكل المحافظات
٣- جمع وتحديث خرائط الاستثمار للمحافظات
٤- تحديث دراسات نقاط الضعف والقوة والتهديد والفرص للمحافظات في ضوء النتائج السابقة
٥- الخروج بخطة تنموية إقتصادية إستثمارية لكل محافظة خلال الأربعة سنوات القادمة وحسب الأولويات، مع تفاصيل المشاريع الناتجة
٦- بحث تمويل المشاريع الناتجة من خلال صندوق الضمان الاجتماعي الاستثماري، صندوق الاستثمار/إئتلاف البنوك الأردنية، خزينة المملكة، مستثمرين، دول شقيقة وصديقة، ... إلخ/طرح منتدى الابتكار والتنمية
٧- جمع إقتصادات المحافظات في مجلس تنفيذي أعلى لكل محافظة، تجمع رؤساء البلديات واللامركزية والمحافظ وعدد يعين تعيين من ذوي الخبرة من أبناء المحافظة، ويقود المجلس عملية تنفيذ الخطة الناتجة لمحافظته، مع توجيه جزء من مخصصات البلديات واللامركزية لكل محافظة لخدمة البنى التحتية والشبكات لمراحل الخطة ومشاريعها / طرح منتدى الابتكار والتنمية
عام ٢٠٢٥
- تحويل ملكية أراضي المدينة الجديدة لصندوق إستثماري وطني/طرح منتدى الابتكار والتنمية
- بحث تحويل الدين الداخلي إلى سندات تضمنها ملكية الأراضي التابعة لصندوق الاستثمار الوطني/ طرح منتدى الابتكار والتنمية
- بحث سبل دبلوماسية أردنية مكثفة وهادفة وموجهة لتحويل جزء من مديونية المملكة الخارجية إلى مشاريع إستثمارية بالاقتصاد الاخضر للدول الدائنة على أرضنا /طرح منتدى الابتكار والتنمية
- تنفيذ مخطط مدينة وعد الشرق لتعدين وتصنيع فوسفات وغاز الريشة/الرويشد/ مؤتمر منتدى الابتكار والتنمية
- بحث إستخراج غاز صخور المصدر النفطي بالتكسير الهيدروليكي/طرح منتدى الابتكار والتنمية
خلال الأعوام ٢٠٢٦ & ٢٠٢٧ & ٢٠٢٨ متابعة العمل والتنفيذ لما جاء بالعامين الأول والثاني من الخطة، مع الاستمرار بضبط ومعايرة وتقويم النتائج والمخرجات، لتسير وفقا للرؤية.
يتزامن مع ذلك التدرج بتحويل المدن والقرى إلى مدن وقرى ذكية، تطبق قوانين وأنظمة السير، صديقة للمشاة، خضراء تنهج نقل بيئي وعصري، تعزز فرص التعليم والثقافة والرعاية الصحية، وتتبع أعلى معايير وتطبيقات الحوكمة لجودة التنفيذ ونوعية المخرجات، وتحقيق صفر فساد إداري ومالي وفني وقانوني.
أعتقد إن تبنى سموه الخطة أعلاه وقاد دفتها، بجانب ثلاثية جلالة الملك وإصلاحاته السياسية والاقتصادية والادارية، فإننا سنحقق طموح الملك وولي عهده وكل الشعب.